مفهومُ العاملِ عند سيبويه
مدخل …
لم يلقَ أصل نحوي من هجوم المحدثين ما لقيه ( العامل ) ، فقد كشّروا له عن أنيابهم ، وسلَقوه بألسنة حداد ، وتمضمضوا بأعراض النحاة الذين اعتمدوه أصلا في تفسير بنية الكلام العربيّ ، و الكشف عن العلائق بين أجزاء الجملة العربيّة ، " وأصبح القول بهدم العامل سنة المجددين من لدن ابن مضاء إلى اليوم ، حتى إن بعض من حاولوا ذلك كان يكتفي بهدم العامل و لا يقدم بديلا ينتظم النحو ويعين على فهمه ودرسه وتدريسه "[1].
وبلغ الأمر بباحث مُحْدثٍ هو الأستاذ إبراهيم مصطفى أن يزعم أن تخليص النحو من نظرية العامل وسلطانها هو " خيرٌ كثير وغاية تقصد ، ومطلب يسعى إليه ، ورشاد يسير بالنحو في طريقه الصحيحة بعدما انحرف عنها آمادا ، وكاد يصدّ النّاس عن معرفة العربيّـة ، وذَوْقِ ما فيها من قوّة على الأداء ، ومزيّة في التصوير "[2] ، ثم هو يتهم النحاة بأنهم في سبيل حرصهم على نظرية العامل أضاعوا حكم النحو ، ولم يجعلوا له كلمة حاسمة ، وكثّروا من أوجه الكلام ، ومن احتماله لأنواع الإعراب ، وأنهم كذلك أضاعوا العناية بمعاني الكلام في أوضاعه المختلفة : يقدرون العامل رافعا فيرفعون ، ويقدرونه ناصبا فينصبون ، لايرون أنه يتبع ذلك اختلاف في المعنى ولا تبديل في المفهوم[3].
وأعجب من هذا أن نجد نحويا شهيرا هو الأستاذ عباس حسن صاحب النحو الوافي ينص على أن العامل مشكلة " واضحة الأثر في تعقيد النحو ، وإفساد الأساليب البيانية الناصعة ، فليس خطرها مقصورا على المسائل النحوية بل تجاوزها إلى التحكم الضار في فنون القول الأدبي الرائع "[4]
وزاد بعض المحدثين على ذلك أن زعموا أن جذور ( العامل النحوي ) تعود إلى فكرة التأثير والتأثر الموجودة في المنطق الأرسطيّ الذي أُغرم به العرب في وقت مبكّر ، وقــد " تركت هذه الفكرة المنطقية ظلالها على عقول الباحثين من علماء النحو الذين نقلوها بدورهم إلى دراستهم "[5] .
وقد وجد هؤلاء الناقمون على ( العامل النحوي ) بغيتهم فيما سطّره العالم الأندلسيُّ الظاهريُّ الكبير ابن مضاء اللخمي رحمه الله في كتابه ( الرد على النحاة ) ، وطفقوا يبدئون ويعيدون فيما قاله ـ رحمه الله ـ ويتخذون منه حجة وذريعة إلى التشنيع على النحاة السالفين وكأنهم يقولون : وشهد شاهد من أهلها[6] .
وليس يزعمُ أحدٌ أن النّحاة معصومون ، ولا أن آراءهم تنزّلُ منزلة المقدّس من النصوص ، بل نحن نؤمن جميعاً أنّ نظريّة العامل وغيرَها من الأفكار النحْويّة ليست وحيا يوحى ، ولا هي آراء منزهة عن النقد بل مثلها ومثل القائلين بها ـ كما قال الخليل رحمه الله ـ " مثل رجل حكيم دخل دارا محكمةَ البناء ، عجيبة النظم والأقسام ، وقد صحّت عنده حكمة بانيها بالخبر الصادق أو البراهين الواضحة و الحجج اللائحة ؛ فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها قال : إنما فعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا ، ولسبب كذا وكذا ، سنحت له ، وخطرت بباله محتملةً لذلك ، فجائزٌ أن يكون الحكيم الباني للدار فعل لذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار ، وجائزٌ أن يكون فعله لغير تلك العلة … فإن سنح لغيري علّةٌ لما علَّلْتُهُ من النحو هو أليق مما ذكرته بالمعـلول فليـأت بها "[7].
" إلا أننا مع هذا الذي رأيناه وسوغنا مرتكبه لا نسمح له بالإقدام على مخالفة الجماعة التي قد طال بحثها ، وتقدم نظرها ، وتتالت أواخر على أوائل ، وأعجازا على كلاكل ، والقوم الذين لا شكَّ في أنَّ الله سبحانه وتقدست أسماؤه قد هداهم لهذا العلم الكريم ، وأراهم وجه الحكمة في الترجيب له و التعظيم … إلا بعد أن يناهضَه إتقانا ، ويثابته عرفانا ، ولا يخلدَ إلى سانح خاطره ، ولا إلى نزوة من نزوات تفكره "[8] .
" وأعتقد أنه ليس من العقل أن يعمد إنسان إلى علم تعاقب عليه آلاف العلماء تهذيبا وتنقيحا ، وسهرت عليه عقول الجبابرة الأعلام ، وتخرجت عليه آلاف الأجيال فيلغيه من الوجود لطائفة من الملاحظات أو المآخذ أخذها عليه ، وكان الأولى به أن يشتغل بتنقيحه وتهذيبه على الوجه الصحيح "[9] .
ولعلَّ من الأسباب التي أفضت إلى هذه الحملة الشعواء فهمَ بعض المحدثين القاصرَ لقضية العامل ، فقد ظنوا أن النحاة يرون هذه العوامل ( مؤثرات حقيقية ) تُحدثُ بنفسها الرفع والنصب والجر[10] ، وطفقوا يجمعون من كلام النحاة ما فيه نص على عمل شيء في شيء و يجعلون ذلك حجة لا تقبل الجدال على ما فهموه من كلام القوم .
ولو كانت نظرية العامل عند النحاة كما ظنها هؤلاء " لكانت هذرا يجب حماية العلم منه ، وحمقا يجب أن يطهر العقل من التفكير بمثله ، فليس من جد القول أن نقول إن هذه الألفاظ لها قدرة على الرفع و النصب و الجر ، لأنها ألفاظ ليست فيها هذه القدرة وليست لها هذه الطبيعة "[11] .
والذي عليه صفحة القول أن " العوامل في هذه الصناعة ليست مؤثرة حسية كالإحراق للنار و الإغراق للماء و القطع للسيف وإنما هي أمارات ودلالات "[12] ، و أن الموجد " لهذه المعاني هو المتكلم ، والآلة العامل ، ومحلها الاسم ، وكذا الموجد لعلامات هذه المعاني هو المتكلم ، لكن النحاة جعلوا الآلة كأنها هي الموجدة للمعاني و لعلاماتها ، كما تقدم ، فلهذا سميت الآلات عوامل "[13] ، " وإنما قالوا : لفظي ومعنوي لما ظهرت آثار فعل المتكلم بمضامة اللفظ اللفظ ، أو باشتمال المعنى على اللفظ وهذا واضح "[14] . فخلاصة الأمر إذن أن النحاة " جعلوا العامل كالعلة المؤثرة وإن كان علامة لا علة "[15]. وفرق بين أن يكون علةً مؤثرة وأن يكون كالعلة المؤثّرة .
فهم سيبويه للعامل …
وجدنا مما سبق أن الفهم المغلوط لقضية العامل أحدث هذه الحملة الشعواء على النحـاة ، ويحق لنا أن نتساءل الآن : مامفهوم العامل عند سيبويه ؟ هل كان يرى أن العامل مؤثر حقيقة فيما بعده ؟ أم كان له رأي آخر ؟
لابد أن أشير ابتداء إلى أن سيبويه ـ وشأنه في ذلك شأن كثير من النحاة ـ لم يصرح بشيء في هذه القضية ، كما أنه في مواضع كثيرة من كتابه كان يذكر لفظ العمل والعامل في سياق قد يوحي للناظر أنه يرى أن التأثير الحقيقيَّ في إحداث الحركة والإعراب هو لهذه العوامل … ودونك بعضاً من هذه النّصوص :
ـ " فحرف الاستفهام لا يُفصلُ به بين العامل و المعمول ، ثم يكونُ على حاله إذا جاءت الألف أولا ، وإنما يدخل على الخبر "[16] .
ـ " هذا باب الحروف الخمسةِ التي تعمل فيما بعدها كعمل الفعل فيما بعده … وزعم الخليل أنها عملتْ عملين : الرفع والنصب "[17] .
ـ " وقال الخليل : إنما لا تعمل فيما بعدها ، كما أن أُرى إذا كانت لغــوا لم تعمل "[18].
ـ " وعلّته أن ما عَمِلَ في الأسماء لم يعمل في هذه الأفعال على حدِّ عمله في الأسماء ، كما أن ما يعمل في الأفعال فينصبُها أو يجزمُها لا يعملُ في الأسماء ، وكينونتُها في موضع الأسماء ترفعها كما يرفع الاسمَ كينونتُه مبتدأً "[19].
أمثال هذه النصوص أغرت ابن مضاء رحمه الله بأن يتهم سيبويه بأنه يرى أن العوامل مؤثرات حقيقية في المعمولات تحدث فيها النصب و الرفع و الجر و الجزم ، استمع إليه يقول منكرا على النحاة : " فمن ذلك ادعاؤهم أن النصب و الخفض و الجزم لا يكون إلا بعامل لفظي ، وأن الرفع منها يكون بعامل لظفي وبعامل معنوي . وعبروا عن ذلك بعبارات توهم أن قولنا : ( ضرب زيد عمرا ) أن الرفع الذي في زيد و النصب الذي في عمرو إنما أحدثه ( ضرب ) ؛ ألا ترى أن سيبويه ـ رحمه الله ـ قال في صدر كتابه : (( وإنما ذكرت ثمانيةَ مجارٍ ، لأفرِّقَ بين ما يدخلُهُ ضربٌ من هذه الأربعة لما يحدثُه فيه العـامل ، وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه ، وبين ما يبنى عليه الحرف بناءً لا يزول عنه ، لغير شيء أحدث ذلك فيه )) فظاهر هذا أن العامل أحدث الإعراب وذلك بين الفساد "[20].
وهذا الذي زعمه ابن مضاء ـ رحمه الله ـ غير دقيق ألبتة ، فإن سيبويه قال : " ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدثه فيه العامل " ولم يقل إن العامل يحدث شيئا من هذه الضروب الأربعة ، ومعنى كلامه ـ رحمه الله ـ أنّ العامل لا يحدث نصبا ولارفعا ولا جرا ولا جزما ، وإنما يحدث ( معنى تركيبيا ) تدل عليه هذه الضروب الأربعة . قال الصفار في شرحه على الكتاب : " معناه : للمعنى الذي يحدث فيه العامل ، فكأن الإعراب إنما يدخل للمعنى الذي يحدثه العامل ، وهو الفاعلية و المفعولية و الإضافة "[21].
تبين لنا إذن من نص سيبويه هذا أنه بريء من القول بأن العامل يحدث الإعراب ، وهو بذلك أشد براءة من القول بأن العامل يحدث العلامة الإعرابية .
وغاية ما يدل عليه نصه هذا أن العامل يحدث ( المعنى التركيبي الذي يدل عليه الإعراب ) .
ولكن هل كان سيبويه يقصد أن العامل يحدث بنفسه على وجه الحقيقة هذا المعنى التركيبي من الفاعلية أو المفعولية أو الإضافة ؟
كان يمكننا أن نزعم ذلك لو أننا اقتصرنا على كلام سيبويه في هذا الموضع ، ولكن وقفة مع نصوص أخرى تجعلنا نغير مسار تفكيرنا … لنتأمل معا هذه النصوص :
ـ " هذا باب الإضمار في ليس وكان كالإضمار في إن
إذا قلت : إنه من يأتنا نأته ، وإنّهُ أَمَةُ الله ذاهبة . فمن ذلك قول بعض العرب : ليس خَلَقَ اللهُ مثله . فلولا أنّ فيه إضمارا لم يجز أن تذكر الفعل ولم تعمله في اسم ، ولكن فيه من الإضمار مثل ما في إنّه "[22] .
ـ " وقال امرؤ القيس :
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشةٍ كفاني ولم أطلبْ قليلٌ من المالِ
فإنما رفع لأنه لم يجعل القليل مطلوبا ، وإنما كان المطلوب عنده الملك ، وجعل القليل كافيا ، ولو لم يرد ذلك ونصب فسد المعنى "[23] .
ـ " وإذا أعملتِ العربُ شيئا مضمراً لم يخرج عن عمله مظهرا في الجر و النصب والرفع ، تقول : وبلَدٍ ، تريد وربَّ بلدٍ ، وتقول : زيدا ، تريد عليك زيداً ، وتقول : الهلالُ تريد هذا الهلالُ ؛ فكلّه يعمل عمله مظهرا "[24] .
النصوص هاهنا صريحة في أن سيبويه يجعل العمل للمتكلم .
وقد ذكر من قبل أن العامل يحدث المعاني التركيبية .
فهل ناقض سيبيويه نفسه ؟
إن من قواعد الأصوليين أنه يصار إلى الجمع بين النصوص ما أمكن ، ونحن هنا إذا أمكننا أن نجمع بين نصوص سيبويه وجب علينا المصير إلى هذا الجمع .
وللشيخ محمد عرفة رحمه الله تخريجات لطيفة في سبب إطلاق النحاة مصطلح العامل على الأدوات المختلفة مع تصريحهم وكون الحس شاهدا بأن المحدث للحركات هو المتكلـم ، وما أشار إليه ـ رحمه الله ـ نافع لنا فيما نريد بيانه هنا ، وخلاصة ماذكـره :
1ـ الحركات دلالة على المعاني من فاعلية ومفعولية وإضافة ، وهذه المعاني لا تحدث إلا من وقوع الكلمة في جملة ، ومن مركزها فيها ، فمتى دخلت الكلمة في جملة حدثت فيها هذه المعاني . فدخول ( محمد ) مثلا في قولك : قتل محمد محمودا هو الذي جعل لها معنى الفاعلية ، وإذا نظرنا ما الذي أحدث هذا المعنى في التركيب وجدنا أنه الفعل (قتل) فارتباطه بمحمد على جهة الوقوع من مسماه جعله فاعلا ، وارتباطه بمحمود على جهة الوقوع على مسماه أحدث فيه المفعولية . وعليه فإن ما يسميه النحاة عوامل قد أحدث المعنى الذي اقتضى الإعراب .
وبناء على ماسبق نجد أن الفاعلية على سبيل المثال هي علة غائية للمتكلم من رفع الفاعل ، و قد قال الحكماء : العلل الغائية علل فاعلية في الواقع . فالفاعلية التي هي غاية المتكلم أثرت فيه وجعلته يفعل الرفع ، فهي علة فاعلة في فاعلية المتكلم الرفع ، فهي فاعلة الرفع بواسطة ، وفاعل الفاعل لشيء فاعل لذلك الشيء بواسطة ، لذلك صح نسبة العمل إليه .
2ـ المتكلم يحدث الرفع و الفاعلية بآلة هي هذه العوامل ، فهذه العوامل آلات في هذه الأحداث ، ومن سنة العرب أن ينسبوا الفعل إلى آلته كما ينسبونه إلى فاعله ، تقـول : قطعت السكين ، كما تقول : قطعت بالسكين .
3ـ هذا العوامل ليست عوامل في الرفع نفسه وإنما هي عوامل في وجوب الرفع ؛ فليست هي التي رفعت ونصبت وجرّت ، وإنما هي التي أوجبت هذه العلامات من الرفع والنصب و الجر . وهذا الإيجاب أثر لها ، و لا يتخلف عنها . وهو أثر لها بالمواضعة والاصطلاح … فهذه العوامل عملت فأثّرت وجوب الرفع والنصب أو الجر ، و المتكلم هو الذي رفع أو نصب أو جر ، وقول النحاة : إنّ هذه العوامل عملت الرفع من باب الاتّساع في العبارة ، والمراد عملت وجوب الرفع ، فهو على حذف المضاف كقول الله : (( واسأل القرية )) أي أهل القرية[25] .
وللدكتور البنا حفظه الله كلام نفيس ساقه على لسان سيبويه جاء فيه : " أما ما تراه في الكتاب من اصطلاح العمل ونسبته أحيانا إلى اللفظ أو إلى المتكلم فذلك شيء تواضعنا عليه ، رأينا أنه يحقق نوعا من الاختصار في التعبير . على أنك إذا وجدتنا في الغالب ننسب العمل لى اللفظ فذلك راجع إلى أننا معنيون بوصف الجملة وبيان ما بين أجزائها من العلاقات ، وفي الجملة تجد ترابطا بين الأجزاء على نحو قد يكون أوليا ، كما في العلاقة بين الفعل و الفاعل ، وبين الفعل و المفعول ، وقد تتعدد العلاقات في الجملة وتتداخل إذا كثرت القيود ، ولما كان من عملنا أن نبين الارتباط بين الأجزاء ، فقد اصطلحنا على أن الكلمة إذا كانت طالبة لغيرها وصحب هذا الطلب تأثير في الكلمة المطلوبة اصطلحنا على أن نسمّي هذه الكلمة الطالبة : عاملة ، والكلمة المطلوبة معمولةً لها نظراً لوجود العمل مع وجودها وزوالِهِ مع زوالها ، فأمّا في الحقيقة فالأمر ما عرفت من قبل لا يعدو أن يكون عرفا لغويا "[26] .
الخلاصة إذن أن سيبويه رحمه الله يرى أن المحدث الحقيقي للرفع و النصب و الجر والجزم ومن ثم للعلامات الإعرابية هو المتكلم ، وأنه يطلق على الألفاظ أو المعاني مصطلح ( عامل ) لا باعتبارها الموجدة للإعراب أو علامته ولكن باعتبارها آلته أو علامة عليه أو مضامة له أو موجبة له أو طالبة لما بعدها أو علة غائية للمتكلم .
وأريد أن أقول هنا : إن كون المتكلم هو المحدث للإعراب و العلامة أمر معروف بداهة ، وما هو في حكم المسلمات و البدهيات لا يحتاج المرء إلى ذكره والاحتراز له كل حين .
ثم إنه لا مشاحة في الاصطلاح بعد فهم المعنى ، فإذا اصطلح النحاة على تسمية ما تلزم بعده الكلمة إعرابا معينا ( عاملا ) فلهم ذلك ، وليس لأحد أن يشنع عليهم بحجة أنه يفهم من ذلك أن الكلمات مؤثرة بذاتها إرادةً أو طبعا .
العوامل المعنوية …
هي عند سيبويه عاملان :
1ـ الابتداء وهو العامل في رفع المبتدأ
قال سيبويه :
ـ " وذلك قولك : فيها عبد الله قائما ، وعبد الله فيها قائما . فعبد الله ارتفع بالابتداء " [27].
ـ " وذلك قولك : زيدٌ كم مرة رأيتَه ؟ وعبدُ الله هل لقيته ، وعمروٌ هلا لقيته ، وكذلك سائر حروف الاستفهام ، فالعامل فيه الابتداء ، كما أنك لو قلت : أرأيت زيدا هل لقيته ، كان أرأيت هو العامل ، وكذلك إذا قلت : قد علمتُ زيدا كم لقيتَه كان علمتُ هو العامل فكذلك هذا ، فما بعد المبتدأ من هذا الكلام في موضع خبره " [28].
2ـ الوقوع موقعا يصلح للاسم هو العامل في رفع الفعل المضارع
قال سيبويه :
ـ " هذا وجه دخول الرفع في هذه الأفعال المضارعة للأسماء
اعلم أنها إذا كانت في موضع اسم مبتدأ أو موضع اسم بني على مبتدأ أو في موضع اسم مرفوع غير مبتدأ و لا مبني على مبتدأ أو في موضع اسم مجرور أو منصوب فإنها مرتفعة ، وكينونتها في هذه المواضع ألزمتها الرفع ، وهي سبب دخول الرفع فيها "[29]