قال الحسن البصري : أدركت أقواماكان أحدهم أشح على عمرة على درهمة. القصة طفلي الصغير منذ أمس و صحته ليست على ما يرام ..عندما عدت مساء هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى..رغم التعب و الإرهاق إلا أن التعب لأجله راحة.. حملته و ذهبت..لقد كان المنتظرون كثير ..ربما نتأخر اكثر من ساعة..أخذت رقما لدخول على الطبيب و توجهت للجلوس في غرفة الإنتظار.. وجوه كثيرة و مختلفة.. فيهم الصغير و فيهم الكبير ..الصمت يخيم على الجميع . يوجد عددمن الكتيبات الصغيرة استاثر بها بعض الإخوة. أجلت طرفي في الحاضرين ..البعض مغمض العينين لا تعرفه فيم يفكر .. آخر يتابع نظرات الجميع ..آخرون تحس على وجوههم القلق و الملل من الإنتظار . يقطع السكوت الطويل.. صوت المنادي..برقم كذا ..الفرحت على و جه المنادى ..يسير بخطوات سريعة ..ثم يرجع الصمت للجميع.. *لفت نظري شاب في مقتبل العمر.. لا يعنيه أي شئحوله ..لقد كان معه مصحف جيب صغير ..يقرأفيه..لا يرفع طرفه ..نظرت إليه و لم أفكر في حله كثيرا.. لكنني عندما طال إنتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير عميق في أسلوب حياته و محافظته على الوقت.. ساعة كاملة من عمري ماذا استفدت منها و أنا فارغبلا عمل و لا شغل ..بل انتظار ممل .. أذن المؤذن إلى صلاة الامغرب ..ذهبنا للصلاة.. في مصلى المستشفة..حاولت أن أكون بجوار صاحبالمصحف بعد ان اتممنا الصلاة سرت معه و اخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على و قته . و كان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقا و هي ايام و ليالي تنقضي من اعمارنا دون ان نحس او نندم .. قال... إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط عندما حثه صديق له بالمحافظة على الوقت . و أخبرني ..أنه يقرأفي الأوقات التي لا يستفيد منها كثيرا أضعاف ما أقرأه في المسجد أو في المنزل بل ان فراأته في المصحف زيادة على الأجر و المثوبه إن شاء الله تقطع عليه الملل و التوتر ..و أضاف محدثي قائلا إنهه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد على الساعة و النصف.. و سألني .. متى ستجد ساعة و نصف لتقرأ فيها القرآن.. تأملت ..كم من الأوقات تذهب سدى ..كم لحظة في حياتك تمر و لا تحسب لها حساب.. *بل كم من شهر يمر عليك و لا تقرأ القرآن.. أجلت ناظري ..وجدت أني محاسب و الزمن ليس بيدي ..فماذا انتظر؟.. قطع تفكيري صوت المنادي..ذهبت إلى الطبيب. أريد أن أحقق شيئا الآن. بعد أن خرجت من المستشفى ..أسرعت إلى المكتبة..اشتريت مصحفا صغيرا.. قررت أن أحافظ على وقتي ..فكرت و أنا أضع المصحف في جيبي . كم من شخص سيفعل ذلك.. و كم من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك.. من كتاب الزمن القادم 23-26 |