لحظةُ الكتابة.. هيَ لحظةٌ لاستنساخ ما يدورُ في عقل الكاتب.
فلو فرضنا، أنَّ المُجرمَ سيُجبَرُ على الكتابة.. فهل سيعترف بجريمته؟
كلَّا، قطعًا لا يُمكن!
لكنني في لحظة اعتراف، ولستُ أدري.. أهيَ جريمةٌ أم لا!
لقد قتلتُ السيِّد آفِرنو!
و لا أعتقدُ أنَّني سوفَ أُعتقل!
وسبب ذلك...
قبل شهرٍ من الآن، فعلتُ فِعلةً عامّة بإمكان أيّ كاتب فعلها،
جلستُ على الكرسي، وبدأت أكتبُ وأكتب، انغمست أكثر في جوّ هذا العالم الجديد،
الروائح مختلفة، الناسُ مختلفة، الأشياءُ حولي مُختلفة، وأخيرًا.. أنا مُختلف!
كوبُ قهوة كما في الدراما بجانبي، لا أريد ذكر كمية السكر التي وضعتها فيه!
لأني أتذكر دراما بإمكاني كتابة ألفَ شيءٍ عنها! بل وأكثر! فإن لم أقدر..
ستعينني هذه الكتب والأوراقُ والصُّحُفُ حولي! مئاتٌ منَ الكتبِ الكبيرة!
الآلافُ منَ الكُتُبِ الصَّغيرة!
آهٍ ما أجملَ تلكَ الدراما!
يبدو أنَّني في النِّهايةِ سأذكرُ ذلك المشهد الدّرامي!
مُجرمٌ يقتنص ضحاياه بالقنَّاصة، يتمهَّل قبلَ الضغط على الزناد ليرى..
عدد الملاعق التي ستضعها الضحية من سكرٍ على الشاي..
أوِ القهوة في تلك الاستراحة.. الأغلب.. يضعُونَ ثلاثة ملاعق صغيرة.. حينها،
وقبل شربهم.. يضغط على الزناد.. لتخترق الرصاصةُ جبهاتهم، لكن صادفَ يومٌ..
أن كانت الملاعقُ التي وضعتها ضحيَّةٌ جديدة.. خمسُ ملاعق!
إنَّها المرة الأولى! والضحيَّة الأولى التي وضعت هذا الكم من السكر!
ومذ ذاك الحين، انتهى المُجرم عن فعلته!
لم يعد يقتل، اختفى كشبحٍ عن العالم.. لينظر فيه!
يضع يديه في جيبيّ معطفهِ البُنيّ، يُدخِّن السَّجائر،
يمشي كشخصٍ غير مُبالٍ، ينظر، يُشاهد.. أو ربما يصطنع دراما حيَّة!
لمَ تغير هكذا؟ بسبب خمس ملاعق من السكر فقط!
النَّاس تتغير! لا يهم كيف، بالكثير والعديد من الأشياء والأمور!
أعودُ لموضوعي الأساسيّ في الكتابة.
حينما كُنتُ منغمسًا في الكتابة آنذاك، كان اسمي مختلف،
وقد كان يتغيَّر في كلّ كتابةٍ جديدة، حينما أكتب.. تكونُ هنالكَ لحظاتٌ للتوقف،
وهيَ ليست مني.. بل بسبب أفكاري التي تبعثرت، في النِّهاية ذلك يُعتبر مني،
فحينما يحصُل أنْ أتوقف.. أكونُ شخصًا آخر،
ربما محقِّقٌ يشربُ القهوة ويرى ما في الأوراق، يُفكِّر، ويُعطي إجاباتٍ ما لتساؤلاته،
حينها، أتغيَّر، وأُصبحُ شخصًا آخر، يكتُبُ ويكتب.
أصبحَ الوقتُ منتصف الليل، و لا زلتُ أكتب.. أُقاوم النَّوم..
ابتسمُ لأني أُعارضهُ وأُكمل، كأنني تفوقتُ عليه وانتصرت، ولكن،
داهمني النَّومُ وأمات يدي.
من هو السيِّد آفِرنو؟
هو شخصٌ ربما يكونُ في الأربعينات.. أعزب، غيرُ مُبالٍ بأحد،
أحيانًا يكونُ غضبَ المزاج، وأحيانًا يكونُ قلقًا من شيءٍ ما،
كل ما كان يجيدهُ آنذاك.. ربما القراءة.. على الأقل في نظر الناس،
وفي يومٍ ما.. قرأَ السيِّد آفِرنو روايةً اسمها:
ظلٌّ واحد
فتغيرت حياتهُ حينها بشكلٍ تامّ!
لقد وُلدَ السيِّد آفِرنو من جديد!
وصارَ يمتدحُ كاتبَ تلكَ الرِّواية حتَّى بعد مرور كلِّ هذه السنوات!
لقد كانَ أنا من قتلَ السيِّد آفِرنو بروايةٍ فقط!
فهل سأُعتقل؟ قلتُ سابقًا أن لا يُمكن لذلك أن يحدث!
لأنَّ النَّاسَ تتغيَّر بالكثير والعديد من الأشياء والأمور!
هنا تكونُ نهايةُ استنساخي بما في لحظتي هذه لعقلي!
وأنا أعترف بأنها كذلك! وكذلك بأنها النِّهاية!
النِّهاية،،،
__________
يُمنع النقل.