تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
الفصل الأول
أحياناً ، عندما يرى أنسان أن الوحدة شيء جميل ، قد
ينظر البعض إليه نظرة غريبة ، أولئك هم أكثر الأشخاص
حباً للاختلاص بالناس من سينظرون هذه النظرة.
هذا يختلف عن كون الوحدة شيئاً مفروضاً علينا ، لكن
نعتادها بعد فترة على أي حال.
على أعتاب تلك الليلة ، كان القمر قد استقر للتو في
السماء ، و خيوط ضوئه الساحرة تتسلل إلى منازل
الناس و غرفهم لتسلم عليهم ، كما تفعل كل
ليلة ، فهذه هي عادتها ، و مهمتها.
و كما تدخل هذه الاشعة إلى كل مكان ، دخلت في
تلك الغرفة كبيرة ، التي جدارها بلون الفتيات العالمي ، لكن ما يثير التساؤلات أنه يوجد بها سريران ، بينما سكانها فتاة واحدة فقط.
كانت الفتاة تحتضن وسادتها بينما تنظر إلى
الفراغ ، و المصباح الوحيد الذي يعمل ، هو ذلك
الصغير على طاولتها الخاصة بجانب سريرها ، و
لسبب ما ، هي الفتاة المدعوة جيسيكا حرمت عينيها
العسليتين من النوم ، تفكر في شيء ما.
في الصباح التالي كانت جيسيكا تنظر لسترتها
الأبيض ، وربطة عنقها ذات اللون الأحمر القاتم ، و
تنورتها القصيرة التي كانت مزينة بمربعات حمراء
و سوداء ، في الوقت الذي كانت تعدل فيه قميصها
الأحمر الذي يحمل شعار المدرسة على جانبه العلوي.
عندما خرجت من غرفتها ، و خرجت من مهجع الطالبات
كاملاً ، رفعت رأسها و نظرت إلى ملكة عرش السماء
المنيرة ، ثم سارت إلى حصتها التي ستتأخر عنها .
تملكت السبورة البيضاء الأرقام ، و المعلمة هولزي
تشرح درس الرياضيات ، بينما كانت جيسيكا شاردة الزهن
كعادتها ، حتى أعادتها المعلمة إلى أرض الواقع بسؤالها
عن الحل النهائي لتلك المسألة.
- آنسة جيسيكا ، هي يمكنكِ إعطائي الحل النهائي المسألة و رجاءً ؟!
لَم تجبها جيسيكا في البداية ، لكنها عندما وقفت مرتبكة ، قالت :
- أعيدي السؤال رجاءً !
ضحك عليها طلاب الفصل العشرون ، ثم قالت لها
المعلمة منزعجة ،بعدما أسكتت الفصل بصرامة :
- قلت أني أريد الحل النهائي للمسألة ، و التي من المفترض أن تكوني منتبهة معي في شرحها !
أخذت جيسيكا لحظات لتفهم المسألة ، ثم أجابت المعلمة بعدم مبالاة :
- الحل المهائي هو : 3س .
ثم جلست قبل أن تتلقى الأمر بذلك ، لكن المعلمة
لم تهتم ؛ على أي حال فجيسيكا دائماً تكون شاردة في
الحصة ، و عندما تعتقد أنك ستفوز عليها بسؤال لن تستطيع
الإجابة عليه ، تصدمك بإجابة صحيحة للسؤال ، هذا هو ما يجعلها
تحافظ على مركزها العاشر من أصل 250 طالباً في
مدرسة M.A الداخلية.
بعد إنتهاء الحصة ، خرجت جيسيكا من الفصل كبقية الطلاب ، لكنها
توجهت إلى الساحة ، في حين أنها من المفترض أن تتوجه
إلى المطعم .
نظرت قليلاً في مضمار السباق ، ثم توجهت إلى بدايته ، أنخفضت ،
وضعت أطراف أصابعها.
على الأرض ، ثَنَت رجلها اليسرى للأمام ، بينما مدن رجلها اليمنى
للخلف ، أغمضت عينيها لتستعد ، ثم ركضت.
أخذت تركض بأسرع ما لديها ، و كأن أحداً يركض خلفها ، ركضت لسبع دورات ، و لم تشعر بأعين تراقبها تليها ابتسامة غريبة.
أوقفها في النهاية أستاذ الرياضة ، الذي وقف أمامها عند
نهاية المضمار ، و أشار إليها عبر مد يده في اتجاه المطعم
المدرسي بالخروج خارج المضمار و الذهاب للتناول
الطعام ، فهي لم تتناول الإفطار بأي حال.
أخذت لنفسها طعاماً ، و ذهبت للجلوس لوحدها ، و في
حين هي تأكل ، مَر طالب من خلفها ، كان على وشك
لمسها - من غير قصد - إلا أنها ابتعدت عن طريقه ، تقربت أكثر للطاولة .
كانت تأكب بهدوء لوحدها ، حتى أنتهت من طعامها ، و ذهبت
لوضع أطباقها في المغسلة ، كادت أن تلمس فتاة
هناك ، لولا أنها ابتعدت بسرعة ، كما فعل الصحن الذي ابتعد
عن المغسلة و سقط على الأرض أشلاءً .
نظر كل من المطعم إلى مصدر الصوت ، فصوت الصحن جدير بأن
يسكت الجميع ، يلفت الانتباه.
حاولت تنظيم المكان بأخذ القطع من الأرض بيدها ، إلا أن معلم
الرياضة الذي كان موجوداً صرخ باسمها لجعلها تتوقف ، و جاء
عندها ، و قال لها بهدوء:
- لا بأس ، يمكنكِ الذهاب!
و لم يلمسها أبداً . و عادت إلى الساحة لوحدها . تفكر لما هي
خائفة من لمس شخص ما!
- إلى متى سأبقى هكذا ؟
سألت نفسها ، و نبرة الحسرة تملأ صوتها المنخفض.
[ انتهى الفصل ]