قال تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد: 3].
وهذه الأسماء فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً كاملاً واضحاً فقال: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء)) (1) إلى آخر الحديث. ففسر كل اسم بكل معناه، ونفى عنه كل ما يضاده وينافيه فمهما قدر المقدرون وفرض الفارضون من الأوقات السابقة المتسلسلة إلى غير نهاية فالله قبل ذلك، وكل وقت لاحق مهما قدر وفرض الله بعد ذلك. (19)
قال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و(الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88] (2) .
وقال الزجاج: (الأول) هو موضوع التقدم والسبق. ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أول: هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده، وقد سبقها كلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء)) (3) (4) .
وقال الخطابي: (الأول) هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا معه. ثم ذكر الحديث (5) .
وقال الحليمي: (الأول): الذي لا قبل له، والآخر هو الذي لا بعد له، (وهذا لأن) (قبل وبعد) نهايتان، فقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، وبعد غايته من قبل انتهائه، فإذا لم يكن له ابتداء ولا انتهاء لم يكن للموجود قبل ولا بعد، فكان هو الأول والآخر (6) .
وقال البيهقي: (الأول) هو الذي لا ابتداء لوجوده (7) . (20)
الآخر:
قال الزجاج: (الآخر) هو المتأخر عن الأشياء كلها، ويبقى بعدها (8) .
وقال الخطابي: (الآخر): هو الباقي بعد فناء الخلق، وليس معنى الآخر ما له ، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء، فهو الأول والآخر وليس لكونه أول ولا آخر (9) .
قال البيهقي: (الآخر) هو الذي لا انتهاء لوجوده (10) . (21)
وقال السعدي: فالأول: يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى.
والآخر: يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتأهلها، ورغبتها، ورهبتها، وجميع مطالبها (22)
الظاهر:
قال ابن جرير الطبري: (وقوله: (والظاهر) يقول: وهو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه) (11) .
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "اسمه (الظاهر) من لوازمه أن لا يكون فوقه شيء كما في الصحيح: ((وأنت الظاهر فليس فوقك شيء)) (12) بل هو سبحانه فوق كل شيء فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه (الظاهر).
ولا يصح أن يكون (الظاهر) هو من له فوقية القدر فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضة؛ والجوهر فوق الزجاج؛ لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور، بل قد يكون المفوَّق أظهر من الفائق فيها، ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة لمقابلة الاسم (الباطن) وهو: الذي ليس دونه شيء، كما قابل (الأول) الذي ليس قبله شيء؛ بـ (الآخر) الذي ليس بعده شيء) (13) .
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (و(الظاهر): يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات، ويدل على علوه) (14) . (23)
الباطن:
قال ابن جرير: و(الباطن) يقول: وهو الباطن لجميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16] (15) .
وقال الزجاج: (الباطن) هو العالم ببطانة الشيء، يقال: بطنت فلاناً وخبرته: إذا عرفت باطنه وظاهره.
والله تعالى عارف ببواطن الأمور وظواهرها، فهو ذو الظاهر وذو الباطن (16) .
وقال الخطابي: (الباطن) هو المحتجب عن أبصار الخلق، وهو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجليه لبصائر المتفكرين. ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور، والمطلع على ما بطن من الغيوب (17) .
وقال الحليمي: (الباطن) وهو الذي لا يحس، وإنما يدرك بآثاره وأفعاله
وهذه الأسماء فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً كاملاً واضحاً فقال: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء)) (1) إلى آخر الحديث. ففسر كل اسم بكل معناه، ونفى عنه كل ما يضاده وينافيه فمهما قدر المقدرون وفرض الفارضون من الأوقات السابقة المتسلسلة إلى غير نهاية فالله قبل ذلك، وكل وقت لاحق مهما قدر وفرض الله بعد ذلك. (19)
قال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و(الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88] (2) .
وقال الزجاج: (الأول) هو موضوع التقدم والسبق. ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أول: هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده، وقد سبقها كلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء)) (3) (4) .
وقال الخطابي: (الأول) هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا معه. ثم ذكر الحديث (5) .
وقال الحليمي: (الأول): الذي لا قبل له، والآخر هو الذي لا بعد له، (وهذا لأن) (قبل وبعد) نهايتان، فقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، وبعد غايته من قبل انتهائه، فإذا لم يكن له ابتداء ولا انتهاء لم يكن للموجود قبل ولا بعد، فكان هو الأول والآخر (6) .
وقال البيهقي: (الأول) هو الذي لا ابتداء لوجوده (7) . (20)
الآخر:
قال الزجاج: (الآخر) هو المتأخر عن الأشياء كلها، ويبقى بعدها (8) .
وقال الخطابي: (الآخر): هو الباقي بعد فناء الخلق، وليس معنى الآخر ما له ، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء، فهو الأول والآخر وليس لكونه أول ولا آخر (9) .
قال البيهقي: (الآخر) هو الذي لا انتهاء لوجوده (10) . (21)
وقال السعدي: فالأول: يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى.
والآخر: يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتأهلها، ورغبتها، ورهبتها، وجميع مطالبها (22)
الظاهر:
قال ابن جرير الطبري: (وقوله: (والظاهر) يقول: وهو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه) (11) .
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "اسمه (الظاهر) من لوازمه أن لا يكون فوقه شيء كما في الصحيح: ((وأنت الظاهر فليس فوقك شيء)) (12) بل هو سبحانه فوق كل شيء فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه (الظاهر).
ولا يصح أن يكون (الظاهر) هو من له فوقية القدر فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضة؛ والجوهر فوق الزجاج؛ لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور، بل قد يكون المفوَّق أظهر من الفائق فيها، ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة لمقابلة الاسم (الباطن) وهو: الذي ليس دونه شيء، كما قابل (الأول) الذي ليس قبله شيء؛ بـ (الآخر) الذي ليس بعده شيء) (13) .
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (و(الظاهر): يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات، ويدل على علوه) (14) . (23)
الباطن:
قال ابن جرير: و(الباطن) يقول: وهو الباطن لجميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16] (15) .
وقال الزجاج: (الباطن) هو العالم ببطانة الشيء، يقال: بطنت فلاناً وخبرته: إذا عرفت باطنه وظاهره.
والله تعالى عارف ببواطن الأمور وظواهرها، فهو ذو الظاهر وذو الباطن (16) .
وقال الخطابي: (الباطن) هو المحتجب عن أبصار الخلق، وهو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجليه لبصائر المتفكرين. ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور، والمطلع على ما بطن من الغيوب (17) .
وقال الحليمي: (الباطن) وهو الذي لا يحس، وإنما يدرك بآثاره وأفعاله