لا يمكن أن أشرب كوب شاي بخمسة عشر ريال، و لا أستطيع أن أدفع 25 ريال قيمة كأس آيسكريم صغير بحجم قبضة اليد، و لا يمكن أن أقبل أن تكون 120 ريال هي قيمة وجبة غداء متكونة من طبق صغير من السمك و الرز.
ليس لأني لا أملك المال أو لأني بخيل (لا سمح الله) و لكن لأنني لو فعلتُ ذلك لشعرت بأني مُستَغفَل (مقصوص عَليْ) و هذا شعور لا يمكن أن أقبل به أبداً و ما عاش اللي يقص علي في مثل هذا العمر.
من يوم وعيت على هذه الدنيا و كوب الشاي بريال واحدو كأس الآيسكريم (فانيلا المطرود) بريال واحد و أطلق كبسة سمك أو صيادية سمك لا تتجاوز ثلاثين ريال. هذه الأرقام تمثل بالنسبة لي مراجع (References) أقيس بالمقارنة بها الأشياء. فشرب كوب الشاي الذي بخمسة عشر ريال يعني أنني مقصوص علي خمسة عشر مرة و هذه هي قمة الإهانة بالنسبة لي. أملك الكثير من النقود و لله الحمد و خمسة عشر ريال لا تودي و لا تجيب و لن تؤثر في الميزانية شيئاً و لكنه الشعور بالغبن و الفحش في الغلاء بسبب هذه الأرقام المرجعية المحفورة في دماغي.
و من المفارقات أن إبني الذي لا يملك أي مصدر دخل سوى مصروفه الذي أعطيه إياه كل شهر سوف لن يرف له جفن و هو يدفع الخمسة عشر ريال قيمة كأس شاي أو ثلاثين ريال قيمة كأس آيسكريم، بل لو توقفت معه عند أحدى البوفيات الشعبية و طلبت منه أن يشتري كأسين من الشاي لي و له فسيشتري لي واحد و سيخبرني تأدّباً بأنه لا يريد، و ذلك لأنه سيشعر بأنه (مقصوص عليه) خمسة عشر مرة و بأن هذا الشيء فشيلة عنده لأن ارقامه المرجعية تختلف تماماً عن أرقامي.
هذه الإختلافات في النقط المرجعية بين الأجيال المختلفة لا تنحصر في أسعار الأشياء فقط بل في كل نواحي الحياة (نوع اللباس – طريقة قص الشعر – إستخدام التكنولوجيا – ….إلخ)..
و لكي تسير الحياة (التي من سننها التغيّر) بنعومة و من دون مشاكل لا طائل منها يجب أن يكون الآباء و الأمهات واسعي الصدر و عندهم فهم كبير لهذه الإختلافات و مرونة أكبر على تقبلها، و على الأبناء أيضاً أن يعوا الصعوبة النفسية التي يشعر بها آباؤهم و هم يلبّون لهم مطالبهم التي لا تتفق مع نقطهم المرجعية و قناعاتهم و ربما تشعرهم بأنهم تنازلوا عن قيمهم كثيراً حتى لا يصطدموا مع رغبات أبنائهم.
و في خضم هذا الصراع النفسي المستمر عند الطرفين من هو الطرف الذي يجب عليه أن يبدي تفهماً و مرونةً و مراعاةً أكثر لمشاعر الطرف الآخر؟
هل يتنازل الأبناء عن جوامح رغباتهم العصرية حتى لا يجرحوا مشاعر آبائهم و حتى لا يشعر الآباء بأنهم تنازلوا عن قيمهم كثيراً لإرضاء ابنائهم و بأن أبناءهم كسروا إرادتهم و جعلوهم آباءً ضعفاء مسيَّرين لأبنائهم؟
أي هل يتنازل الأبناء عن مسايرة طريقة معيشة أقرانهم في المجتمع و يقبلوا بأن يعيشوا كما يريد لهم آباؤهم؟؟
أم هل يتفهّم الآباء طبيعة التغيّر الكوني و يكفّوا عن المقارنة بمراجعهم و يلبّوا جميع مطالب أبنائهم؟
و هل هناك حل وسط كأن أمر على بوفية شعبية و أشتري لي كأس شاي بريال و أمر على أطلق كافي شوب و أشتري لإبني كأس شاي بخمسة عشر ريال ثم نركب السيارة و نشرب كأسي الشاي بسعادة لا هو مقصوص عليه و لا أنا مقصوص عليْ؟؟
منقول ~
ليس لأني لا أملك المال أو لأني بخيل (لا سمح الله) و لكن لأنني لو فعلتُ ذلك لشعرت بأني مُستَغفَل (مقصوص عَليْ) و هذا شعور لا يمكن أن أقبل به أبداً و ما عاش اللي يقص علي في مثل هذا العمر.
من يوم وعيت على هذه الدنيا و كوب الشاي بريال واحدو كأس الآيسكريم (فانيلا المطرود) بريال واحد و أطلق كبسة سمك أو صيادية سمك لا تتجاوز ثلاثين ريال. هذه الأرقام تمثل بالنسبة لي مراجع (References) أقيس بالمقارنة بها الأشياء. فشرب كوب الشاي الذي بخمسة عشر ريال يعني أنني مقصوص علي خمسة عشر مرة و هذه هي قمة الإهانة بالنسبة لي. أملك الكثير من النقود و لله الحمد و خمسة عشر ريال لا تودي و لا تجيب و لن تؤثر في الميزانية شيئاً و لكنه الشعور بالغبن و الفحش في الغلاء بسبب هذه الأرقام المرجعية المحفورة في دماغي.
و من المفارقات أن إبني الذي لا يملك أي مصدر دخل سوى مصروفه الذي أعطيه إياه كل شهر سوف لن يرف له جفن و هو يدفع الخمسة عشر ريال قيمة كأس شاي أو ثلاثين ريال قيمة كأس آيسكريم، بل لو توقفت معه عند أحدى البوفيات الشعبية و طلبت منه أن يشتري كأسين من الشاي لي و له فسيشتري لي واحد و سيخبرني تأدّباً بأنه لا يريد، و ذلك لأنه سيشعر بأنه (مقصوص عليه) خمسة عشر مرة و بأن هذا الشيء فشيلة عنده لأن ارقامه المرجعية تختلف تماماً عن أرقامي.
هذه الإختلافات في النقط المرجعية بين الأجيال المختلفة لا تنحصر في أسعار الأشياء فقط بل في كل نواحي الحياة (نوع اللباس – طريقة قص الشعر – إستخدام التكنولوجيا – ….إلخ)..
و لكي تسير الحياة (التي من سننها التغيّر) بنعومة و من دون مشاكل لا طائل منها يجب أن يكون الآباء و الأمهات واسعي الصدر و عندهم فهم كبير لهذه الإختلافات و مرونة أكبر على تقبلها، و على الأبناء أيضاً أن يعوا الصعوبة النفسية التي يشعر بها آباؤهم و هم يلبّون لهم مطالبهم التي لا تتفق مع نقطهم المرجعية و قناعاتهم و ربما تشعرهم بأنهم تنازلوا عن قيمهم كثيراً حتى لا يصطدموا مع رغبات أبنائهم.
و في خضم هذا الصراع النفسي المستمر عند الطرفين من هو الطرف الذي يجب عليه أن يبدي تفهماً و مرونةً و مراعاةً أكثر لمشاعر الطرف الآخر؟
هل يتنازل الأبناء عن جوامح رغباتهم العصرية حتى لا يجرحوا مشاعر آبائهم و حتى لا يشعر الآباء بأنهم تنازلوا عن قيمهم كثيراً لإرضاء ابنائهم و بأن أبناءهم كسروا إرادتهم و جعلوهم آباءً ضعفاء مسيَّرين لأبنائهم؟
أي هل يتنازل الأبناء عن مسايرة طريقة معيشة أقرانهم في المجتمع و يقبلوا بأن يعيشوا كما يريد لهم آباؤهم؟؟
أم هل يتفهّم الآباء طبيعة التغيّر الكوني و يكفّوا عن المقارنة بمراجعهم و يلبّوا جميع مطالب أبنائهم؟
و هل هناك حل وسط كأن أمر على بوفية شعبية و أشتري لي كأس شاي بريال و أمر على أطلق كافي شوب و أشتري لإبني كأس شاي بخمسة عشر ريال ثم نركب السيارة و نشرب كأسي الشاي بسعادة لا هو مقصوص عليه و لا أنا مقصوص عليْ؟؟
منقول ~