مظاهر التاريخ الحضاري
للأمبراطوريه السلوقيه
أولا:القوة العسكرية
أ-العناصر الرئيسية في هذه القوة
اتسمت جيوش الدولة الهنلستيه من حيث الطابع والتكوين بالسمة الدولية، ذلك أن هذه الجيوش كانت لا تعتمد في تكوينها علي أفراد قوميه واحده بعينها فحسب بل كانت تتألف من جنود ينتمون إلي قوميات متعددة.ولم تخالف جيوش السلوقيين هذه المفهوم العام للجيوش الهنلستيه بل فاقتها من حيث تضمنها بعض العناصر التي لم يحوها إي جيش هنلستي أخر وذلك بحكم امتداد السيطرة السلوقية علي عده شعوب مختلفة.
أما العناصر الرئيسية التي احتوتها الجيوش السلوقية قد تضمنت عناصر رئيسيه ثلاثة كانت بحسب أهميتها كالتالي:-
1-المقدوني 2-الاغريقي 3-الفارسي
ويبدو أن الاعتماد أساسا علي العنصر المقدوني كان أمرا طبيعيا أملاه اعتباران أساسيان :أحدهم هو أن هذا العنصر كان من جنس البيت المالك وشكل بدون شك الدائرة الضيقة المباشرة التي يطمئن إليها الملك السلوقي وبأمن لها .والاعتبار الأخر وهو الأهم من حيث النظرية هو أن المحاربين المقدونيين كانوا يمثلون بالنسبه للملك السلوقي كيانا سياسيا لا يمكن تصور قيام الحكم بدونه .وكان العنصر الثاني الذي اعتمد عليه سلوقس وخلفاءه هو العنصر الاغريقي الذي عرف احتراف الجندية والارتزاق منها منذ زمن بعيد نتيجة لانعدام موارد الرزق وتفشي الفقر والعوز في بلاده .
ولعل اقتصار السلوقيين في الاعتماد علي الفرس في جيوشهم يرجع قبل كل شيء إلي رغبتهم في إلا يكون الطابع العام لجيوشهم طابعا شرقيا ،ولكن تفاديا لجرح شعورهم وكسبا لودهم لم يغفلوا إشراكهم في قواتهم .
ب- المشاة
كان الجيش السلوقي مثله مثل بقيه الجيوش المقدونية يتألف من تشكيل رئيسي وهو الفيلق ولقد سلح رجال الفيلق برماح ضخمه طولها حوالي سبعه أمتار وكان رجال الفيلق يحملون إلي جانب رماحهم سيوفا" ،ونحن لا نعرف عدد رجال الفيلق في جيش سلوقس ولكنه من الجائز انه كان يبلغ حوالي ثلث عدد رجال الجيش كله وذلك في ضوء معلوماتنا عن جيوش السلوقيين خلفائه.
ج- الفرسان
وحسب التقاليد المقدونية كان الفرسان يحتلوا مرتبه أعلي شأنا من المشاة ،وقد استمروا يؤلفون في الجيش السلوقي فرقا مختلفة متباينة في المركز ، ولا سبيل إلي الشك في إن كتائب الخيالة الملكيين كانت تحتل مكانه أسمي من باقي فرق الفرسان فقد كانت هذه الكتائب وتلك توصف بأنها "صفوه الفرسان" وبما أن الخيالة الملكيين كانت تحيط بالملك أثناء المعركة ، فأنه من لمحتمل أنها كانت صفوه الصفوة إي صفوه كتائب الفرسان الرفقاء .
د-الفيلة :
منذ انتهاء سلوقس من صراعاتة كانت دائما توجد فرقه من الفيلة في جيوش الملوك السلوقيين الأوائل ، وكانت تشكل عاملا هاما من عوامل قوه الجيش السلوقي ، وقد ساعد أولئك الملوك علي تزويدهم بهذا السلاح الشبيه بالدبابات وكانوا يسطعون تامين احتياجاتهم عن طريق الفيلة الهندية وعندما حاول البطالمة مجارة السلوقيين في هذا الصدد ، استعانوا بالفيلة الافريقيه ، وبالرغم من أنها كانت أدني مستوي من الفيلة الهندية إلا أن البطالمة ظلوا يستخدموها في جيوشهم حتى عهد بطليموس السادس . وقد أدت الفيلة خدمات جليلة في المعارك فهي إلي جانب تهديدها للفرسان والمشاة وهدم الحصينات كانت تشارك بحمل أبراج خشبية يمتطيها أربعه محاربين من النبالة
ه- فرق أخري :
وبعد معركة ماجنيزيه عاد السلوقيين إلي الاعتماد بصوره اكبر علي "العربات المنجليه " التي لم تبرهن علي فعاليتها كثيرا
ز- الأسطول :
لا جدال في أن أول ما يتبادر إلي الذهن إلي أن الاحتفاظ بأسطول قوي من كان أمرا حيويا بالنسبة لإمبراطوريه مترامية الأطراف طويلة الساحل كالامبراطوريه السلوقية .ولكن يبدو أن معظم الملوك السلوقيين لم يستشعروا بالحاجة إلي أسطول قوي نظرا لانعدام نشاطاتهم البحرية و اتكالهم علي القوي البحرية لبعض المدن الفينيقية،وكذلك تقوقع الأساطيل الكبري في العالم الهنلستي .
ثانيا -الوسائل الدبلوماسية :
لا ريب في أن القوه العسكرية هي أولي الوسائل لتنفيذ السياسة الخارجية لأيه دوله من دول العالم قديما وحديثها .ومهما بلغ قوه وشأن القوه العسكرية لدوله فأن هذه الوسيلة لا تستخدم دائما لتحقيق الأهداف السياسية وذلك بسبب التكاليف الباهظة التي يقتضيها استخدام هذه الوسيلة وعدم توافرها أحيانا .
ولا شك إن أدراك ذلك كله قد أوجب علي معظم حكومات العالم القديم والحديث أيضا الاعتماد علي أساليب أخري اقل تكلفه ماديه ومعنوية وان لم تكن اقل فاعليه عن القوه الغشوم وأحدي هذه الوسائل هي تقديم مساعدات والإعانات الخارجية لبعض الدول الصغيرة التي تتمتع بأمتيازات استراتيجيه أو صفات قدسيه ،وكذلك كانت أحدي هذه الوسائل هي المصاهرات السياسية وكانت الزيجات تتم لتأمين الحدود أحيانا وتضمن أحلافا سياسية أو تدفق بضائع أو لتحقيق هدوء سياسي وعسكري كما فعل سلوقس وأقدم علي زيجتين لأهداف سياسية
(نظام الحكم )
أولا :السلطة المركزية :
1-سلطه الملك
تخلو المصادر القديمة من الحديث تفصيلا وأجمالا عن السلطات التي كان السلوقيين يمارسونها ولكن كان هناك فارق هائل بين كل من الدولتين البطلمية والسولقيه ،ويصعب إن نتصور أن سلطات سلوقس أو أي ملك سلوقي بغت مبلغ السلطات التي تتمتع بها اي ملك من ملوك البطالمة في مصر .ذلك أن الدولة البطلمية كانت تستند علي قاعدة عريضة ذات مقومات وحدود عرقية ،وان رعايا البطالمة كانوا يتألفون من عنصرين رئيسين هما المصريون و الإغريق ،وأما الدولة السلوقية فأنها حتى عام 301 كانت لها قاعدة واحده هي منطقه بابل وعاصمتها سلوقية علي نهر دجله ، ثم منذ عام 301 كانت لها قاعدة واحده هي منطقه بابل وعاصمتها سلوقية علي نهر دجله ،ثم منذ عام 301 أصبحت لها قاعدة ثانيه هي شمال سوريه وعاصمتها سلوقية بيريه ثم انطاكيه وتبعا لذلك تعددت عناصر السكان وتضمنت إلي جانب الإغريق والمقدونيين ،سورين و فرسا و بابليين وأعراب ويهود وغير ذلك من الأقوام والطوائف .تبعا لذلك كله اتسمت الدولة بالاتساع إلي جانب تعدد الأجناس مما كان يتعذر معه سيطرة الملك الحاكم علي النحو الذي يتسير لملك يحكم دوله مثل مصر و وفقا للتقاليد المقدونية كانت "جمعيه الجيش " في الأصل هي مصدر السلطات بوصفها الشعب المقدوني منتظما في صفوف فرفه العسكرية ،بيد انه علي مر الزمن أصبحت مهمة الجيش السياسية مقصورة علي مبايعه الملك الجديد عند ارتقائه العرش ، ومن الناحية الشكلية فقط .
2-ألقاب الملك :
ويبدو إن الفكرة التي راودت بطالمة مصر لإثبات دوام الملكية في أسرتهم برغم انتقالها من فرد إلي أخر ،وذلك بأن يحمل كل وريث للعرش اسم (بطليموس) ،لم تراود الملوك السلوقيين .ذلك أنهم وبخاصة اوائلهم درجوا إلي حد ما علي تسميه أولياء عهودهم بأسماء أبنائهم ولكن النازعات الاسريه بين فروع ورثه العهود حالت دون استمرار العمل بهذه القاعدة ،و أن كان يلاحظ أن جميعهم لم يشذوا عن استخدام اسم (سلوقس) واسم (انطيوخس) باستثناء دمتريوس الأول والثاني .
ولقد ساير الملوك السلوقيين النهج السائد بين ملوك العصر بحمل ألقاب كانت تضاف إلي أسمائهم وينم كل منها علي صله بعينها .
ويمكن تقسيم هذه الألقاب إلي ثلاث فئات: (إلهيه) مثل ثيوس ،و(وصفيه) مثل نيكاتور ،و (أسريه) مثل فيلوباتور
3-رجال البلاط و ألقابهم الفخرية :
وكان من سمات النظام الملكي في التاريخ القديم وحتى الحديث إلي حد ما ،وجود حاشية ملكيه يحمل أفرادها ألقابا فخرية متباينة في المرتبة . وبالمثل كان للملك السلوقي وحاشيته .
وعلي غرار ما كانت عليه الحال في البلاطين المقدوني والبطلمي ، كان أقدم هذه الألقاب الفخرية هو لقب (الأصدقاء) ثم تعددت الألقاب وأصبحت مرتبه ترتيبا تنازليا على نحو يماثل ما كانت عليه عند البطالمة : (أقارب الملك) ونظراء الأقارب و(الأصدقاء الأول و الأصدقاء الثاني) ويبدو أن حمله الألقاب الفخرية كانوا يميزون بألوان ثيابهم وشاراتهم .
4-مساعدو الملك :-
وكان من بين كبار رجال البلاط السلوقى موظف لقبه (هوايبى تون براجماتون) ويعنى (القائم على شؤون المملكة) مما يدل على انه كان بمثابة كبير الوزراء أو الوزير الأكبر .ويليه في الأهمية موظف لقبه (ابيستولوجرا فوس) ويعنى "القائم على شؤون المراسلات" ،ويعتقد بعض المؤرخين أن مهمة هذا الموظف كانت بالإضافة إلى تسير أمور الدولة الخارجية والمقاطعات البعيدة ، الأشراف على شؤون الدولة القضائية ،وتخبرنا المصادر بوجود مناصب في عهود مختلفة مثل منصب "طبيب الملك " ومنصب "وزير الخزانة" .
5-المراسم :-
ليس لدينا أي دليل يثبت أن أحدا من الملوك السلوقيين قد أمر رعاياه بالسجود أمامه على نحو ما فعل الأسكندر .
ورغم إننا لا نعرف الكثير ، عن أصول وقواعد مقابله الملك في البلاط السلوقى ، فأن بعض أشارات مصادرنا تثبت أن الملك كان يحيى بلقبه الملكي ومع أضافه اسمه إليه أحيانا وعند الانصراف من حضره الملك كان يحيى بعبارة تعنى " تمتع بصحة جيدة " و قد علمنا عن طريق الصدفة بعض الشيء عن رسميات الحداد وكيف كان الملك كان يرتدى السواد ، وكيف أن القصر كان يغلق لعده أيام توقف فيها المقابلات والاستقبالات . وعلى الرغم من أن مدة الحداد غير معروفه فأنه من المرجح أنها كانت تستمر وفقا للعادة الإغريقية .
6-القصر :-
وكان الملك يقيم بالطبع في قصر يطلق عليه (أولى) ولاشك انه امتلك قصورا عديدة غير القصر الموجود بالعاصمة السورية ويبدو أن جميع أمكنة الإقامة الملكية حتى الخيمة الخاصة ، التي كان يقيم بها الملك أثناء الحروب ، كان يطلق عليها على السواء بلاط الملك .
7-اللباس :-
كان رمز الملكية السلوقية عبارة عن شريط ازرق اللون تنتشر فيه نقط بيضاء ، وكان الزى الرسمي لملوك العصر الهنلستى من السلوقيين وبطالمة يتألف من قبعة واسعة ذات حافة عريضة ، ومن ستره قصيرة تعلوها عباءة كانت تزين بدبوس عند أسفل الرقبة أو على الأكتاف تنسدل إلى ما بعد الركبة ، ومن نعل سميك يربط على الساق بأشرطة تصل إلى أسفل حافة العباءة .
8-الشعار :-
كان شعار بيت سلوقس هو المرساة وقد ظهرت بكثرة على نقود الأسرة وبررت وجودها روايات عديدة و أن كنا نرجح عند ولادة كل فرد من أفراد الأسرة كان يوشمون بتلك العلامة .
9-اللغة الرسمية:-
كانت الإغريقية لغة البلاط السلوقى و اللغة الرسمية للدولة بشكل عام ، ولم يقدم سلوقس وخلفاؤه على استخدام أية لغة أخرى في شؤون الدولة إلى جانب الإغريقية مثلما استخدم البطالمة اللغة المصرية القديمة في اللوائح والقرارات . ولا تحدثنا مصادرنا عن قدرة أي ملك سلوقى على التكلم بأية لغة غير اللغة الإغريقية ومع ذلك فانه لا يبعد أن الأسرة المالكة السلوقية كانت تستخدم اللغة المقدونية في أحاديثها الخاصة داخل نطاقها الضيق وكانت هذه اللغة شديدة القرب من الإغريقية
ثانيا – السلطة المحلية والتنظيمات الإدارية :-
حذا سلوقس حذو الاسكندر الأكبر في أتباع الطريقة الفارسية في الاداره وهى التي قوامها تقسيم الامبراطوريه8 إلى عدد من الوحدات الإدارية و الإمبراطورية السلوقية قد انقسمت أساسا إلى عدد من الولايات
وفى ضوء ذلك يمكن القول بأن الإمبراطورية السلوقية كانت تتألف من عدد أنواع متباينة من الوحدات الادارية وهى :-
1-الولايات 2-المدن الإغريقية 3-المستعمرات العسكرية
4-الأمارات والممالك 5-الوحدات الكهنوتية
1-الولايات
كان نظام الإدارة الفارسية يقضى بأن يكون لكل ولاية حاكم ، يقوم هو ومساعدوه على تصريف شؤونها وفقا لأوامر السلطة المركزية . وكان الولاة يعتبرون قمة التنظيم الأدارى ويتلقون اوامرهم من الملك مباشرة ، ثم يحولونه بدوره إلى السلطات الأدنى لتنفيذ مضاميه ونظرا لاتساع رقعه بعض هذه الولايات وخاصة في منطقه شرق دجله . ورغبة في أحكام الدولة رقابتها علي هذه الأقسام الإدارية التي اتسعت في الماضي اتساعا كبيرا , فقد قسمة هذه الولايات إلي ولايات اصغر ,كما قسمت كل واحده من ولايات الإمبراطورية بعد ذلك إلي ثلاثة أو أربعة أقسام ايدارية دعي كل منها ابارخية يحكم كل منها ضابط كان مسئولا أمام حاكم الولاية .
وقد جعل سلوقس عاصمتة الأولي أي المدينة (سلوقية علي نهر دجلة) عاصمة لولايات إمبراطوريتة شرقي الفرات عندما أوفي ولي عهده انطيوخس لأدارتها تحت اشرافة ,ثم خلقتها إنطاكية .
2-المدن الإغريقية
ولا شك إن ابرز واهم نوع من الوحدات الإدارية السلوقية التابعة للسلطة المركزية كانت المدن الإغريقية , وهي التي ساعد علي إبراز أهميتها ذلك الجهد الذي بذله السلوقيين وبخاصة سلوقس الأول لإنشاء المزيد منها في أرجاء إمبراطوريتة , بدافع إحكام رقابتهم علي أصقاع الإمبراطورية ونشر الحضارة الإغريقية في ربوعها .
واهم المدن التي أنشأها السلوقيين في إمبراطوريتهم لا تتعدي الخمس مدن وهي:سلوقية دجله , سلوقية بيرية ,أنطاكية لاوداكية وابامية , في حين أن دورايوروبوس تعتبر أهم مستعمراتها علي الإطلاق .
إنشاء سلوقية دجله :-
بعد عودة سلوقس من مصر ونجاحه في دعم سيطرته على الهضبة الايرانية ووادي الفرات ، بادر إلى أنشاء عاصمته الأولى وأختار لها أحد المواقع الهامة بالقرب من عاصمة الاسكندر الشرقية بابل 0
ولعل من أهم أسباب بناء سلوقية دجله ، وان سلوقس بوصفه ملكا مقدونيا متحضرا بالحضارة الإغريقية . ويدرك تمام الإدراك حاجته الملحة إلى الإغريق والمقدونيين لأقامه صرح دولته كان لابد من إن تكون عاصمه إغريقية والمقدونية التي استقدمها ، وتساع هذه العناصر على الحفاظ على مقاومتها .
ولكن الأساطير التي حيكت حول نشأة المدينة تقول انه بعد تخطيط معالم المدينة قام سلوقس بتحصينها لمسافة كبيرة ، وهجر إليها تجار مدينه بابل الرئيسين بنقل سوقها إلى المنشأة الحديثة ، ولم يستطع سلوقس رغم الجهود التي بذلها الحفاظ على طابع المدنية الإغريقية الذي أراده لها . وفى ضوء معلوماتنا الراهنة لا يمكن تكوين فكرة عن معالم المدينة وتخطيطها ونظمها في العصر السلوقى ، وان كنا لا نستبعد أنها كانت تشبه المدن السلوقية التي سيأتي وصفها فيما بعد .
ب- سلوقية بيرية :-
تقع سلوقية شمال مصب نهر العاصي وغربي إنطاكية عند سفح جبل كاسيوس المطل على خليج السويدية على الساحل السوري و يقال انه عندما أراد سلوقس إنشاء المدينة صعد في عام 300 وقبل شهر من إنشاء انطاكيه تقريبا إلى احد الجبال القريبة المقدسة من الإله زيوس وقدم له قربانا راجيا إياه أن يرشده إلى المكان المناسب لتأسيس أول مدينه تحمل اسمه في هذه المنطقة .واجابه على ذلك ، ظهر نسر وهو طائر زيوس وانقض على لحم القربان وحمله إلى موقع سلوقية مشيرا بذلك إلى الموقع الذي يجب أن تبنى فيه المدينة ، وعندئذ قام سلوقس بتأدية طقوس المدينة وأطلق عليها اسمه .
وتشير أعمال الحفر في المنطقة إن هذه المدينة كانت محصنة ضد أخطار الفيضان والغزوات بخنادق وأنفاق رائعة التنظيم .ولعل أهم ما كشفت عنة أعمال الحفر والتنقيب من بقايا المباني العامة كانت على أساس أن البعثة عثرت على تمثال صغير يمثل ( إيزيس في شكل افروديت ) وان سلوقس الثاني هو الذي ادخل المذاهب الدينة المصرية إلى المدينة .
ولما كانت سلوقية لم تشتهر إلا بوصفها مدفنا للأسرة السلوقية وبخاصة سلوقس الأول ، فأن ذلك دعا بعض الباحثين إلى القول بان سلوقية لم تمارس النشاط التجاري الذي كان متوقعا لها حين تأسيسها . وهذا الرأي يبدو معقولا وقد يؤيده أن سلوقس أو ابنه نقل العاصمة منها إلى أنطاكية .
ج-أنطاكية :-
تقع أنطاكية في الشمال الغربي بسورية عند الطرف الجنوبي لسهل العمق ولقد أنشأها سلوقس عام 300 وأطلق عليها اسمها تخليدا لوالده انطوخيس ،وليست أنطاكية إلا واحده من ستة عشر مدينة حملت هذا الاسم ، وقد تواترت أساطير كثيرة عن أهمية المدينة وموقعها وجمالها .
وكانت انطاكيه تتألف من حيين منفصلين احدها للنزلاء الإغريق والأخر لأهالي الوطنيين يبلغ اولهما ضعف الثاني مساحة ولكل منهم سوره الخاص . وتدل المعالم الأثرية للمدينة على أنها خططت وفقا للنظام الشبكي .ونفتقر إلى معلومات عن المباني العامة التي أقيمت عند إنشاء المدينة .
وتشير القرائن إلى أن سكان أنطاكية كانوا يتألفون من عدة عناصر يأتي في مقدمتها المقدونيين الذين تقاعدوا بعد الخدمة في جيش سلوقس ، وكان يوجد أيضا بعض أبناء كريت وقبرص . وكان يوجد كذلك عدد من اليهود وبعض العبيد .وأخيرا كان هناك العنصر الوطني السوري وكانوا يقيمون في حيهم الذي خصص لهم على نحو ما مر بنا .
د-لاوداكية :-
تقع لاوداكية (اللاذقية) على الشاطىء الشمالي الشرقي للبحر المتوسط إلى الجنوب من سلوقية بيرية وقد اتفق المؤرخون على أن سلوقس انشأ هذه المدينة تكريما لوالدته لاوديكى وهذه المدينة هي احد خمس مدن أطلق عليها هذا الاسم .
ويعتقد أن لاوداكية قد بنيت على موقع قرية فينيقية قديمة تدعى رامانثا وكان لها ميناء جيد ، وكانت حسنة البناء جميله الموقع تقوم على سفوح عدد من الجبال التي تغطيها الكروم التي سمحت بتصدير الخمور بكثرة إلى إرجاء العالم القديم وبخاصة الإسكندرية .
ولا يعرف إلا القليل جدا عن لاوداكية في العصر الهنلستى بكاملة وذلك نتيجة لعدم وجود أية حفائر منتظمة بالمدينة نظرا لاستمرار المدينة عامرة حتى وقتنا هذا وكذلك لا ندرى لماذا لم يتعرض لذكر تاريخها في الفترة الهنلستية الكتاب القدماء أو كتاب العصر الوسيط .
و إزاء الغموض شبه الكامل حول تاريخ المدينة في الفترة السلوقية ، فمن الرجم بالغيب اي حديث عن أجناس سكانها وأوضاعها السياسية والاجتماعية وان كنا نتوقع مماثلتها في معظم هذا لشقيقاتها من المدن السلوقية الحديثة ، ولكلنا أمل في أن تمدنا حفائر قائمة بمزيد من المعلومات عن تاريخ المدينة في هذه الفترة .
هـ- أبامية :-
تقع أبامية على بعد واحد وخمسين كيلوا مترا شمال غربي حماه . ويذكر بعض المؤرخين أن موقع المدينة تشغله من قبل بلدة أو قرية محلية تدعى فارناك . وفى وقت غير معروف أنشأ سلوقس مدينة هناك دعاها ابامية تخليدا لزوجه اباما
و هذه المدينة أحدى ثلاث مدن تحمل هذا الاسم ، وقد عرف هذه المدينة في العصر الهلنستى بأنها كانت حصنا منيعا وترسانة للجيش السلوقى .
ولعله ما يؤسف حقا أن معظم أعمال التنقيب التي أجرتها البعثات الأثرية التي كشفت عنها هاتان البعثتان ترجع إلى العصر .
3-المستعمرات العسكرية :-
إذا كان الاسكندر قد اعتمد في أثناء حملاته العسكرية على المستعمرات العسكرية وأنشأ عدا منها في عدد من المناطق أشهرها في باكتريه ، فأنه بعد موته كانت الحاجة إلى إنشاء المستعمرات العسكرية أكثر إلحاحا ، ذل أن سلوقس وخلفاؤه استشعرا هذه الحاجة مدفوعين بعاملين هامين و احدهما هو أن موارد دولتهم لم تكن تسمح لهم بالاستمرار على الدوام باستئجار المرتزقة ، والعامل الأخر هو أن السبب الرئيسي الذي أقام الاسكندر أولي مستعمراته العسكرية ظل قائما ، وهو ضرورة إخماد القبائل المتمردة ، وفضلا عن ذلك فأنه جد سببان آخران وهما تأمين الحدود ،وحماية طرق التجارة ، ولهذا فقد تابع سلوقس واقترب خلفائه بناء العديد من المستعمرات التي أنشئت لصد غارات قبائل الغال والمشاكسة منذ عهد سلوقس الأول في آسية الصغرى .
ولاشك أن الفائدة من المستعمرات العسكرية بحكم تعدد جوانب هذه الفائدة ومدى فعالية أثرها كانت اكبر من فوائد أنشاء المدن ، مما حدا ببعض الباحثين إلى التأكيد على أن الأساس في عملية الاستيطان السلوقية كانت المستعمرة العسكرية وليست المدينة .
ولعل أشهر مستعمرات الإمبراطورية السلوقية على الإطلاق كانت مستعمرة دورايوروبوس التي تقع شمال شرقي الصحراء السورية أو بلدية الشام ،ولا يعرف الكثير عن دورايوروبوس من قبل العصر الهلنستى باستثناء ما يذكره بعض الباحثين من انه كان يقوم على موقعها قرية محليه تدعى دورا أو دورو
ورغم الغموض الذي يكتنف معلوماتنا عن تنظيمات المستعمرة فأن المعلومات التي استقاها الباحثون من معالمها الأثرية تعتبره نموذجية إزاء الغموض شبه الكامل الذي يحيط حتى بمواقع المستعمرات الأخرى التي أنشأها سلوقس وأقرها خلفائه .
4- الممالك والإمارات :
كان هناك وحدات يحكمها ملوك وأمراء أو زعماء محليون نثل فيلتايروس في برجامه في عهد سلوقس .
فأنها منحت استقلالا ذاتيا كاملا , أي كان ملوك هذه الوحدات وأمراؤها وزعماؤها يجمعون بين أيديهم السلطتين المدنية والعسكرية أي آن واحد , لقاء إمداد الملك بالمال والجيش عند الحاجة . وهذا الوضع الفريد الذي تمتعت به هذه الوحدات ورفعها فوق مستوي المدن الإغريقية يوحي بان هذه الوحدات كانت لا تعترف بأي سلكة أخري في الإمبراطورية إلا سلطة الملك السلوقى .
5- الوحدات الكهنوتية :
ولعل الوحدات الكهنوتية كانت تماثل وضع المدينة الإغريقية في تبعية بعضها للسلطة المركزية والبعض إلى السلطة المحلية .
ويكتنف الغموض تفاصيل التبعية المفترضة لبعض الوحدات الكهنوتية وهى التي رجحتها من جانبنا محاوله أوائل الملوك السلوقيين الحد من الهيمنة الاجتماعية ولاقتصادية لهذه الوحدات ، بالاستيلاء على قسم كبير من أراضيها من الفائض عن حاجتها
للأمبراطوريه السلوقيه
أولا:القوة العسكرية
أ-العناصر الرئيسية في هذه القوة
اتسمت جيوش الدولة الهنلستيه من حيث الطابع والتكوين بالسمة الدولية، ذلك أن هذه الجيوش كانت لا تعتمد في تكوينها علي أفراد قوميه واحده بعينها فحسب بل كانت تتألف من جنود ينتمون إلي قوميات متعددة.ولم تخالف جيوش السلوقيين هذه المفهوم العام للجيوش الهنلستيه بل فاقتها من حيث تضمنها بعض العناصر التي لم يحوها إي جيش هنلستي أخر وذلك بحكم امتداد السيطرة السلوقية علي عده شعوب مختلفة.
أما العناصر الرئيسية التي احتوتها الجيوش السلوقية قد تضمنت عناصر رئيسيه ثلاثة كانت بحسب أهميتها كالتالي:-
1-المقدوني 2-الاغريقي 3-الفارسي
ويبدو أن الاعتماد أساسا علي العنصر المقدوني كان أمرا طبيعيا أملاه اعتباران أساسيان :أحدهم هو أن هذا العنصر كان من جنس البيت المالك وشكل بدون شك الدائرة الضيقة المباشرة التي يطمئن إليها الملك السلوقي وبأمن لها .والاعتبار الأخر وهو الأهم من حيث النظرية هو أن المحاربين المقدونيين كانوا يمثلون بالنسبه للملك السلوقي كيانا سياسيا لا يمكن تصور قيام الحكم بدونه .وكان العنصر الثاني الذي اعتمد عليه سلوقس وخلفاءه هو العنصر الاغريقي الذي عرف احتراف الجندية والارتزاق منها منذ زمن بعيد نتيجة لانعدام موارد الرزق وتفشي الفقر والعوز في بلاده .
ولعل اقتصار السلوقيين في الاعتماد علي الفرس في جيوشهم يرجع قبل كل شيء إلي رغبتهم في إلا يكون الطابع العام لجيوشهم طابعا شرقيا ،ولكن تفاديا لجرح شعورهم وكسبا لودهم لم يغفلوا إشراكهم في قواتهم .
ب- المشاة
كان الجيش السلوقي مثله مثل بقيه الجيوش المقدونية يتألف من تشكيل رئيسي وهو الفيلق ولقد سلح رجال الفيلق برماح ضخمه طولها حوالي سبعه أمتار وكان رجال الفيلق يحملون إلي جانب رماحهم سيوفا" ،ونحن لا نعرف عدد رجال الفيلق في جيش سلوقس ولكنه من الجائز انه كان يبلغ حوالي ثلث عدد رجال الجيش كله وذلك في ضوء معلوماتنا عن جيوش السلوقيين خلفائه.
ج- الفرسان
وحسب التقاليد المقدونية كان الفرسان يحتلوا مرتبه أعلي شأنا من المشاة ،وقد استمروا يؤلفون في الجيش السلوقي فرقا مختلفة متباينة في المركز ، ولا سبيل إلي الشك في إن كتائب الخيالة الملكيين كانت تحتل مكانه أسمي من باقي فرق الفرسان فقد كانت هذه الكتائب وتلك توصف بأنها "صفوه الفرسان" وبما أن الخيالة الملكيين كانت تحيط بالملك أثناء المعركة ، فأنه من لمحتمل أنها كانت صفوه الصفوة إي صفوه كتائب الفرسان الرفقاء .
د-الفيلة :
منذ انتهاء سلوقس من صراعاتة كانت دائما توجد فرقه من الفيلة في جيوش الملوك السلوقيين الأوائل ، وكانت تشكل عاملا هاما من عوامل قوه الجيش السلوقي ، وقد ساعد أولئك الملوك علي تزويدهم بهذا السلاح الشبيه بالدبابات وكانوا يسطعون تامين احتياجاتهم عن طريق الفيلة الهندية وعندما حاول البطالمة مجارة السلوقيين في هذا الصدد ، استعانوا بالفيلة الافريقيه ، وبالرغم من أنها كانت أدني مستوي من الفيلة الهندية إلا أن البطالمة ظلوا يستخدموها في جيوشهم حتى عهد بطليموس السادس . وقد أدت الفيلة خدمات جليلة في المعارك فهي إلي جانب تهديدها للفرسان والمشاة وهدم الحصينات كانت تشارك بحمل أبراج خشبية يمتطيها أربعه محاربين من النبالة
ه- فرق أخري :
وبعد معركة ماجنيزيه عاد السلوقيين إلي الاعتماد بصوره اكبر علي "العربات المنجليه " التي لم تبرهن علي فعاليتها كثيرا
ز- الأسطول :
لا جدال في أن أول ما يتبادر إلي الذهن إلي أن الاحتفاظ بأسطول قوي من كان أمرا حيويا بالنسبة لإمبراطوريه مترامية الأطراف طويلة الساحل كالامبراطوريه السلوقية .ولكن يبدو أن معظم الملوك السلوقيين لم يستشعروا بالحاجة إلي أسطول قوي نظرا لانعدام نشاطاتهم البحرية و اتكالهم علي القوي البحرية لبعض المدن الفينيقية،وكذلك تقوقع الأساطيل الكبري في العالم الهنلستي .
ثانيا -الوسائل الدبلوماسية :
لا ريب في أن القوه العسكرية هي أولي الوسائل لتنفيذ السياسة الخارجية لأيه دوله من دول العالم قديما وحديثها .ومهما بلغ قوه وشأن القوه العسكرية لدوله فأن هذه الوسيلة لا تستخدم دائما لتحقيق الأهداف السياسية وذلك بسبب التكاليف الباهظة التي يقتضيها استخدام هذه الوسيلة وعدم توافرها أحيانا .
ولا شك إن أدراك ذلك كله قد أوجب علي معظم حكومات العالم القديم والحديث أيضا الاعتماد علي أساليب أخري اقل تكلفه ماديه ومعنوية وان لم تكن اقل فاعليه عن القوه الغشوم وأحدي هذه الوسائل هي تقديم مساعدات والإعانات الخارجية لبعض الدول الصغيرة التي تتمتع بأمتيازات استراتيجيه أو صفات قدسيه ،وكذلك كانت أحدي هذه الوسائل هي المصاهرات السياسية وكانت الزيجات تتم لتأمين الحدود أحيانا وتضمن أحلافا سياسية أو تدفق بضائع أو لتحقيق هدوء سياسي وعسكري كما فعل سلوقس وأقدم علي زيجتين لأهداف سياسية
(نظام الحكم )
أولا :السلطة المركزية :
1-سلطه الملك
تخلو المصادر القديمة من الحديث تفصيلا وأجمالا عن السلطات التي كان السلوقيين يمارسونها ولكن كان هناك فارق هائل بين كل من الدولتين البطلمية والسولقيه ،ويصعب إن نتصور أن سلطات سلوقس أو أي ملك سلوقي بغت مبلغ السلطات التي تتمتع بها اي ملك من ملوك البطالمة في مصر .ذلك أن الدولة البطلمية كانت تستند علي قاعدة عريضة ذات مقومات وحدود عرقية ،وان رعايا البطالمة كانوا يتألفون من عنصرين رئيسين هما المصريون و الإغريق ،وأما الدولة السلوقية فأنها حتى عام 301 كانت لها قاعدة واحده هي منطقه بابل وعاصمتها سلوقية علي نهر دجله ، ثم منذ عام 301 كانت لها قاعدة واحده هي منطقه بابل وعاصمتها سلوقية علي نهر دجله ،ثم منذ عام 301 أصبحت لها قاعدة ثانيه هي شمال سوريه وعاصمتها سلوقية بيريه ثم انطاكيه وتبعا لذلك تعددت عناصر السكان وتضمنت إلي جانب الإغريق والمقدونيين ،سورين و فرسا و بابليين وأعراب ويهود وغير ذلك من الأقوام والطوائف .تبعا لذلك كله اتسمت الدولة بالاتساع إلي جانب تعدد الأجناس مما كان يتعذر معه سيطرة الملك الحاكم علي النحو الذي يتسير لملك يحكم دوله مثل مصر و وفقا للتقاليد المقدونية كانت "جمعيه الجيش " في الأصل هي مصدر السلطات بوصفها الشعب المقدوني منتظما في صفوف فرفه العسكرية ،بيد انه علي مر الزمن أصبحت مهمة الجيش السياسية مقصورة علي مبايعه الملك الجديد عند ارتقائه العرش ، ومن الناحية الشكلية فقط .
2-ألقاب الملك :
ويبدو إن الفكرة التي راودت بطالمة مصر لإثبات دوام الملكية في أسرتهم برغم انتقالها من فرد إلي أخر ،وذلك بأن يحمل كل وريث للعرش اسم (بطليموس) ،لم تراود الملوك السلوقيين .ذلك أنهم وبخاصة اوائلهم درجوا إلي حد ما علي تسميه أولياء عهودهم بأسماء أبنائهم ولكن النازعات الاسريه بين فروع ورثه العهود حالت دون استمرار العمل بهذه القاعدة ،و أن كان يلاحظ أن جميعهم لم يشذوا عن استخدام اسم (سلوقس) واسم (انطيوخس) باستثناء دمتريوس الأول والثاني .
ولقد ساير الملوك السلوقيين النهج السائد بين ملوك العصر بحمل ألقاب كانت تضاف إلي أسمائهم وينم كل منها علي صله بعينها .
ويمكن تقسيم هذه الألقاب إلي ثلاث فئات: (إلهيه) مثل ثيوس ،و(وصفيه) مثل نيكاتور ،و (أسريه) مثل فيلوباتور
3-رجال البلاط و ألقابهم الفخرية :
وكان من سمات النظام الملكي في التاريخ القديم وحتى الحديث إلي حد ما ،وجود حاشية ملكيه يحمل أفرادها ألقابا فخرية متباينة في المرتبة . وبالمثل كان للملك السلوقي وحاشيته .
وعلي غرار ما كانت عليه الحال في البلاطين المقدوني والبطلمي ، كان أقدم هذه الألقاب الفخرية هو لقب (الأصدقاء) ثم تعددت الألقاب وأصبحت مرتبه ترتيبا تنازليا على نحو يماثل ما كانت عليه عند البطالمة : (أقارب الملك) ونظراء الأقارب و(الأصدقاء الأول و الأصدقاء الثاني) ويبدو أن حمله الألقاب الفخرية كانوا يميزون بألوان ثيابهم وشاراتهم .
4-مساعدو الملك :-
وكان من بين كبار رجال البلاط السلوقى موظف لقبه (هوايبى تون براجماتون) ويعنى (القائم على شؤون المملكة) مما يدل على انه كان بمثابة كبير الوزراء أو الوزير الأكبر .ويليه في الأهمية موظف لقبه (ابيستولوجرا فوس) ويعنى "القائم على شؤون المراسلات" ،ويعتقد بعض المؤرخين أن مهمة هذا الموظف كانت بالإضافة إلى تسير أمور الدولة الخارجية والمقاطعات البعيدة ، الأشراف على شؤون الدولة القضائية ،وتخبرنا المصادر بوجود مناصب في عهود مختلفة مثل منصب "طبيب الملك " ومنصب "وزير الخزانة" .
5-المراسم :-
ليس لدينا أي دليل يثبت أن أحدا من الملوك السلوقيين قد أمر رعاياه بالسجود أمامه على نحو ما فعل الأسكندر .
ورغم إننا لا نعرف الكثير ، عن أصول وقواعد مقابله الملك في البلاط السلوقى ، فأن بعض أشارات مصادرنا تثبت أن الملك كان يحيى بلقبه الملكي ومع أضافه اسمه إليه أحيانا وعند الانصراف من حضره الملك كان يحيى بعبارة تعنى " تمتع بصحة جيدة " و قد علمنا عن طريق الصدفة بعض الشيء عن رسميات الحداد وكيف كان الملك كان يرتدى السواد ، وكيف أن القصر كان يغلق لعده أيام توقف فيها المقابلات والاستقبالات . وعلى الرغم من أن مدة الحداد غير معروفه فأنه من المرجح أنها كانت تستمر وفقا للعادة الإغريقية .
6-القصر :-
وكان الملك يقيم بالطبع في قصر يطلق عليه (أولى) ولاشك انه امتلك قصورا عديدة غير القصر الموجود بالعاصمة السورية ويبدو أن جميع أمكنة الإقامة الملكية حتى الخيمة الخاصة ، التي كان يقيم بها الملك أثناء الحروب ، كان يطلق عليها على السواء بلاط الملك .
7-اللباس :-
كان رمز الملكية السلوقية عبارة عن شريط ازرق اللون تنتشر فيه نقط بيضاء ، وكان الزى الرسمي لملوك العصر الهنلستى من السلوقيين وبطالمة يتألف من قبعة واسعة ذات حافة عريضة ، ومن ستره قصيرة تعلوها عباءة كانت تزين بدبوس عند أسفل الرقبة أو على الأكتاف تنسدل إلى ما بعد الركبة ، ومن نعل سميك يربط على الساق بأشرطة تصل إلى أسفل حافة العباءة .
8-الشعار :-
كان شعار بيت سلوقس هو المرساة وقد ظهرت بكثرة على نقود الأسرة وبررت وجودها روايات عديدة و أن كنا نرجح عند ولادة كل فرد من أفراد الأسرة كان يوشمون بتلك العلامة .
9-اللغة الرسمية:-
كانت الإغريقية لغة البلاط السلوقى و اللغة الرسمية للدولة بشكل عام ، ولم يقدم سلوقس وخلفاؤه على استخدام أية لغة أخرى في شؤون الدولة إلى جانب الإغريقية مثلما استخدم البطالمة اللغة المصرية القديمة في اللوائح والقرارات . ولا تحدثنا مصادرنا عن قدرة أي ملك سلوقى على التكلم بأية لغة غير اللغة الإغريقية ومع ذلك فانه لا يبعد أن الأسرة المالكة السلوقية كانت تستخدم اللغة المقدونية في أحاديثها الخاصة داخل نطاقها الضيق وكانت هذه اللغة شديدة القرب من الإغريقية
ثانيا – السلطة المحلية والتنظيمات الإدارية :-
حذا سلوقس حذو الاسكندر الأكبر في أتباع الطريقة الفارسية في الاداره وهى التي قوامها تقسيم الامبراطوريه8 إلى عدد من الوحدات الإدارية و الإمبراطورية السلوقية قد انقسمت أساسا إلى عدد من الولايات
وفى ضوء ذلك يمكن القول بأن الإمبراطورية السلوقية كانت تتألف من عدد أنواع متباينة من الوحدات الادارية وهى :-
1-الولايات 2-المدن الإغريقية 3-المستعمرات العسكرية
4-الأمارات والممالك 5-الوحدات الكهنوتية
1-الولايات
كان نظام الإدارة الفارسية يقضى بأن يكون لكل ولاية حاكم ، يقوم هو ومساعدوه على تصريف شؤونها وفقا لأوامر السلطة المركزية . وكان الولاة يعتبرون قمة التنظيم الأدارى ويتلقون اوامرهم من الملك مباشرة ، ثم يحولونه بدوره إلى السلطات الأدنى لتنفيذ مضاميه ونظرا لاتساع رقعه بعض هذه الولايات وخاصة في منطقه شرق دجله . ورغبة في أحكام الدولة رقابتها علي هذه الأقسام الإدارية التي اتسعت في الماضي اتساعا كبيرا , فقد قسمة هذه الولايات إلي ولايات اصغر ,كما قسمت كل واحده من ولايات الإمبراطورية بعد ذلك إلي ثلاثة أو أربعة أقسام ايدارية دعي كل منها ابارخية يحكم كل منها ضابط كان مسئولا أمام حاكم الولاية .
وقد جعل سلوقس عاصمتة الأولي أي المدينة (سلوقية علي نهر دجلة) عاصمة لولايات إمبراطوريتة شرقي الفرات عندما أوفي ولي عهده انطيوخس لأدارتها تحت اشرافة ,ثم خلقتها إنطاكية .
2-المدن الإغريقية
ولا شك إن ابرز واهم نوع من الوحدات الإدارية السلوقية التابعة للسلطة المركزية كانت المدن الإغريقية , وهي التي ساعد علي إبراز أهميتها ذلك الجهد الذي بذله السلوقيين وبخاصة سلوقس الأول لإنشاء المزيد منها في أرجاء إمبراطوريتة , بدافع إحكام رقابتهم علي أصقاع الإمبراطورية ونشر الحضارة الإغريقية في ربوعها .
واهم المدن التي أنشأها السلوقيين في إمبراطوريتهم لا تتعدي الخمس مدن وهي:سلوقية دجله , سلوقية بيرية ,أنطاكية لاوداكية وابامية , في حين أن دورايوروبوس تعتبر أهم مستعمراتها علي الإطلاق .
إنشاء سلوقية دجله :-
بعد عودة سلوقس من مصر ونجاحه في دعم سيطرته على الهضبة الايرانية ووادي الفرات ، بادر إلى أنشاء عاصمته الأولى وأختار لها أحد المواقع الهامة بالقرب من عاصمة الاسكندر الشرقية بابل 0
ولعل من أهم أسباب بناء سلوقية دجله ، وان سلوقس بوصفه ملكا مقدونيا متحضرا بالحضارة الإغريقية . ويدرك تمام الإدراك حاجته الملحة إلى الإغريق والمقدونيين لأقامه صرح دولته كان لابد من إن تكون عاصمه إغريقية والمقدونية التي استقدمها ، وتساع هذه العناصر على الحفاظ على مقاومتها .
ولكن الأساطير التي حيكت حول نشأة المدينة تقول انه بعد تخطيط معالم المدينة قام سلوقس بتحصينها لمسافة كبيرة ، وهجر إليها تجار مدينه بابل الرئيسين بنقل سوقها إلى المنشأة الحديثة ، ولم يستطع سلوقس رغم الجهود التي بذلها الحفاظ على طابع المدنية الإغريقية الذي أراده لها . وفى ضوء معلوماتنا الراهنة لا يمكن تكوين فكرة عن معالم المدينة وتخطيطها ونظمها في العصر السلوقى ، وان كنا لا نستبعد أنها كانت تشبه المدن السلوقية التي سيأتي وصفها فيما بعد .
ب- سلوقية بيرية :-
تقع سلوقية شمال مصب نهر العاصي وغربي إنطاكية عند سفح جبل كاسيوس المطل على خليج السويدية على الساحل السوري و يقال انه عندما أراد سلوقس إنشاء المدينة صعد في عام 300 وقبل شهر من إنشاء انطاكيه تقريبا إلى احد الجبال القريبة المقدسة من الإله زيوس وقدم له قربانا راجيا إياه أن يرشده إلى المكان المناسب لتأسيس أول مدينه تحمل اسمه في هذه المنطقة .واجابه على ذلك ، ظهر نسر وهو طائر زيوس وانقض على لحم القربان وحمله إلى موقع سلوقية مشيرا بذلك إلى الموقع الذي يجب أن تبنى فيه المدينة ، وعندئذ قام سلوقس بتأدية طقوس المدينة وأطلق عليها اسمه .
وتشير أعمال الحفر في المنطقة إن هذه المدينة كانت محصنة ضد أخطار الفيضان والغزوات بخنادق وأنفاق رائعة التنظيم .ولعل أهم ما كشفت عنة أعمال الحفر والتنقيب من بقايا المباني العامة كانت على أساس أن البعثة عثرت على تمثال صغير يمثل ( إيزيس في شكل افروديت ) وان سلوقس الثاني هو الذي ادخل المذاهب الدينة المصرية إلى المدينة .
ولما كانت سلوقية لم تشتهر إلا بوصفها مدفنا للأسرة السلوقية وبخاصة سلوقس الأول ، فأن ذلك دعا بعض الباحثين إلى القول بان سلوقية لم تمارس النشاط التجاري الذي كان متوقعا لها حين تأسيسها . وهذا الرأي يبدو معقولا وقد يؤيده أن سلوقس أو ابنه نقل العاصمة منها إلى أنطاكية .
ج-أنطاكية :-
تقع أنطاكية في الشمال الغربي بسورية عند الطرف الجنوبي لسهل العمق ولقد أنشأها سلوقس عام 300 وأطلق عليها اسمها تخليدا لوالده انطوخيس ،وليست أنطاكية إلا واحده من ستة عشر مدينة حملت هذا الاسم ، وقد تواترت أساطير كثيرة عن أهمية المدينة وموقعها وجمالها .
وكانت انطاكيه تتألف من حيين منفصلين احدها للنزلاء الإغريق والأخر لأهالي الوطنيين يبلغ اولهما ضعف الثاني مساحة ولكل منهم سوره الخاص . وتدل المعالم الأثرية للمدينة على أنها خططت وفقا للنظام الشبكي .ونفتقر إلى معلومات عن المباني العامة التي أقيمت عند إنشاء المدينة .
وتشير القرائن إلى أن سكان أنطاكية كانوا يتألفون من عدة عناصر يأتي في مقدمتها المقدونيين الذين تقاعدوا بعد الخدمة في جيش سلوقس ، وكان يوجد أيضا بعض أبناء كريت وقبرص . وكان يوجد كذلك عدد من اليهود وبعض العبيد .وأخيرا كان هناك العنصر الوطني السوري وكانوا يقيمون في حيهم الذي خصص لهم على نحو ما مر بنا .
د-لاوداكية :-
تقع لاوداكية (اللاذقية) على الشاطىء الشمالي الشرقي للبحر المتوسط إلى الجنوب من سلوقية بيرية وقد اتفق المؤرخون على أن سلوقس انشأ هذه المدينة تكريما لوالدته لاوديكى وهذه المدينة هي احد خمس مدن أطلق عليها هذا الاسم .
ويعتقد أن لاوداكية قد بنيت على موقع قرية فينيقية قديمة تدعى رامانثا وكان لها ميناء جيد ، وكانت حسنة البناء جميله الموقع تقوم على سفوح عدد من الجبال التي تغطيها الكروم التي سمحت بتصدير الخمور بكثرة إلى إرجاء العالم القديم وبخاصة الإسكندرية .
ولا يعرف إلا القليل جدا عن لاوداكية في العصر الهنلستى بكاملة وذلك نتيجة لعدم وجود أية حفائر منتظمة بالمدينة نظرا لاستمرار المدينة عامرة حتى وقتنا هذا وكذلك لا ندرى لماذا لم يتعرض لذكر تاريخها في الفترة الهنلستية الكتاب القدماء أو كتاب العصر الوسيط .
و إزاء الغموض شبه الكامل حول تاريخ المدينة في الفترة السلوقية ، فمن الرجم بالغيب اي حديث عن أجناس سكانها وأوضاعها السياسية والاجتماعية وان كنا نتوقع مماثلتها في معظم هذا لشقيقاتها من المدن السلوقية الحديثة ، ولكلنا أمل في أن تمدنا حفائر قائمة بمزيد من المعلومات عن تاريخ المدينة في هذه الفترة .
هـ- أبامية :-
تقع أبامية على بعد واحد وخمسين كيلوا مترا شمال غربي حماه . ويذكر بعض المؤرخين أن موقع المدينة تشغله من قبل بلدة أو قرية محلية تدعى فارناك . وفى وقت غير معروف أنشأ سلوقس مدينة هناك دعاها ابامية تخليدا لزوجه اباما
و هذه المدينة أحدى ثلاث مدن تحمل هذا الاسم ، وقد عرف هذه المدينة في العصر الهلنستى بأنها كانت حصنا منيعا وترسانة للجيش السلوقى .
ولعله ما يؤسف حقا أن معظم أعمال التنقيب التي أجرتها البعثات الأثرية التي كشفت عنها هاتان البعثتان ترجع إلى العصر .
3-المستعمرات العسكرية :-
إذا كان الاسكندر قد اعتمد في أثناء حملاته العسكرية على المستعمرات العسكرية وأنشأ عدا منها في عدد من المناطق أشهرها في باكتريه ، فأنه بعد موته كانت الحاجة إلى إنشاء المستعمرات العسكرية أكثر إلحاحا ، ذل أن سلوقس وخلفاؤه استشعرا هذه الحاجة مدفوعين بعاملين هامين و احدهما هو أن موارد دولتهم لم تكن تسمح لهم بالاستمرار على الدوام باستئجار المرتزقة ، والعامل الأخر هو أن السبب الرئيسي الذي أقام الاسكندر أولي مستعمراته العسكرية ظل قائما ، وهو ضرورة إخماد القبائل المتمردة ، وفضلا عن ذلك فأنه جد سببان آخران وهما تأمين الحدود ،وحماية طرق التجارة ، ولهذا فقد تابع سلوقس واقترب خلفائه بناء العديد من المستعمرات التي أنشئت لصد غارات قبائل الغال والمشاكسة منذ عهد سلوقس الأول في آسية الصغرى .
ولاشك أن الفائدة من المستعمرات العسكرية بحكم تعدد جوانب هذه الفائدة ومدى فعالية أثرها كانت اكبر من فوائد أنشاء المدن ، مما حدا ببعض الباحثين إلى التأكيد على أن الأساس في عملية الاستيطان السلوقية كانت المستعمرة العسكرية وليست المدينة .
ولعل أشهر مستعمرات الإمبراطورية السلوقية على الإطلاق كانت مستعمرة دورايوروبوس التي تقع شمال شرقي الصحراء السورية أو بلدية الشام ،ولا يعرف الكثير عن دورايوروبوس من قبل العصر الهلنستى باستثناء ما يذكره بعض الباحثين من انه كان يقوم على موقعها قرية محليه تدعى دورا أو دورو
ورغم الغموض الذي يكتنف معلوماتنا عن تنظيمات المستعمرة فأن المعلومات التي استقاها الباحثون من معالمها الأثرية تعتبره نموذجية إزاء الغموض شبه الكامل الذي يحيط حتى بمواقع المستعمرات الأخرى التي أنشأها سلوقس وأقرها خلفائه .
4- الممالك والإمارات :
كان هناك وحدات يحكمها ملوك وأمراء أو زعماء محليون نثل فيلتايروس في برجامه في عهد سلوقس .
فأنها منحت استقلالا ذاتيا كاملا , أي كان ملوك هذه الوحدات وأمراؤها وزعماؤها يجمعون بين أيديهم السلطتين المدنية والعسكرية أي آن واحد , لقاء إمداد الملك بالمال والجيش عند الحاجة . وهذا الوضع الفريد الذي تمتعت به هذه الوحدات ورفعها فوق مستوي المدن الإغريقية يوحي بان هذه الوحدات كانت لا تعترف بأي سلكة أخري في الإمبراطورية إلا سلطة الملك السلوقى .
5- الوحدات الكهنوتية :
ولعل الوحدات الكهنوتية كانت تماثل وضع المدينة الإغريقية في تبعية بعضها للسلطة المركزية والبعض إلى السلطة المحلية .
ويكتنف الغموض تفاصيل التبعية المفترضة لبعض الوحدات الكهنوتية وهى التي رجحتها من جانبنا محاوله أوائل الملوك السلوقيين الحد من الهيمنة الاجتماعية ولاقتصادية لهذه الوحدات ، بالاستيلاء على قسم كبير من أراضيها من الفائض عن حاجتها