إذا قارنّا بينهما نجد أن أبجدية جبيل هي تطويرٌ لأبجدية أوغاريت، ولا يمكن أن تسبقها، والمعروف طبعاً أن أبجدية جبيل هي الفينيقية التي أخذها الغرب من سورية
ابجدية جبيل
وكانت غائبة (مدمرة)، ويبدو أنها المقصودة في كلام «فيليب حتى»: «إن الفضل يعود لـ ـ قدموس ـ أخي ـ عربا ـ في إدخال حروف الهجاء إلى بلاد الإغريق بالطبع ومنها إلى أوروبا»، إذاً هناك أساس مصريّ، وفعلٌ سوريٌ وتوزيع لبناني (بالمقياس الحديث للتوصيف).
فن الكتابة
إن الكتابة كانت تعتبر في العهود السحيقة بمثابة أم العلوم، وكانت تشغل مركز الصدارة في اهتمامات مثقفي أوغاريت، ونجد في هذا الصدد من بين نصوص رأس شمرا نصاً يحمل دلالة كبيرة، وإنه على وجه التحديد صلاة كتبت بصيغة رسالة موجهة من كاهن إلى أحد الآلهة، وموضوعها طلب حظوة كاتب مستجد ومساعدته، ومما جاء في النص:
«بخصوص القضية التي أستعطفك من أجلها، لا تظهر في عظمتك عدم الاهتمام بهذا التلميذ الفتي الجالس أمامك، ولا تُظهر عدم الاهتمام في فن الكتابة. اكشف له أيّ سر اكشف له العدّ، المحاسبة، أيّ حل، اكشف له الكتابة السرية، اكشف له القصب المبري والجلد، الدهن والفخار، أعط ذلك لهذا التلميذ الفتي. إذاً، من كل ما يتصل بفن الكتابة، لا تهمل شيئاً».
هكذا جُمعت من الديوان الغربي للأضابير في القصر الملكي عدة أقلام كانت تستخدم لحفر الإشارات المسمارية فوق فخار الرُّقُم، كما عُثِر على تمرين مدرسي، يتضمن أربعة حروف تفصل بينها خطوط صغيرة عمودية، ثم كلمة مركبة من تلك الحروف، فيمكننا تخيل أن المعلم كان يُملي على تلاميذه تلك الأحرف، ويكون عليهم بعد ذلك أن يؤلفوا منها كلمة.
هناك اكتشافات كثيرة تلحظ جهود الكتبة، والتعليم الذي كانوا يقدمونه دون حدود لتلامذتهم، ويُميَّز بسهولة ما إذا كانت الإشارات المسمارية من نقش يد ماهرة مدربة، أو أنها من صنع يد قليلة الخبرة.
أبجدية
وُجد الرقيم الذي دُوّنت عليه الأبجدية في إحدى الغرف الملحقة بقصر أوغاريت، وهو لوح طيني مشوي قياسه: (6-1.5-1سم)، وهو محفوظ حالياً في متحف دمشق الوطني، ويقول فيها العالم السوفييتي «شيفمان» «تنتسب اللغة الأوغاريتية من حيث التصنيف العام المعترف به إلى الفئة الكنعانية الأمورية من مجموعة اللغات الساميّة الشمالية الغربية». ويقول فيها العالم الفرنسي «أندريه كاكو» «إن الأبجدية الأوغاريتية كما هو الحال في الفينيقي والآرامي والعبري والعربي لهجةٌ تابعةٌ للغات الساميّة».
اللغة الأوغاريتية واللغة العربية الفصحى
في ندوة أقيمت في جامعة اليرموك في الأردن ألقى جبرائيل سعادة محاضرة حول اللغة الأوغاريتية والعربية تحدث فيها عن الجوانب المشتركة بين اللغتين، ويقول سعادة «نرى لزاماً علينا أن نخوض في العلاقة بين اللغة الأوغاريتية واللغة العربية لأن العلماء الأجانب من أوروبيين وأمريكيين عوّدونا مع الأسف أن يبعدوا عن أبحاثهم وتحرياتهم كل ما هو عربي، ولا سيما في مجال دراسة اللغات الشرقية القديمة».
وصرح الدكتور علي أبو عساف: «نلاحظ أن معظم العلماء المهتمين بدراسة اللغات الشرقية قللوا من استشهادهم بمفردات اللغة العربية وقواعدها حين يدرسون نصاً أوغاريتياً أو آرامياً، إن اللغة التي نتحدث عنها ليست سوى المرحلة النهائية التي تطورت إليها لغات بلادنا القديمة التي وصلت إلينا بالخط المسماري أو بالأحرف الأبجدية، فهي إذاً وريثة تلك اللهجات بكل ما في هذه الكلمة من معنى».
الدكتور إلياس بيطار مدرس اللغات القديمة يقول ضمن كتابه «قواعد اللغة الأوغاريتية» «إن البناء اللغوي للغة الأوغاريتية ربما يمثل الطفولة المفقودة للغة العربية التي لم تُكشف حتى الآن، فالأوغاريتية تتطابق مع الجذور اللغوية التي تظهر في هذا العدد الهائل من الألفاظ المشتركة بين اللغتين، وكذلك في البناء اللغوي الذي أثبتت دراسته ـبالمقارنة مع اللغات الشرقية الأخرىـ أنه واحد».
يتابع سعادة: «بالنسبة للمفردات يبلغ عدد الكلمات الأوغاريتية الواردة في النصوص المكتشفة ما يقارب ألفين وسبعمائة وثمان وستين كلمة، يتضمن هذا العددُ أسماء الآلهة، وأسماء الأشخاص، وأسماء الأماكن، حيث يبلغ ألفاً وأربعمائة واثنتين وتسعين كلمة، فإذا طرحنا هذا العدد من مجموع الكلمات يصبح عدد الكلمات النكرة ألفاً ومائتين وستاً وسبعين كلمة، لقد أحصى العالم العراقي عز الدين الياسين عدد المفردات المشتركة بين الأوغاريتية والعربية فتوصّل إلى ستمائة وستين كلمة، لكن تبين بعد ذلك أن العدد يصل إلى حوالي ألف كلمة، أي إن ثلثي المفردات الأوغاريتية مطابقة تماماً للمفردات العربية، أو قريبة جداً منها.
إن التشابه لا يقف عند هذا الحد، فهناك تفريق بين الحاء والخاء في اللغتين، كذلك بين العين والغين، وهناك نقاط تشابه في مجال الصرف والنحو مثل التشابه في الجملة الفعلية، واستخدام المثنى، وجمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم، وجمع التكسير.
التشابه مع اللهجة الدارجة في اللاذقية
هذا التشابه واضحٌ في أكثر من مجال واحد، ويقول العالم الإنكليزي جون هيلي: «إن سكان اللاذقية هم في مجال الثقافة واللغة ورثة الشعب الذي كان قاطناً في أوغاريت، فلا غرابة أن تكون بعض المفردات، وكذلك أشكالٌ من قواعد الصرف قد بقيت في اللغة المحلية الدارجة، ولا شك أن هذا سيسهل دراسة النصوص الأوغاريتية، ولا سيّما عندما ترِد عبارة "شبع بكي"». وبالإضافة إلى ذلك إسقاط حرف النون في اللغة الأوغاريتية، والدارجة اللاذقانية: «بت» عوضاً عن «بنت»، «إت» عوضاً عن «أنت»، أف /أنف، حطة /حنطة.
إن الكلمات الأوغاريتية التي ما تزال تعيش بيننا كثيرة جداً، فإذا سمعت ابن اللاذقية يقول حتى اليوم: «ما فا الدَّجِن بببيتنا» فهو يقصد «لا يوجد الدجن في بيتنا» والدجن اسم آلهة القمح «داجن»، ويُقصد به في اللاذقية الخبز. ولا تستغرب أن يقال عن الأهبل «خفوشة»، فقد كان أجدادنا الأوغاريتيون يستخدمون الكلمة بالمعنى ذاته.
تعليق بسيط على اصل اللغات او اقدمها- هناك خلاف كبير بين العلماء على اصل اللغات فمنهم من يقول انها الصينيه ومنهم من يقول العربيه ومنهم من يقول بخلاف ذلك انها الهيروغليفيه ومنهم من يقول انها الاوغاريتيه او غيرهم ولكن الفيصل هنا للآثار والادله العلميه فقط.