تختزلمدينة «وليلي» المغربية التاريخ، فهنا، على سفح جبل زهرون القريب من مدينة مكناس،يطل الزائر على الآثار التي خلفها الرومان بعد غزوهم شمال أفريقيا، يوم كانتإمبراطوريتهم في عنفوانها لا تغيب عنها الشمس، بل أهم آثارهم في منطقة المغربالعربي.
المغاربة يسمونها مدينة الأشباح.ويعرفها السياحالأجانب باسمها اللاتيني: فوليبيليس.أما المؤرخون فيرون أن أصلها أمازيغي (بربري) مشتق من «أليلي» ومعناه ورد شجر الغار. النزعة العسكرية التي تعكس نفسها علىالعمارة، التي أقامها الرومان في أجزاء متعددة من المغرب، يجسدها قوس النصر الذيبالغوا في بنائه أينما حلوا، كما تدل عليها الأسوار العالية وأبراج المراقبة وهيتنتصب جاهزة لرد الثورات والهجمات المضادة التي كان يشنها السكان المحليون بين فينةوأخرى.
قبل الغزو الروماني الذي انتهى باحتلال شمال أفريقياعام 39 للميلاد، إثر قيام الإمبراطور «كاليجولا» بقتل بتوليمي ابن الملك الأمازيغييوبا الثاني، كانت وليلي مأهولة بالناس، وقد ساهمت الظروف الطبيعية في تطورها،خصوصا وفرة المياه (وادي الخمان ووادي فرطاسة) ومواد البناء (محاجر جبل زرهون)،إضافة إلى إشرافها على منطقة زراعية خصبة تحف بها أشجار الزيتون، وهو ما أهلهالتكون عاصمة «موريتانيا الطنجية»، الاسم القديم للمغرب.
وكشفت الحفرياتأن وليلي كانت تضم عدة أحياء سكنية منها الحي الشمالي الشرقي (منزل فينوس، منزلأعمال هرقل، قصر كورديان) والحي الجنوبي (منزل أورفي). كما أظهرت عن آثار معاصرللزيتون ومطاحن للحبوب، وبقايا سور دفاعي شيد في عهد الإمبراطور مارك أوريل (168 ـ 169 م) يمتد على مسافة كيلومترين تقريباً، وتتخلله ثمانية أبواب وأبراج للمراقبة.
وكانت فترة حكم الأباطرة الرومان فترة انفجار عمراني تجلت في المعابدمثل معبد الكابيتول وبناية المحكمة والحمامات والساحات العامة وقوس النصر المعروفباسم الإمبراطور كاراكلا، إلى جانب المنازل الواسعة المزينة بلوحات الفسيفساء،وفيها عثر على لقى مختلفة كالأواني الفخارية والأمفورات والنقود والمنحوتاتالرخامية والبرونزية، التي تشكل اليوم جزءاً مهماً من معروضات متحف الرباط.
وأظهرت الكشوفات الأثرية أن مدينة وليلي كانت تعيش حياة يسودها الترفلغزارة المعادن النفيسة فيها، فإنتاج البرونزيات المتمثل بشكل خاص في صناعةالتماثيل تميز بالغزارة نتيجة توفر المواد التي تتشكل منها هذه التحف الفنية كالذهبوالمانغانيز والنيكل والفضة والزنك والكروم والنحاس والحديد، وكان هذا الإنتاج يصلإلى أسواق العالم المعرف آنذاك.
ومن مظاهر هذا الترف اتساع المدينةلتتجاوز مساحتها 40 هكتارا، إلى جانب استقرار الطبقة الغنية في جهة الشمال الشرقي،حيث تم العثور على أغلب التماثيل البرونزية الكبرى، مثل تماثيل الأباطرة والفرسانوبعض الآلهة كنبتون ومارس وجوبتر.
ورغم قلة ما عثر عليه من رخاميات،إلا أن المكتشف منها يثبت أن وليلي كانت مدينة ذائعة الصيت بفضل فنانيها وصناعهاالماهرين الذين أبدعوا في وضع تماثيل مختلفة من حيث الحجم لعدد من الآلهة كفينوسوبوخوس وسلين. ويذهب بعض الباحثين إلى أن وليلي كانت تتوفر على معمل خاص لصناعةالبرونزيات، وان لكل نسخة برونزية مثيلا لها في النسخة الرخامية، ومجموع هذه النسخما هي إلا تقليد لمنتجات أصلية موجودة روما أو أثينا.
إلا أن هذا لاينفي جهود الفنانين المحليين وإبداعهم. ليست وليلي المدينة الوحيدة التي شيدهاالرومان في المغرب، فهناك مدن رومانية أخرى مثل شالة وليكسوس وبانسا، إضافة إلىتموسيدا التي اكتشفت في ستينات القرن الماضي، غير أن المعالم التي تبقت منها اقلشأنا مما عثر عليه في وليلي.
و تم اكتشاف المدينة للمرة الأولى من قبلعلماء الآثار الألمان أيام الحرب العالمية الأولى، الذين أزاحوا الستار عن أجزاءقليلة منها، بينما لم يزل الجزء الأكبر مغمورا تحت الأرض، لكن بدايات الكشف التيامتدت من 1882 إلى 1918 كانت على يد العالم الأنثربولوجي والآثاري الفرنسي هنري دولامارتينييه الذي سمحت أبحاثه العلمية باكتشاف مدينة وليلي ثم مدينة الليكسوس.
وفي عام 1997 صنفت «اليونسكو» موقع وليلي ضمن لائحة التراث الإنساني،باعتباره المنطقة الرومانية الوحيدة في العالم التي توجد داخل مجال ظل محافظا علىخصائصه الطبيعية والمعمارية والفنية، ومنذ ذلك الوقت، شرعت وزارة الثقافة المغربيةفي تنفيذ مشروع ضخم لتأهيل الموقع يشمل إقامة فضاءات للباحثين ومختبر خاص بمعالجةاللقى التاريخية ومركز للمعلومات، كما أخذت تقيم منذ 1999 مهرجانا دوليا على غرارمهرجان بعلبك اللبناني تشارك فيه فرق غنائية وموسيقية، ويستقطب آلاف الزوار منمختلف أنحاء العالم.
وفي عام 285 للميلاد اختار الرومان الانتقال إلىطنجة التي فضلوها اعتباراً إلى موقعها المتميز ولمينائها الذي كانت ترسو فيه السفنالمبحرة من روما، بينما كان شاطئ الأطلسي يبعد بما لا يقل عن 150 كيلومترا عنوليلي، لتبدأ بذلك مرحلة التقهقر والنسيان لولا مجيء الملك إدريس الأول عام 789هاربا من بطش العباسيين ليقيم في جبل زهرون أول مملكة إسلامية في المغرب.
وبعد محنة العرب في الأندلس، استقبلت وليلي مجموعات من النازحينالأندلسيين، ليبدأ عهد جديد استمر حتى عام 1755 حين تعرضت لزلزال عنيف لم تنهض منهأبدا، ولم يبق منها سوى آثارها شاهدة على زمن غابر.
المغاربة يسمونها مدينة الأشباح.ويعرفها السياحالأجانب باسمها اللاتيني: فوليبيليس.أما المؤرخون فيرون أن أصلها أمازيغي (بربري) مشتق من «أليلي» ومعناه ورد شجر الغار. النزعة العسكرية التي تعكس نفسها علىالعمارة، التي أقامها الرومان في أجزاء متعددة من المغرب، يجسدها قوس النصر الذيبالغوا في بنائه أينما حلوا، كما تدل عليها الأسوار العالية وأبراج المراقبة وهيتنتصب جاهزة لرد الثورات والهجمات المضادة التي كان يشنها السكان المحليون بين فينةوأخرى.
قبل الغزو الروماني الذي انتهى باحتلال شمال أفريقياعام 39 للميلاد، إثر قيام الإمبراطور «كاليجولا» بقتل بتوليمي ابن الملك الأمازيغييوبا الثاني، كانت وليلي مأهولة بالناس، وقد ساهمت الظروف الطبيعية في تطورها،خصوصا وفرة المياه (وادي الخمان ووادي فرطاسة) ومواد البناء (محاجر جبل زرهون)،إضافة إلى إشرافها على منطقة زراعية خصبة تحف بها أشجار الزيتون، وهو ما أهلهالتكون عاصمة «موريتانيا الطنجية»، الاسم القديم للمغرب.
وكشفت الحفرياتأن وليلي كانت تضم عدة أحياء سكنية منها الحي الشمالي الشرقي (منزل فينوس، منزلأعمال هرقل، قصر كورديان) والحي الجنوبي (منزل أورفي). كما أظهرت عن آثار معاصرللزيتون ومطاحن للحبوب، وبقايا سور دفاعي شيد في عهد الإمبراطور مارك أوريل (168 ـ 169 م) يمتد على مسافة كيلومترين تقريباً، وتتخلله ثمانية أبواب وأبراج للمراقبة.
وكانت فترة حكم الأباطرة الرومان فترة انفجار عمراني تجلت في المعابدمثل معبد الكابيتول وبناية المحكمة والحمامات والساحات العامة وقوس النصر المعروفباسم الإمبراطور كاراكلا، إلى جانب المنازل الواسعة المزينة بلوحات الفسيفساء،وفيها عثر على لقى مختلفة كالأواني الفخارية والأمفورات والنقود والمنحوتاتالرخامية والبرونزية، التي تشكل اليوم جزءاً مهماً من معروضات متحف الرباط.
وأظهرت الكشوفات الأثرية أن مدينة وليلي كانت تعيش حياة يسودها الترفلغزارة المعادن النفيسة فيها، فإنتاج البرونزيات المتمثل بشكل خاص في صناعةالتماثيل تميز بالغزارة نتيجة توفر المواد التي تتشكل منها هذه التحف الفنية كالذهبوالمانغانيز والنيكل والفضة والزنك والكروم والنحاس والحديد، وكان هذا الإنتاج يصلإلى أسواق العالم المعرف آنذاك.
ومن مظاهر هذا الترف اتساع المدينةلتتجاوز مساحتها 40 هكتارا، إلى جانب استقرار الطبقة الغنية في جهة الشمال الشرقي،حيث تم العثور على أغلب التماثيل البرونزية الكبرى، مثل تماثيل الأباطرة والفرسانوبعض الآلهة كنبتون ومارس وجوبتر.
ورغم قلة ما عثر عليه من رخاميات،إلا أن المكتشف منها يثبت أن وليلي كانت مدينة ذائعة الصيت بفضل فنانيها وصناعهاالماهرين الذين أبدعوا في وضع تماثيل مختلفة من حيث الحجم لعدد من الآلهة كفينوسوبوخوس وسلين. ويذهب بعض الباحثين إلى أن وليلي كانت تتوفر على معمل خاص لصناعةالبرونزيات، وان لكل نسخة برونزية مثيلا لها في النسخة الرخامية، ومجموع هذه النسخما هي إلا تقليد لمنتجات أصلية موجودة روما أو أثينا.
إلا أن هذا لاينفي جهود الفنانين المحليين وإبداعهم. ليست وليلي المدينة الوحيدة التي شيدهاالرومان في المغرب، فهناك مدن رومانية أخرى مثل شالة وليكسوس وبانسا، إضافة إلىتموسيدا التي اكتشفت في ستينات القرن الماضي، غير أن المعالم التي تبقت منها اقلشأنا مما عثر عليه في وليلي.
و تم اكتشاف المدينة للمرة الأولى من قبلعلماء الآثار الألمان أيام الحرب العالمية الأولى، الذين أزاحوا الستار عن أجزاءقليلة منها، بينما لم يزل الجزء الأكبر مغمورا تحت الأرض، لكن بدايات الكشف التيامتدت من 1882 إلى 1918 كانت على يد العالم الأنثربولوجي والآثاري الفرنسي هنري دولامارتينييه الذي سمحت أبحاثه العلمية باكتشاف مدينة وليلي ثم مدينة الليكسوس.
وفي عام 1997 صنفت «اليونسكو» موقع وليلي ضمن لائحة التراث الإنساني،باعتباره المنطقة الرومانية الوحيدة في العالم التي توجد داخل مجال ظل محافظا علىخصائصه الطبيعية والمعمارية والفنية، ومنذ ذلك الوقت، شرعت وزارة الثقافة المغربيةفي تنفيذ مشروع ضخم لتأهيل الموقع يشمل إقامة فضاءات للباحثين ومختبر خاص بمعالجةاللقى التاريخية ومركز للمعلومات، كما أخذت تقيم منذ 1999 مهرجانا دوليا على غرارمهرجان بعلبك اللبناني تشارك فيه فرق غنائية وموسيقية، ويستقطب آلاف الزوار منمختلف أنحاء العالم.
وفي عام 285 للميلاد اختار الرومان الانتقال إلىطنجة التي فضلوها اعتباراً إلى موقعها المتميز ولمينائها الذي كانت ترسو فيه السفنالمبحرة من روما، بينما كان شاطئ الأطلسي يبعد بما لا يقل عن 150 كيلومترا عنوليلي، لتبدأ بذلك مرحلة التقهقر والنسيان لولا مجيء الملك إدريس الأول عام 789هاربا من بطش العباسيين ليقيم في جبل زهرون أول مملكة إسلامية في المغرب.
وبعد محنة العرب في الأندلس، استقبلت وليلي مجموعات من النازحينالأندلسيين، ليبدأ عهد جديد استمر حتى عام 1755 حين تعرضت لزلزال عنيف لم تنهض منهأبدا، ولم يبق منها سوى آثارها شاهدة على زمن غابر.