الحرية أغلى من الخبز !!
إستهلال
لا تتعجب من عصفور يهرب وأنت تقترب منه وفى يدك طعام له ..
فالطيور عكس بعض البشر .. تؤمن بأن الحرية أغلى من الخبز !!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحرية كلام نسمعه ممن يستعبدون الناس من الغرب فنراهم يطالبوننا بحرية إبداء الرآي
لنجدهم هم أنفسهم في بلدانهم يقمعون المعارض لهم ويمنعونه حتى من إبداء رأيه فيالهم من حثاله
كثيرا مانسمع من حولنا كلمة أنا حر ولكن ماهي الحريه وهل الحرية هي التعدي على الغير والتهكم
أم الحرية هي أن تظهر المرأة مفاتنها للناس أم الحريه هي عدم أحترام الاديان والمذاهب
أم الحرية بشرب الخمر والمسكرات واللهو وممارسة الجنس بشكل تشبهه فيه البهائم بل أقل مكانه منها
لا وألف لا تلك هي العبوديه للدنيا والذل والمهانه ليست الحريه كذلك أبدا فالحرية بالاسلام هي الحرية الحقيقية
إعلم أيها الانسان بأنك عبد لله والدليل أنك لاتعلم ماسيحصل غدا ولاتعلم متى تموت فكل ذلك عند الله
ولكن أنت حر بأتباع دين الاسلام أو عدم دخوله لقوله تعالى:(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)
فنفي الإكراه في الدين، الذي هو أعز شيء يملكه الإنسان، للدلالة على نفيه فيما سواه
وأن الإنسان مستقل فيما يملكه ويقدر عليه لا يفرض عليه أحد سيطرته، بل يأتي هذه الأمور،
راضياً غير مجبر، مختاراً غير مكره.
لقد خلق الله الإنسان حراً، وخلق بني آدم أحراراً، ليسوا بعبيد للعبيد، وهذا هو الأصل فيهم،
والله عز وجل أعطى الإنسان إرادة، ومشيئة، واختياراً، فليس العبد مجبوراً على عمل، وإنما هو حر في اختياره ومشيئته،
وبناء على هذه الحرية في الاختيار والمشيئة؛ يحاسبه الله عز وجل، فلو كان العبد مكرهاً مجبراً لا حرية له في الاختيار،
فإن الله لا يؤاخذه على أفعاله: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)[رواه ابن ماجه2043 وصححه الألباني في الجامع الصغير1731]فإذا فقد العبد حريته في العمل، ومشيئته في الاختيار، فصار مجبراً مكرهاً، لا يؤاخذه الله،
فيكون الإكراه عذراً له في هذه الحالة فلا يأثم، وأما ما عمله باختياره، وحريته، ومشيئته،
فإن الله تعالى يحاسبه عليه، وقد جاء الشرع بتحريم بيع الحر، ومن الكبائر أن يبيع الإنسان حراً فيأكل ثمنه.
وقد جعلت الشريعة للرق أسباباً معينة، ومسارات خاصة، فمن تعداها فباع حراً فإنما يأكل في بطنه نار جهنم،
وقد استعبد بعض البشر بعضاً عبر التاريخ، كما فعل فرعون مع بني إسرائيل،
وقد امتن الله على بني إسرائيل لما نالوا الحرية بعد استعبادهم،
وقد ذاقوا ذل العبودية لفرعون وقومه فقال سبحانه: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ
يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ )سورة البقرة49،
وكان فرعون يمن على موسى أنه لم يستعبده كما استعبد قومه، فكان رد موسى،(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ )سورة الشعراء22
فأنا واحد، وقومي هؤلاء جميعاً، فأين منتك عليَّ في أن لم تستعبدني، وأنا فرد واحد، واستعبدت قومي على كثرتهم وعددهم.
وجاءت الشريعة الإسلامية بوضع الآصار والأغلال، فهي شريعة تخفيف، ورفع للقيود الشاقة،
ولذلك نجد فيها تخفيفاً في أحكام المكره كما قال عز وجل:( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ )سورة النحل106
ولا تستقيم حياة الإنسان إلا إذا كان عبداً لشيء واحد وهو الله عز وجل،
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ) سورة الأنعام19وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) سورة الذاريات56
فالعبودية لله تعالى فقط، وهكذا، فالحرية التي أعطاها الله للإنسان أعطاه إياها ليختار ما يشاء من هذه المباحات،
فيأكل ما يشاء، ويلبس ما يشاء، ويتنقل حيث يشاء، ويمتهن ما يشاء من المهن، ويعمل ما يشاء من الأعمال، و
كذلك يبيع ما يشاء، ويشتري ما يشاء، ويستأجر ما يشاء، ويؤجر ما يشاء، من سائر التصرفات، وهذه الحرية،
وهذا الاختيار أيضاً نجده للذكر والأنثى: فالإنسان يتزوج من يشاء، وكذلك المرأة ترضى بمن تشاء،
فمن شاءت وافقت على الزواج منه، ومن شاءت أن تأبى الزواج منه أبت، ولها الحرية في ذلك،
قال عليه الصلاة والسلام:(لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: كيف أذنها؟ قال: أن تسكت)[رواه البخاري6970]
وقال سبحانه: (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِسورة النساء19،)
وهذه الحريات التي أعطاها الله للبشر ثابتة، ومقررة وهي من العيش الكريم، وغصب الإنسان على أكلة لا يريدها أو زيجة لا يريدها ظلم،
وجاء الإسلام بحرية الابتكار، فهذا الإنسان مسموح له أن يكتشف، وأن يخترع، وأن يركب، وأن يصنع،
إنها أشياء مفتوحة بحرية للناس، إنه حر أن يتكلم بما في نفسه، وأن يعبر عن رأيه، وهكذا وجوه الحرية كثيرة واضحة.
إن الغرب صارو عبيدا لعقولهم وأفكارهم بما يهيمنون عليه من وسائل البث، عبيداً لشهواتهم بما يثيرونه فيهم من الغرائز،
عبيداً للدرهم والدينار بما يجذبونهم إليه من ألوان، استعباد المال لصاحبه، وهكذا انتشرت حريات هي في الحقيقة عبوديات،
حرية الغريزة فصار بعض الناس عبيداً للشهوات، فالشهوة هي التي تحركه،
هي التي تقيمه، وهي التي تقعده، وهي التي تؤزه، وهي التي تسكنه، وهي التي تجعله يدفع، وتجعله يحجم، ف
أطلقوا للبشر عناناً في أنواع المحرمات والشهوات، فصار هذا عبداً لامرأة، وهذا عبداً لكأس ومخدر يدفع من أجله شبابه وثروته،
بل ويسرق لأجل تحصيله، فصار هنا عبيد للنساء، وهناك عبيد للمخدرات والمسكرات،
وفي ذاك التوجه عبيد للمال، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم)،
وهنالك من هو عبد للثياب والقماش: (تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة)[رواه البخاري2887]
وهنالك من هو عبد لشخص إذا عشقه وهويه فصار معشوقه، فهو الذي يحركه، فهو يذكره في قيامه، وقعوده، وأكله،
وحتى يراه في نومه، فهذه عبودية خطيرة، عبودية العشق، فيظن هذا الإنسان أنه
حر ليس بعبد لأنه ليس ملكاً لفلان يسوقه من رقبته بسلسلة، ولكنه في الحقيقة عبد لهذه الشهوة، وهذه المادة.
فألعبوديه لله.
تحرر الناس من هذه العبوديات لغير الله، فإذا صرت عبداً لله تحررت من عبودية الشهوة،
وإذا صرت عبداً لله تحررت من عبودية الدرهم والدينار، فصار الدرهم والدينار يخدمك لا أنت الذي تخدمه،
ولما سئل بعض أهل العلم عن متى يكون الإنسان عبداً للدرهم والدينار ومتى لا يكون؟
فقال: إذا كان المال عنده بمثابة الحمار الذي يركبه، وبيت الخلاء الذي يدخله، فليس عبداً للدرهم والدينار،
فكلهم يحتاج إلى دابة ينتقل عليها، وبيت خلاء يدخل فيه ليقضي حاجته، لكن هل الإنسان الذي يدخل بيت الخلاء والمرحاض يحب المرحاض،
ويهيم به، ويفتتن به، ويعيش معه حضراً، وسفراً، ليلاً، ونهاراً في أحواله؟ كلا، إنه يحتاجه فيدخله وقت الحاجة، ثم يخرج منه،
وقلبه غير متعلق به، وإذا كان له دابة يركبها فإنه يحتاجها ويتخذها ولا بد له منها، لكن قلبه ليس متعلقاً بحماره الذي يركبه، ليس يهواه، ويتيه به،
ويهيم، فأما إذا صار المال بالنسبة له هو الذي يرضى من أجله، ويسخط من أجله، ويحب من أجله، ويبغض من أجله،
ويعطي من أجله، ويمنع من أجله، ويعيش لأجله، فعند ذلك يكون عبداً له؛ ولذلك فإن العبودية لله تخلص شاباً من فتاة عشقها،
والعبودية لله تخلص مدمناً من مخدر سقط في وحله، والعبودية لله تخلص سكراناً من خمر قد لعب بكليته ودخل في جسده،
والعبودية لله تخلص الناس من التعلق بغير الله، فتجعلهم أحراراً، ولو كان بلالاً الحبشي، أو سلمان الفارسي،
أو صهيباً الرومي، أو غير ذلك ممن استعبدوا في يوم من الأيام.
أخيرا سأختم بهذا الحديث:لما قالت الشريعة: (لا ضرر ولا ضرار)[رواه ابن ماجه2341 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 7517]، ما معنى ذلك؟
لا ضرر بالنفس، ولا ضرار بالغير، وبعض الناس يفهم النصف الثاني فقط: (لا ضرار) يعني: لا يجوز أن تضر غيرك.
وقوله: (لا ضرر) يعني: لا يجوز أن تضر بنفسك حتى لو كنت مع نفسك وحدك أين تذهب بهذا؟
ولذلك فإن الحرية في الإسلام مقيدة، فمن أبطل الباطل قول: الحرية المطلقة، نريد الحرية المطلقة،
فنقول: لا حرية مطلقة في الإسلام، وإلا ما كان للعبودية لله معنى؛ لأن الحرية المطلقة تقتضي ألا تقيد بأي قيد،
فكيف يبتلي الله الناس، هذا عبد صالح أو لا، إذا كان لم يقيد حريتهم، فمبدأ القيود على الحرية
هي التي تبين هل هذا عاص، أو طائع، وكيف ستتبين قضية الصلاح والمعصية والطاعة بدون قيود.
القيود هذه لما يقال لك: لا تزني، ولا تتعامل بالربا، ولا تشرب الخمر، ولو كنت وحدك،
ولا يجوز لك أن تأكل الخنزير، لو قال: آكل الخنزير وحدي أنا في البيت ما أضر أحداً،
فلا يجوز ذلك، ولو كان وحده، والعبودية لله هنا تظهر أن يمتنع الإنسان عما قيده الله به،
فهذه الحدود ليست فقط أشياء تضر بالغير، فالحدود أشياء تضر بالنفس أيضاً، فلو شرب الخمر في بيته،
هذه حدود لله، انتهك حد الله، ولو زنا وإياها برضاها ورضاه انتهك حد الله، ولو سب الأنبياء وحده في البيت انتهك حد الله.
وهذه هي الحرية الحقيقيه فمن أرادها فقد صلح حاله ومن لم يردها فتلك سنة الله في أرضه فليفعل مايريد ولكن سيحاسبه الله
اتمنى أن ينال هذا الموضوع إستحسانكم
إستهلال
لا تتعجب من عصفور يهرب وأنت تقترب منه وفى يدك طعام له ..
فالطيور عكس بعض البشر .. تؤمن بأن الحرية أغلى من الخبز !!
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الحرية كلام نسمعه ممن يستعبدون الناس من الغرب فنراهم يطالبوننا بحرية إبداء الرآي
لنجدهم هم أنفسهم في بلدانهم يقمعون المعارض لهم ويمنعونه حتى من إبداء رأيه فيالهم من حثاله
كثيرا مانسمع من حولنا كلمة أنا حر ولكن ماهي الحريه وهل الحرية هي التعدي على الغير والتهكم
أم الحرية هي أن تظهر المرأة مفاتنها للناس أم الحريه هي عدم أحترام الاديان والمذاهب
أم الحرية بشرب الخمر والمسكرات واللهو وممارسة الجنس بشكل تشبهه فيه البهائم بل أقل مكانه منها
لا وألف لا تلك هي العبوديه للدنيا والذل والمهانه ليست الحريه كذلك أبدا فالحرية بالاسلام هي الحرية الحقيقية
إعلم أيها الانسان بأنك عبد لله والدليل أنك لاتعلم ماسيحصل غدا ولاتعلم متى تموت فكل ذلك عند الله
ولكن أنت حر بأتباع دين الاسلام أو عدم دخوله لقوله تعالى:(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)
فنفي الإكراه في الدين، الذي هو أعز شيء يملكه الإنسان، للدلالة على نفيه فيما سواه
وأن الإنسان مستقل فيما يملكه ويقدر عليه لا يفرض عليه أحد سيطرته، بل يأتي هذه الأمور،
راضياً غير مجبر، مختاراً غير مكره.
لقد خلق الله الإنسان حراً، وخلق بني آدم أحراراً، ليسوا بعبيد للعبيد، وهذا هو الأصل فيهم،
والله عز وجل أعطى الإنسان إرادة، ومشيئة، واختياراً، فليس العبد مجبوراً على عمل، وإنما هو حر في اختياره ومشيئته،
وبناء على هذه الحرية في الاختيار والمشيئة؛ يحاسبه الله عز وجل، فلو كان العبد مكرهاً مجبراً لا حرية له في الاختيار،
فإن الله لا يؤاخذه على أفعاله: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)[رواه ابن ماجه2043 وصححه الألباني في الجامع الصغير1731]فإذا فقد العبد حريته في العمل، ومشيئته في الاختيار، فصار مجبراً مكرهاً، لا يؤاخذه الله،
فيكون الإكراه عذراً له في هذه الحالة فلا يأثم، وأما ما عمله باختياره، وحريته، ومشيئته،
فإن الله تعالى يحاسبه عليه، وقد جاء الشرع بتحريم بيع الحر، ومن الكبائر أن يبيع الإنسان حراً فيأكل ثمنه.
وقد جعلت الشريعة للرق أسباباً معينة، ومسارات خاصة، فمن تعداها فباع حراً فإنما يأكل في بطنه نار جهنم،
وقد استعبد بعض البشر بعضاً عبر التاريخ، كما فعل فرعون مع بني إسرائيل،
وقد امتن الله على بني إسرائيل لما نالوا الحرية بعد استعبادهم،
وقد ذاقوا ذل العبودية لفرعون وقومه فقال سبحانه: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ
يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ )سورة البقرة49،
وكان فرعون يمن على موسى أنه لم يستعبده كما استعبد قومه، فكان رد موسى،(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ )سورة الشعراء22
فأنا واحد، وقومي هؤلاء جميعاً، فأين منتك عليَّ في أن لم تستعبدني، وأنا فرد واحد، واستعبدت قومي على كثرتهم وعددهم.
وجاءت الشريعة الإسلامية بوضع الآصار والأغلال، فهي شريعة تخفيف، ورفع للقيود الشاقة،
ولذلك نجد فيها تخفيفاً في أحكام المكره كما قال عز وجل:( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ )سورة النحل106
ولا تستقيم حياة الإنسان إلا إذا كان عبداً لشيء واحد وهو الله عز وجل،
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ) سورة الأنعام19وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) سورة الذاريات56
فالعبودية لله تعالى فقط، وهكذا، فالحرية التي أعطاها الله للإنسان أعطاه إياها ليختار ما يشاء من هذه المباحات،
فيأكل ما يشاء، ويلبس ما يشاء، ويتنقل حيث يشاء، ويمتهن ما يشاء من المهن، ويعمل ما يشاء من الأعمال، و
كذلك يبيع ما يشاء، ويشتري ما يشاء، ويستأجر ما يشاء، ويؤجر ما يشاء، من سائر التصرفات، وهذه الحرية،
وهذا الاختيار أيضاً نجده للذكر والأنثى: فالإنسان يتزوج من يشاء، وكذلك المرأة ترضى بمن تشاء،
فمن شاءت وافقت على الزواج منه، ومن شاءت أن تأبى الزواج منه أبت، ولها الحرية في ذلك،
قال عليه الصلاة والسلام:(لا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: كيف أذنها؟ قال: أن تسكت)[رواه البخاري6970]
وقال سبحانه: (وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِسورة النساء19،)
وهذه الحريات التي أعطاها الله للبشر ثابتة، ومقررة وهي من العيش الكريم، وغصب الإنسان على أكلة لا يريدها أو زيجة لا يريدها ظلم،
وجاء الإسلام بحرية الابتكار، فهذا الإنسان مسموح له أن يكتشف، وأن يخترع، وأن يركب، وأن يصنع،
إنها أشياء مفتوحة بحرية للناس، إنه حر أن يتكلم بما في نفسه، وأن يعبر عن رأيه، وهكذا وجوه الحرية كثيرة واضحة.
إن الغرب صارو عبيدا لعقولهم وأفكارهم بما يهيمنون عليه من وسائل البث، عبيداً لشهواتهم بما يثيرونه فيهم من الغرائز،
عبيداً للدرهم والدينار بما يجذبونهم إليه من ألوان، استعباد المال لصاحبه، وهكذا انتشرت حريات هي في الحقيقة عبوديات،
حرية الغريزة فصار بعض الناس عبيداً للشهوات، فالشهوة هي التي تحركه،
هي التي تقيمه، وهي التي تقعده، وهي التي تؤزه، وهي التي تسكنه، وهي التي تجعله يدفع، وتجعله يحجم، ف
أطلقوا للبشر عناناً في أنواع المحرمات والشهوات، فصار هذا عبداً لامرأة، وهذا عبداً لكأس ومخدر يدفع من أجله شبابه وثروته،
بل ويسرق لأجل تحصيله، فصار هنا عبيد للنساء، وهناك عبيد للمخدرات والمسكرات،
وفي ذاك التوجه عبيد للمال، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم)،
وهنالك من هو عبد للثياب والقماش: (تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة)[رواه البخاري2887]
وهنالك من هو عبد لشخص إذا عشقه وهويه فصار معشوقه، فهو الذي يحركه، فهو يذكره في قيامه، وقعوده، وأكله،
وحتى يراه في نومه، فهذه عبودية خطيرة، عبودية العشق، فيظن هذا الإنسان أنه
حر ليس بعبد لأنه ليس ملكاً لفلان يسوقه من رقبته بسلسلة، ولكنه في الحقيقة عبد لهذه الشهوة، وهذه المادة.
فألعبوديه لله.
تحرر الناس من هذه العبوديات لغير الله، فإذا صرت عبداً لله تحررت من عبودية الشهوة،
وإذا صرت عبداً لله تحررت من عبودية الدرهم والدينار، فصار الدرهم والدينار يخدمك لا أنت الذي تخدمه،
ولما سئل بعض أهل العلم عن متى يكون الإنسان عبداً للدرهم والدينار ومتى لا يكون؟
فقال: إذا كان المال عنده بمثابة الحمار الذي يركبه، وبيت الخلاء الذي يدخله، فليس عبداً للدرهم والدينار،
فكلهم يحتاج إلى دابة ينتقل عليها، وبيت خلاء يدخل فيه ليقضي حاجته، لكن هل الإنسان الذي يدخل بيت الخلاء والمرحاض يحب المرحاض،
ويهيم به، ويفتتن به، ويعيش معه حضراً، وسفراً، ليلاً، ونهاراً في أحواله؟ كلا، إنه يحتاجه فيدخله وقت الحاجة، ثم يخرج منه،
وقلبه غير متعلق به، وإذا كان له دابة يركبها فإنه يحتاجها ويتخذها ولا بد له منها، لكن قلبه ليس متعلقاً بحماره الذي يركبه، ليس يهواه، ويتيه به،
ويهيم، فأما إذا صار المال بالنسبة له هو الذي يرضى من أجله، ويسخط من أجله، ويحب من أجله، ويبغض من أجله،
ويعطي من أجله، ويمنع من أجله، ويعيش لأجله، فعند ذلك يكون عبداً له؛ ولذلك فإن العبودية لله تخلص شاباً من فتاة عشقها،
والعبودية لله تخلص مدمناً من مخدر سقط في وحله، والعبودية لله تخلص سكراناً من خمر قد لعب بكليته ودخل في جسده،
والعبودية لله تخلص الناس من التعلق بغير الله، فتجعلهم أحراراً، ولو كان بلالاً الحبشي، أو سلمان الفارسي،
أو صهيباً الرومي، أو غير ذلك ممن استعبدوا في يوم من الأيام.
أخيرا سأختم بهذا الحديث:لما قالت الشريعة: (لا ضرر ولا ضرار)[رواه ابن ماجه2341 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 7517]، ما معنى ذلك؟
لا ضرر بالنفس، ولا ضرار بالغير، وبعض الناس يفهم النصف الثاني فقط: (لا ضرار) يعني: لا يجوز أن تضر غيرك.
وقوله: (لا ضرر) يعني: لا يجوز أن تضر بنفسك حتى لو كنت مع نفسك وحدك أين تذهب بهذا؟
ولذلك فإن الحرية في الإسلام مقيدة، فمن أبطل الباطل قول: الحرية المطلقة، نريد الحرية المطلقة،
فنقول: لا حرية مطلقة في الإسلام، وإلا ما كان للعبودية لله معنى؛ لأن الحرية المطلقة تقتضي ألا تقيد بأي قيد،
فكيف يبتلي الله الناس، هذا عبد صالح أو لا، إذا كان لم يقيد حريتهم، فمبدأ القيود على الحرية
هي التي تبين هل هذا عاص، أو طائع، وكيف ستتبين قضية الصلاح والمعصية والطاعة بدون قيود.
القيود هذه لما يقال لك: لا تزني، ولا تتعامل بالربا، ولا تشرب الخمر، ولو كنت وحدك،
ولا يجوز لك أن تأكل الخنزير، لو قال: آكل الخنزير وحدي أنا في البيت ما أضر أحداً،
فلا يجوز ذلك، ولو كان وحده، والعبودية لله هنا تظهر أن يمتنع الإنسان عما قيده الله به،
فهذه الحدود ليست فقط أشياء تضر بالغير، فالحدود أشياء تضر بالنفس أيضاً، فلو شرب الخمر في بيته،
هذه حدود لله، انتهك حد الله، ولو زنا وإياها برضاها ورضاه انتهك حد الله، ولو سب الأنبياء وحده في البيت انتهك حد الله.
وهذه هي الحرية الحقيقيه فمن أرادها فقد صلح حاله ومن لم يردها فتلك سنة الله في أرضه فليفعل مايريد ولكن سيحاسبه الله
اتمنى أن ينال هذا الموضوع إستحسانكم