كيف أشدو ؟
"بكائية على إبواب مدينتي"
كيف أشدو؟
وموجُ التذكرِ عاتٍ
ولحنُ الصِّبا في فؤادي حزينْ
ثمَّ هل يُسعف اللحنُ طيراً
جناحاهُ في مُدُنِ القيظِ
( تلك التي لم يزرْها الهواءُ )
والقلبُ في واحة الياسمين
هل سيمنحني البحرُ قوتَهُ
وأنا أمتطي حُلُماً واهياً
وحِصاناً من القشِّ
قد ضعضعتهُ رياحُ الحنينْ
لم يعد من سنا الوجهِ
غيرُ تجاعيدِ دهرٍ عنيدٍ
وآثارِ عشرٍ عِجافٍ مضتْ
بعد أن نخرت ـ مثلما السوسِ ـ
قمحَ السنينْ
أيها النهرُ يا صاحبي:
قد أتيتكَ معتذراً
أطلب الصفحَ
فاجعل ضفافَكَ لي واحةً
بعد أن هدَّني مِرفأٌ وسفينْ
جئتُ أطلبُ صفحَ النخيلِ
وألثمُ طميَ الضفافِ
وأروي صدى العمرِ يا واحةَ المتعبينْ
جئتُ والشوقُ يحدوَني
للقاءٍ
رسمْتُ معالمَهُ
بخيالٍ غنيٍّ..وقلبٍ أمينْ
جئتُ أبحثُ عن وجهِ أمي
وكم كنتُ أرجو لو انتفضَتْ
كي تعنفَني
حينما ضاع مني الصِّبا
والهوى
والخدينْ
جئتُ ألبسُ ثوبَ أبي
وأشمُ عبيراً
شذاهُ بأردانِهِ
وأمزقُ سِفرَ النوى
عند بابِ العرينْ
جئتُ يا وطني
للحبيبةِ
للأمسِ إذ راودَ الصبحَ عن لونِهِ
جئتُ للطفلِ في داخلي
لبساتينِ كرْمٍ وتينْ
فمشيتُ بكلِّ الدروبِ
لمستُ شِغافَ القلوبِ
بحثتُ هنا وهنا
كلُّ شيءٍ مضى لم يكن ممكنا
كلُّ شيءٍ لريحِ التغيّرِ كان انحنى
وبقيتُ أنا
سابحاً في خضمِّ الأسى والعنا
باحثاً عن أنا
في قرارٍ مكينْ