أنهار لا تعرف الخوف
( 1 )
للنوارسِ أجنحةٌ من عقيقٍ و ماءِ
و لي دهشةُ الأقحوانِ
لكَ المجدُ تسقيهِ مَن شئتَ
في قُلّةٍ من فَخارٍ و طينٍ
لَهُم أعينٌ من زجاجٍ
و أقدامُ فيلٍ تدوس على حُلمِ عُصفورةٍ
فَتُطِلُّ بعينِ الشموخِ عليهمْ
و تضحكُ
تُشبعهمْ من أوانٍ من النورِ
يكسِرها من يشاءُ
و يشربُ من أَرْيِهَا من يشاءُ
إلى سدرةِ المنتهى .
فضةٌ تترقرقُ
أم صوتُ عبدِ الحليمِ
يسافرُ كالضوءِ في عتمةِِ الأمكنةْ .
و الصبيُّ
يراود قُبَّرةً
حَلَّقَت في المدى
وَقَفَت فوقَ بَسمَتِكَ المُزمنةْ .
تنفضُ الماءَ
عن ريشِها الـ .. بللتهُ أفاويقُ وجدِكَ
حين أتت تشتكي ظلمَه.
بُرتُقالتُكَ انشَطَرَت .
نِصفُهَا القَلبُ
ماج بهِ العشقُ ،
أرَّقَهُ
فارتمى مثلَ عصفورةٍ
في حنايا الخِضَمِّ المسافرِ
و النِّصفُ
ما قد تبقَّى من الليلةِ المُحزنةْ .
( 2 )
حالماً كان يغفو على شاطئ النخلِ
يغسلُ أحلامَهُ بالضياءِ
يُسَبِّحُ باسمِ الذي منحَ الماءَ سطوتَهُ
و الضياءَ عروبَتَهُ
و النخيلَ رجولَتَه
يا صديقيَ
منذ عرفتَ حميميةَ العشقِ
هل كنتَ تعلمُ
أنَّ وراءَ البحارِ سفائنَ
تحملُ صوبكَ سربَ الأواكسِ
و ساعةَ نحسِ
و لحظَةَ بؤسِ
فنمتَ ،
تماديتَ في الحُلمِ
هل كنتَ تعلمُ أنَّ الشياطينَ جاءت
لكي تَسكُنَ الرملَ
و القيظَ
ليس لعينيكَ
لكن
لتلتهمَ الحوتْ .
يا صديقيَ منذ قديمِ الزمانِ
سأكتب في دفتري جملةً واحدةْ :
" لن تموت "
( 3 )
" ميج انا "
تتغلغلُ أغنيةُ النهرِ في أُذُنُ الطينِ
توقظُ كلَّ الدلافينِ
من غفوةِ النومِ
تحتَ رمادِ المتاهةِ
و الصمتِ
تقرعُ أجراسَ مدْنِ الغوايةِ
و الكبتِ
تُرهق سمْعَ وزيرِ الدفاعِ هناكْ .
طفلةٌ كالحمامةِ تهدلُ
فوق الرُّبا
" أعطني النايَ "
كي أُسمِعَ الذئبَ أغنيتي
" غردي يا طيورَ السلامِ أنا طفلةٌ ...... "
علَّهُ ينتهي
من طقوسِ العواءْ .
علَّهُ يتوضَّأ في النورِ
ثُمَّ يُجفِّفُ ما عَلِقَت في مخالبهِ
من بقايا الدماءْ .
( 4 )
غائرٌ أنت مثلُ جراحيَ
ممتشقٌ سيفَ مائِكَ
مرتكبٌ مِن ضروبِ الشجاعةِ
ما ليسَ فِيّْ .
بيد أني أراك حزيناً
تداري دموعكَ بين صخورٍ
و فَيّْ .
إي و ربِّكَ ،
فَكُّ إسارِكَ أصعبُ
أصعبُ
من ذا الزمان العصيّْ .
سوف يأتيك ـ من بعدنا ـ
من يفك قيودَكَ
تصهل في الأرض أفراسُهُ
فتهيم كما أنت في لجةٍ
من عقيقٍ و ضيّْ
ثم تُطوى السماءٌ كطي .....