للعيون قصةٌ أخرى
ما زلتُ أذكرُ ذاكَ اليوم .
ذكراهُ تَمُر أمامَ عينيَّ كأنها سحابةٌ مُثقلةٌ بالمطر،
و قلبي مُثقلٌ بالهُموم .
إنه يومٌ ليس ككلِّ الأيام .
و كأنَّ الأرضَ فيه قد توقفت عن الدورانِ ..
و الشمسُ قد حجبها الحزنُ ،
فَتَوَارَت خلفَ الغيومِ تبكي،
ليحجبَ عينيها الضياءُ من شِدة الدموع.
لم تَعُد قادرةً على أن تَمُدَّ أشرعةَ الدفءِ إلى شواطئ قلبي.
يا الله ..................!!
كم أشعرُ بالبردِ .
فرائصي ترتعدُ رغم أننا ما زلنا في أولِّ شهرِ أيلولْ .
كُلُّ شيءٍ أصبح كئيباً ؟ ،
حتى الأشجار بَدَت جامدةً و كأنَّ الهواءَ قد توقف..
عن مداعبتها .
فلم تعد تتراقص ،
و لا أفنانُها تتمايلُ طَرَباً مع شقشقات الطيور.
الطيور ؟
و أين الطيور ؟
أَهَجَرَت أَوكارَها هي الأخرى ؟
هل رَفَضَت أن ترى معيَ المشهدَ الأخيرَ ،
فَآَثَرَت الرحيلَ مثلك ؟
لم تقولي شيئاً يومها
و ما زلتِ مُصرةً على ألا تقولي شيئاً
فلقد أَنَبْتِ عيناكِ عنكِ،
و كأنهما راويةٌ يقصُّ عليَّ قصة الرحيل .
نعم الرحيل الطويل .
عيناكِ قالتا كل شيء ،
حتى و إن لم تنبس شفتاك بكلمة .
كانتا شاخصتين ،
تتطلعان إلى الأفق البعيدِ
تقرآن في صمتٍ كتاباً مفتوحاً ،
و تنظران إلى مقعدٍ عند مليكٍ مقتدر،
هناك حيث الحور العين .
يا الله ، كم كانت لحظات قاسية .
و هل أقسى من أن تقول العين كلمة واحدة :
" إني راحلة "
..
..
..
..
سقطت من عيني دمعةً على جبينك الوضاء
و كأنها هي الأخرى تقول لك كلمة واحدة :
سامحيني يا أمي
سامحيني
رحمك الله .