The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
361 المساهمات
268 المساهمات
190 المساهمات
102 المساهمات
86 المساهمات
78 المساهمات
65 المساهمات
51 المساهمات
27 المساهمات
24 المساهمات
آخر المشاركات

موسى عليه السلام

5 مشترك



×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyموسى عليه السلام

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

موسى عليه السلام
نبذة:
أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه، وأيده بمعجزتين، إحداهما هي العصا التي
تلقف الثعابين، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من
غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا
له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه،
فطارده فرعون بجيش عظيم، ووقت أن ظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب
البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين.
أرسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه.. لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف.
ولكي نستطيع عرض هذه القصة بالشكل الصحيح.. تم تقسيمها إلى أربعة أجزاء، كل جزء يتناول مرحلة من مراحل حياة هذين النبيين الكريمين.
أجزاء القصة:
الجزء الاول:
يتناول نشأة موسى عليه السلام، وخروجه من مصر إلى مدين هاربا من فرعون وجنوده، ولقاءه بربه في الوادي المقدس.
سيرته:
أثناء حياة يوسف علي السلام بمصر، تحولت مصر إلى التوحيد. توحيد الله
سبحانه، وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل إلى أقواهم. لكن بعد
وفاته، عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم. أما أبناء يعقوب، أو أبناء إسرائيل،
فقد اختلطوا بالمجتمع المصري، فضلّ منهم من ضل، وبقي على التوحيد من بقي.
وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم، واشتغلوا في العديد من الحرف.
ثم حكم مصر ملك جبار كان المصريون يعبدونه. ورأى هذا الملك بني إسرائيل
يتكاثرون ويزيدون ويملكون. وسمعهم يتحدثون عن نبوءة تقول إن واحدا من أبناء
إسرائيل سيسقط فرعون مصر عن عرشه. فأصدر الفرعون أمره ألا يلد أحد من بني
إسرائيل، أي أن يقتل أي وليد ذكر. وبدأ تطبيق النظام، ثم قال مستشارون
فرعون له، إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، والصغار يذبحون، وهذا
سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل، فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها.
والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي
يليه.
ووجد الفرعون أن هذا الحل أسلم. وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا
يقتل فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة. فلما جاء العام الذي يقتل فيه
الغلمان ولد موسى. حمل ميلاده خوفا عظيما لأمه. خافت عليه من القتل. راحت
ترضعه في السر. ثم جاءت عليها ليلة مباركة أوحى الله إليها فيها للأم بصنع
صندوق صغير لموسى. ثم إرضاعه ووضعه في الصندوق. وإلقاءه في النهر.
كان قلب الأم، وهو أرحم القلوب في الدنيا، يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في
النيل، لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها، والله هو ربه ورب النيل.
لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون
هادئة حانية وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد، ومثلما أصدر
الله تعالى أمره للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم، كذلك أصدر أمره
للنيل أن يحمل موسى بهدوء ورفق حتى يسلمه إلى قصر فرعون. وحملت مياه النيل
هذا الصندوق العزيز إلى قصر فرعون. وهناك أسلمه الموج للشاطئ.
رفض موسى للمراضع:
وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر. وكانت زوجة فرعون
تختلف كثيرا عنه. فقد كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة. كان هو قاسيا وكانت هي
رحيمة. كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة. وأيضا كانت حزينة، فلم تكن تلد. وكانت
تتمنى أن يكون عندها ولد.
وعندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر، وجدن الصندوق، فحملنه كما هو
إلى زوجة فرعون. فأمرتهن أن يفتحنه ففتحنه. فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في
قلبها. فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق. فاستيقظ موسى
وبدأ يبكي. كان جائعا يحتاج إلى رضعة الصباح فبكى.
فجاءت زوجة فرعون إليه، وهي تحمل بين بيدها طفلا رضيعا. فسأل من أين جاء
هذا الرضيع؟ فحدثوه بأمر الصندوق. فقال بقلب لا يعرف الرحمة: لابد أنه أحد
أطفال بني إسرائيل. أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟
فذكّرت آسيا -امرأة فرعون- زوجها بعدم قدرتهم على وطلبت منه أن يسمح لها بتربيته. سمح لها بذلك.
عاد موسى للبكاء من الجوع. فأمرت بإحضار المراضع. فحضرت مرضعة من القصر
وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها. فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة
وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع. فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل.
لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفع موسى لجميع المراضع.
فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية. لم تكد ترمي موسى في النيل حتى
أحست أنها ترمي قلبها في النيل. غاب الصندوق في مياه النيل واختفت أخباره.
وجاء الصباح على أم موسى فإذا قلبها فارغ يذوب حزنا على ابنها، وكادت تذهب
إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون. لولا أن الله تعالى ربط
على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله. كل ما
في الأمر أنها قالت لأخته: اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا
حدث لموسى.
وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون، فإذا بها تسمع القصة
الكاملة. رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه، ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف
يرضعونه، سمعت أنه يرفض كل المراضع. وقالت أخت موسى لحرس فرعون: هل أدلكم
على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟
ففرحت زوجة فرعون كثيرا لهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة. وعادت أخت
موسى وأحضرت أمه. وأرضعته أمه فرضع. وتهللت زوجة فرعون وقالت: "خذيه حتى
تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها، وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك
له". وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن
ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء. ورغم كل شيء.

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
اختيار سبعين رجلا لميقات الله:
أمر موسى بني إسرائيل أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه. اختار منهم سبعين
رجلا، الخيّر فالخيّر، وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه
التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم. صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. خرج
موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات حدده له الله تعالى. دنا موسى من
الجبل. وكلم الله تعالى موسى، وسمع السبعون موسى وهو يكلم ربه.

ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير، وتكون كافية لحمل الإيمان إلى القلوب
مدى الحياة. غير أن السبعين المختارين لم يكتفوا بما استمعوا إليه من
المعجزة. إنما طلبوا رؤية الله تعالى. قالوا سمعنا ونريد أن نرى. قالوا
لموسى ببساطة: (يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ
جَهْرَةً).



هي مأساة تثير أشد الدهشة. وهي مأساة تشير إلى صلابة القلوب واستمساكها
بالحسيات والماديات. كوفئ الطلب المتعنت بعقوبة صاعقة. أخذتهم رجفة مدمرة
صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور. ماتوا.



أدرك موسى ما أحدثه السبعون المختارون فملأه الأسى وقام يدعو ربه ويناشده
أن يعفو عنهم ويرحمهم، وألا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم، وليس طلبهم رؤية
الله تبارك وتعالى وهم على ما هم فيه من البشرية الناقصة وقسوة القلب غير
سفاهة كبرى. سفاهة لا يكفر عنها إلا الموت.



قد يطلب النبي رؤية ربه، كما فعل موسى، ورغم انطلاق الطلب من واقع الحب
العظيم والهوى المسيطر، الذي يبرر بما له من منطق خاص هذا الطلب، رغم هذا
كله يعتبر طلب الرؤية تجاوزا للحدود، يجازى عليه النبي بالصعق، فما بالنا
بصدور هذا الطلب من بشر خاطئين، بشر يحددون للرؤية مكانا وزمانا، بعد كل ما
لقوه من معجزات وآيات..؟ أليس هذا سفاهة كبرى..؟ وهكذا صعق من طلب
الرؤية.. ووقف موسى يدعو ربه ويستعطفه ويترضاه.. يحكي المولى عز وجل دعاء
موسى عليه السلام بالتوبة على قومه في سورة الأعراف:



وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا
أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن
قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ
هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء
أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ
الْغَافِرِين (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي
الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ
أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ
يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا
يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ
الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ
وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ
النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)
(الأعراف)



هذه كانت كلمات موسى لربه وهو يدعوه ويترضاه. ورضي الله تعالى عنه وغفر
لقومه فأحياهم بعد موتهم، واستمع المختارون في هذه اللحظات الباهرة من
تاريخ الحياة إلى النبوءة بمجيء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.



سنلاحظ طريقة الربط بين الحاضر والماضي في الآية، إن الله تعالى يتجاوز زمن
مخاطبة الرسول في الآيات إلى زمنين سابقين، هما نزول التوراة ونزول
الإنجيل، ليقرر أنه (تعالى) بشّر بمحمد في هذين الكتابين الكريمين. نعتقد
أن إيراد هذه البشرى جاء يوم صحب موسى من قومه سبعين رجلا هم شيوخ بني
إسرائيل وأفضل من فيهم، لميقات ربه. في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى،
تم إيراد البشرى بآخر أنبياء الله عز وجل.



يقول ابن كثير في كتابه قصص الأنبياء، نقلا عن قتادة:


إن موسى قال لربه: يا رب إني أجد في الألواح أمة هي خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: ربي إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها. وكان من
قبلهم يقرءون كتابهم نظرا، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه. وإن
الله أعطاهم من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر، ويقاتلون فضول الضلالة. فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم، ويؤجرون
عليها، وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق أحدهم بصدقة فقبلت منه بعث الله
عليها نارا فأكلتها، وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير. وإن الله
أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم. رب فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب فإني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم عملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. رب اجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
نزول المن والسلوى:
سار موسى بقومه في سيناء. وهي صحراء ليس فيها شجر يقي من الشمس، وليس فيها
طعام ولا ماء. وأدركتهم رحمة الله فساق إليهم المن والسلوى وظللهم الغمام.
والمن مادة يميل طعمها إلى الحلاوة وتفرزها بعض أشجار الفاكهة. وساق الله
إليهم السلوى، وهو نوع من أنواع الطيور يقال إنه (السمان). وحين اشتد بهم
الظمأ إلى الماء، وسيناء مكان يخلو من الماء، ضرب لهم موسى بعصاه الحجر
فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من المياه. وكان بنو إسرائيل ينقسمون إلى 12
سبطا. فأرسل الله المياه لكل مجموعة. ورغم هذا الإكرام والحفاوة، تحركت في
النفوس التواءاتها المريضة. واحتج قوم موسى بأنهم سئموا من هذا الطعام،
واشتاقت نفوسهم إلى البصل والثوم والفول والعدس، وكانت هذه الأطعمة أطعمة
مصرية تقليدية. وهكذا سأل بنو إسرائيل نبيهم موسى أن يدعو الله ليخرج لهم
من الأرض هذه الأطعمة.

وعاد موسى يستلفتهم إلى ظلمهم لأنفسهم، وحنينهم لأيام هوانهم في مصر، وكيف
أنهم يتبطرون على خير الطعام وأكرمه، ويريدون بدله أدنى الطعام وأسوأه.



السير باتجاه بيت المقدس:


سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس. أمر موسى قومه بدخولها وقتال من
فيها والاستيلاء عليها. وها قد جاء امتحانهم الأخير. بعد كل ما وقع لهم من
المعجزات والآيات والخوارق. جاء دورهم ليحاربوا -بوصفهم مؤمنين- قوما من
عبدة الأصنام.

رفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة. وحدثهم موسى عن نعمة الله عليهم. كيف
جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكا يرثون ملك فرعون، وآتاهم مَّا لَمْ يُؤْتِ
أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ.



وكان رد قومه عليه أنهم يخافون من القتال. قالوا: إن فيها قوما جبارين، ولن يدخلوا الأرض المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء.



وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم. تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة
ألف. لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال. وراح هذان
الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال. قالا: إن مجرد دخولهم من
الباب سيجعل لهم النصر. ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن
ويرتعشون في أعماقهم.



مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوما يعكفون على
أصنامهم. فسدت فطرتهم، وانهزموا من الداخل، واعتادوا الذل، فلم يعد في
استطاعتهم أن يحاربوا. وإن بقي في استطاعتهم أن يتوقحوا على نبي الله موسى
وربه. وقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ
فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) هكذا بصراحة وبلا التواء.



أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء. مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس
باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة. عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلا
نفسه وأخاه. دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم.



وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل. كان
الحكم هو التيه أربعين عاما. حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة.
ويولد بدلا منه جيل آخر، جيل لم يهزمه أحد من الداخل، ويستطيع ساعتها أن
يقاتل وأن ينتصر.

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
نزول المن والسلوى:
سار موسى بقومه في سيناء. وهي صحراء ليس فيها شجر يقي من الشمس، وليس فيها
طعام ولا ماء. وأدركتهم رحمة الله فساق إليهم المن والسلوى وظللهم الغمام.
والمن مادة يميل طعمها إلى الحلاوة وتفرزها بعض أشجار الفاكهة. وساق الله
إليهم السلوى، وهو نوع من أنواع الطيور يقال إنه (السمان). وحين اشتد بهم
الظمأ إلى الماء، وسيناء مكان يخلو من الماء، ضرب لهم موسى بعصاه الحجر
فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من المياه. وكان بنو إسرائيل ينقسمون إلى 12
سبطا. فأرسل الله المياه لكل مجموعة. ورغم هذا الإكرام والحفاوة، تحركت في
النفوس التواءاتها المريضة. واحتج قوم موسى بأنهم سئموا من هذا الطعام،
واشتاقت نفوسهم إلى البصل والثوم والفول والعدس، وكانت هذه الأطعمة أطعمة
مصرية تقليدية. وهكذا سأل بنو إسرائيل نبيهم موسى أن يدعو الله ليخرج لهم
من الأرض هذه الأطعمة.

وعاد موسى يستلفتهم إلى ظلمهم لأنفسهم، وحنينهم لأيام هوانهم في مصر، وكيف
أنهم يتبطرون على خير الطعام وأكرمه، ويريدون بدله أدنى الطعام وأسوأه.



السير باتجاه بيت المقدس:


سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس. أمر موسى قومه بدخولها وقتال من
فيها والاستيلاء عليها. وها قد جاء امتحانهم الأخير. بعد كل ما وقع لهم من
المعجزات والآيات والخوارق. جاء دورهم ليحاربوا -بوصفهم مؤمنين- قوما من
عبدة الأصنام.

رفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة. وحدثهم موسى عن نعمة الله عليهم. كيف
جعل فيهم أنبياء، وجعلهم ملوكا يرثون ملك فرعون، وآتاهم مَّا لَمْ يُؤْتِ
أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ.



وكان رد قومه عليه أنهم يخافون من القتال. قالوا: إن فيها قوما جبارين، ولن يدخلوا الأرض المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء.



وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم. تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة
ألف. لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال. وراح هذان
الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال. قالا: إن مجرد دخولهم من
الباب سيجعل لهم النصر. ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن
ويرتعشون في أعماقهم.



مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوما يعكفون على
أصنامهم. فسدت فطرتهم، وانهزموا من الداخل، واعتادوا الذل، فلم يعد في
استطاعتهم أن يحاربوا. وإن بقي في استطاعتهم أن يتوقحوا على نبي الله موسى
وربه. وقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ
فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) هكذا بصراحة وبلا التواء.



أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء. مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس
باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة. عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلا
نفسه وأخاه. دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم.



وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل. كان
الحكم هو التيه أربعين عاما. حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة.
ويولد بدلا منه جيل آخر، جيل لم يهزمه أحد من الداخل، ويستطيع ساعتها أن
يقاتل وأن ينتصر.

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
قصة البقرة:

بدأت أيام التيه. بدأ السير في دائرة مغلقة. تنتهي من حيث تبدأ، وتبدأ من
حيث تنتهي، بدأ السير إلى غير مقصد. ليلا ونهارا وصباحا ومساء. دخلوا
البرية عند سيناء.



مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا
تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن
الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن
يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني
إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى
ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان
المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم
باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن
يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.



إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين
الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة
التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟
إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث
البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.



لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك
الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى
لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه
بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا
بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة
والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟
أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه
فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست
بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.



إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة،
ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون
البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات
الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي
أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل
هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة.
فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.



وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة
والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى
أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة
ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة
الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات
الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.



وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله
موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم
عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا
بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب
لجاجتهم وتعنتهم.


نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل
السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها
موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا:
(ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون
ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى
الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده
لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم
وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها
وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم
بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.



ساعتها قالوا له: "الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ". كأنه كان يلعب قبلها معهم،
ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق
وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي
لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة
الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة
المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.



إيذاء بني إسرائيل لموسى:



قاسى موسى من قومه أشد المقاساة، وعانى عناء عظيما، واحتمل في تبليغهم
رسالته ما احتمل في سبيل الله. ولعل مشكلة موسى الأساسية أنه بعث إلى قوم
طال عليهم العهد بالهوان والذل، وطال بقاؤهم في جو يخلو من الحرية، وطال
مكثهم وسط عبادة الأصنام، ولقد نجحت المؤثرات العديدة المختلفة في أن تخلق
هذه النفسية الملتوية الخائرة المهزومة التي لا تصلح لشيء. إلا أن تعذب
أنبيائها ومصلحيها.



وقد عذب بنو إسرائيل موسى عذابا نستطيع -نحن أبناء هذا الزمان- أن ندرك
وقعه على نفس موسى النقية الحساسة الكريمة. ولم يقتصر العذاب على العصيان
والغباء واللجاجة والجهل وعبادة الأوثان، وإنما تعدى الأمر إلى إيذاء موسى
في شخصه.



قال تعالى:



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى
فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)
(الأحزاب)



ونحن لا تعرف كنه هذا الإيذاء، ونستبعد رواية بعض العلماء التي يقولون فيها
أن موسى كان رجلا حييا يستتر دائما ولا يحب أن يرى أحد من الناس جسده
فاتهمه اليهود بأنه مصاب بمرض جلدي أو برص، فأراد الله أن يبرئه مما قالوا،
فذهب يستحم يوما ووضع ثيابه على حجر، ثم خرج فإذا الحجر يجري بثيابه وموسى
يجري وراء الحجر عاريا حتى شاهده بنو إسرائيل عاريا وليس بجلده عيب.
نستبعد هذه القصة لتفاهتها، فإنها إلى جوار خرافة جري الحجر بملابسه، لا
تعطي موسى حقه من التوقير، وهي تتنافى مع عصمته كنبي.



ونعتقد أن اليهود آذوا موسى إيذاء نفسيا، هذا هو الإيذاء الذي يدمي النفوس
الكريمة ويجرحها حقا، ولا نعرف كيف كان هذا الإيذاء، ولكننا نستطيع تخيل
المدى العبقري الآثم الذي يستطيع بلوغه بنو إسرائيل في إيذائهم لموسى.




فترة التيه:



ولعل أعظم إيذاء لموسى، كان رفض بني إسرائيل القتال من أجل نشر عقيدة
التوحيد في الأرض، أو على أقل تقدير، السماح لهذه العقيدة أن تستقر على
الأرض في مكان، وتأمن على نفسها، وتمارس تعبدها في هدوء. لقد رفض بنو
إسرائيل القتال. وقالوا لموسى كلمتهم الشهيرة: (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ
فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).



وبهذه النفسية حكم الله عليهم بالتيه. وكان الحكم يحدد أربعين عاما كاملة،
وقد مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة، حتى فني جيل بأكمله. فنى الجيل
الخائر المهزوم من الداخل، وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد. جيل
لم يتربى وسط مناخ وثني، ولم يشل روحه انعدام الحرية. جيل لم ينهزم من
الداخل، جيل لم يعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا
بغير هدف في تيه لا يبدو له أول ولا تستبين له نهاية. إلا خشية من لقاء
العدو. جيل صار مستعدا لدفع ثمن آدميته وكرامته من دمائه. جيل لا يقول
لموسى (فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ).



جيل آخر يتبنى قيم الشجاعة العسكرية، كجزء مهم من نسيج أي ديانة من ديانات التوحيد. أخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما.



ولقد قدر لموسى. زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى. قدر له ألا
تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل. فقد مات موسى عليه الصلاة والسلام قبل أن
يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها.



وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان قومه يؤذونه في الله: قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر.



مات هارون قبل موسى بزمن قصير. واقترب أجل موسى، عليه الصلاة والسلام. وكان
لم يزل في التيه. قال يدعو ربه: رب أدنني إلى الأرض المقدسة رمية حجر.



أحب أن يموت قريبا من الأرض التي هاجر إليها. وحث قومه عليها. ولكنه لم
يستطع، ومات في التيه. ودفن عند كثيب أحمر حدث عنه آخر أنبياء الله في
الأرض حين أسرى به. قال محمد صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي مررت بموسى
وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر.



تروي الأساطير عديدا من الحكايات حول موت موسى، وتحكي أنه ضرب ملك الموت
حين جاء يستل روحه، وأمثال هذه الروايات كثيرة. لكننا لا نحب أن نخوض في
هذه الروايات حتى لا ننجرف وراء الإسرائيليات التي دخلت بعض كتب التفسير.



مات موسى -عليه الصلاة والسلام- في التيه، وتولى يوشع بن نون أمر بني إسرائيل



.

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع
البحرين هو أعلم منك.تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته
على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن
يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي
ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق
موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن
العبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا
معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.ويظهر عزم
موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى
أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال
فهو تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.وصل الاثنان إلى صخرة
جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح
إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى
البحر.. (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا).. وكان تسرب الحوت
إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي
جاء موسى يتعلم منه.نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر..
ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية
يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب..
(قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا
نَصَبًا).. ولمع في ذهن الفتى ما وقع.ساعتئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى
البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر
له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ
عَجَبًا).. كان أمرا عجيبا ما رآه يوشع بن نون، لقد رأى الحوت يشق الماء
فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر
و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ).. هذا ما كنا نريده.. إن تسرب الحوت
يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسى وفتاه يقصان
أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة
أعظم الإبهام.أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى
الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر.. وهناك
وجدا رجلا.يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل
طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.
فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟
قال موسى: أنا موسى.
قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.
قال موسى: وما أدراك بي..؟
قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟
قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير: (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا).
قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا).
نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب..
ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما
أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن
علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على
علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له
سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.احتمل موسى كلمات
الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى
فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.تأمل كيف يتواضع
كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.
قال الخضر لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى
ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط
وانطلقا..انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب
الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه
وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها
أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى
بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته
الأمواج بعيدا.فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير
أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر
موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كما حركته غيرته على الحق،
فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه: (قَالَ
أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا).وهنا
يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع
الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)،
ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا
تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا).سارا
معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل
واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل
غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا..
يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ
أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا).. ويعتذر موسى
بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه
(قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ
بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا).ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة..
لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما
معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما
المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد
يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح
الجدار وبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية
بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ
لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله
لموسى: (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ).لقد حذر العبد الرباني موسى من
مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..إن كل تصرفات العبد الرباني التي
أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا..
وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة
الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في
الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض
ظاهر الأمر وباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد
الرباني، ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور
الذي يبلل منقاره في البحر، من ماء البحر..كشف العبد الرباني لموسى شيئين
في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا
من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.إن
أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في
زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر
الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة..
وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.
أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما
الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله
سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا
كالغلام المقتول.
وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف
ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم
يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي
تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن
يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في
المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن
يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما
وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على
حمايته.ثم ينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف.
وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها،
ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.
واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول..

والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟

يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه
الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض
العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق
القصة يدل على نبوته من وجوه:

1. أحدها
قوله تعالى:

فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (الكهف)

2. والثاني
قول موسى له:

قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا
عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67)
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ
سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)
قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ
لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) (الكهف)

فلو كان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى
هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن
هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما من ولي
غير واجب العصمة.

3. والثالث
أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل
على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل
النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه
الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدام الخضر على قتل الغلام دليل نبوته.

4. والرابع :
قول الخضر لموسى
رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

يعني أن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.

فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.

ومن كلمات الخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا
موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث
الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.

ونحن نميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق
القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه الله بعض علمه
اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصلي
للقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن
أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من
الزمن.
__________________

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
قارون وقوم موسى:
يروي لنا القرآن قصة قارون، وهو من قوم موسى. لكن القرآن لا يحدد زمن القصة
ولا مكانها. فهل وقعت هذه القصة وبنو إسرائيل وموسى في مصر قبل الخروج؟ أو
وقعت بعد الخروج في حياة موسى؟ أم وقعت في بني إسرائيل من بعد موسى؟
وبعيدا عن الروايات المختلفة، نورد القصة كما ذكرها القرآن الكريم.
يحدثنا الله عن كنوز قارون فيقول سبحانه وتعالى إن مفاتيح الحجرات التي تضم
الكنوز، كان يصعب حملها على مجموعة من الرجال الأشداء. ولو عرفنا عن
مفاتيح الكنوز هذه الحال، فكيف كانت الكنوز ذاتها؟! لكن قارون بغى على قومه
بعد أن آتاه الله الثراء. ولا يذكر القرآن فيم كان البغي، ليدعه مجهلا
يشمل شتى الصور. فربما بغى عليهم بظلمهم وغصبهم أرضهم وأشياءهم. وربما بغى
عليهم بحرمانهم حقهم في ذلك المال. حق الفقراء في أموال الأغنياء. وربما
بغى عليهم بغير هذه الأسباب.
ويبدو أن العقلاء من قومه نصحوه بالقصد والاعتدال، وهو المنهج السليم. فهم
يحذروه من الفرح الذي يؤدي بصاحبه إلى نسيان من هو المنعم بهذا المال،
وينصحونه بالتمتع بالمال في الدنيا، من غير أن ينسى الآخرة، فعليه أن يعمل
لآخرته بهذا المال. ويذكرونه بأن هذا المال هبة من الله وإحسان، فعليه أن
يحسن ويتصدق من هذا المال، حتى يرد الإحسان بالإحسان. ويحذرونه من الفساد
في الأرض، بالبغي، والظلم، والحسد، والبغضاء، وإنفاق المال في غير وجهه، أو
إمساكه عما يجب أن يكون فيه. فالله لا يحب المفسدين.
فكان رد قارون جملة واحد تحمل شتى معاني الفساد (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ
عَلَى عِلْمٍ عِندِي). لقد أنساه غروره مصدر هذه النعمة وحكمتها، وفتنه
المال وأعماه الثراء. فلم يستمع قارون لنداء قومه، ولم يشعر بنعمة ربه.
وخرج قارون ذات يوم على قومه، بكامل زينته، فطارت قلوب بعض القوم، وتمنوا
أن لديهم مثل ما أوتي قارون، وأحسوا أنه في نعمة كبيرة. فرد عليهم من سمعهم
من أهل العلم والإيمان: ويلكم أيها المخدوعون، احذروا الفتنة، واتقوا
الله، واعلموا أن ثواب الله خير من هذه الزينة، وما عند الله خير مما عند
قارون.
وعندما تبلغ فتنة الزينة ذروتها، وتتهافت أمامها النفوس وتتهاوى، تتدخل
القدرة الإلهية لتضع حدا للفتنة، وترحم الناس الضعاف من إغراءها، وتحطم
الغرور والكبرياء، فيجيء العقاب حاسما (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ
الْأَرْضَ) هكذا في لمحة خاطفة ابتلعته الأرض وابتلعت داره. وذهب ضعيفا
عاجزا، لا ينصره أحد، ولا ينتصر بجاه أو مال.
وبدأ الناس يتحدثون إلى بعضهم البعض في دهشة وعجب واعتبار. فقال الذين
كانوا يتمنون أن عندهم مال قارون وسلطانه وزينته وحظه في الدنيا: حقا إن
الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويوسع عليهم، أو يقبض ذلك، فالحمد
لله أن منّ علينا فحفظنا من الخسف والعذاب الأليم. إنا تبنا إليك سبحانك،
فلك الحمد في الأولى والآخرة.
__________________
هارون عليه السلام
نبذة:
أخو موسى ورفيقه في دعوة فرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا،
استخلفه موسى على قومه عندما ذهب للقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت فتنة
السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ، فدعاهم
هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهم استكبروا فلما رجع موسى
ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا.
سيرته:
لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام. إلا أن المعلوم هو أن الله أيد
موسى بأخيه هارون في دعوته فلقد كان هارون عليه السلام أفصح لسانا. وورد
موقف موسى عليه السلام من أخيه حين استخلفه على بني إسرائيل وذهب للقاء
ربه، فعبدت بنو إسرائيل العجل الذي صنعه السامري. القصة مذكورة بتفاصيلها
في قصة موسى عليه السلام.
__________________

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
جــزآك الله خيرآ و جعله في ميزآن حسنآتك

موسى عليه السلام - صفحة 2 866468155

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
شكرا لكم على مروركم الرائع

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz

ألـــــــــــــف شــــــــــــــكر على هذا الموضوع الرئـــــــــــــع
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز


لك مني أجمل التحيات


وكل التوفيق لك يا رب
كالعادة ابداع رائع

وطرح يستحق المتابعة

شكراً لك

بانتظار الجديد القادم

دمت بكل خير
لك منـــــــ اجمل تحية ــــــــــي

descriptionموسى عليه السلام - صفحة 2 Emptyرد: موسى عليه السلام

more_horiz
جــزاك الله خيرآ و جعله في ميزآن حسنآتكـ

بإنتظار كل جديد منكـ
 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
موسى عليه السلام
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
remove_circleمواضيع مماثلة