نَشَرْتُ في موكِب العشّاقِ أعلامي
وكان قَبلي بُلي في الحُبّ أعلامي
وسِرْتُ فيه ولم أبْرَحْ بدَوْلتِه
حتى وجَدْتُ مُلُوكَ العِشْقِ خُدّامي
ولم أَزَلْ منذ أخذِ العهدِ في قِدَمي
لكَعْبَةِ الحُسْنِ تجريدي وإجرامي
وقد رَماني هواكُمْ في الغرامِ إلى
مَقامِ حُبٍّ شريفٍ شامخٍ سامِ
جَهِلْتُ أهليَ فيه أهْلَ نِسْبَتِهِ
وهُمْ أَعَزّ أَخِلاّئي وألزامي
قَضَيْتُ فيه إلى حينِ انقِضى أجَلي
شهري ودهري وساعاتي وأعوامي
ظَنّ العَذُولُ بأنّ العَذْلَ يوقِفُني
نامَ العَذُولُ وشَوقي زائدٌ نامِ
إن عامَ إنسانُ عَيني في مدامِعِهِ
فقد أُمِدّ بإحْسان وإنعام
يا سائقاً عِيسَ أحبابي عسى مَهَلاً
وسِرْ رُوَيْداً فقَلْبي بينَ أنْعام
سَلَكْتُ كُلّ مَقامٍ في مَحَبّتِكُمْ
وما ترَكْتُ مقاماً قطُّ قُدّامي
وكُنْتُ أحسَبُ أنّي قد وَصَلْتُ إلى
أعْلى وأغْلى مقامِ بينَ أقوامي
حتى بَدا لي مَقامُ لم يكُنْ أَرَبي
ولم يَمُرّ بأفكاري وأوهامي
إنْ كان مَنزِلَتي في الحبّ عندكُمُ
ما قد رأيتُ فقد ضيّعْتُ أيّامي
أُمْنِيّة ظفِرَتْ روحي بها زَمَناً
واليومَ أحسَبُها أضغاثَ أحلام
وإن يكُنْ فرطُ وجدي في مَحَبّتِكُمُ
إثْماً فقد كَثُرَتْ في الحبّ آثامي
ولو علِمْتُ بأَنّ الحُبّ آخِرُهُ
هذا الحِمَامُ لَمَا خالَفتُ لُوّامي
أَودَعْتُ قلبي إلى مَن ليس يحفظُه
أبصرْتُ خلفي وما طالعتُ قدَّامي
لقد رَمَاني بسهمِ من لواحِظِهِ
أصْمى فؤادي فوا شوقي إلى الرامي
آهاً على نَظْرَةٍ منه أُسَرّ بها
فإنّ أقصى مرامي رؤيةُ الرّامي
إنْ أسعَدَ اللهُ روحي في مَحَبّتِهِ
وجِسْمَهَا بينَ أرواحٍ وأجسام
وَشَاهَدَتْ واجْتَلَتْ وجهَ الحبيبِ فما
أسْنَى وأسعدَ أرزاقي وأقسامي
ها قد أظَلّ زمانُ الوَصْل يا أمَلي
فامنُنْ وثَبّتْ به قلبي وأقدامي
وقد قَدِمَتُ وما قدَّمْتُ لي عَمَلاً
إلاَّ غَرَامِي وأَشْوَاقي وإقدامي
دارُ السلامِ إليها قد وَصَلْتُ إذن
مِن سُبْلِ أبوابِ إيماني وإسلامي
يا ربّنا أرِنِي أنظُرْ إليكَ بها
عِنْدَ القُدومِ وعامِلني بإكرام