جلست إليها والترام بنا يعدو | إلى حيث لا واش هناك ولا ضدّ
|
قد انتظت هذي القطارات في الثّرى | كأن الثّرى وتلك لها عقد
|
بلى، هي عقد بل عقود ، ألا ترى | على الأرض أسلاكا تدور فتمتدّ؟
|
يسير فيطوي الأرض طيا كلأنّما | دواليبة أيدي، كأنّ الثذرى يرد
|
فكالطود إلاّ أنّ ذيّاك ثابت | وكالريح إلا أن هاتيك لا تبدو
|
توهّمته من سرعة السّير راكدا | وأنّ الدّنى فيمن على ظهرها تعدو
|
تحوم عليه المركبات كأنه | مليك وتلك المركبات له جند
|
تقصر عنه الرّيح إما تسابقا | فكيف تجاربه المطهّمة الجرد؟
|
على أنه في كفّ عبد زمامه | فيا من رأى ملكا يصرفه عبد
|
كأني به ، يا صاح، دار ضيافة | يغادر وفد ويقصده وفد
|
خلوت بمن أهوى به رغم عاذلي | ولم يك غير القرب لي ولها قصد
|
فسار بنا في الأرض وخدا كأنما | درى أنّ ما نبغيه منه هو الوخد
|
فما راعني واللّه إلا وقوفه | فقد كنت أخشى أن يفاجئنا وغد
|
ولما انتهى من سيره وإذا بنا | على شاطىء البحر الذي ما له حد
|
هناك وقفنا والشّفاة صوامت | كأن بنا عيّا وليس بنا وجد
|
سكتنا ولكنّ العيون نواطق | أرق حديث ما العيون به تشدو
|
سكرنا ولا خمر ولكنّه الهوى | إذا اشتدّ في قلب امرىء ضعف الرشد
|
فقالت وفي أجفانها الدمع جائل | وقد عاد مصفرّا على خدّها الورد
|
ألا حبّذا ، يا صاحبي، الموت ههنا | إذا لم يكن من تذوّق الرّدى بدّ
|
فيالك من فكر مخيف وهائل | ويا لك من مرآى يرقّ له الصّلد
|
فقلت لها إني محب لكلّ ما | تحبين ، إن السمّ منك هو الشّهد
|
فقالت أمن أجلي تحنّ إلى الردى؟ | دع الهزل إنّ المرء حليته الجد
|
فقلت لها لو كنت في الخلد راتعا | ولست معي واللّه ما سرّني الخلد
|
فإن لم يكن مهد إليك يضمّني | فيا حبّذا ، يا هند ، لو ضمّنا لحد
|
فقالت لعمر الحقّ إنك صادق | فدمت على ود ودام لك الودّ
|
فلو لم أكن من قبل أعشق حسنها | لهمت بها واللّه حسبي من بعد |