ليت الذي خلق الحياة جميلة | لم يسدل الأستار فوق جمالها
|
بل ليته سلب العقول فلم يكن | أحد يعلّل نفسه بمنالها
|
للّه كم تغري الفتى بوصالها | وتضنّ حتى في الكرى بوصالها
|
تدنيه من أبوابها بيمينها | وتردّه عن خدرها بشمالها
|
كم قلت هذا الأمر بعض صوابها | فوجدته بالخير بعض محالها
|
ولكم خدعت بآلها وذمته | ورجعت أظمأ ما أكون لآلها
|
قد كنت أحسبني أمنت ضلالها | فإذا الذي خمّنت كلّ ضلالها
|
إنّ النفوس تغرّها آمالها | وتظلّ عاكفة على آمالها
|
حتى رأيت الشمس تلقي نورها | في الأرض فوق سهولها وجبالها
|
ورأيت أحقر ما بناه عنكب | متلففا ومطوّقا بحبالها
|
مثل الفصور العاليات قبابها | ألشامخات على الذّرى بقلالها
|
فعلمت أنّ النفس تخطر في الحلى | والوشى مثل النفس في أسمالها
|
ليست حياتك غير ما صوّرتها | أنت الحياة بصمتها ومقالها
|
ولقد نظرت إلى الحمائم في الربى | فعجبت من حال الأنام وحمالها
|
للشوك حظّ الورد من تغريدها | وسريكه من بعد إعرالها
|
تشدو وصائدها يمدّ لها الردى | فاعجب لمحسنه إلى مغنالها
|
فغبطتها في أمنها وسلامها | ووددت لو أعطيت راحة بالها
|
وجعلت مذهبها لنفسي مذهبا | ونسجت أخلاقي على منوالها
|
من لجّ في ضيمي تركت سماءه | تبكي علّي بشمسها وهلالها
|
وهجرت روضته فأصبح وردها | لليأس كالأشواك في أذغالها
|
وزجرت نفسي أن تميل كنفسه | عن كوثر الدنيا إلى أوحالها
|
نسيانك الجاني المسيء فضيلة | وخمود نارجدّ في إشعالها
|
فاربأ بنفسك والحياة قصيرة | أن تجعل الأضغا ن من أحمالها
|
زمن الشباب رحلت غير مذّمم | وتركت للحسرات قلبي الوالها
|
دّبت عقاربها إليه تنوشه | ورمت بقاياه إلى أصلالها
|
لم يبق من لذّاته ألاّ الرؤى | ومن الصبابة غير طيف خيالها
|
ومن الكؤوس سوى صدى رنّاتها | والراح غير خمارها وخيالها
|
يا جنّة عوجلت عن أثمارها | ولذاذة عربت من سربالها
|
ما عليها شيء سوى اضمحلالها | والذنب للأقدار في اضمحلالها
|
ومليحة في وجهها ألق الضحى | والسحر والصهباء
|
قالت: أينسى النازحون بلادهم ؟ | ما هاج حزن القلب غير سؤالها
|
الأرض ، سوريّا، أحبّ ربوعها | عندي ، ولبنان أعزّ جبالها
|
والناس أكرمهم علّي عشيرها | روحي الفداء لرهطها ولآلها!
|
والشهب أسطعها التي في أفقها | ليس الجلال الحقّ غير جلالها
|
وأحبّ غيث ما همى في أرضها | حتى الحيا الباكي على أطلالها
|
مرح الصّبا الجذلان في أسحارها | ومنى الصّبا الولهان في آصالها
|
إني لأعرف ريحها من غيرها | بنوافح الأشذاء في أذيالها
|
تلك المنازل كم خطرت بساحها | في ظلّ ضيغمها وعطف غزالها
|
وشذوت مع أطيارها ، وسهرت مع | أقمارها، ورقصت مع شلاّلها
|
وسجدت للإلهام مع صفصافها | وضحكت للأحلام مع وزّالها
|
وملأت عقلي حديث شيوخها | وأخذت شعري من لغى أطفالها
|
تشتاق عيني قبل يغمضها الردى | لو أنها اكتحلت ولو برمالها
|
مرّت بي الأعوام تقفو بعضها | وثب القطا تعدو إلى آجالها
|
وتعاقبت صور الجمال فلم يدم | في خاطري منها سوى تمثالها |