The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
318 المساهمات
248 المساهمات
144 المساهمات
78 المساهمات
78 المساهمات
78 المساهمات
56 المساهمات
46 المساهمات
24 المساهمات
22 المساهمات
آخر المشاركات

سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

+6
Naru
Ree
Dark Smile
MostWanted
sakura-san
ساسوكي
10 مشترك



×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
يرجع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم الى إبراهيم وزوجته هاجر المصرية التى كان لسانها عربيا وإبنها إسماعيل والذى نطق بالعربية لسان أمه عليهما السلام وكان إبراهيم قد أسكنهما بوادى مكة كما أمره الله وكانت صحراء وارسل الله جبريل فانبع لهما ينبوع زمزم ليشربا وتعمر المنطقة
وبعد أن بلغ إسماعيل من العمر 13 عاما أمر الله إبراهيم بذبحه لأختبار طاعة إبراهيم لله لأن إبراهيم كان يحب إسماعيل لأنه كان إبنه الوحيد وكان سارة عجوزا عاقرا قد بلغ عمرها 89 عاما
فأطلع إبراهيم كلا من زوجه هاجر وإبنها إسماعيل فقالا إفعل ما أمرك به الله "يمكن مراجعه سفر التكوين" فأخذ ابراهيم إبنه الوحيد إسماعيل فى اليوم الذى يحتفل به المسلمين ويحجون اليه الى جبل عرفات وهم بذبحه فنزل له جبريل بكبش ليفتدى اسماعيل وبعد نجاح إبراهيم واسماعيل فى الأختبار الرهيب أقام الله العهد مع ابراهيم بأن نسله يباركه ويقيم منه أنبيائه وكان عمر ابراهيم وقت العهد 99 عاما وإسماعيل 13 عاما وقد أمر الله إبراهيم بالختان علامة لهذا العهد فختن إبراهيم واسماعيل فى نفس اليوم تنفيذا لأمر الله حسب العهد وكانت سارة لازالت عقيما وقت العهد ومن يومنذ منذ هذا الوقت والعالم فى انتظار النبى الخاتم المرسل الى الشعوب الذى يؤول اليه العهد والذى هو دعوة أبراهيم والذى باركه الله وصلى الله عليه ليكون رحمة للناس أجمعين
وقد قام ابراهيم وإبنه اسماعيل بتعلية جدران الكعبة لتكون آية فى انتظار هذا النبى المنتظر وهناك دعا ابراهيم ربه:
)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة:129)
)فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران:97)
وكان الله قد أرسل موسى الى بنى اسرائيل فلما عصوا الله وفعلوا الخطايا أرسل الله إليهم المسيح
وفعل المعجزات ليثبت بأنه رسول من الله اليهم وقال لهم المسيح بأنهم إن آمنوا به فقد خلصوا
فأن لم يؤمنوا به فقد أدانهم بالعصيان والخطية وهم لم يؤمنوا به فإن كان المسيح حق فاليهود
أصبحوا عليهم غضب الله ويموتون فى خطيتهم
كما أن أتباع المسيح لم يؤمنوا به كرسول وعبدوه مع الله وهذا يخالف تعاليم المسيح حيث قال
وباطلا يعبدونى وهم يعملون تعاليم الناس كما قال بأنه يدعوا لله الواحد وأنه رسوله ولم يستمعوا له
وهذا الوضع كان قائما قبل رسالة محمد فهم ينكرون رسالة المسيح ولايطيعونه
وأرسل الله رسوله الى الناس كافة والى الجن أى الى كل المخلوقات )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (سـبأ:28) )وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) (الاحقاف:29)
)وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)

ومن الحوادث المهمة التي وقعت عام مولده صلى اللّه عليه وسلم حوالي سنة 570 م قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة لهدم الكعبة ولقد دمر الله تعالى جيشه وأهلكه عندما اقترب من الكعبة
وولد النبي صلى اللّه عليه وسلم في فجر يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول 20 أغسطس سنة (570) بمكة في الدار التي صارت تدعى لمحمد بن يوسف الثقفي أخي الحجاج. وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب ونزل على يد الشفا أم عبد الرحمن بن عوف فهي قابلته رافعاً بصره إلى السماء واضعاً يده بالأرض وكانت أمه تحدث أنها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل وكان يطوف بالبيت تلك الليلة فجاء إليها فقالت له يا أبا الحارث ولد لك مولود عجيب فذعر عبد المطلب وقال أليس بشراً سوياً؟ فقالت نعم ولكن سقط ساجداً ثم رفع رأسه وأصبعيه إلى السماء فأخرجته ونظر إليه وأخذه ودخل به الكعبة وعوذه ودعا له ثم خرج ودفعه إليها. وهو الذي سماه محمداً .. فقيل كيف سميت بهذا الاسم وليس لأحد من آبائك فقال أني لأرجو أن يحمده أهل الأرض كلهم. وكانت تلك السنة التي حمل فيها برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سنة الفتح والابتهاج فإن قريشاً كانت قبل ذلك في جدب وضيق في تلك السنة ... ومن عجيب ولادته ما روى من ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شرفة

شق الصدر
قالت حليمة مرضعة الرسول فرجعنا فواللّه أنه بعد مقدمنا بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا إذا أتانا أخوه فى الرضاعة يشتد فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه قالت فخرجت نحوه فوجدناه قائماً منقعاً وجهه فالتزمته فقلت له مالك يا بني؟ قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئا لا أدري ما هو؟ قالت فرجعت وخشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك به وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك فقلت قد بلغ اللّه بابني وقضيت الذي عليَّ وتخوفت الأحداث عليه فأديته عليك كما تحبين. قالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك قالت فلم تدعني حتى أخبرتها. قالت أفتخوفت عليه الشيطان؟ قلت نعم. قالت كلا: واللّه ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لبنيّ لشأناً أفلا أخبرك خبره؟ قلت بلى. قالت رأيت حين حمله به أنه خرج مني نور أضاء لي به قصور بصرى من أرض الشام، ثم حملت به فواللّه ما رأيت من حمل قط كان أخف ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وأنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء. دعيه عنك وانطلقي راشدة.
كان أو ما شق صدره عليه الصلاة والسلام في الرابعة وذلك لتطهيره وإخراج حظ الشيطان منه
وفاة أمه بعد أن ردت حليمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرجت به أمه مرة إلى المدينة سنة 575-576 لزيارة أخواله من بني النجار أي أخوال جده عبد المطلب فمرضت وهي راجعة به وماتت ودفنت بالأبواء بين مكة والمدينة وعمره ست سنوات وكان عمر آمنة حين وفاتها ثلاثين سنة

وفاة جده عبد المطلب وكفالة عمه أبي طالب
لما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثماني سنوات توفى جده عبد المطلب في مكة سنة 578 م بعد عام الفيل بثماني سنين وله عشر ومائة سنة وقيل أكثر من ذلك ودفن بالحجون جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها عند قبر جده قصي ولما حضرته الوفاة أوصى به إلى عمه شقيق أبيه "أبي طالب"

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
السفر إلى الشام.
لما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اثنتي عشرة خرج مع عمه أبي طالب إلى الشام في ركب للتجارة سنة 582 م فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وهي قصبة حوران وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان وكان ببصرى راهب يقال له بحيرا في صومعة له. وكان ذا علم من أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة راهباً إليه يصير علمهم عن كتاب يتوارثونه كابراً عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيراً ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام نزلوا به قريبا من صومعته. فصنع لهم طعاماً كثيراً وذلك عن شيء رآه من صومعته
فقد رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريباً منه فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة وتهصرت أغصانها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى استظل تحتها
فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع ثم أرسل إليهم فقال إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش. فإني أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم. وعبدكم وحركم.
قال له رجل منهم واللّه يا بحيرا إن لك شأنا اليوم ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيراً فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرا صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم ضعاماً فتأكلون منه كلكم. فاجتمعوا وتخلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة. فلما نظر بحيرا في القوم فلم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي. قالوا يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك وهو أحدث القوم سنا في رحالهم. فقال لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم ثم قام إليه رجل من قريش فاحتضنه وأجلسه مع القوم. فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام بحيرا فقال يا غلام أسألك بحق اللات والعزي إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فأبى رسول اللّه أن يستحلفه بهما فقال له بحيرا ألا أخبرتني عما أسألك عنه؟ فقال له سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله ومن نومه وهيئته وأموره فجعل رسول اللّه
يخبره بخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه وكان مثل أثر المحجمة (يعني أثر المحجمة القابضة على اللحم حتى يكون ناتئا) فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال ما هذا الغلام منك؟ قال ابني. قال بحيرا ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا؟ فقال إنه ابن أخي. قال فما فعل أبوه؟ قال مات وأمه حبلى به. قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود فو اللّه لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً فإنه كائن له شأن عظيم فأسرع به إلى بلده فخرج به عمه أبو طالب سريعاً حتى أقدامه مكة حين فرغ من تجارته بالشام(1)
إن بحيرا لما عرف رسول اللّه تخوف عليه من اليهود فنصح لأبي طالب بالرجوع به سريعاً والمحافظة عليه وقد روت حليمة أن اليهود كانوا إذا رأوه وعرفوه حض بعضهم بعضا على قتله حتى أنها كانت تضطر إلى الإختفاء به والإبتعاد عنهم وعلى كل حال كانوا ينتظرون في ذلك الوقت ظهور نبي وكان بعض المتعمقين في الدين يعرفون علامات ذلك النبي وسنذكر فيما بعد أوصافه صلى اللّه عليه وسلم المذكورة في التوراة ولا شك أن عالما مثل بحيرا كان يعرفها

الرحلة الثانية إلى الشام 595 م.
لما بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خمساً وعشرين سنة قال له أبو طالب أنا رجل لا مال لي وقد اشتد الزمان علينا وهذه عير قومك وقد حضر خروجها إلى الشام وخدسجة بنت خويلد تبعث رجالا من قومك في عيراتها فلو جئتها فعرضت عليها نفسك لأسرعت إليك. وبلغ خديجة ما كان من محاورة عمه له فأرسلت إليه في ذلك وقالت له أنا أعطيك ضعف ما أعطى رجلا من قومك. فخرج مع غلامها ميسرة وجعل عمومته يوصون به أهل العير حتى قدم بصرى من الشام وهي مدينة على دمشق فنزلا في ظل شجرة فقال نسطور الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. ثم قال : لميسره أفي عينيه حمرة؟ قال: نعم لا تفارقه. قال: هو نبي وهو آخر الأنبياء. وكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتد الحريرى ملكين يظلان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الشمس فوعى ذلك كله ميسرة وباعوا تجارتهم وربحوا ضعف ما كانوا يربحون. فلما رجعوا أخبرها بما قال الراهب نسطور فلما رأت خديجة الربح الكثير أضعفت له ضعف ماسمت به.

تزويج رسول اللّه خديجة رضي اللّه عنها.
كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي امرأة حازمة جلدة شريفة غنية من أواسط قريش نسباً وأعظمهم شرفاً. وقد عرض كثيرون عليها الزواج فلم تقبل فلما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرسلت إليه من يرغبه في الزواج وقيل أنها أرسلت أختها فقال ما بيدي ما أتزوج به فقالت فإن كفيت ذلك ودعيت إلى المال والجمال والشرف والكفاءة ألا تجيب؟ قال فمن هي؟ قالت له خديجة قال فأنا أفعل. فذهبت فأخبرت خديجة فأرسلت إله أن ائت لساعة كذا وكذا وأرسلت إلى عمها عمرو بن أسد ليزوجها خديجة فحضر ودخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في عمومته فزوجه أحدهم فقال عمرو بن أسد "هذا البضع لا يفرع أنفه" وتزوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو ابن خمس وعشرين سنة وخديجة يومئذ بنت أربعين سنة وقد حضر رؤساء مضر وحضر أبو بكر رضي اللّه عنه ذلك العقد فقال أبو طالب: "الحمد للّه الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل
في صحيح البخاري عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري رضي اللّه عنهما(2) وهو يحدث عن فترة الوحي فقال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حديثه بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك (3) الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فربت منه فرجعت (4) فقلت زملوني زملوني فأنزل اللّه تعالى {يَأَيُّهَا المُدَّثِّرُ (5) قُمْ فَأَنْذِرْ (6) وَرَبِّكض فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهَِرْ وَالرُّجْزَ (7) فَاهْجُرُ} فحمى الوحي (8) وتتابع
قال اين اسحق ابتدئ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالتنزيل في شهر رمضان يقول اللّه تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} وقال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر} وقال اللّه تعالى {حم وَالْكِتَابِ المُبينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهْ فِي لَيْلةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كْنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عَنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِين} .
ولما فتر الوحي حزن النبي صلى اللّه عليه وسلم حزنا شديداً غدا منه مراراً كي يتردى من روءس الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال يا محمد إنك رسول اللّه حقاً. فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه. وكانت مدة فترة الوحي ثلاث سنين كما جزم به ابن اسحاق ثم نزل عليه جبريل بسورة الضحى يقسم له ربه وهو الذي أكرمه بما أكرمه به وما ودعه وما قلاه، فقال تعالى {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَة خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى *

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في السوق يقول أيها الناس: قولوا لا إله إلا اللّه تفلحوا ورجل خلفه يرميه بالحجارة وقد أدمى عقبيه. وقال لا تطيعوه فإنه كذاب. فقلت من هذا؟ قال محمد وعمه أبو لهب. أما امرأته فهي أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان بن حرب عمة معاوية فكانت أيضا في غاية العداوة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وترمى الشوك في طريقه
ولما مات عمة أبو طالب وتلى ذلك زوجه إشتد أذى الناس له وكان من يؤمن به بسبب أنهم يعلمون صدفه وأمانته ولأنهم يجيدون اللغه فكانوا منبهرين بالقرآن الكريم الذى ينزل عليه وأعجاز جمله ولكن اشتد إيذاء الكفار للنبى مما أصاب النبي صلى اللّه عليه وسلم من الإيذاء كما في البخاري: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول اللّه فلف ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً فجاء أبو بكر فأخذ بمنكبه فدفعه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وفي رواية ثم قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي اللّه بِسْمِ اللّه الرَّحَمَنِ الرَّحِيمِ. حَم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} ثم مضى رسول اللّه فيها يقرؤها عليه فلما سمعها عتبة منه انصت لها وألقى يديه خلف ظهره متعمداً عليهما يستمع منه ثم انتهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد. ثم قال. قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك
فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف باللّه لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال ورائي أني قد سمعت قولا واللّه ما سمعت مثله قط. واللّه ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا الكهانة. يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي. خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فو اللّه ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وأن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به. قالوا سحرك واللّه يا أبا الوليد بلسانه. قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم
لقد ظن أبو الوليد في بادئ الأمر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم يقبل ما يعرضه عليه من مال وجاه وملك فأظهر له استعداد قريش لمنحه كل ما يبغي على أن لا يتعرص لدينهم ولا يدعوهم إلى ترك عبادة الأصنام. ظن ذلك لأن الإنسان ولا سيما الفقير المحتاج يطمع في المال وتغره أبهة الملك فيتشبث بهما ويسعى إليهما ما وجد للسعي سبيلا ولو كان أبو الوليد عرض ذلك كله أبو بعضه على غير النبي صلى اللّه عليه وسلم لاغتبط به واتفق مع قريش في الحال وأراح نفسه وأصحابه من العناء والإيذاء والتعذيب والتهديد بالقتل في كل وقت. لكن النبي صلى اللّه عليه الصلاة والسلام لم يكن طامحا إلى شيء من ذلك أصلا ولم يكن في وسعه أن يتنحى عن الدعوة إلى الإسلام مهما حاولت قريش صرفه عنها. ألا ترى أنه قال لعمه أبي طالب "واللّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره اللّه أو أهلك فيه ما تركته"
.
لما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء والعذاب وما هو فيه من العافية بمكانه من اللّه عز وجل ودفاع أبي طالب عنه وأنه لا يقدر أن يمنعهم،
قال: "لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن فيها ملكاً لا يُظلم أحد عنده حتى يجعل اللّه لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه".
وكان اسم النجاشي وقتئذ أصحمة بن أبجر. والنجاشي اسم لكل ملك يلي الحبشة
فخرجوا متسللين سراً وذلك في شهر رجب سنة خمس من بعد النبوة (سنة 615 م) وكانوا أثني عشر رجلا وأربع نسوة حتى انتهوا إلى الشُّعيبة فمنهم الراكب والماشي وأوقف اللّه للمسلمين ساعة جاءوا سفينتين للتجار حملوهم فيها إلى أرض الحبشة وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر حيث ركبوال فلم يدركوا منهم أحداً.
وفاة أبي طالب سنة 620 م.
كان أبو طالب بن عبد المطلب من أشد الناس دفاعا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه
وفاة زوجته
سفره إلى الطائف.
الطائف بلدة على مسافة 65 ميلا من مكة فدعوا له غلاما لهما نصرانياً يقال له عَدَّاس فقالا له يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول اللّه فما وضع رسول اللّه يده قال بسم اللّه فنظر عداس إلى وجهه ثم قال واللّه إن هذا الكلام يا يقوله أهل هذه البلدة قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك. قال أنا نصراني وأنا رجل من أهل نِينَوي. فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى. قال له وما يدريك ما يونس بن متى. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذاك أخي كان نبياً وأنا نبيّ فأكب عدّاس على رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقبل رأسه ويديه ورجليه. فقال ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه أما غلامك فقد أفسده عليك. فلما جاءهما عداس قالا له ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه. قال يا سيدي مافي الأرض خير من هذا الرجل. لقد خبرني بأمر لا يعلمه إلا نبي. فقالا ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه. ثم أن رسول اللّه صلى اللّه
عليه وسلم انصرف من الطائف راجعاً إلى مكة حين يئس من خبر ثقيف فلما قدمها وجد قومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه الا قليلا مستضعفين ممن آمن به.

الإسراء والمعراج سنة 621 م.
كان الإسراء قبل الهجرة بسنة في ليلة سبع وعشرين من شهر رجب وهو المشهور عليه عمل الناس وكان ليلة الأثنين.
كان الأسراء إلى بيت المقدس والمعراج إلى السموات وفرضت عليه في تلك الليلة الصلوات الخمس.
وقد ذكر الإسراء في القرآن قال تعالى :
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرِى بِعَبُدِهِ لَيْلاً مِنَ الَمسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ الَّسمِيعُ الْبصِيرُ}.
وكيفية الأسراء أن جبريل عليه السلام حضر ومعه دابة ايمها البراق فركبها الرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنقلته من مكة الى القدس الى مكان المسجد الأقصى ثم ترك البراق
وعرج مع جبريل الى السموات السبع "عالم الملكوت" حيث قبل من فيهن ممن سبقوه من الأنبياء
)اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاَطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (الطلاق:12) وهذا هو عالم الملكوت الذى بشر به المسيح
وهم سبعه عوالم غير مادية متطابقة فى نفس الموقع لكل منها درجة أعلى من الأخرى وأنه حسب أعمالنا فى حياتنا الدنيا نحصل على درجتنا )هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) (آل عمران:163) ففى السماء الأولى والأرض الأولى قابل الرسول آدم عليه السلام ومن فى منزلته وفى السماء الثانية والأرض الثانية قابل المسيح ويحى وفى السماء الثالثة قابل يوسف وفى الرابعه قابل ادريس وفى الخامسة قابل هارون وفى السادسة قابل موسى وفى السابعه قابل ابراهيم عندها سدرة المنتهى وجنة المأوى وهى النهاية لكل مخلوق وقال له جبريل بأنه لايمكنه أن يصعد أعلى من ذلك وقد صعد الرسول وحده حيث لم يصعد أحد من قبل وصلى اللّه عليه وسلم حسب عهد الله لأبراهيم عليه السلام وليطلع على عجائب الملكوت كما قال تعالى: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} والا فاللّه تعالى لا يحويه زمان ولامكان ورأى ربه تلك الليلة وأوحى إلى عبده ما أوحى وفرض عليه خمس صلوات وجمع له الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصلى بهم في بيت المقدس ثم استقبلوه في السموات ورجع صلى اللّه عليه وسلم من ليلته إلى مكة بالبراق كان هذا الحدث أهم حدث فى حياة الرسول وتثبيت لفؤاده بان يعرف الحقيقة
وقد تزوج الرسول بعائشة بنت ابى أبى بكر وكان أهميتها للأسلام بأنها روت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أكثر من ألف حديث وكانت من أكبر النساء عقل وعاشت مدة طويلة بعد الرسول. فصيحة الكلام صحيحة المنطق أحفظ أهل زمانها للحديث وقد روت عنها الرواة من الرجال والنساء. وقبض رسول اللّه ولم يتزوج بكراً غيرها وقبض رسول اللّه ودفن في بيتها وتوفيت سنة سبع وخمسين للّهجرة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان (13 يولية سنة 678 م) وقد قاربت سبعاً وستين سنة وصلى عليها أبو هريرة بالبقيع ودفنت ليلا وذلك زمن ولاية مروان بن الحكم على المدينة في خلافة معاوية وكان مروان استخلف أبا هريرة لما ذهب إلى العمرة في تلك السنة. روى القاسم بن محمد عن عائشة رضي اللّه عنها أنا قالتك فضلت أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم
ثم جاء موعد الهجرة الى المدينة ليذهب الى مكان مناسب آمن يعيش فيه المسلمين بلا اضطهاد
خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهم يرصدونه فأخذ حفنة تراب وجعل ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو قوله تعالى يَس إلى قوله {فَأَغْشَيُنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرونَ} ثم انصرف فلم يروه. فلما أفاقوا من غشيتهم جعلوا يطلعون فيرون علياً نائما وعليه برد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيقولون إن محمداً لنائم. فأقاموا بالباب يحرسون علياً يحسبونه النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى يقوم في الصباح. فلما أصبحوا قام على عن الفراش فقالوا له أين صاحبك؟ قال لاأدري فعلموا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد نجا. فأما عليّ فأقام بمكة حتى يؤدى ودائع النبي صلى اللّه عليه وسلم وقصد النبي صلى اللّه عليه وسلم دار أبي بكررضي اللّه عنه وأعلمه بأن اللّه قد أذن له بالهجرة فقال أبو بكر الصحبة يا رسول اللّه. قال الصحبة، فبكى أبو بكر رضي اللّه عنه فرحاً واستأجر عبد اللّه بن أريقط وكان مشركا ليدل بهما إلى المدينة وينكب عن الطريق العظمى. ولم يعلم بخروج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير أبي بكر وعليّ وآل أبي بكر وكان خروجه صلى اللّه عليه وسلم من مكة يوم الخميس أول يوم من ربيع الأول وقدم المدينة لأثنتي عشرة خلت من ربيع

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
الأول وذلك يوم الأثنين الظهر لثلاث وخمسين سنة من مولده 28 يونيه (622 م) وروى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال حين خروجه من مكة إلى المدينة "اللّهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إليَّ فاسكني أحب البلاد اليك"
622 م هجرة الرسول الى المدينة وكان عمر الرسول صلى الله عليه وسلم 53 عاما قال حين وكان مدة مقامه بمكة بعد البعثة ثلاث عشر سنة. ثم أتيا الغار الذي بجبل ثور على ثلاثة أميال من جنوب غربي مكة، وأمره أبو بكر ابنه عبد اللّه أن يستمع لهما بمكة ثم يأتيهما ليلا وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يأتيهما بها ليلا ليأخذا حاجتهما من لبنها وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بطعامهما. فأقاما في الغار ثلاثا. ولما فقدته قريش اتبعوه ومعهم القائف فقاف الأثر حتى وقف عند الغار وقال هنا انقطع الأثر وإذا بنسيج العنكبوت على فم الغار وقد عششت على بابه حمامتان. فقالت قريش ما وراء هذا شيء. وجعلوا مائة ناقة لمن يرده عليهم. فلما مضت الثلاث وسكن الناس أتاهما دليلهما ببعيرين فأخذ أحدهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أبي بكر لتكون هجرته إلى اللّه بنفسه وماله رغبة منه عليه الصلاة والسلام في استكمال فضل الهجرة إلى اللّه تعالى. ثم ركبا وأردفبو بكر عامر بن فهيرة يخدمهما في الطريق وأتتهما أسماء بسفرة لها وشقت نطاقها وربطت السفرة فسميت ذات النطاقين وحمل أبو بكر جميع ماله وكان نحو ستة آلاف درهم وبينما هما في الطريق مجردين منكل سلاح بصر بهما سراقة بن مالك بن جعشم فاتبعهما ليردها فدعا عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فساخت قوائم فرسه في أرض صلبة. فقال أدعي لي يا محمد ليخلصني اللّه أن أراد عنك الطلب فدعا له فخلص. فدعا عليه ثانية فساخت قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى. فقال يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك علي فادع اللّه أن ينجيني مما أنا فيه ولك عهد اللّه أن أرد عنك الطلب. فدعا له فخلص وعاهدهم أن لا يقاتلهم ولا يخبر عنهم وأن يكتم عنهم ثلاث ليال. فرجع سراقة ورد كل من لقيه بأن يقول ما ها هنا
وصوله صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة
نزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قباء على كلثوم بن هرم شيخ بني عمرو بن عوف وهم بطن من الأوس. وقباء قرية على ميلين من جنوب المدينة وهي خصبة بها حدائق من أعناب ونخيل وتين ورمان وأقام بها رسول اللّه يوم الأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجد قباء وهو الذي أسس على التقوى من أول يوم ونزل أبو بكر رضي اللّه عنه على حبيب بن أساف بالسنح ثم قدم عليّ رضي اللّه عنه ومعه الفواطم وأم أيمن وولدها أيمن وجماعة من ضعفاء المؤمنين ولما وصل نزل على كلثوم بن الهرم اقتداء النبي صلى اللّه عليه وسلم وكان عليّ رضي اللّه عنه في طريقه يسير الليل ويكمن النهار ثم ركب النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الجمعة يريد المدينة وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي ببطن الوادي بمن معه من المسلمين وكانوا مائة وهي أول جمعة صلاها بالمدينة وأول خطبة خطبها في الإسلام ثم ركب راحلته يريد المدينة وأرخى زمامها فاكان لا يمر بدار من دور الأنصار الا قالوا هلم يا رسول اللّه إلى العدد والعدة والمنعة ويعترضون ناقته فيقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة حتى بركت عند موضع مسجده اليوم وكان يربداً للتمر
لغلامين يتيمين وهما سهل وسُهيل ابنا عمرو من بني النجار فلما بركت لم ينزل عنها ثم وثبت فسارت غير بعيد ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به فالتفتت خلفها ثم رجعت إلى مبركها الأول فبركت فيه ووضعت جرانها فنزل عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واحتمل أبو أيوب الأنصاري رحل ناقته إلى بيته ودعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقالا بل نهبه لك يا رسول اللّه فأبى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يقبل منهما هبة حتى أتباعه منهما ثم بناه مسجداً وطفق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينقل معهم اللبن (الطوب النئ) في بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن
هذا الحمال لا حمال خيبر * هذا أبر ربنا وأطهر
نزل من القرآن بمكة اثنتان وثمانون سورة.
فرح أهل المدينة بقدم النبي صلى اللّه عليه وسلم فرحاً شديداً وصعدت ذوات الخدور على الأسطحة. وعن عائشة رضي اللّه عنها، لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة جلس النساء والصبيان والولائد يقلن جهراً:
طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا * ما دعا للّه داع
أيها المبعوث فينا * جئت بالأمر المطاع
قال ابن عباس إبن النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الأثنين واستنبئ يوم الأثنين ورفع الحجر الأسود يوم الأثنين وقبض يوم الأثنين وإبتدأ التاريخ في الإسلام من هجرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من مكة إلى المدينة وأول من أرخ بالهجرة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه سنة سبع عشر من الهجرة إلا أن التاريخ الهجري يبدأ قبل الهجرة بشهرين وذلك أنهم جعلوا مبدأ التاريخ المحرم من تلك السنة والنبي صلى اللّه عليه وسلم بعد بمكة ثم كانت الهجرة بعد ذلك في ربيع الأول.
خطبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة.
هذا نص الخطبة التي خطبها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عوف:
"الحمد للّه أحمد وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأومن به ولا أكفره وأعادي من يكفره. وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدي والنور والموعظة على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ودنو من الساعة وقرب من الأجل. من يطع اللّه ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط وضل ضلالا بعيداً. وأوصيكم بتقوى اللّه فإنه خير ما أوصى به المسلمُ المسلم ثم أن يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى اللّه. فاحذروا ما حذركم اللّه من نفسه ولا أفضل من ذلك نصيحة ولا أفضل من ذلك ذكراً. وإن تقوى اللّه لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة. ومن يصلح الذي بينه وبين اللّه من أمره في السر والعلانية لا ينوي بذلك الأوجه اللّه يكن له ذكراً في عاجل أمره وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم وما كان من سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمدا بعيداً ويحذركم اللّه نفسه واللّه رؤوف بالعباد. والذي صدق قوله وأنجز وعده لا خلف لذلك فإنه يقول عز وجل "ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد" فاتقوا اللّه في عاجل أمركم وآجله. في السر
والعلانية فإنه من يتق اللّه يكفر عنه سيآته ويعظم له أجراً. ومن يتق اللّه فقد فاز فوزا عظيما. وأن تقوى اللّه يوقى مقته ويوقى سخطه، وأن تقوى اللّه يبيض الوجوه ويرضى الرب ويرفع الدرجة. خذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب اللّه. قد علمكم اللّه كتابه ونهج لكم سبيله ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. فأحسنوا كما أحسن اللّه إليكم وعادوا أعداءه، جاهدوا في اللّه حق جهاده هو اجتباكم وسماكم المسلمين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة ولا قوة إلا باللّه، فأكثروا ذكر اللّه واعملوا لما بعد اليوم فإنه من يصلح ما بينه وبين اللّه يكفه اللّه ما بينه وبين الناس ذلك بأن اللّه يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ملا يملكون منه، اللّه أكبر ولا قوة إلا باللّه العظيم
هذه هي أول خطبة خطبها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة في أول جمعة ونلاحظ أن رسول اللّه لم يذكر فيها أهل مكة ولا ما كان من عنادهم وإصرارهم على الكفر وإيذائهم للمسلمين وتآمرهم على قتله بل قصر خطبته على حض المسلمين على التقوى وتذكيرهم باللّه تعالى وهذا في الحق غاية الأدب ومنتهى ما يصل إليه حلم الحليم ولو كان غير رسول اللّه لا يستفزه الغضب وعدد مثالبهم لأنهم هم الذين خذلوه واضطهدوه وأخرجوه من أحب البلاد إليه وكانوا عقبة في سبيل تبليغ رسالة ربه وقد صدق اللّه تعالى حيث قال فيه {وَإنَّكَ لَعَلَي خُلُقٍ عَظِمٍ}.

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
[size=16]وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يخطب إلى جذع يتكئ عليه فقالت امرأة من الأنصار أو رجل يا رسول اللّه ألا نجعل لك منبرا؟ قال إن شئتم فجعلوا له منبرا ولما فارق رسول اللّه الجذع وصعد المنبر حن الجذع وسمع له صوت كصوت العشار فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ألا تعجبون من حنين هذه الخشبة؟ فأقبل الناس عليها فسمعوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم فنزل إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فضمه فسكن.
وفي صحيح البخاري عن ابن عمر. قال كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع فأتاه فمسح بيده عليه.

لما هاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً وكان يحب أن يصرف إلى الكعبة فقال يا جبريل وددت أن اللّه صرف وجهي عن قبلة يهود. فقال جبريل: إنما أنا عبد فادع ربك وسله وجعل إذا صلى إلى بيت المقدس يرفع رأسه إلى السماء فنزلت عليه "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها" فوجه إلى الكعبة إلى الميزاب. ويقال صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين ثم أمر أن يتوجه إلى المسجد الحرام فاستدار إليه ودار معه المسلمون. ويقال بل زار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعاما وحانت الظهر فصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم باصحابه ركعتين ثم أمر أن يتوجه إلى الكعبة فاستدار إلى الكعبة فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمى المسجد مسجد القبلتين وذلك يوم الأثنين. للنصف من رجب على رأس ثمانية عشر شهرا

فرض صيام شهر رمضان وزكاة الفطر.
نزل فرض صيام شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة في شعبان على رأس ثمانية عشر شهراً من هجرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال تعالى {يَأَيُّها الَّذِينَ آمَنْوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} الآية وقال عز وجل {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وركن الصيام الإمساك عن المفطرات وأمر في هذه السنة بزكاة الفطر وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال وكان يخطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل الفطر بيومين فيأمر بإخراجها قبل ان يعدو إلى المصلى وأقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحى في كل عام. وكان يضحى بكبشين سمينين أقرنين أملحين أحدهما عن أمته والآخر عن نفسه وآله يأكل هو وأهله منهما ويطعم المساكين.
وكان الكفار من مكة يغيرون على المسلمين بالمدينة للقضاء عليهم وكانت موقعة بدر هى اول هذه المعارك بين الكفار الغازين والمسلمين المدافعين واستمرت المعارك حتى قوى الأسلام واستعاد الرسول مكه وطهرها من الأصنام ودخل الناس فى دين الله أفواجا
أسباب انتصار المسلمين في موقعة بدر.
ليست موقعة بدر من الوقائع الكبيرة من حيث عدد جيوش المتحاربين واستعدادهم الحربي فإن عدد المسلمين كان نحو 300 يقابلهم نحو ألف من أهل مكة ولكنها موقعة مهمة لأنها كانت بمثابة الحجر الأساسي في إنتصار الرسول في الوقائع المقبلة. في هذه الموقعة انهزم أهل مكة وظهر ضعفهم في القتال على كثرة عددهم وفرسانهم وقد أبدى بعض المؤرخين استغرابه لما أصاب أعداء المسلمين من الفشل مع أنهم كانوا أكثر منهم عدداً وكان معهم مائة فرس وسبعمائة بعير ومع ذلك لم يكتسحوهم أمامهم بفرسانهم وركبانهم بل ولوا هاربين أمام النبي صلى اللّه عليه وسلم ومن معه من المسلمين وخطب فيهم مستنهضا هممهم وكان يشرف على الموقعة مع ذلك العريش العالي ويصدر الأوامر فكان قائداً اماً ولم يصدر من أصحابه أية مخالفة لأوامره أما أبو سفيان فقد هزم بالرغم من العدد الهائل الذى كان يسانده والقرآن الكريم والأحاديث النبوية تنص صراحة على أن اللّه سبحانه وتعالى أمد نبيه بمدد باطني فحاربت الملائكة مع المسلمين ونصروهم على أعدائهم وقد رآهم بعض الصحابة وبعض أهل مكة في ميدان القتال وذكروهم بسيماهم فقيل كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم قد أرخوها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر وكان الزبير بن العوام متعمما بعمامة صفراء فقال صلى اللّه عليه وسلم نزلت الملائكة - أي بعضهم - بسيما أبي عبد اللّه يعني الزبير. وكانت خيل الملائكة بلقا مسوّمة - مزينة -. وعن عليّ كرم اللّه وجهه قال هبت ريح شديدة يوم بدر ما رأيت مثلها قط ثم جاءت أخرى كذلك ثم جاءت أخرى كذلك فكانت الأولى جبريل نزل في ألف من الملائكة أمام النبي صلى اللّه عليه وسلم وكانت الثانية ميكائيل نزل في ألف من الملائكة عن يمين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكانت الثالثة اسرافيل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. هذا وقد جيء بالعباس يوم بدر أسره أبو اليَسَر وكان مجموعاً وكان العباس جسيما فقيل لأبي اليسر كيف أسرته؟ قال أعانني عليه رجل ما رايته من قبل ذلك بهيئته كذا وكذا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لأصحابه قد رأيت جبريل وعلى ثناياه النقع. فقال رجل من بني غفار أقبلت أنا وابن عمر لي فصعدنا جبلا يشرف بنا على بدر ونحن مشركان ننظر لمن تكون الدائرة فننتهب فدنت منا سحابة فسمعت فيها حمحمة الخيل وسمعت قائلا يقول أقدم حيزوم. قال فأما ابن عمي فمات مكانه وأما أنا فكدت أهلك فتماسكت. وقال أبو داود المازني إني لاتبع رجلا من المشركين لاضربه إذ وقع راسه قبل أن يصل سيفي إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف إن اللّه قد اختص نبيه بمعجزات وهذه احداها ولا سبيل لانكارها فى سيرة النبي صلى اللّه عليه وسلم فقد وردت في القرآن والأحاديث النبوية الصحيحة.

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
وروى الصحابة رضي اللّه عنهم الذين شهدوا بدراً أنهم رأوا الملائكة بسيماهم وهم يحاربون. قال حويطب بن عبد العزى شهدت بدراً مع المشركين فرأيت عبراً رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض ولم أذكر ذلك لأحد ومن أسباب انتصار المسلمين قوة العقيدة فإن لها تأثيرا عظيما في الحروب فشتان بين من يحارب بعقيدة راسخة لينصر اللّه ورسوله فإن قتل فاز بنعمة الشهادة وتنعم في دار الخلد وبين من يحارب وهولا يشعر بقوة العقيدة التي تدفع خصمه إلى القتال من غير مبالاة فالمسلمون كانوا يتوقون إلى الموت في سبيل اللّه فمن ذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج من العريش يوم بدر وهو يقول {سَيهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الُّبْرَ} وحرّض المسلمين وقال "والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر الا أدخله اللّه الجنة"

معجزات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
لكل رسول معجزات من الله تناسب وقته فموسى عليه السلام كانت معجزاته تفوق السحرة
والمسيح عليه السلام كانت معجزاته عظيمة لكى تقنع اليهود بأنه مرسل اليهم من الله
والرسول صلى الله عليه وسلم كانت معجزاته مع الجمادات فقد كانت تكلمه وتسبح بين يديه
كما أن الحيوانات كانت تتحدث اليه وتشكوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم
وله معجزات كثيرة والتى أهمها "القرآن الكريم" :


كان ارسال الكتاب إلى هرقل سنة ست من الهجرة بعد رجوعه صلى اللّه عليه وسلم من الحديبية وكان وصوله إليه في المحرم سنة سبع وقد أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي أن يدفعه إلى عظيم بصري وهو الحارث ملك غسان ليدفعه إلى هرقل وكان هرقل قد نذر أنه إذا ظهر على الفرس وأخرجهم من بلادهم زار القدس حاجا ماشيا على قدميه. فخرج في خريف 628 م (السنة الرابعة من الهجرة) وفاء بنذره. وفي أثناء سفره سلم إليه حاكم بصرى كتاب النبي صلى اللّه عليه وسلم وكان دحية لما انتهى إلى الحارث أرسل معه عدي بن حاتم ليوصله إلى هرقل.
وهذا نص الكتاب
(بسم اللّه الرحمن الرحيم. من محمد رسول اللّه إلى هرقل عظيم الروم. السلام على من اتبع الهدى أما بعد. أسلم تسلم. وأسلم يؤتك اللّه أجرك مرتين وأن تتول فإن إثم الاكارين عليك


كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى كسرى بن هرمز وبعث بالكتاب مع عبد اللّه بن حذافة السهمي لأنه كان يتردد على كسرى كثيراً وهذا نص الكتاب:
(بسم اللّه الرحمن الرحيم. من محمد رسول اللّه إلى كسرى عظيم فارس. سلام على من اتبع الهدى وآمن باللّه ورسوله وشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه إلى الناس كافة لينذر من كان حياً. أسلم تسلم فإن أبيت فعليك اثم المجوس).
فمزق كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال رسول اللّه "مزق ملكه".
ثم كتب كسرى إلى أمير له باليمن يقال له "باذان" أن أبعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جَلْدين فليأتياني به فبعث "باذان" قهرمانه وهو "بابويه". وكان كاتبا حاسباً بكتاب فارس وبعث معه رجلا من الفرس يقال له "خرخسر" وكتب معهما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى وقال لبابويه أئت بدل هذا الرجل وكلمه وأتني بخبره فخرجا حتى قدما الطائف فوجدا رجالا من قريش بنخب من أرض الطائف فسألاهم عنه فقالوا هو بالمدينة. واستبشروا بهما وفرحوا وقال بعضهم لبعض أبشروا فقد نصب له كسرى ملك الملوك. كفيتم الرجل فخرجا حتى قدما على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكلمه بابويه. فقال إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث اليك من يأتيه بك وقد بعثني إليك لتنطلق معي فإن فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك وأن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك. ودخلا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما فكره النظر إليهما. ثم أقبل عليهما فقال: ويلكما من أمركما بهذا؟ قال ربنا. يعنيان كسرى فقال رسول اللّه: لكن ربي
أمرني باعفاء لحيتي وقص شاربي. ثم قال لها ارجعا حتى تأتياني غداً وأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الخبر من السماء أن اللّه قد سلط على كسرى ابنه (شيرويه) فقتله في شهر كذا وكذا ليلة كذا وكذا من الليل بعدما مضى من الليل سلط عليه ابنه شيرويه فقتله.
قال الواقدي: "قتل شيرويه أباه كسرى ليلة الثلاثاء لعشر ليال مضين من جمادى الأولى من سنة سبع ساعات مضت منها".
فدعاهما فأخبرهما فقالا هل تدري ما تقول أنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا أفنكنب هذا عنك ونخبره الملك؟ قال نعم أخبراه ذلك عني وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى وينتهي إلى منتهى الخف والحافر وقولا له إنك إن أسلمت أعطيتك ماتحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء. ثم أعطى "خرخسرة" منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فقال واللّه ما هذا بكلام ملك وأني لأرى الرجل نبياً كما يقول ولتنظرن ما قد قال فلئن كان هذا حقا ما فيه كلام، أنه لنبي مرسل. وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا.
اسلام باذان
لم ينشب باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه وهو:
"أما بعد فأني قد قتلت كسرى ولم أقتله الاغضباً لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم وتجميرهم في ثغورهم فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب فيه إليك فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه"
فما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان قال إن هذا الرجل لرسول فأسلم وأسلمت الايناء معه من فارس من كان منهم باليمن فكانت حمير تقول لخرخسرة ذو المعجزة للمنطقة التي أعطاه أياها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمنطقة بلسان حمير المعجزة فينوه اليوم ينسبون إليها خرخسرة ذو المعجزة. وقد قال بابويه لباذان ما كلمت رجلا قط أهيب عندي منه. فقال له باذان هل معه شرط؟ قال لا.
ثم ملكّ اللّه المسلمين ملك كسرى وخزائنهم وأموالهم في خلافة عمر رضي اللّه عنه ومزقهم اللّه كل ممزق تحقيقا لدعوته صلى اللّه عليه وسلم.
-4- كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى المقوقس عظيم القبط

بعث صلى اللّه عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة رضي اللّه عنه إلى المقوقس. وذلك أنه صلى اللّه عليه وسلم عند منصرفه من الحديبية قال أيها الناس أيكم ينطلق بكتابي هذا إلى صاحب مصر وأجره على اللّه؟ فوثب إليه حاطب وقال أنا يا رسول اللّه فقال بارك اللّه فيك يا حاطب وهذا نص الكتاب:
(بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللّه وَرَسُولِهِ إلى الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ. سَلاَمٌ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى. أمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أدْعُوكَ بِدِعَايَة الْإِسلاَمِ, أسْلِمْ تِسْلَمْ يُؤْتِكَ اللّه أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إثْمُ كلّ الْقِبْطِ يأَهْلِ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أنَّ لاَ نَعْبُدَ إلاَّ اللّه وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شيئا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أرْبَاباً مِنْ دُونِ اللّه فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهدُوا بَأَنَّا مُسْلِمُونَ).
وهذا الكتاب محفوظ بدار الآثار في الأستانة قيل عثر عليه عالم فرنسي في دير بمصر قرب أخميم في زمن سعيد باشا.
فسار حاطب بالكتاب حتى قدم على المقوقس إلى مصر فلم يجده فذهب إلى الاسكندرية وأعطاه كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فضمه إلى صدره وجعله في حق عاج ودعا كاتباً له يكتب بالعربية فكتب:
(إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم. بسم اللّه الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد اللّه من المقوقس عظيم القبط. سلام عليك. أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعوا إليه وقد علمت أن نبياً قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام) وذكر له ما كان من اكرامه لحاطب وقيل أنه دفع له مائة دينار وخمسة أثواب ودعا رجلا عاقلا فلم يجد بمصر أحسن ولا أجمل من مارية (مريم) وأختها سيرين وهما من أهل حَفن من كورة أنصا, قرية بصعيد مصر (2) فبعث بهما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأهدى له بغلة وعسلا من عسل بنها. وقيل بعث له غير ذلك عشرين ثوباً من قباطي مصر وطيباً وعوداً ومسكا. ولكنه لم يسلم وقد قبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الهدايا فأخذ مارية لنفسه وأهدى سيرين لحسان بن ثابت وهي أم عبد الرحمن بن حسان والبغلة تسمى "الدلدل" وكانت شهباء ولم يكن في العرب يومئذ بغلة غيرها ودعا في عسل بنها بالبركة.
وقد أسلمت مارية قبل أن تصل إلى المدينة هوي وسيرين بدعوة حاطب بن أبي بلتعة.

(1) اسم المقوقس باللغة القبطية Pkauchios ومعنى المقوقس مطول البناء. وهذا لقب كل من ملك مصر وكان اسم هذا المقوقس جريج بن ميناء

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
مارية القبطية
كان رسول اللّه يعجب بمارية القبطية وكانت بيضاء جعدة جميلة فأنزلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأختها على أم سليم بنت مِلحان فأسلمتا فوطئ مارية بالملك وحولها إلى مال له بالعارية كان من أموال بني النضير فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل فكان يأتيها هناك وكانت حسنة الدين ووهب اختها سيرين لحسان بن ثابت الشاعر فولدت له عبد الرحمن وولدت مارية لرسول اللّه غلاماً فسماه إبراهيم. وتوفيت في خلافة عمر وكان عمر يجمع الناس بنفسه لشهود جنازتها وصلى عليها.‏
خطاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى النجاشي أصحمة.
التجأ المهاجرون الأولون إلى الحبشة فأكرمهم النجاشي وبقوا هنالك آمنين من اضطهاد قريش ولما هاجر رسول اللّه إلى المدينة عاد أربعون من المهاجرين والتحقوا بالنبي صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة وبقي منهم في الحبشة نحو خمسين أو ستين تحت حماية النجاشي وقد حمل عمرو بن الضمري رسالتين إليه يدعوه في إحداهما إلى الإسلام وفي الأخرى يأمره أن يزوجه أم حبيبة وهذه صورة كتابه صلى اللّه عليه وسلم إلى النجاشي الذي يدعوه فيه إلى الإسلام:
(بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الَّرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللّه إلَى النَّجاشيّ الْأَصْحَمِ مَلِكِ الْحَبَشَةَ مسَلْمٌ أَنْتَ
فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللّه المَلِكَ الْقُدُّوسَ السلَّاَمَ الْمؤْمِنَ الْمُهَيْمِنَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رُوحُ اللّهش وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْبَتُولِ الطَّيِّبَةِ الْحَصِنَةِ فَحَمَلَتْ بعِيسَى مَنْ رُوحِهِ وَنَفْخِهِ كَمَا خَلَقَ آدَمَ بيَدِهِ وَنَفْخِهِ وَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى اللّه وَحْدَهُ لاَشَرِيكَ لَهُ وَالْمُوَالاَةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَأَنْ تَتَّبِعْنِي وَتُؤْمِنَ بالَّلذِي جَاءَني فَإِنّي رَسُولُ اللّه وَقَدْ بَعَثْتُ إلَيْكَ اُبْنَ عَمِّي جَعْفَراً وَنَفَراً مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإذَا جَاءَكَ فَاقْرِهِمْ وَدَعِ التَّجَبُّرَ فَإنّي أَدْعُوكَ وَجُنُودَكَ إلى اللّه فَقَدْ بَلَّغْتُ وَنَصَحْتُ فَاقْبَلُوا نُصْحِي وِالسَّلاَمُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى
فما وصل إليه الكتاب وضعه على عينيه ونزل عن سريره فجلس على الأرض ثم أسلم وكتب الجواب للنبي صلى اللّه عليه وسلم وهذا هو:
"بسم اللّه الرحمن الرحيم. إلى محمد رسول اللّه. من النجاشي الأصحم بن أبجر. سلام عليك يا نبي اللّه ورحمة اللّه وبركات اللّه الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام. أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول اللّه فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض أن عيسى ما يزيد على ما ذكرت. وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقد قرينا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول اللّه صادقاً مصدقا وقد بايعتك وبايعت بن عمك وأسلمت على يديه للّه رب العالمين وارسلت إليك يا بني ارها بن الأصحم بن أبجر فأني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول اللّه. (2)
قال ابن اسحاق "وذكر لي أن النجاشي بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة فإذا كانوا في وسط البحر غرقت بهم سفينتهم فهلكوا".
اسلام النجاشي
إن رواية ابن اسحاق صريحة بأن النجاشي أصحمة أسلم. وقد قرأ جعفر بن أبي طالب عليه سورة مريم وقول عيسى {قَالَ إنَّي عَبْدُ اللّه آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نبيّاً وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أينَمَا كُنْتُ} الآية. وفي هذه الآية نص عيسى عليه السلام على اثبات عبوديته وقال تعالى {ذَلِكَ عِيسَى بنُ مَرْيَمَ قَوْلُ الْحَقِّ الَّذي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ اللّه أنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إذَا قَوْلُ الْحَقِّ الَّذي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَاكَانَ اللّه أنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إذَا قَضَى أمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنّ فَيَكُونُ} وفي قوله عيسى بن مريم اشارة إلى أنه ولد هذه المرأة وابنها لا أنه ابن اللّه. وقال عز شأنه {وَإِنَّ رَبَّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هّذَا صِرَاطٌ مُسَقِيمٌ}.
وقد شك بعضهم في إسلام النجاشي لكن المصادر التاريخية المهمة تصرح بإسلامه وفي قول عمرو بن العاص أنه بايع النجاشي على الإسلام وسيأتي ذكر ذلك في موضعه ومما يقوى اسلام النجاشي أنه كان مسيحياً نسطوريا ومذهب نسطور قائم على التوحيد وينكر ألوهية المسيح فمن ذلك قوله (لا تقولوا مريم أم اللّه لأنها من البشر ويستحيل أن يولد الاله من البشر).
وقد ذكرت أن بحيرا الراهب الذي أكرم النبي عليه الصلاة والسلام عندما رحل إلى الشام وعرفه بعلامات فيه، كان متبعاً هذا المذهب ونسطور هذا كان رجلا جليل القدر متبحراً في الديانة والذي يدل على مكانته الرفيعة في الدين المسيحي أنه كان بطريرك القسطنطينية من عام 428 إلى 431 م وكان له أتباع كثيرون من القساوسة لكنه اضطهد لعقيدته ونفى. فإذا كانت عقيدة النجاشي كما علمت هي عقيدة نسطور فالراجح أنه أسلم عندما عرض عليه الإسلام رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقرأ عليه سورة مريم التي تنطبق على مذهبه ولأن الإسلام يحارب عبادة الأصنام ويدعو إلى التوحيد وينكر ألوهية عيسى عليه السلام ويقر نبوته.
وجاء في مسند الشافعي (من كتاب الجنائز والحدود) عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات. وهذا دليل على إسلام النجاشي لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يصلي الا على مسلم.
رسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كتابا إلى هوذه بن علي الحنفي صاحب اليمامة مع سليط بن عمرو العامري: وهذه صورة الكتاب
(بِسْمِ اللّه الرَّحْنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّد رَسُولِ اللّه إِلَى هُوذَةَ بْنِ عَلِىٍّ. سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبعَ الْهُدَى وَاعْلَمْ أنَّ دِينيِ سَيَظْهَرُ إلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَجْعَلْ لَكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ).
فلما قرئ على هوذه كتاب رد رداً لطيفاً على سليط. قال الواقدي أن أر كون دمشق الروحي من عظماء النصارى كان عند هوذة فقال له هوذة جاءني كتاب من النبي يدعوني إلى الإسلام فلم أجبه فقال الاركون لم لا تجيبه؟ قال ضننت بديني وأنا ملك قومي ولئن تبعته لن أملك. قال بلى واللّه اتبعته ليملكنك وإن الخير لك في اتباعه وأنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى بن مريم عليه السلام وأنه لمكتوب عندنا في الأنجيل محمد رسول اللّه.. وأركون هذا أسلم على يد خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق. ثم أن هوذة كتب للنبي صلى اللّه عليه وسلم جواب كتابه وقال فيه"
"ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا شاعر قوي وخطيبهم والعرب تهاب مكاني فأجعل لي بعض الأمر أتبعك".
وكأنه أرد الشركة في النبوة أو الخلافة بعده صلى اللّه عليه وسلم. وأجاز سليطاً بجائزة وكساه أثواباً من نسج هَجَر فقدم بكتابه على النبي صلى اللّه عليه وسلم وأخبره بخبره فلما قرأ الكتاب على النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "باد وباد ما في يديه".
ولما انصرف رسول اللّه من الفتح بلغه موت هوذة وقيل أن رسول اللّه قال: أما اليمامة سيظهر بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي.
تيجة ارسال الرسل إلى الملوك والأمراء.
ذكرنا الكتب التي أرسلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام بعد صلح الحديبية وقبل فتح مكة ولا شك أن في ذلك قوة عجيبة وشجاعة عظيمة لأن رسول اللّه وإن كان قد عقد الصلح مع مكة لكنه لم يكن قد تم له فتحها ولم يسلم أهلها وهذه الكتب ليس من السهل ارسالها إلى هؤلاء ولا سيما إلى هرقل وكسرى والمقوقس يدعوهم إلى الإسلام ولو كان غير رسول اللّه لخشي عاقبة ذلك فإن هؤلاء ملوك أقوياء على تخوم بلاده ولكان ارساله الرسل سابقاً لأوانه. الا أن رسول اللّه ما كان واثقا من قوة رسالته ونصر اللّه سبحانه وتعالى أقدم على ارسال رسله بقلب ثابت وعزم صادق فكانت النتيجة ما يأتي:
-1- أنه صلى اللّه عليه وسلم تمكن من معرفة هؤلاء الملوك والأمراء نحوه وميلهم إليه فكانت هذه الكتب بمثابة جس نبضهم.
-2- اسلام باذان أمير اليمن ومن معه.
-3- إن المقوقس وإن كان لم يسلم ألا أنه أظهر الود بتلطفه مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وارساله الهدايا.
-4- اسلام النجاشي على ما هو مشهور في كتب التاريخ وإن كان لم يستطع حمل شعبة على الإسلام.‏

عمرو بن العاص بن وائل بن هشام بن سعيد . وهو الذي أرسلته قريش إلى النجاشي ليسلم إليهم من عنده من المسلمين. جعفر بن أبي طالب ومن معه فلم يفعل وقال له يا عمرو وكيف يعزب عنك أمر ابن عمك فواللّه إنه لرسول اللّه حقاً. قال أنت تقول ذلك؟ قال أي واللّه فأطعني. فخرج من عنده مهاجراً إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأسلم عام خيبر وقيل اسلم عند النجاشي وهاجر إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وقيل كان إسلامه في صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر وكان قد همّ بالإنصراف إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من عند النجاشي ثم توقف إلى هذا الوقت وقدم على النبي صلى اللّه عليه وسلم هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة العبدري فتقدم خالد فاسلم وبايع ثم تقدم عمرو فأسلم وبايع على أن يغفر له ما كان قبله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. الإسلام والهجرة يجبان ما قبلهما
وحدث عمر بن العاص رضي اللّه عنه عن سبب إسلامه كما رواه ابن اسحاق وغيره قال لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم تعلمون واللّه أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكراً وأني لقد رأيت أمراً فما ترون فيه؟ قالوا وماذا رأيت؟ قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يديه أخب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وأن نظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير. قالوا إن هذا الرأي. قلت فاجمعوا لنا ما نهديه له وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدماً كثيراً ثم خرجنا حتى قدمنا عليه فواللّه أنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد بعثه غليه في شأن جعفر وأصحابه فدخل عليه ثم خرج من عنده فقلت لأصحابي هذا عمرو بن أمية الضمري لو قد دخلت على النجاشي لسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحباً بصديقي. أهديت إلىّ من بلادك شيئا؟ قلت له نعم أيها الملك قد أهديت

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
إليك أثدُماً كثيراً ثم قربته غليه فأعجبه واشتهاه ثم قلت له إني قد رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه كسره فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت له أيها الملك واللّه لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه. قال أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه السلام لتقتله؟ قلت أيها الملك أكذاك هو؟ قال ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه واللّه لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قلت أفتبايعني له على الإسلام؟ قال نعم فبسط يده فبايعنه على الإسلام ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت اصحابي إسلامي ثم خرجت عامداً إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل فتح مكة وهو مقبل من مكة فقلت له أين يا أبا سليمان؟ قال واللّه لقد استقام الميسم وأن الرجل لنبي اذهب واللّه فأسلم. فحتى متى؟ قلت واللّه ما جئت إلا لأسلم. فقدمنا المدينة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت يا رسول
اللّه إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما تأخر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله وأن الهجرة تجب ما كان قبلها فبايعته ثم انصرفت
روى الزبير بن بكار أن رجلا قال لعمرو بن العاص رضي اللّه عنه ما أبطأ بك عن الإسلام وأنت أنت في عقلك؟ قال كنا مع قوم لهم علينا تقدم وكانوا مما توازي أحلامهم الجبال فلذنا بهم فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا فإذا حق بيّن فوقع الإسلام في قلبي.
وفي إسلام عمروعلى يد النجاشي لطيفة هي أن صحابياً أسلم على يد تابعيّ ولا يعرف مثله.
وقد كان عمرو بن العاص رجلا سياسياً حربياً وقد نقلنا قوله من فيه عن ذهابه إلى الحبشة. وسبب إسلامه ومنه يتبين أ،ه فكر طويلا في إنتشار الإسلام وفي مركزه فرأى أخيراً أن خير ما يتخلص به من حرج مركزه هو أن يهاجر إلى الحبشة موفدا من قبل قريش بقصد قتل عمرو بن أمية الضمري ظنا منه أن النجاشي سيسلمه إياه فقدم له الهدايا تزلفا إليه واعتمد على صداقه الملك له. وبذلك يكون قد خدم قريشا من جهة وأقام بالحبشة بعيداً عن النضال بين رسول اللّه وقريش حتى إذا انتصر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفتح مكة كتن هو آمنا بالحبشة. لكن النجاشي لم يسلمه عمرو بن أمية الضمري ولا غيره من المسلمين وغضب عليه وفوق ذلك عرض عليه الإسلام فلم ير بداً من مبايعة النجاشي على الإسلام لأنه رأى أن النجانفسه قد أسلم اعتقادا منه برسالة محمد صلى اللّه عليه وسلم وأنه سيظهر على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. وفي قول عمرو دليل واضح على اسلام النجاشي.
وكان اسلام عمرو قبل الفتح في السنة الثامنة من الهجرة (سنة 629 630) وكان يبلغ من العمر إذ ذاك نحو اثنتين وأربعين سنة وقد اكتسب الإسلام بإسلامه هو وخالد بن الوليد قائدين عظيمين وبطلين كبيرين قاما بدور مهم في تاريخ الفتح الإسلامي ونشر الدعوة واعزاز الدين.
وقد روت أم سلمة زوج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكانت من المهاجرات إلى الحبشة تفاصيل ذات شأن عن إقامة المسلمين بها وإيفاد قريش لعبد اللّه بن ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص والتدابير التي دبرها عمرو والمناقشة التي حصلت بحضرة النجاشي وحضور البطارقة والقتال الذي نشب بينه وبين من نازعه بسبب اعترافه بصحة المبادئ الإسلامية مما لم يذكره عمرو بن العاص وهذه روايتها رضي اللّه عنه.
قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي آمنا على ديننا وعبدنا اللّه لا نؤذي ولا نسمع شيئا نكرهه. فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها إليه الأدم فجمعوا أدماً كثيراً ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك مع عبد اللّه بن ربيعة بن المغيرة المخزومي وعمرو بن العاص بن وائل السهمي وأمروهما أمرهم وقالوا لهما ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ثم قدما إلى النجاشي هداياه ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم. قالت فخرجا فقدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار وعند خير جار. فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته بل أن يكلما النجاشي ثم قالا لكل بطريق منهم أنه قد صبا إلى بلد الملك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم. وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم. فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم علينا وأعلم بما عابوا عليهم.
فقالوا لهما نعم. ثم أنهم قربا هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما. ثم كلماه فقالا له: أيها الملك أنه صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم علينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبرهم فيه.
ولم يكن شيء أبغض إلى عبد اللّه بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمع النجاشي كلامهم. فقالت بطارقته حوله: صدقوا أيها الملك. قومهم أعلى بهم علينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم فليرداهم إلى بلادهم وقومهم. فغضب النجاشي ثم قال لاها اللّه أيم اللّه إذا لا أسلمهم إليهما ولا أكاد قوما جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم ما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهم ورددتهم إلى قومهم وأن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني. ثم أرسل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا نقول واللّه ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى اللّه عليه وسلم كائن في ذلك ما هو كائن. فلما جاءوه وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفتهم حوله، سألهم فقال: ما هذا الدين الذين فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟
فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب فقال له:
"أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجواري. يأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث اللّه إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى اللّه لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة وأمرنا أن نعبد اللّه وحده لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام. فعدد عليه أمور الإسلام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به فعبدنا اللّه وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة اللّه وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك. فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به اللّه من شيء؟ فقال له جعفر. نعم. فقال له النجاشي: فاقرأه
عليّ. فقرأ عليه صدراً من (كهيعص) فبكى واللّه النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم. ثم قال النجاشي: إن هذا واللّه والذي جاء به موسى ليخرجان من مشكاة واحدة. انطلقا فو اللّه لا أسلمهم إليكما أبداً ولا أكاد قالت أم سلمة: فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص واللذه لأنبئنهم غداً بعيبهم عندهم ثم اصتأصل بهم خضراءهم. قالت فقال له عبد اللّه بن أبي ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فإن لهم أرحاما وإن خالفونا. قال واللّه لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد. ثم غدا عليه الغد فقال له أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما. فارسل إليهم فسألهم عما يقولون فيه قالت فأرسل إليهم يسألهم عنه. قالت ولم ينزل بنا مثله. فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض: ماذا تقولون في عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا: نقول واللّه فيه ما قال اللّه وما جاء به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن. فلما دخلوا عليه قال لهم ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي جاء به نبينا: "هو عبد اللّه ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول" فضرب النجاشي يده

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
إلى الأرض فأخذ منها عودا. ثم قال ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود. فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال وإن نخرتم واللّه اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي . من سبكم غرم ثم من سبكم غرم. فما أحب أن لي دبراً ذهبا وأني آذين رجلا منكم. ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها فواللّه ما أخذ اللّه مني الرشوة حين رد عليّ ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه.
قالت فخرجا من عنده مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به وقمنا عنده بخير دار مع خير جار. قالت فواللّه أنا على ذلك إذ نزل به يعني من ينازعه في ملكه. قالت فواللّه ما علمنا حزناً قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفاً أن يظهر ذلك على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه. وسار النجاشي وبينهما عرض النيل. فقال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم ثم يأتينا بالخبر؟ فقال الزبير بن العوام أنا وكان أحدث القوم سناً فنفخوا له قربة جعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت ودعونا اللّه للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده واستوثق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بمكة (5)
هاتان روايتان عن ذهاب عمر بن العاص إلى الحبشة وما جرى بينه وبين النجاشي خاصا بالمهاجرين المسلمين. الرواية الأولى عن عمرو نفسه والثانية عن أم سلمة والرواية الأولى مذكورة في سيرة ابن هشام عن ابن اسحاق والثانية في مسند الإمام أحمد بن حنبل ويستفاد من رواية عمرو بن العاص أنه ذهب إلى الحبشة موقداً من قريش ومعه أدم كثير ليقدمه إلى النجاشي هدية له بقصد تسليم المهاجرين كلهم أو بعضهم غليه وأنه تمكن من مقابلة النجاشي وطلب منه ذلك فغضب غضباً شديداً وأبى إجابة طلبه ورد هديته إليه لكن عمرا لم يذكر المناقشة التي حدثت أمام النجاشي بينه وبين جعفر بن أبي طالب بحضور البطارقة في أمر عيسى بن مريم عليه السلام واقتناع النجاشي بما أجاب به جعفر رضي اللّه عنه غير أن عمرو بن العاص قال أن النجاشي صافحه وأسلم. وقالت أم سلمة أنه ظهر من ينازعه في ملكه (على أثر اقراره بما قاله جعفر طبعاً) ومما لا شك فيه أن عمرو بن العاص لم ينجح في مهمته سواء أكان موفداً من قبل قريش أم ذاهبا من تلقاء نفسه ليرى له مخرجاً من موقفه إزاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنه بقي إلى ذلك الوقت ولم يسلم بعد أن انتشر الإسلام في المدينة
وما جاورها وقوي المسلمون وصاروا يهددون مكة فخاف إن هو بقي على حاله ولم يسلم أن يظهر الإسلام في مكة أيضا فيذعن عند ذلك مضظراً. فلما رأى أن النجاشي لم يسلم له بشيء وأنه متمسك بمراعاة حسن جوار من عنده من المهاجرين ومصدق برسالة النبي صلى اللّه عليه وسلم عاد وهو موطن النفس على أن يذهب تواً إلى رسول اللّه ويسلم عنده وقد تم له ذلك بالفعل فأسلم هو وخالد بن الوليد.

فتح مكة.
ثم دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تعمى عليهم الأخبار واستجاب اللّه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم فأخذ العيون والأخبار عن أهل مكة ولم يبلغهم مسيره وهم مغتمون محزونون خائفون.
وقد كان زحف الجيش سريعاً جدا فإنه وصل إلى مر الظهران وهي على مرحلة من مكة في اليوم السابع أو الثامن ولما رأى أبو سفيان بن حرب كثرة النيران قال ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكرا أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كل قبيلة أن تكون عند راية صاحبها وتظهر ما معها من القوة والعدة فأصبح الناس على ظهر وقدم بين يديه الكتائب ومرت القبائل على قادتها والكتائب على راياتها فجعلت القبائل كتيبة كتيبة (وفي أثناء مرور الجيش كان أبو سفيان ينظر إليهم) فأول من قدم خالد بن الوليد رضي اللّه عنه في بني سليم ثم مر على أثره الزبير بن العوام ثم مرت كتيبة بني غفار وكان يحمل رايتهم أبو ذر وهكذا إلى أن مر الجيش بأسره كما تقدم غير أنه لما حاذى سعد بن عبادة أبا سفيان قال "يا أباسفيان اليوم الملحمة. .
روى البخاري عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أنه صلى اللّه عليه وسلم أقبل يوم الفتح من أعلى مكة على راحلته القصواء مردفا أسامة بن زيد رضي اللّه عنهما خلفه ودخل واضعا رأسه الشريف على راحلته تواضعا للّه تعالى حين رأى ذلك الفتح العظيم وكثرة المسلمين وهو يقول "اللّهم إن العيش عيش الآخرة"وكان لواؤه صلى اللّه عليه وسلم يوم دخل مكة أبيض ورايته سوداء تسمى العقاب وكانت من برد لعائشة رضي اللّه عنها.
وقد أمر رسول اللّه رؤساء الجيش أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم. فاندفع خالد بن الوليد رضي اللّه عنه حتى دخل من أسفل مكة وقد تجمع بها ناس من بني بكر وبني الحارث بن عبد مناف وناس من هذيل الذين استنصرت بهم قريش فقاتلوا خالدا ومنعوه من الدخول وشهروا السلاح ورموه بالنبل وقالوا لا تدخلها عنوة فصاح خالد في اصحابه فقاتلهم فانهزموا شر انهزام وقتل من بني بكر نحو 24 رجلا ومن هذيل أربعة حتى انتهى بهم القتال إلى الحَزوَرَة وكانت سوقا بمكة ) ثم دخلوا الدور وارتفعت طائفة منهم على الجبال هربا وتبعهم المسلمون فصاح حكيم بن حزام وأبو سفيان "يا معشر قريش علام تقتلون أنفسكم من دخل داري فهو آمن ومن وضع السلاح فهو آمن" فجعلوا يقتحمون الدور ويغلقون أبوابها ويطرحون السلاح في الطرق فيأخذه المسلمون. وقتل من المسلمين رجلان أخطآ الطريق أحدهما كرز بن جابر الفهري والآخر الأشقر الخزاعي. قال موسى بن عقبة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد أن اطمأن لخالد رضي اللّه عنه: قاتلت وقد نهيتك عن القتال فقال هم بدأونا بالقتال وقد كففت يدي ما استطعت فقال صلى اللّه عليه وسلم قضاء اللّه خير وكان دخوله صلى اللّه عليه وسلم لعشر بقين من رمضان (يناير سنة 630 م) ومعه صلى اللّه عليه وسلم زوجتاه أم سلمة وميمونة رضي اللّه عنهما وأم سلمة هي بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومي واسمها هند وأما ميمونة فهي بنت الحارث وهي خالة خالد بن الوليد.
وهذا من مزيد تواضعه صلى اللّه عليه وسلم لأن أسامة خادمه وابن خادمه ولو كان فيه ذرة من الكبر لما فعل ذلك في هذا اليوم العظيم الذي تتجه فيه الأنظار إليه صلى اللّه عليه وسلم.
كانت الحزورة سوق مكة وقد دخلت المسجد لما زيد فيه. وفي حديث وقف النبي صلى اللّه عليه وسلم بالحزورة فقال يا بطحاء مكة ما أطيبك من بلدة أو أحبك إلى ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك.
دخول الكعبة.
جلس رسول اللّه في ناحية المسجد وأبو بكر رضي اللّه عنه قائم على راسه بالسيف ثم دعا عثمان بن طلحة حاجب الكعبة (1) فأخذ منه مفتاح الكعبة ودخلها وصلىركعتين بين العمودين اليمانيين ثم وقف على باب الكعبة وقال:
"لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له. صدق وعده ونصر عبد وهزم الأحزاب وحده. إلا كل مأثرة أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج. ألا وقتل الخطأ مثل العمد السوط والعصا فيهما الدية مغلظة فيها أربعون خَلِفةً (3) في بطونها أولادها. يا معشر قريش إن اللّه قد اذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء. الناس من آدم وآدم خلق من تراب. ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا. إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه أَتْقَاكُمْ} الآية يا معشر قريش ويا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم. قالوا خيراً. أخ كريم وابن أخ كريم. ثم قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" فأعتقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وقد كان اللّه أمكنهم من رقابهم عنوة وكانوا له فيئا فبذلك يسمى أهل مكة "الطلقاء" أما مفتاح الكعبة فقد رده رسول اللّه إلى عثمان بن طلحة وقال: خذوها يا بني طلحة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب
لبيعة.
اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول اللّه فجلس لهم على الصفا وعمر بن الخطاب تحت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اسفل من مجلسه يأخذ على الناس فبايع رسول اللّه على السمع والطاعة للّه ولرسوله فيما استطاعوا، وكذلك كانت بيعته لمن بايع رسول اللّه من الناس على الإسلام.فلما فرغ رسول اللّه من بيعة الرجال بايع النساء واجتمع إليه نساء من نساء قريش فيهن هند بنت عتبة منتقبة متنكرة لحدثها وما كان من صنيعها بحمزة فهي تخاف أن يأخها رسول اللّه بحدثها، فلما دنون منه يبايعنه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تبايعنني على أن لا تشركن باللّه شيئا. فقالت هند: واللّه إنك لتأخذ علينا أكراً تأخذه على الرجال وسنؤتيكه. قال: ولا تسرقن. قالت واللّه إن كنت لأصيب من مال أبي سفيان الهنة والهنة وما أدري أكان ذلك حلالا أم حرام. فقال أبو سفيان وكان شاهداً لما تقول أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل. فقال رسول اللّه وإنك لهند بنت عتبة. فقالت أنا هند بنت عتبة فاعف عما سلف عفا اللّه عنك. قال ولا تزنين. قالت يا رسول اللّه هل تزني الحرة؟ قال ولا تقتلن أولادكن. قالت قد ربيناهم صغاراً وقتلتهم يوم بدر كباراً فأنت وهم أعلم.

descriptionسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم Emptyرد: سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

more_horiz
فضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى استغرب. ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن. قالت واللّه إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل. قالولا تعصينني في معروف. قالت ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك في معروف. فقال رسول اللّه لعمر: بايعهن واستغفر لهن رسول اللّه. وكان رسول اللّه لا يصافح النساء ولا يمس امرأة ولا تمسه امرأة أحلها اللّه له أو ذات محرم منه.
هذا وقد ذهب الشافعي وأحمد رضي اللّه عنهما إلى أن رسول اللّه دخل مكة وملكها صلحاً

هدم الأصنام.
دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة (360) صنما لكل حي من أحياء العرب صنم قد شدوا أقدامها بالرصاص. فجاء صلى اللّه عليه وسلم ومعه قضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم فيخر منها لوجهه وهو يقول: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا". وأمر بكسر هبل(1) وقد أخرجت جميع الأصنام من المسجد واحرقت ومحيت كل صورة بالكعبة وأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في أيديهما الأزلام التي كانوا يستقسمون بها، ونادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره فكسروا الأصنام التي كانت في بيوتهم. ثم بعث رسول اللّه السرايا لكسر الأصنام التي حول مكة لأنهم كانوا اتخذوا لهم اصناماً جعلوها بيوتا يعظمونها ويهدون لها ويطوفون بها كما يطوفون بالكعبة فكان في كل حي صنم فمنها "العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين".

أذان بلال على ظهر الكعبة.
أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بلالا رضي اللّه عنه أن يؤذن ظهر يوم الفتح على ظهر الكعبة فلم يرق أذان بلال لبعض من سمعه من أهل مكة فمن قائل "واللّه إن هذا لحدث عظيم. عبد بني جمح يصيح على بنية أبي طلحة!" ولم يقل أبو سفيان شيئا خشية أن يعلم بقوله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى من الحصباء وصار بعض من قريش يستهزئون ويحكون صوت بلال غيظا وكان من جملتهم أبو محذورة وكان من أحسنهم صوتا فلما سمعه رسول اللّه أمره أن يؤذن لأهل مكة وكان سنة 16 سنة وتوارث أولاده الأذان بمكة بعده.‏
حجة الوداع.

في شهر ذي الحجة سنة عشر من الهجرة (مارس سنة 632 م) حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حجة الوداع وسميت بذلك لأنه ودع الناس فيها. وعن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة فلما كان بسرف أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدي وكان رسول اللّه قد ساق الهدي وناس معه. قال ابن اسحاق ثم مضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على حجة فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بيّن فيها ما بيّن فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال:
"أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً. أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كانت عنجه أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. قضى اللّه أنه لا رباً وأن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وأن أول دمائكم أضع دم عامر بن ربيعة ابن الحارث بن عبد المطلب وكان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية. أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبداً ولكنه أن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أ'مالكم فاحذروه على دينكم. ايها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم اللّه فيحلوا ما حرم اللّه ويحرموا ما أحل اللّه وأن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق اللّه السماوات والأرض (1) وأن عدة الشهور عند اللّه إثنا عشر شهرا منها أربعة حرم. ثلاثة متوالية ورجب مضر
الذي بين جمادى وشعبان. أما بعد أيها الناس فإن لكم في نسائكم حقا ولهن عليكم حقا لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكن أحداً تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن اللّه قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإنكم أخذتموهن بأمانة اللّه واستحللتم فروجهن بكلمات اللّه فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما أن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً. أمرا بيناً. كتاب اللّه وسنة نبيه. أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسم أخ للمسلم وأن المسلمين أخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم. اللّهم هل بلغت فذكر لي أن الناس قالوا اللّهم نعم. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: اللّهم اشهد" اهـ. وكان الذي يبلغ عنه بعرفة ربيعة بن أمية ابن خلف لكثرة الناس وقد تنبا رسول اللّه في هذه الخطبة بأن أجله قد قرب وأنه لا يحج بعد هذه المرة لقوله في أولها "فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف ابداً" وأوصى الناس بالنساء خيراً ومنع
الرجال من معاملتهن بالظلم وحضهم على معاشرتهن بالمعروف وكما أن للرجال حقا عليهن فكذلك للنساء حقا عليهم وهذا من غير شك رفع لشأنهن فلم تعد المرأة كمية مهملة أو مهضومة الحقوق بعد أن عني الرسول بها في خطبته. فليفهم ذلك المسلمون في جميع أنحاء الأرض وليعملوا بنصح الرسول.
وتسمى هذه الحجة أيضا حجة التمام والكمال لنزول قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلاَمَ دِيناً} ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واقف بعرفة ولم يحج رسول اللّه بعد أن هاجر غير هذه الحجة. ولم يترك الحج وهو بمكة قط لأن قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج وإنما يتأخر منهم من لم يكن بمكة أو عاقه ضعف. قال ابن الأثير في النهاية: كان يحج كل سنة قبل أن يهاجر.
واستعمل على المدينة أبا دجانة الساعدي وقيل سباع بن عرفطة الغفاري. وكان نساؤه كلهن معه. وكان دخوله مكة صبح الرابع من ذي الحجة يوم الأحد.
يقول مستر موير "الراجح أن النبي خرج من المدينة يوم السبت 25 القعدة (23 فبراير سنة 632 م) وبلغ سرف (2) مساء الأحد في اليوم العاشر ودخل مكة يوم الثلاثاء".
وخرج معه صلى اللّه عليه وسلم 90.000 ويقال أكثر من ذلك. وأما الذين حجوا معه فأكثر من ذلك طبعاً لانضمام أهل مكة غليهم والذين أتو من اليمن مسلمين.
قال ابن اسحاق وحدثني عبد اللّه بن نجيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين وقف بعرفة قال هذا الموقف للجبل الذي هو عليه وكل عرفة موقف وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة(3) هذا الموقف وكل المزدلفة موقف ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال هذا المنحر وكل منى منحر فقضى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحج وقد اراهم مناسكهم وأعلمهم ما فرض اللّه عليهم من حجهم من الموقف ورمي الجمار وطواف البيت وما أحل لهم من حجهم وما حرم عليهم. ثم عاد رسول اللّه إلى المدينة
.
مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أواخر صفر سنة تسع هجرية (سنة 632 م) وكانت مدة مرضه ثلاثة عشر يوما (وقيل سبعة أيام) وكان في ابتداء مرضه في بيت زوجته ميمونة ولما اشتد مرضه استأذن زوجاته أن يمرض في بيت عائشة فخرج يهادي بين العباس ابن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب حتى دخل بيت عائشة وأمر أن يهرق عليه الماء فصبوه عليه لما كان يشعر به من الحمى ولما تعذر عليه الخروج للصلاة قال مروا أبا بكر فليصل بالناس.
وقد توفي رسول اللّه ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله وما ترك دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيراً. عن عائشة رضي اللّه عنها "ولقد مات وما في بيتي شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي فأكلت منه حتى طال عليّ فأكلته ففني فيا ليتني لم آكله. وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه، توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولم يشبع هو ولا أهل بيته خبز الشعير
 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
remove_circleمواضيع مماثلة