لو كان لي غير قلبي عند مرآك | لما أضاف إلى بلواه بلواك
|
فيم ارتجاجم هل في الجوّ زلزلة | أم أنت هاربة من وجه فتّاك؟
|
وكم تدورين حول البيت حائرة | بنت الربى ليس مأوى الناس مأواك
|
قالوا فراشة حقل لا غناء بها | ما افقر الناس في عيني وأغناك!
|
سماء غاوية، أطوار شاعرة، | على زهادة عبّاد ونسّاك
|
طغراء مملكة وشّى حواشيها | من ذوّب الشمس ألوانا ووشّاك
|
رأيت أحلام أهل الحبّ كلّهم | لّما مثلت أمامي عند شبّاكي
|
من نائمين على ذلّ وتربة | ومن تجار وأشراف وأملاك
|
وقصّ شكواك قلبي قصة عجبا | من قبل أن سمعت أذناي شكواك
|
أليس فيك من العشّاق حيرتهم؟ | فكيف لا يفهم العشّاق نجواك؟
|
حلمت أن زمان الصّيف منصرم | ويلاه! حقّقت الأيام رؤياك
|
فقد نعاه إليك الفجر ترتعشا | وليس منعاه إلاّ بعض منعاك
|
فالزهر في الحقل أشلاء مبعثرة | والطير؟.. لا طائر إلاّ جناحاك
|
مدّ النهار إليه كفّ مختلس | وفتّح الليل فيه سفّاك
|
شاء القضاء بأن يشقى فجرّده | من الحلّي وأن تشقي قأبقاك
|
لم يبق غيرك شيء من محاسنه | ولا من العابدين الحسن إلاّك
|
تزوّد الناس منه الأنس وانصرفوا | وما نزوّد إلاّ اليأس جفناك
|
يا روضة في سماء الروض طائرة | وطائرا كالأقاحي ذا شذّى ذاك
|
مضى مع الصّيف عهد كنت لاهية | على بساط من الأحلام ضحّاك
|
تمسين عند مجاري الماء نائمة | وللأزاهر والأعشاب مغداك
|
فكلّما سمعت أذناك ساقيه | حثثت للسفح من شوق مطاياك
|
وكلّما نوّرت في السفح زنبقة | صفّفت من طرب واهتّز عطفا
|
فما رشفت سوى عطر ولا انفتحت | إلا على الحسن المحبوب عيناك
|
وكم لثمت شفاه الورد هائمة | وكم مسحت دموع النرجس الباكي
|
وكم ترجّحت في مهد الضياء على | توقيع لحن الصبا أو رجعه الحاكي
|
وكم ركضت فأغريت الصغار ضحى | بالركض في الحقل ملهاهم وملهاك
|
منّوا بأسرهم إياك أنفسهم | فأصبحوا بتمنّيهم أساراك
|
جروا قصارهم حتى إذا تعبوا | وقفت ساخرة منهم قصاراك
|
لولا جناحاك لم تسلم طريدتهم ، | قد نجّياك، ولكن أين منجاك؟
|
ها أنت كالحقل في نزع وحشرجة | وهت قواك كما استرخى جناحاك
|
أصبحت للبؤس في مغناك تائهة | كأنه لم يكن بالأمس مغناك
|
فراشة الحقل ... في روحي كآبته | مما عراه ومما قد تولاّك
|
أحببته وهو دار تلعبين بها | وسوف تهواه نفسي وهو مثواك
|
قد بات قلبي في دنيا مشوّشة | منذ التفت إلى آثار دنياك
|
لا يستقرّ بها إلاّ على وجل | كالطير بين أحابيل وأشراك
|
خلت أرائك كانت أمس آهلة | غنّاء ، فاليوم لا شاد ولا شاك
|
أرض خلاء وجوّ غير ذي ألق | بلى، هناك ضباب فوق أشواك
|
كيف اعتذارك إن قال الآله غدا: | هل الفراشة كانت من ضحاياك؟
|
يا نغمة تتلاشى كلّما بعدت | إن غبت عن مسمعي ما غاب معناك
|
ما أقدر اللّه أن يحييك ثانية | مع الربيع كما من قبل سوّاك
|
فيرجع الحقل يزهو في غلائله | وترجعين وأغشاه فألقاك |