أقصّ عليكم ما جرى لي بالأمس | فلي قصص تجلو الهموم عن النفس
|
إذا فلت قال الدهر أحسنت يا فتى | ولو كان ذا حس لغاب عن الحسّ
|
فدونكم هذا الحديث فإنّه | ألذّ وأشهى من معاقرة الكأس
|
جلست إلى طرسي وقد عسعس الدّجى | أسطّر ما توحيه نفسي في طرسي
|
وليس سوى نور ضئيل بجانبي | يلوح ويخفى كالرّجاء لدى اليأس
|
وكالنّقع في جوف الدواة أو الدّجى | وكالهندواني بين أنملي الخمس
|
فصاحة قس أودعت في لسانه | وحكة لقمان ، ويحسب في الخرس
|
ضعيف الخطى،بادي التحول كأنما | يشدّ إلى قيد، يشدّ إلى حبس
|
أقلّبه فوق الطروس وإنما | أقلّب فوق الطرس سعدي أو نحسي
|
فنّبهني طرق على باب غرفتي | وصوت ضعيف وهو أقرب للهمس
|
نهضت ولكن مثلما ينهض الذي | به نشوة ، أو من يفيق من المسّ
|
ولما فتحت الباب أبصرت راهبا | ولو كنت طفلا قلت غول من الإنس
|
فأزعجني مرآة حتى كأنما | رسول الرّدى قد جاء ينعى لي نفسي
|
فقلت وقاني اللّه شرّك ما الذي | أتى بك، يا مشؤوم ، في ساعة الأنس
|
أجاب كفيت السوء جئتك طالبا | مديحك لي بين الأعارب والفرس
|
فقلت وحقّ الشعر مدحك واجب | ومثلي يقضيه على العين والرأس
|
خبرت بني الدنيا وفتّشت فيهم | فلم تر عيني قطّ أثقل من قسّ |