هَبَّت الْنَّسَائِم ذَات لَيْلٍِ خَمْرِية
وَكَانَت هُنَاك فَتَاه تَجَدَّل مساطب الْلَّيْل كُل يومٍ
تُمْسِك بِتِلْك الْأَغْصَان وَتُوَرِق الَأَشْجَار
لِمُجَرَّد مُرُوْرِهَا
لها كُل لَيْلَة مساراً معتق الجمال
دائرتها صَوْلَجَاناً مِن الْسَّمَاء
لَهَا حَدِيْقَةٌ
غَنَّاءْه لَم يراها أَحْدَا مِن الْجَوَار..!!
صَغِيْرَة يَمْلَئُهَا الْأَمَل
مِن الْرَّأْس حَتَّى أَخْمَص القَدَمِيّن الْبَرِيئَة
تَرَعْرَعَت فِي كَنَف الْوَحْدَة
وَهِي لَيْسَت الْوَحِيدَة فِي هَذِه الدُّنْيَّا المُمْتَلِئَة
حَد الْتُّخْمَة بِالْعُنْف وَالْحُرُوْب ترَتَكّن عَلَى جِذْع شَجَرَةٍ
سَمَاوِيَّة الْهَامَّة ..تَتَنَاوَلُهَا الْنُّجُوْم
مِن كُل حَدَب وَصَوْب ..
تَتَمَنَّى أَن تُصَافِح كُفِّوف الكْرِيْسْتَّالِ..
نَجْمَة وَاحِدَة كانت تَطْمَع فِي وِصَالِهَا القريب
دون الأبعاد الثلاثية
أصدقاءها كتيبتان من البلابل الْحَائِمَة فوق مَدِيْنَتِهَا
تَتَفَرَّع الْأَوْرَاق مِن الْشَّجَرَة الْمَرْكُوْنَة
بِحَدِيقْتِهَا
أَعْرِف أَن الْلَّيْل أُسْرِا لَهَا
وَلَكِنَّهَا بِالْفِعْل هِي مِن أَسَرَّت الْلَّيَالِي فِي قَلْبِهَا أَهَازِيْج الْنَّهَار
تَصْدَح أُمْنِيَاتِهَا
كُل مَسَاء تترنم على أوتارالْزَّمَن
لأنه أخذ مِنْهَا أَحَبْابٌْ رُبَّمَا أَصْدِقَاء وَلَكِنَّهَا تَبْقَى صَدِيْقَة
لَجِذْع الْغُصْن الْمُنْسَدِل عَلَى مَرْأَى
مِن أُفُق الْبَصَر عَيْنَاهَا وَاسِعَة جميلة
اِلْعُيُوْن الْصَفْرَاء الَّتِي تَنَحُشّر الألوان بكُل الْزَّوَايَا الضيقة
ولَهَا المددكُتُباً وَأَقْلَام مَلَكَة الْثُّلُث الأخير
مِن الْسُهُد تَمْلِك كُل الفُصُوْل الْمزَّهَرة بالْوْعُوْد
كل قَطْافٍ مِن يَدَيْهَا كُفِّاية للحدود الذاتية
تتمِايل إِلَى الزُّرْقَة أَحْيَان
وَأَحْيَانا يَسْكُنها الْضَّوْء بَيْن أَنَامِلَهَا
يبْعَث النَّوْر مُبْتَسِمَا وَيخْتفِي في وجنتيها
الْظَّلام الْمُسْتَتِر تَحْت عَبْاءِة الْمَظْلُوْمِيْن فتَذُر الْفَرَح فِي كُل
أرْجَاء الْدَّائِرَة المُنْسَجَمّة مَعَهَا فَكَّرْت ذَات فَجَر مُتَفَرِّد
أَن تَنْفَرِد بكل شيء
فَوَقَف الْطَّرِيْق الْعَابِرإِلَيْهَا
مُتَسَائِلَا كَيْف لها مِن طِفْلَة الْغُصْن
إِشَارَة تُعَبِّر عَن سَعَادَتِهَا
أَجَابَت كَيْنُوْنَة الْوُجْدَان مَن يَقِف بَيْنَنَا لَابُد
أَنتَ قْصُر الْأَفَاق عَلَى طُول الْمَدَد
وَالْمِدَاد بِضَاعَة الْزَّاهِدِيْن فِي أَكْنَاف الْسُّهَاد
دَائِمَا وَإِلَى الْأَبَد تَرَتَّب الْحَنِيْن وَتَرَصُّف الْحُزْن بَعِيْدَا عَن سْرُها
تَمْسّك بِزِمَام الْمُغَادَرَة لِلْعَوْدَة مِن جَدِيْد
لَهَا طَرِيْقَا يشّابَه طَاقَة الْمِشْكَاة بَيْن النور وَالْأَشّعَة الْعَذْراء
إِنَها عذبةٌ من الْحُوّر "
مَعَهَا تبتسم الْبَهْجَة مِن الْسَّرَائِر الحَنِيْن
يَشْتَاق لَهَا
ونحن نشتاق لنا معاً!