تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
رسالة إلى أمي الحبيبة العظيمة .
يحي أبوزكريا .
يتذكّر الناس أمهاتهم مرة في السنة , في عيد أسموه عيد الأم , أما أنا فإني أذكر أمي في كل ثانية , و في كل دقيقة , وفي كل ساعة ,
هي
روحي ومهجتي , هي بؤبؤ عيني و نبضات قلبي , و عندما أقول : أمّاه , يقشعّر
بدني و يهتزّ كياني , إنّه العالم العلوي الذي ضمّني صغيرا و كبيرا .
و
في الواقع لم أكن راغبا في نشر رسائلي إلى أمي الحبيبة لعلمي بخصوصية
الموضوع , لكني راجعت نفسي ثم قرّرت أن أنشر كل تلك الرسائل في كتاب بعنوان
/ رسائل إلى أمي ,
و أنا و الله على ما أقول شهيد لم أصطنع أحدوثة , ولا إقتبست موضوعا من رواية غوركي , لقد عشت كل كلمة قلتها , وما زلت .
وأدعو كل إبن أو بنت للبّر بأمهما و أبيهما , و الإستمتاع بالوجود مع
الشمس و القمر , الأم والأب , فدعاؤهما مستجاب , ورضاهما يجلب التوفيق
الرباني ,
و يفتح الدروب نحو أكبر النجاحات في الحياة ..
عذرا أماه فالقلب منفطر وبعدك دموع قلبي تنهمر .
باعدت بيننا المسافات تبعد تارات ولا تقصر .
ما كنت أعلم أنّ الدهر يخفي لي كيدا و ما كنت أحذر .
والدهر ديدنه الغدر وإن أضحك إمرءا يقبر .
أماّه قلبك الجياش يعلم عن حالي ويشعر .
أماه من فيض قلبك أستلهم الصبر فأصطبر .
كانت بسمتك مرهما لجروحي وبها حياتي كانت تزدهر .
غابت عني ضحتك فأنتهت حياتي و بذا حكم القدر .
أمّاه
لا أريد أن أخاطبك بالنثر ولا بالشعر فأنت أكبر من النثر والشعر , ولا
أريد أن أخاطبك بأحلى الكلام و أفصح البيان فأنت أكبر من هذا وذاك .
منذ حكم عليّ القدر بالتجوال في المنافي و الأرصفة و الشوارع و المدن و
العواصم والقارات , وأنا أبكي بدل الدمع دما عبيطا , نسيت كل الصور إلاّ
صورتك الجميلة ,
مازلت أتذكّر قولك لي
عندما شرع أهل الظلام في قتل الكتّاب والصحفيين في الجزائر , قلت لي :
إذهب يا يحي بعيدا فأن أراك غريبا ضائعا في بلدان الناس ,
خير لي من أن أراك قتيلا مذبوحا من الوريد إلى الوريد .
لكنّ الغربة يا أمي ذبحتني من الوريد إلى الوريد فحبك الجيّاش لا وجود له في أرصفة المنافي و لا في الأزقة ,
و قهوتك الرائعة التي كنّا نشربها عصر كل يوم لا وجود لها في مقاهي الأرصفة الضائعة هنا وهناك .
ما زلت أتذكّر كلامك : ما أحلى جلسات الأحباب لو تدوم , نعم هكذا كنت
تقولين. أمّاه ألمّت بيّ الأوجاع من كل جانب ودموعي باتت ساخنة سخونة شوقي
إليك ,
والله يا أماه لم أفعل شيئا
في حياتي , وأنت تعرفيني جيدا , فمنذ صباي كان رفيقي الكتاب والقلم , ولم
أك أدري أنّ الفكر هو أعظم جريرة في عصر كل حكّامه طغاة .
و
أنت يا أمّي تلمّ بك المصيبة تلو المصيبة ولا أقدر أن أزروك أو أراك ,
ألمّت بكم المجازر الدائمة وأنا أتفرّج , ألمّ بكم الطوفان وأنا أتفرّج ,
ألمّت بكم الزلازل وأنا أتفرّج , بلغني أنّ العمارة التي تقطنينها في الجزائر العاصمة تضررّت وهي آيلة إلى السقوط وأنا أتفرّج ,
إلى متى يا أمي .
والله لقد إنفطر كبدي وتفتتّ أعضائي , وقد تفتتّ أعضائي حقيقة , فما إن إنتهيت من عملية جراحية في الكلية ,
حتى دخلت غرفة العمليات لإستئصال المرارة و أشياء أخرى لا أقدر أن أرويها لك حتى لا تصابي بشظايا حزن قاتل .
لم
يبق فيّ إلاّ القلب الذي يحمل كل هذا الحبّ لك , وكل الكراهيّة للطغاة
والظالمين والذين بدون جريرة يلاحقون الإنسان ويحولون بينه وبين أن يلتقي
بأمه أعظم كائن في الوجود .
بلغني يا
أمّاه أنّ العمارة التي تقطنين فيها في الجزائر آيلة إلى السقوط , دعّي
شقتك يا أماه ونامي في العراء أسوة بالمستصعفين الذين إفترشوا الأرض
وألتحفوا السماء .
نامي على أحشائي
المتعبة , نامي على قلبي الذي دكدكه الزمن , نامي على روحي المتعبة , نامي
في الفيافي و القفار يا أماه , المهم يا مهجتي وبؤبؤ عيني ,
يامن كنت توفرين في مصروف البيت الضئيل الذي كنت تحصلين من والدي المجاهد الذي قاد ثورة الجزائر هو و المجاهدون
ورفض الحصول على أي إمتياز لإصراره على أنّه جاهد للّه تعالى وليس لدنيا ينالها ,
هذا
المصروف الذي كنت تعطيني إياه لأشتري كتبا و دواوين وروايات هذه الكتب
التي شكلّت ثقافتي و أفكاري وحبّي لجمالية الحياة و إنسانية الإنسان .
أمّاه أتمنى أن أراك ذات يوم وأشرب معك
يحي أبوزكريا
رسالة إلى أمي الحبيبة العظيمة .
يحي أبوزكريا .
يتذكّر الناس أمهاتهم مرة في السنة , في عيد أسموه عيد الأم , أما أنا فإني أذكر أمي في كل ثانية , و في كل دقيقة , وفي كل ساعة ,
هي
روحي ومهجتي , هي بؤبؤ عيني و نبضات قلبي , و عندما أقول : أمّاه , يقشعّر
بدني و يهتزّ كياني , إنّه العالم العلوي الذي ضمّني صغيرا و كبيرا .
و
في الواقع لم أكن راغبا في نشر رسائلي إلى أمي الحبيبة لعلمي بخصوصية
الموضوع , لكني راجعت نفسي ثم قرّرت أن أنشر كل تلك الرسائل في كتاب بعنوان
/ رسائل إلى أمي ,
و أنا و الله على ما أقول شهيد لم أصطنع أحدوثة , ولا إقتبست موضوعا من رواية غوركي , لقد عشت كل كلمة قلتها , وما زلت .
وأدعو كل إبن أو بنت للبّر بأمهما و أبيهما , و الإستمتاع بالوجود مع
الشمس و القمر , الأم والأب , فدعاؤهما مستجاب , ورضاهما يجلب التوفيق
الرباني ,
و يفتح الدروب نحو أكبر النجاحات في الحياة ..
عذرا أماه فالقلب منفطر وبعدك دموع قلبي تنهمر .
باعدت بيننا المسافات تبعد تارات ولا تقصر .
ما كنت أعلم أنّ الدهر يخفي لي كيدا و ما كنت أحذر .
والدهر ديدنه الغدر وإن أضحك إمرءا يقبر .
أماّه قلبك الجياش يعلم عن حالي ويشعر .
أماه من فيض قلبك أستلهم الصبر فأصطبر .
كانت بسمتك مرهما لجروحي وبها حياتي كانت تزدهر .
غابت عني ضحتك فأنتهت حياتي و بذا حكم القدر .
أمّاه
لا أريد أن أخاطبك بالنثر ولا بالشعر فأنت أكبر من النثر والشعر , ولا
أريد أن أخاطبك بأحلى الكلام و أفصح البيان فأنت أكبر من هذا وذاك .
منذ حكم عليّ القدر بالتجوال في المنافي و الأرصفة و الشوارع و المدن و
العواصم والقارات , وأنا أبكي بدل الدمع دما عبيطا , نسيت كل الصور إلاّ
صورتك الجميلة ,
مازلت أتذكّر قولك لي
عندما شرع أهل الظلام في قتل الكتّاب والصحفيين في الجزائر , قلت لي :
إذهب يا يحي بعيدا فأن أراك غريبا ضائعا في بلدان الناس ,
خير لي من أن أراك قتيلا مذبوحا من الوريد إلى الوريد .
لكنّ الغربة يا أمي ذبحتني من الوريد إلى الوريد فحبك الجيّاش لا وجود له في أرصفة المنافي و لا في الأزقة ,
و قهوتك الرائعة التي كنّا نشربها عصر كل يوم لا وجود لها في مقاهي الأرصفة الضائعة هنا وهناك .
ما زلت أتذكّر كلامك : ما أحلى جلسات الأحباب لو تدوم , نعم هكذا كنت
تقولين. أمّاه ألمّت بيّ الأوجاع من كل جانب ودموعي باتت ساخنة سخونة شوقي
إليك ,
والله يا أماه لم أفعل شيئا
في حياتي , وأنت تعرفيني جيدا , فمنذ صباي كان رفيقي الكتاب والقلم , ولم
أك أدري أنّ الفكر هو أعظم جريرة في عصر كل حكّامه طغاة .
و
أنت يا أمّي تلمّ بك المصيبة تلو المصيبة ولا أقدر أن أزروك أو أراك ,
ألمّت بكم المجازر الدائمة وأنا أتفرّج , ألمّ بكم الطوفان وأنا أتفرّج ,
ألمّت بكم الزلازل وأنا أتفرّج , بلغني أنّ العمارة التي تقطنينها في الجزائر العاصمة تضررّت وهي آيلة إلى السقوط وأنا أتفرّج ,
إلى متى يا أمي .
والله لقد إنفطر كبدي وتفتتّ أعضائي , وقد تفتتّ أعضائي حقيقة , فما إن إنتهيت من عملية جراحية في الكلية ,
حتى دخلت غرفة العمليات لإستئصال المرارة و أشياء أخرى لا أقدر أن أرويها لك حتى لا تصابي بشظايا حزن قاتل .
لم
يبق فيّ إلاّ القلب الذي يحمل كل هذا الحبّ لك , وكل الكراهيّة للطغاة
والظالمين والذين بدون جريرة يلاحقون الإنسان ويحولون بينه وبين أن يلتقي
بأمه أعظم كائن في الوجود .
بلغني يا
أمّاه أنّ العمارة التي تقطنين فيها في الجزائر آيلة إلى السقوط , دعّي
شقتك يا أماه ونامي في العراء أسوة بالمستصعفين الذين إفترشوا الأرض
وألتحفوا السماء .
نامي على أحشائي
المتعبة , نامي على قلبي الذي دكدكه الزمن , نامي على روحي المتعبة , نامي
في الفيافي و القفار يا أماه , المهم يا مهجتي وبؤبؤ عيني ,
يامن كنت توفرين في مصروف البيت الضئيل الذي كنت تحصلين من والدي المجاهد الذي قاد ثورة الجزائر هو و المجاهدون
ورفض الحصول على أي إمتياز لإصراره على أنّه جاهد للّه تعالى وليس لدنيا ينالها ,
هذا
المصروف الذي كنت تعطيني إياه لأشتري كتبا و دواوين وروايات هذه الكتب
التي شكلّت ثقافتي و أفكاري وحبّي لجمالية الحياة و إنسانية الإنسان .
أمّاه أتمنى أن أراك ذات يوم وأشرب معك
يحي أبوزكريا