السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد لاحظ الإنسان ارتباط حالة الطقس في فصول السنة مع حالة المزاج ،
فنسمات الربيع تريح النفس وتبعث العواطف الإنسانية الرقيقة، بينما حرارة
الصيف وبرد الشتاء حالات ترتبط بالانفعالات النفسية الحادة، والخريف مرتبط
في الأذهان بالذبول والهدوء والسكون، وجاء العلم الحديث ليؤكد وجود علاقة
بين حالة النفس من حيث الاتزان الانفعالي، والمزاج في اعتداله واضطرابه،
وسلوك الإنسان من ناحية، وبين التغييرات الجوية من خلال تأثيرات كهربائية
ومغناطيسية كونية يتفاعل معها عقل الإنسان والجهاز العصبي من الناحية
الأخرى، وتكون المحصلة النهائية تغييرات بيولوجية في جسم الإنسان مع حرارة
الصيف وبرد الشتاء، وكذلك تغييرات نفسية في عقله تبدو في صورة اعتدال أو
اضطراب في المزاج وتوتر، أو استرخاء في الانفعال والسلوك.
وقد ثبت علمياً أن الجو الحار الرطب يرتبط ارتباطا مباشرا باضطراب الحالة
العقلية، فالشخص العادي يصبح أكثر قابلية للتوتر وتسهل استثارته إذا كان
متواجدا في طقس حار مشبع بالرطوبة، وكثير من الناس يفقدون السيطرة علي
انفعالاتهم وينفذ صبرهم في هذا الطقس الذي يتميز به الصيف في بلادنأن كما
أن الجو الحار ونسبة الرطوبة الزائدة تدفع غالبا إلى الكسل وتحد من
النشاط، وهذا ما نجده في البلاد الحارة، بينما يرتبط الجو البارد في
البلاد الأخرى بالنشاط والحركة وزيادة الإنتاجية، لكننا نرى أن ذلك لا يجب
أن نتخذ منه سببا نتعلل به لنبرر أن الدول المتقدمة لها مناخ بارد وأن
حرارة الجو عندنا تمنعنا من الإنتاج و التقدم !!
- حقائق طبية عن الجسد والنفس:
ومن المعلومات الطبية المعروفة أن حرارة جسم الإنسان الطبيعية ثابتة
(حوالي 37 درجة مئوية)، وفي الجهاز العصبي للإنسان وغيره من الحيوانات
مراكز تقوم بضبط حرارة الجسم في مستوى ثابت بتحقيق اتزان بين إنتاج
الحرارة من عملية احتراق المواد الغذائية التي نتناولها وبين فقد الحرارة
من سطح الجسم حيث يساعد على ذلك العرق الذي يتبخر فيخفض حرارة الجسم في
الطقس الحار، كما أن الرعدة تسرى في الجسم لينتج حرارة أكثر في الجو
البارد.. ولكن يبقى السؤال عن علاقة حرارة الجسم بالحالة النفسية، ومدى
تأثيرها على العمليات العقلية.
ومن المعروف أن المرضى الذين يعانون من الحمى وارتفاع درجة الحرارة تبدأ
لديهم أعراض عقلية في صورة تخاريف وهلاوس، وتتحسن حالتهم وتعود قواهم
العقلية للوضع الطبيعي بمجرد انخفاض درجة الحرارة، وفى المقابل فإن العلاج
عن طريق رفع درجة الحرارة أو العلاج بالحمى قد استخدم في الماضي للمرضى
الذين يعانون من بعض الأمراض العقلية المستعصية، وذلك بحقن ميكروب
الملاريا حتى يصاب المريض بحمى متقطعة ثم العلاج بعقار الكينين فتتحسن
حالتهم، كما أن العلاج بخفض درجة الحرارة أو التبريد قد استخدم في بعض
الحالات العضوية والعقلية على حد سواء.
وينصح علماء النفس بأنه "ينبغي أن لا يدمن الإنسان الغم ولا يستعمل الغضب ولا يكثر من الهم والفكر".
وثمة كلمة أخيرة في ختام هذا الكلام فإن على الإنسان من وجهة النظر
النفسية أن يحاول التكيف مع مختلف الأوقات والفصول طالما أن الخالق سبحانه
قد أعطاه الطاقة التي تضمن له ذلك مهما تغيرات البيئة الخارجية من حوله
.. وعلى كل منا أن يتمسك دائماً وفى كل الأوقات بالأمل والتفاؤل وقبول
الحياة ، والأيمان بالله الخالق، وهذه وصفه أكيدة للتخلص من القلق والتوتر
والاحتفاظ بحالة ملائمة من الصحة النفسية الجيدة