ما هو الترجيع في قراءة القرآن ؟
السؤال:قرأت
في " زاد المعاد " عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن أنه
كانيُرَجِّع . فما هو الترجيع ؟ وهل نفعل الترجيع عند تلاوتنا للقرآن ؟
الجواب :
الحمد لله
الحديث الوارد في ترجيع النبي صلى الله عليه وسلم عند التلاوة هو ما يرويه عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه فيقول :
(رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَالْفَتْحِ عَلَى
نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ - أَوْ مِنْسُورَةِ الْفَتْحِ -
قَالَ : فَرَجَّعَ فِيهَا . قَالَ : ثُمَّ قَرَأَمُعَاوِيَةُ يَحْكِي
قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ . وَقَالَ : لَوْلَا أَنْيَجْتَمِعَ النَّاسُ
عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُمُغَفَّلٍ يَحْكِي النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ : كَيْفَ كَانَ
تَرْجِيعُهُ ؟ قَالَ : آ آ آثَلَاثَ مَرَّاتٍ )
رواه البخاري (7540)
والمقصود بالترجيع ههنا هو تحسين الصوت والتغني بالقرآن الكريم عند الإتيان بالمدود ، من خلال ترديد الصوت بالحلق وإشباع المد .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" الترجيع : هو تقارب ضروب الحركات في القراءة ، وأصله الترديد ، وترجيع الصوت ترديده في الحلق .
وقدفسره
كما سيأتي في حديث عبد الله بن مغفل المذكور في هذا الباب في كتابالتوحيد
بقوله : ( أ ا أ ) بهمزة مفتوحة ، بعدها ألف ساكنة ، ثم همزة أخرى.
ثم قالوا : يحتمل أمرين :
أحدهما : أن ذلك حدث من هز الناقة .
والآخر : أنه أشبع المد في موضعه فحدث ذلك .
وهذا الثاني أشبه بالسياق ، فإن في بعض طرقه : ( لولا أن يجتمع الناس لقرأت لكم بذلك اللحن ) أي : النغم .
وقد ثبت الترجيع في غير هذا الموضع :
فأخرجالترمذي
في " الشمائل " والنسائي وابن ماجه وابن أبي داود واللفظ له منحديث أم
هانئ : كنت أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وأنانائمة على
فراشي يرجع القرآن .
والذي يظهر أن في الترجيع قدرا زائدا على الترتيل :
فعندابن
أبي داود من طريق أبي إسحاق ، عن علقمة قال : بِتُّ مع عبد الله بنمسعود
في داره ، فنام ثم قام ، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حيه لا يرفعصوته
ويسمع من حوله ، ويرتل ولا يرجع .
وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة :
معنى الترجيع : تحسين التلاوة ، لا ترجيع الغناء ؛ لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة " انتهى.
" فتح الباري " (9/92)
وقال ابن القيم رحمه الله :
"إذا
جمعت هذه الأحاديث إلى قوله : ( زينوا القرآن بأصواتكم ) ، وقوله : (ليس
منا من لم يتغن بالقرآن ) ، وقوله : ( ما أذن الله لشيء كأذنه لنبيحسن
الصوت يتغنى بالقران )، علمت أن هذا الترجيع منه صلى الله عليه وسلمكان
اختيارا ، لا اضطرارا لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هز الناقة، لما
كان داخلا تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعلهاختيارا
ليؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوته ، ثم يقول كانيرجع في
قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة لم يكنمنه فعل
يسمى ترجيعا " انتهى.
" زاد المعاد " (1/483-484)
وقال ابن بطال رحمه الله :
" ومعنى حديث ابن مغفل في هذا الباب التنبيه على أن القرآن أيضا رواية النبي رواية النبي عن ربه .
وفيهمن
الفقه : إجازة قراءة القرآن بالترجيع والألحان الملذة للقلوب ، بحسنالصوت
... ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبالغ في تزيينقراءته
لسورة الفتح التي كان وعده الله فيها بفتح مكة ، فأنجزه له ؛ليستميل قلوب
المشركين العتاة على الله لفهم ما يتلوه من إنجاز وعد اللهله فيهم ، بإلذاذ
أسماعهم بحسن الصوت المرجَّع فيه بنغم ثلاث ، في المدةالفارغة من التفصيل.
وقولمعاوية
: ( لولا أن يجتمع الناس إلي لرجعت كما رجَّع ابن مغفل ، يحكي عنالنبي صلى
الله عليه وسلم ) يدل أن القراءة بالترجيع والألحان تجمع نفوسالناس إلى
الإصغاء والتفهم ، ويستميلها ذلك حتى لا تكاد تصبر عن استماعالترجيع المشوب
بلذة الحكمة المفهومة منه " انتهى.
" شرح صحيح البخاري " (10/537-538)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
"من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما
وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك