1-
أصر زميلي (عادل) أن نقضي تلك الليلة الرهيبة في شقته. كانت الليلة السابقة لإمتحان مادة من أصعب مواد الكلية في هذه السنة وربما في كل السنوات.. الخوف من الرسوب دفعني للاستجابة لإلحاحه علي بأن نقضي الليلة في المذاكرة ومراجعة ما فاتنا. وإن كنت أعتقد أن مجموع معلوماتنا معا عن المادة لا تكفي حتى لإدراك درجة النجاح !
شيء ما يدفعنا لتأجيل مذاكرة المواد التي لا نحبها حتى الساعات الأخيرة ، وتمضي تلك الساعات في رعب وقلق .. لكن ما حدث لي تلك الليلة كان رعبا مختلفا ..
يسكن (عادل) في الطابق الرابع ولا يوجد في بنايته الصغيرة مصعد ، فكان علي أن أصعد السلم حاملا حقيبتي المليئة بالكتب والأوراق على ظهري . وصلت الطابق الرابع فوجدتني ألهث من التعب. دققت على باب الشقة وانتظرت حتى يفتح لي (عادل) .. وأخذت أتسلى بالنظر إلى السلم الذي صعدته فخيل إلي أنه أصعب سلم صعدته في حياتي.لم يكن هناك أي شخص يصعد أو ينزل ، ولا صوت في المبنى كله .
رجعت إلى باب الشقة مرة أخرى فأحسست أن هناك من يقف خلف الباب ينظر إلي من "العين السحرية". تراجعت عن الباب بحركة لا شعورية وأنا أتساءل إن كان (عادل) هو الذي خلف الباب فلماذا لا يفتح مباشرة وهو يعلم أني قادم له ؟ هل هناك شخص آخر في الشقة ؟
رجعت خطوة أخرى نحو السلم وأنا أدس يدي في الحقيبة لأخرج هاتفي المحمول لأكلم (عادل) ، وفي نفس اللحظة انفتح الباب .. ارتجفت رغما عني عندما أحدث الباب صوتا عجيبا وظهر من خلفه
تبخر القلق عندما رأيته ، وإن كنت أحسست بشيء من الإنقباض عندما دخلت شقته. على اليسار كانت هناك غرفة نصف مفتوحة لمحت فيها سفرة فعرفت أنها غرفة الطعام. وإلى جوارها غرفة مضاءة الأنوار ، وفي آخر الشقة غرفة ثالثة لا أرى من موضعي إن كانت مفتوحة أم لا. ولا أرى محتوياتها.
شيء ما بداخلي كان يدفعني لأن أعتذر له وأهرول هاربا إلى خارج الشقة ، لكني لم أجد مبررا معقولا لهذا التصرف ، فلم أفعله. وإن كنت أنتظر أي حجة لكي أعود لبيتي فورا. رحب بي (عادل) وقادني إلى الغرفة المضاءة حيث كان يجلس محاولا فك رموز هذه المادة العجيبة التي سنمتحن فيها بعد اثتني عشر ساعة فقط !
قال : "جميل أنك أتيت .. هل تعرف ماذا أحضرت لك الليلة ؟ حلول كاملة لامتحان العام الماضي .. ليست حلولا عادية وإنما الحلول النموذجية .. أخذتها من الطالب الأول على الدفعة التي قبلنا". كان يفتش في الأوراق المتناثرة أمامه عن الحلول بينما جلست أنا على مقعد بجوار جهاز "كاسيت" ونظرت إلى الشريط بداخله فوجدته لـ (عمرو دياب).. فضغطت على زر التشغيل ، لعله يذهب شيئا من الرهبة التي أحس بها منذ جئت .
خرج (عادل) ليبحث عن ورق الحلول في الغرفة المجاورة وعاد ممتقع الوجه وقال :" يبدو أنني نسيت الورق في المكتبة في آخر الشارع ! يجب أن أسرع باحضاره قبل أن تغلق وإلا فسنضيع في هذه المادة..
حملت حقيبتي وقمت قائلا :"ساذهب معك ونحضرها". أجلسني باشارة من يده وقال : "لا تقلق ، سأذهب أنا بسرعة وأحضر الأوراق وبعض المشروبات من البقالة. انتظرني هنا وحاول أن تبدأ المذاكرة حتى لا نضيع المزيد من الوقت".
لم تكن فكرة النزول والصعود مرة أخرى على ذلك السلم الرهيب ممتعة بالنسبة لي ، لكن بقائي وحدي في هذه الشقة كانت فكرة مخيفة. هممت بالاعتراض لكنه كان قد تناول مفاتيح الشقة واتجه نحو الباب بالفعل. فتح الباب وقال وهو يغادر بصوت عال وصلني وأنا في الغرفة أستمع ل(عمرو دياب) وأحاول ترتيب الأوراق التي أخرجتها من حقيبتي :"لا تفتح الباب لأي شخص ، أنا معي المفتاح .. هل تسمع ؟ لا تفتح الباب أبدا". وأغلق الباب بعنف.
لم تكد الأغنية تنتهي حتى سمعت دق الباب ! دقات سريعة ضعيفة لكنها عميقة. وصلتني عندما توقف صوت "الكاسيت" بين الأغنيتين ولعلها كانت تدق من قبل هذا ولم أسمعها. قمت مفزوعا وبحذر اقتربت من الباب ونظرت من "العين السحرية" ففوجئت بها : فتاة صغيرة لم تتجاوز الثامنة تقف مرتبكة أمام الباب وتدق باصرار.
لا ضرر من فتح الباب ، إنها طفلة صغيرة على كل حال ، وهذا ما توهمته وقتها ، فتحت لها فقالت فورا وكأنها تعرفني :"إذا سمحت يا سيدي ، هل يمكن أن تفتح لي الباب لأن والدتي تركت لي المفتاح لكني لا أستطيع أن أحركه في القفل الثقيل". قلت : "وأين تسكنين ؟" أشارت ببراءة مطلقة إلى السلم الصاعد إلى أعلى فقلت متشككا :" في أي طابق تحديدا ؟" قالت :"في الطابق التالي ، فوقكم تماما .. من فضلك تعال معي !"
حسنا .. إنها خدمة إنسانية سريعة .. تركت باب شقة (عادل) شبه مفتوح وصعدت معها.. فتحت لها الباب بالمفتاح وأعطيته لها فدخلت بسرعة وأغلقت الباب دون كلمة شكر واحدة .. فقلت لنفسي أنها ربما لا تجيد التعامل مع الغرباء أو لعلها خائفة مني..
نزلت مسرعا على السلم.. لم يستغرق صعودي وفتح الباب ونزولي أكثر من نصف دقيقة ، لكني عندما لمحت باب شقة (عادل) صعقت !! لم يكن كما تركته بل كان الباب مفتوحا على مصراعيه !
أنا متأكد أنني عندما صعدت مع الفتاة لم يكن هناك أحد على السلم أو بالقرب من باب الشقة حتى يتمكن من تحريك الباب بهذه السرعة ثم يختفي.. إلا إذا كان قد اختفى داخل الشقة نفسها !
دخلت بحذر شديد قائلا :"من هناك ؟" وعندما وصلت لمنتصف الشقة حدث أمر طبيعي ومناسب جدا : لقد انقطع التيار الكهربائي !!
يتبع في موضوع آخر
لكن ادا شفت الردود
راح اكتب الجزء الثاني
أصر زميلي (عادل) أن نقضي تلك الليلة الرهيبة في شقته. كانت الليلة السابقة لإمتحان مادة من أصعب مواد الكلية في هذه السنة وربما في كل السنوات.. الخوف من الرسوب دفعني للاستجابة لإلحاحه علي بأن نقضي الليلة في المذاكرة ومراجعة ما فاتنا. وإن كنت أعتقد أن مجموع معلوماتنا معا عن المادة لا تكفي حتى لإدراك درجة النجاح !
شيء ما يدفعنا لتأجيل مذاكرة المواد التي لا نحبها حتى الساعات الأخيرة ، وتمضي تلك الساعات في رعب وقلق .. لكن ما حدث لي تلك الليلة كان رعبا مختلفا ..
يسكن (عادل) في الطابق الرابع ولا يوجد في بنايته الصغيرة مصعد ، فكان علي أن أصعد السلم حاملا حقيبتي المليئة بالكتب والأوراق على ظهري . وصلت الطابق الرابع فوجدتني ألهث من التعب. دققت على باب الشقة وانتظرت حتى يفتح لي (عادل) .. وأخذت أتسلى بالنظر إلى السلم الذي صعدته فخيل إلي أنه أصعب سلم صعدته في حياتي.لم يكن هناك أي شخص يصعد أو ينزل ، ولا صوت في المبنى كله .
رجعت إلى باب الشقة مرة أخرى فأحسست أن هناك من يقف خلف الباب ينظر إلي من "العين السحرية". تراجعت عن الباب بحركة لا شعورية وأنا أتساءل إن كان (عادل) هو الذي خلف الباب فلماذا لا يفتح مباشرة وهو يعلم أني قادم له ؟ هل هناك شخص آخر في الشقة ؟
رجعت خطوة أخرى نحو السلم وأنا أدس يدي في الحقيبة لأخرج هاتفي المحمول لأكلم (عادل) ، وفي نفس اللحظة انفتح الباب .. ارتجفت رغما عني عندما أحدث الباب صوتا عجيبا وظهر من خلفه
تبخر القلق عندما رأيته ، وإن كنت أحسست بشيء من الإنقباض عندما دخلت شقته. على اليسار كانت هناك غرفة نصف مفتوحة لمحت فيها سفرة فعرفت أنها غرفة الطعام. وإلى جوارها غرفة مضاءة الأنوار ، وفي آخر الشقة غرفة ثالثة لا أرى من موضعي إن كانت مفتوحة أم لا. ولا أرى محتوياتها.
شيء ما بداخلي كان يدفعني لأن أعتذر له وأهرول هاربا إلى خارج الشقة ، لكني لم أجد مبررا معقولا لهذا التصرف ، فلم أفعله. وإن كنت أنتظر أي حجة لكي أعود لبيتي فورا. رحب بي (عادل) وقادني إلى الغرفة المضاءة حيث كان يجلس محاولا فك رموز هذه المادة العجيبة التي سنمتحن فيها بعد اثتني عشر ساعة فقط !
قال : "جميل أنك أتيت .. هل تعرف ماذا أحضرت لك الليلة ؟ حلول كاملة لامتحان العام الماضي .. ليست حلولا عادية وإنما الحلول النموذجية .. أخذتها من الطالب الأول على الدفعة التي قبلنا". كان يفتش في الأوراق المتناثرة أمامه عن الحلول بينما جلست أنا على مقعد بجوار جهاز "كاسيت" ونظرت إلى الشريط بداخله فوجدته لـ (عمرو دياب).. فضغطت على زر التشغيل ، لعله يذهب شيئا من الرهبة التي أحس بها منذ جئت .
خرج (عادل) ليبحث عن ورق الحلول في الغرفة المجاورة وعاد ممتقع الوجه وقال :" يبدو أنني نسيت الورق في المكتبة في آخر الشارع ! يجب أن أسرع باحضاره قبل أن تغلق وإلا فسنضيع في هذه المادة..
حملت حقيبتي وقمت قائلا :"ساذهب معك ونحضرها". أجلسني باشارة من يده وقال : "لا تقلق ، سأذهب أنا بسرعة وأحضر الأوراق وبعض المشروبات من البقالة. انتظرني هنا وحاول أن تبدأ المذاكرة حتى لا نضيع المزيد من الوقت".
لم تكن فكرة النزول والصعود مرة أخرى على ذلك السلم الرهيب ممتعة بالنسبة لي ، لكن بقائي وحدي في هذه الشقة كانت فكرة مخيفة. هممت بالاعتراض لكنه كان قد تناول مفاتيح الشقة واتجه نحو الباب بالفعل. فتح الباب وقال وهو يغادر بصوت عال وصلني وأنا في الغرفة أستمع ل(عمرو دياب) وأحاول ترتيب الأوراق التي أخرجتها من حقيبتي :"لا تفتح الباب لأي شخص ، أنا معي المفتاح .. هل تسمع ؟ لا تفتح الباب أبدا". وأغلق الباب بعنف.
لم تكد الأغنية تنتهي حتى سمعت دق الباب ! دقات سريعة ضعيفة لكنها عميقة. وصلتني عندما توقف صوت "الكاسيت" بين الأغنيتين ولعلها كانت تدق من قبل هذا ولم أسمعها. قمت مفزوعا وبحذر اقتربت من الباب ونظرت من "العين السحرية" ففوجئت بها : فتاة صغيرة لم تتجاوز الثامنة تقف مرتبكة أمام الباب وتدق باصرار.
لا ضرر من فتح الباب ، إنها طفلة صغيرة على كل حال ، وهذا ما توهمته وقتها ، فتحت لها فقالت فورا وكأنها تعرفني :"إذا سمحت يا سيدي ، هل يمكن أن تفتح لي الباب لأن والدتي تركت لي المفتاح لكني لا أستطيع أن أحركه في القفل الثقيل". قلت : "وأين تسكنين ؟" أشارت ببراءة مطلقة إلى السلم الصاعد إلى أعلى فقلت متشككا :" في أي طابق تحديدا ؟" قالت :"في الطابق التالي ، فوقكم تماما .. من فضلك تعال معي !"
حسنا .. إنها خدمة إنسانية سريعة .. تركت باب شقة (عادل) شبه مفتوح وصعدت معها.. فتحت لها الباب بالمفتاح وأعطيته لها فدخلت بسرعة وأغلقت الباب دون كلمة شكر واحدة .. فقلت لنفسي أنها ربما لا تجيد التعامل مع الغرباء أو لعلها خائفة مني..
نزلت مسرعا على السلم.. لم يستغرق صعودي وفتح الباب ونزولي أكثر من نصف دقيقة ، لكني عندما لمحت باب شقة (عادل) صعقت !! لم يكن كما تركته بل كان الباب مفتوحا على مصراعيه !
أنا متأكد أنني عندما صعدت مع الفتاة لم يكن هناك أحد على السلم أو بالقرب من باب الشقة حتى يتمكن من تحريك الباب بهذه السرعة ثم يختفي.. إلا إذا كان قد اختفى داخل الشقة نفسها !
دخلت بحذر شديد قائلا :"من هناك ؟" وعندما وصلت لمنتصف الشقة حدث أمر طبيعي ومناسب جدا : لقد انقطع التيار الكهربائي !!
يتبع في موضوع آخر
لكن ادا شفت الردود
راح اكتب الجزء الثاني