أنتجت أكثر سياراتها تفوقاً.. قبل قليل من بيع علامتها التجارية
لندن: «الشرق الأوسط»
على هدي المثل القائل (إن أفضل الأمور تأتي متأخرة بعض الشيء)، أطلقت شركة
«دودج» الأميركية، أخيراً، نسختها الأحدث من سيارة «فايبر» المتفوقة، التي
دعتها «فايبر إس آر تي10».
والعديد من المراقبين يعتبر أن «فايبرإس آر تي 10» هي أفضل ما أنتجته
مصانع هذه الشركة قبل أن تبيع الشركة الأم «كرايسلر» هذه العلامة
التجارية، وحتى قبل أن تبدأ معاناتها من المصاعب المالية الحالية، الناجمة
عن الأوضاع الاقتصادية المتردية في العالم. ولطراز «فايبر» قصة جديرة بأن
تُروى، فهذا الطراز من بنات أفكار بوب لوتز، الذي شغل منصب نائب رئيس شركة
«كرايسلر»، قبل أن يصبح بعد سنوات نائبا لرئيس شركة «جنرال موتورز».
كان لوتز مولعاً بالسيارات الرياضية السريعة والقوية جداً ذات القدرة
الحصانية العالية. وسبب ذلك.. ربما يعود إلى خلفيته المهنية، إذ إنه كان
يعمل ضابطاً طياراً في سلاح مشاة البحرية (المارينز) الأميركية، ويقود
المقاتلات الحربية السريعة. وحين تسلم لوتز مهام وظيفته الجديدة في شركة
«كرايسلر»، قبل أكثر من عقدين من الزمن تقريبا، طلب من مهندسي الشركة
تصميم سيارة رياضية متفوقة تتمتع بقدرة حصانية كبيرة، وأوصاهم، بالحرف
الواحد، أنه لا مانع بتاتًا من وضع محرك شاحنة كبيرة في هيكل سيارة صغيرة
للخروج بسيارة لم ترَ مثلها بعد المصانع الأميركية.
وهذا ما حدث فعلا بعد شهور من التطوير والعمل المضني، إذ خرجت إلى النور
أول سيارة سريعة تتفوق قوتها على وزنها بكثير، لا في الولايات الأميركية
فحسب، بل في سائر أنحاء العالم أيضا، فقد كانت أول سيارة مزودة بمحرك من
10 أسطوانات تولد أكثر من 450 حصانا من القوة. وكانت الطرازات الأولى لهذه
السيارة تبدو وكأنها مؤلفة من محرك طويل فقط موضوع في المقدمة، مع مقصورة
صغيرة للركاب في المؤخرة. وكان لوتز يتوجه بنفسه كل ليلة، بطائرته
الهليكوبتر، ليزور المرفق النائي البعيد الذي كان يجري فيه تطوير السيارة،
والذي قام بفرزه مع حفنة من المهندسين الشباب المتحمسين لمشروعه، وذلك لكي
يشرف على سير العمل.
وكانت الطرازات الأولى من المركبة قوية وسريعة، بحيث سحرت الشباب
الأميركي، لكن مع ذلك.. لم تخلُ من بعض العيوب الصغيرة، مثل التفاوت
الكبير بين وزنها وقوتها الحصانية الكبيرة، الأمر الذي أثر على ميزاتها في
التعامل مع المنعطفات في السرعات العالية، وعدم القدرة على السيطرة عليها
لدى قيادتها بصورة عصبية.
المهم أن «فايبر إس آر تي10» هي النسخة الأخيرة والأحدث من سيارات «فايبر»
التي خرجت للمرة الأخيرة من مصانع «كرايسلر»، وهي الأفضل قاطبة، فمحركها
سعة 8.4 لتر المؤلف من عشر اسطوانات على شكل V يولد 600 حصان مكبحي من
القدرة لدى دوران المحرك بسرعة 6100 دورة في الدقيقة؛ ليعطيها سرعة تصل
إلى 214 أميال في الساعة. وهي بمميزاتها الجديدة المتطورة والمحسنة،
مقارنة بطرازاتها القديمة، أثارت تساؤلات عن الذي جعل «شركة دودج» تتأخر
كل هذه المدة لكي تصل إلى هذه الدرجة العالية من الكمال، خاصة أنها تنتج
السيارة الأخيرة من هذا النوع، قبل أن تتولى أمرها الشركة الجديدة التي
اشترت مصانعها مع الاسم التجاري.
«فايبر إس آر تي 10» مركبة جديدة كليا على جميع المستويات. وفي اختبار
أخير أجري لها على حلبة سباق، تنافست فيه مع سيارة «لامبورغيني غالاردو
سوبرليغيرا»، وسيارة «بورشه جي تي 3 آر إس»، (بحيث أعطيت عجلات القيادة في
السيارات الثلاث هذه إلى سائقي سباق محترفين)، أثبتت السيارة الأميركية
أنها أسرع بثلاث ثوان في دورة السباق الواحدة من منافستيها الإيطالية
والألمانية، اللتين تعتبران درتين في جبين صانعيهما.
ويعود الفضل في ذلك إلى فريق صغير من المهندسين الذين تخصصوا في سيارات
السباق الرياضية السريعة. ولم يكن بأيدي هؤلاء ميزانية مالية ضخمة، فعملوا
في أجواء تقتيرية، ولم يكن أمامهم سوى التخلص من جميع الأدوات والأجهزة
غير الضرورية، والاحتفاظ بالأنظمة الحيوية فقط التي لا يمكن الاستغناء
عنها، تخلصًا من الوزن الزائد.
وعني هؤلاء المهندسون، بشكل خاص، بالشكل الانسيابي الذي يخترق الهواء بأقل
درجة ممكنة من المقاومة، مع آلية خاصة تلصق عجلات السيارة بالأرض كلما
ازدادت سرعتها. كما بذلت عناية خاصة بمجزئ الهواء الأمامي، والأجنحة
الخلفية التي يمكن تعديلها، والتي تضغط السيارة على الأرض، فضلا عن تقاسيم
ومنحنيات الهيكل الخارجي التي تجعل انسياب الهواء فوقها يجري بفعالية
وانسيابية مطلقة تماما، كما الحال تماما مع تركيب جسم الطائرات. وكل هذه
الأمور جعلت الضغط نزولا من الأعلى إلى الأسفل على السيارة يصل إلى أكثر
من 500 كيلوغرام لدى بلوغها سرعة 150 ميلا في الساعة، مما يجعل عجلاتها
تلتصق بالأرض. ومثل هذا الضغط يفوق عشر مرات الضغط المتوفر في سيارات
«فايبر» القديمة. وترجمة ذلك تعني أن العجلات تقبض على الأرض وتتمسك بها
بشكل أفضل. وأُعيد أيضا تصميم الهيكل السفلي (الشاسي) ونظام التعليق، مع
إضافة مواد جديدة خفيفة الوزن، شملت العجلات والإطارات المستعملة في
سيارات الفورميولا واحد.
كذلك فإن المكابح الكبيرة خفيفة الوزن جدا، وتوفر نحو 15 رطلا من الثقل
على كل عجلة من العجلات الأربع، بحيث تجعل السيارة سهلة الاستجابة أيضا،
فضلا عن قدرتها المرنة في الانعطاف. وبعض الأجزاء الأساسية، كالأبواب
مثلا، مصنوعة كلها من الألياف الكاربونية التي تتسم بالمتانة وخفة الوزن.
والمحرك، وإنْ كان مثيرًا للضجيج، وتصدر عنه أصوات تشبه الزئير العالي في
السرعات العالية، إلا أنه عملي جداً، ويقوم بالمهمة الكبيرة الملقاة على
عاتقه، لا سيما أنه مقرون بناقل جديد للحركة، سداسي السرعات. وقد لا يشعر
سائق السيارة في البداية بسرعة السيارة وقوتها، لكنه ما يلبث أن يسرع، حتى
تتغير نسبتان للسرعة على الفور في ناقل الحركة، حتى يشعر وكأنه تجاوز الخط
الأحمر إلى سرعة تفوق الـ 100 ميل في الساعة. إنها مركبة سريعة فعلا في
الخط، أو الطريق المستقيم. ولكن ماذا عن المنعطف المقبل؟، هل تستطيع هذه
السيارة كبيرة الحجم نسبياً الانعطاف والاستدارة بصورة صحيحة؟، خاصة أن
الـ «فايبر» القديمة كانت تشكو من هذه العلة في السابق. مع الطراز الجديد،
حالما يصل السائق إلى منعطف يجد نفسه يتعامل معه بشكل صحيح كتعامل السيارة
الرياضية الصغيرة رشيقة الحركة. وكلما زادت سرعة السيارة، كان أداؤها
أفضل، والتصاق عجلاتها بالأرض أقوى.
ويتساءل الكثيرون: لماذا لم تعمد «دودج» إلى إنتاج سيارة ناجحة من جميع
الأوجه، إلا في محاولتها الأخيرة هذه لتكون السيارة الأخيرة التي تنتجها
هذه العلامة التجارية قبل بيعها لشركة أخرى؟. تجدر الإشارة إلى أن سعرها
في الولايات المتحدة يبلغ 98 ألف دولار (54900 جنيه استرليني)، مقارنة بـ
«اللمبورغيني غالاردو سوبرليغيرا» التي تنافسها، والأغلى منها بضعفين
تقريباً.
«فايبر إس آر تي 10».. أحدث وآخر ما أنتجته «دودج» قبل بيع علامتها («الشرق الأوسط»)
لندن: «الشرق الأوسط»
على هدي المثل القائل (إن أفضل الأمور تأتي متأخرة بعض الشيء)، أطلقت شركة
«دودج» الأميركية، أخيراً، نسختها الأحدث من سيارة «فايبر» المتفوقة، التي
دعتها «فايبر إس آر تي10».
والعديد من المراقبين يعتبر أن «فايبرإس آر تي 10» هي أفضل ما أنتجته
مصانع هذه الشركة قبل أن تبيع الشركة الأم «كرايسلر» هذه العلامة
التجارية، وحتى قبل أن تبدأ معاناتها من المصاعب المالية الحالية، الناجمة
عن الأوضاع الاقتصادية المتردية في العالم. ولطراز «فايبر» قصة جديرة بأن
تُروى، فهذا الطراز من بنات أفكار بوب لوتز، الذي شغل منصب نائب رئيس شركة
«كرايسلر»، قبل أن يصبح بعد سنوات نائبا لرئيس شركة «جنرال موتورز».
كان لوتز مولعاً بالسيارات الرياضية السريعة والقوية جداً ذات القدرة
الحصانية العالية. وسبب ذلك.. ربما يعود إلى خلفيته المهنية، إذ إنه كان
يعمل ضابطاً طياراً في سلاح مشاة البحرية (المارينز) الأميركية، ويقود
المقاتلات الحربية السريعة. وحين تسلم لوتز مهام وظيفته الجديدة في شركة
«كرايسلر»، قبل أكثر من عقدين من الزمن تقريبا، طلب من مهندسي الشركة
تصميم سيارة رياضية متفوقة تتمتع بقدرة حصانية كبيرة، وأوصاهم، بالحرف
الواحد، أنه لا مانع بتاتًا من وضع محرك شاحنة كبيرة في هيكل سيارة صغيرة
للخروج بسيارة لم ترَ مثلها بعد المصانع الأميركية.
وهذا ما حدث فعلا بعد شهور من التطوير والعمل المضني، إذ خرجت إلى النور
أول سيارة سريعة تتفوق قوتها على وزنها بكثير، لا في الولايات الأميركية
فحسب، بل في سائر أنحاء العالم أيضا، فقد كانت أول سيارة مزودة بمحرك من
10 أسطوانات تولد أكثر من 450 حصانا من القوة. وكانت الطرازات الأولى لهذه
السيارة تبدو وكأنها مؤلفة من محرك طويل فقط موضوع في المقدمة، مع مقصورة
صغيرة للركاب في المؤخرة. وكان لوتز يتوجه بنفسه كل ليلة، بطائرته
الهليكوبتر، ليزور المرفق النائي البعيد الذي كان يجري فيه تطوير السيارة،
والذي قام بفرزه مع حفنة من المهندسين الشباب المتحمسين لمشروعه، وذلك لكي
يشرف على سير العمل.
وكانت الطرازات الأولى من المركبة قوية وسريعة، بحيث سحرت الشباب
الأميركي، لكن مع ذلك.. لم تخلُ من بعض العيوب الصغيرة، مثل التفاوت
الكبير بين وزنها وقوتها الحصانية الكبيرة، الأمر الذي أثر على ميزاتها في
التعامل مع المنعطفات في السرعات العالية، وعدم القدرة على السيطرة عليها
لدى قيادتها بصورة عصبية.
المهم أن «فايبر إس آر تي10» هي النسخة الأخيرة والأحدث من سيارات «فايبر»
التي خرجت للمرة الأخيرة من مصانع «كرايسلر»، وهي الأفضل قاطبة، فمحركها
سعة 8.4 لتر المؤلف من عشر اسطوانات على شكل V يولد 600 حصان مكبحي من
القدرة لدى دوران المحرك بسرعة 6100 دورة في الدقيقة؛ ليعطيها سرعة تصل
إلى 214 أميال في الساعة. وهي بمميزاتها الجديدة المتطورة والمحسنة،
مقارنة بطرازاتها القديمة، أثارت تساؤلات عن الذي جعل «شركة دودج» تتأخر
كل هذه المدة لكي تصل إلى هذه الدرجة العالية من الكمال، خاصة أنها تنتج
السيارة الأخيرة من هذا النوع، قبل أن تتولى أمرها الشركة الجديدة التي
اشترت مصانعها مع الاسم التجاري.
«فايبر إس آر تي 10» مركبة جديدة كليا على جميع المستويات. وفي اختبار
أخير أجري لها على حلبة سباق، تنافست فيه مع سيارة «لامبورغيني غالاردو
سوبرليغيرا»، وسيارة «بورشه جي تي 3 آر إس»، (بحيث أعطيت عجلات القيادة في
السيارات الثلاث هذه إلى سائقي سباق محترفين)، أثبتت السيارة الأميركية
أنها أسرع بثلاث ثوان في دورة السباق الواحدة من منافستيها الإيطالية
والألمانية، اللتين تعتبران درتين في جبين صانعيهما.
ويعود الفضل في ذلك إلى فريق صغير من المهندسين الذين تخصصوا في سيارات
السباق الرياضية السريعة. ولم يكن بأيدي هؤلاء ميزانية مالية ضخمة، فعملوا
في أجواء تقتيرية، ولم يكن أمامهم سوى التخلص من جميع الأدوات والأجهزة
غير الضرورية، والاحتفاظ بالأنظمة الحيوية فقط التي لا يمكن الاستغناء
عنها، تخلصًا من الوزن الزائد.
وعني هؤلاء المهندسون، بشكل خاص، بالشكل الانسيابي الذي يخترق الهواء بأقل
درجة ممكنة من المقاومة، مع آلية خاصة تلصق عجلات السيارة بالأرض كلما
ازدادت سرعتها. كما بذلت عناية خاصة بمجزئ الهواء الأمامي، والأجنحة
الخلفية التي يمكن تعديلها، والتي تضغط السيارة على الأرض، فضلا عن تقاسيم
ومنحنيات الهيكل الخارجي التي تجعل انسياب الهواء فوقها يجري بفعالية
وانسيابية مطلقة تماما، كما الحال تماما مع تركيب جسم الطائرات. وكل هذه
الأمور جعلت الضغط نزولا من الأعلى إلى الأسفل على السيارة يصل إلى أكثر
من 500 كيلوغرام لدى بلوغها سرعة 150 ميلا في الساعة، مما يجعل عجلاتها
تلتصق بالأرض. ومثل هذا الضغط يفوق عشر مرات الضغط المتوفر في سيارات
«فايبر» القديمة. وترجمة ذلك تعني أن العجلات تقبض على الأرض وتتمسك بها
بشكل أفضل. وأُعيد أيضا تصميم الهيكل السفلي (الشاسي) ونظام التعليق، مع
إضافة مواد جديدة خفيفة الوزن، شملت العجلات والإطارات المستعملة في
سيارات الفورميولا واحد.
كذلك فإن المكابح الكبيرة خفيفة الوزن جدا، وتوفر نحو 15 رطلا من الثقل
على كل عجلة من العجلات الأربع، بحيث تجعل السيارة سهلة الاستجابة أيضا،
فضلا عن قدرتها المرنة في الانعطاف. وبعض الأجزاء الأساسية، كالأبواب
مثلا، مصنوعة كلها من الألياف الكاربونية التي تتسم بالمتانة وخفة الوزن.
والمحرك، وإنْ كان مثيرًا للضجيج، وتصدر عنه أصوات تشبه الزئير العالي في
السرعات العالية، إلا أنه عملي جداً، ويقوم بالمهمة الكبيرة الملقاة على
عاتقه، لا سيما أنه مقرون بناقل جديد للحركة، سداسي السرعات. وقد لا يشعر
سائق السيارة في البداية بسرعة السيارة وقوتها، لكنه ما يلبث أن يسرع، حتى
تتغير نسبتان للسرعة على الفور في ناقل الحركة، حتى يشعر وكأنه تجاوز الخط
الأحمر إلى سرعة تفوق الـ 100 ميل في الساعة. إنها مركبة سريعة فعلا في
الخط، أو الطريق المستقيم. ولكن ماذا عن المنعطف المقبل؟، هل تستطيع هذه
السيارة كبيرة الحجم نسبياً الانعطاف والاستدارة بصورة صحيحة؟، خاصة أن
الـ «فايبر» القديمة كانت تشكو من هذه العلة في السابق. مع الطراز الجديد،
حالما يصل السائق إلى منعطف يجد نفسه يتعامل معه بشكل صحيح كتعامل السيارة
الرياضية الصغيرة رشيقة الحركة. وكلما زادت سرعة السيارة، كان أداؤها
أفضل، والتصاق عجلاتها بالأرض أقوى.
ويتساءل الكثيرون: لماذا لم تعمد «دودج» إلى إنتاج سيارة ناجحة من جميع
الأوجه، إلا في محاولتها الأخيرة هذه لتكون السيارة الأخيرة التي تنتجها
هذه العلامة التجارية قبل بيعها لشركة أخرى؟. تجدر الإشارة إلى أن سعرها
في الولايات المتحدة يبلغ 98 ألف دولار (54900 جنيه استرليني)، مقارنة بـ
«اللمبورغيني غالاردو سوبرليغيرا» التي تنافسها، والأغلى منها بضعفين
تقريباً.
«فايبر إس آر تي 10».. أحدث وآخر ما أنتجته «دودج» قبل بيع علامتها («الشرق الأوسط»)