يعتقد العلماء منذ زمن بوجود علاقة ما بين حالات الكآبة ونقص فيتامين"دي"
في ضوء ملاحظاتهم الطبية العامة، لكن فريقا من العلماء الهولنديين توصل
حاليا إلى إثبات هذه العلاقة عن طريق دراسة شملت 1200 شخص.
وجاء في تقرير لعلماء جامعة امستردام المختصين بالقضايا النفسية أن مستوى
فيتامين"دي" في دماء المعانين من حالات الكآبة، كان أقل بشكل ظاهر من
مستواه لدى البشر غير المصابين بهذا المرض النفسي.
وكتبت الباحثة فيتا هوغنديك في العدد الأخير من مجلة" الأرشيف العام
للأمراض العصبية"( العدد 65/2008) أن مستوى فيتامين"دي" في دماء المعانين
من الكآبة ينخفض 14% عن مستواه لدى غير المرضى.
وكانت نسبة فيتامين"دي" في دماء 169 شخصا يعانون من كآبة خفيفة تنخفض 14%
عن الناس الطبيعيين، وينخفض أكثر من ذلك لدى 26 مريضا يعانون من كآبة
متفاقمة وقديمة.
علاقة سببية
وتمكن العلماء بذلك من اكتشاف وجود علاقة علمية سببية بين فيتامين"دي"
وحالات الكآبة، إلا أنهم توقفوا عند سؤال ما إذا كانت الكآبة هي سبب
انخفاض فيتامين"دي" أم أن انخفاض الفيتامين كان هو المسبب للحالة.
فانخفاض فيتامين"دي" قد يكون سببا لأعراض مرض الكآبة المتمثلة بقلة النشاط
والحركة لكنه(انخفاضه) قد يكون أيضا سببا لبعث الاضطراب في عملية استقلاب
(التمثيل الغذائي) المواد في الدماغ، وأن يتحول بالتالي إلى سبب أساسي
للكآبة.
وسيعكف العلماء في أبحاثهم التالية على إيضاح هذه النقطة كي يستطيعوا، على
هذا الأساس، استخدام فيتامين"دي" كعقار لمعالجة حالات الكآبة أو كعقار
استباقي يمنع تطور الحالة عند المعرضين إليها.
نقص فيتامين "دي"
ويتساءل الأطباء عن مدى تأثير حالة نقص فيتامين"دي" في الطفولة على ظهور
أعراض مرض الكآبة عند البلوغ، إذ تكشف دراسة أجراها علماء اميركيون في
شيكاغو أن مرض نقص الفيتامين، ينتشر أكثر مما هو متوقع بكثير بين الأطفال
الاميركيين.
وتوصل العلماء إلى وجود نقص في فيتامين"دي" في دماء 52% من الأطفال من عمر 8-24 شهرا.
ويمكن لهذا النقص أن يضر كثيرا بنمو الطفل اللاحق من ناحية العظام ونظام المناعة الجسدي.
وتعدت نسبة فيتامين"دي" النسبة المطلوب( 30 نانوغرام/ مليلتر) في 40% من
الأطفال الذين تم فحصهم، ويعاني 12% من هؤلاء الأطفال من نقص شديد في
الفيتامين المذكور يقل عن 20 نانوغراما/مليلتر.
وكانت هذه النسب صدمة للعلماء في بلد يفرض على قطاع انتاج الحليب، تطعيمه بفيتامين "دي" قبل توزيعه في الأسواق.
وعثر العلماء في فحوصاتهم لدى الأطفال المعانين من نقص فيتامين"دي" على
قلة في كثافة العظام، وفي 12% من هؤلاء الأطفال على بدايات إصابة بمرض
الكساح.
وقد نشرت النتائج في "أرشيف طب الأطفال والمراهقين" في عدده الأخير.
وفي دراسة معاكسة من ناحية التحليل عثر الأطباء من جامعة كولومبوس في
أوهايو على نقص شديد في فيتامين"دي" لدى 85 طفلا من أطفال المدارس يعانون
من قلة كثافة العظام وهشاشتها. وكان 80% من هؤلاء الأطفال يعانون من نقص
التغذية بفيتامين"دي" في فترة الحضانة.
وفي كندا توصل فريق عمل من الأطباء ترأسته الدكتورة باميلا غودوين إلى وجود علاقة بين نقص فيتامين"دي" وسرطان الثدي عند النساء.
ويزداد خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 72% لدى المعانيات من نقص فيتامين"دي" عن غيرهن.
وقالت غودوين، من مستشفى ماونت سيناي في تورنتو، أن العلاقة بين نقص
فيتامين"دي" والأمراض السرطانية الخبيثة معروفة، إلا أن فريق عملها توصل
إلى إثبات العلاقة علميا لأول مرة.
وتنصح دائرة التغذية الألمانية المواطن بتناول 5 ميكروغرامات من
فيتامين"دي" يوميا من خلال الوجبات الغنية بالجبنة والسمك واللحوم والبيض،
لكنها تشير أيضا إلى أن "حماما شمسيا" لمدة 10 دقائق يوميا، على الجسم شبه
العاري، يكفي لتزويد الإنسان بنحو 250 ميكروغراما من فيتامين"دي"، أي ما
يعادل خمسة أضعاف النسبة المطلوبة.
وهو ما يجده الألماني خلال رحلاته السياحية هربا من جو بلاده المغيم-الماطر