طرطور بابا التثليث فوق رؤوس الموحدين .. |
عصام بن أحمد مدير |
يظن بعض جهال المسلمين عندنا أن (بابا نويل) أو (سانتا كلوز) مجرد شخصية خرافية وأن هذا الرجل السمين الضحوك صاحب اللحية البيضاء التي تتدلى على “كرشه” الضخم، إنما هو رمز وهمي تم ابتكاره من أجل امتاع الأطفال وادخال البهجة والسرور على أنفسهم في اعياد الميلاد “فلم لا يجالسه أطفال المسلمين كذلك؟!”، “هل أنتم ضد الفرح ومظاهره؟!” بحسب “منطق” أهل الهوى وتقليد كل ماهو أجنبي، أو قل من جهة غفلة عوام المسلمين أصلحهم الله حيث يتكلمون عن جهل مطبق بحقيقة هذه الشخصية. وبينما أكتب هذا المقال فإن معالم هذه الشخصية الغامضة ما زال يجري ترويجها وتسويقها بقوة في وسائل الإعلام العربية بل وتجد من يمثله يتمشى بحرية متباهياً في زيه الأحمر، بلحيته المزيفة يلوح للناس في المجمعات التجارية بكبريات المدن الخليجية من دون أية مضايقات يتعرض لها أهل الالتزام من أصحاب اللحى الإسلامية في تونس والجزائر ومصر والمغرب وليبيا… الخ، ناهيك عن التعرض للمحجبات ولاحول ولا قوة إلا بالله!! هذا الكافر يبتسمون في وجهه وهو رمز التثليث والشرك بالله وهذا أخوهم في التوحيد والإسلام يعبسون في وجهه فقط لأنه ملتحي أو تلك لأنها منقبة أو محجبة حجاباً لا بهرجة فيه ولا ألوان ولقد قيل أن من تعلم لغة قوم آمن شرهم أو مكرهم. فلما فتشنا بفضل الله وحمده في المواقع الإنجليزية بالانترنت عن حقيقة هذه الشخصية التي تظهر اللطف ومداعبة الأطفال اكتشفنا أنها تبطن الخبث والكفر لأن ربطها باحتفالات النصارى البدعية بمولد المسيح عليه السلام كان الهدف منه احياء ذكرى راهب وأسقف نصراني من أصل تركي (قبل الفتح الإسلامي) كان يدعى بـ (القديس نقولا أو نيكولاس St. Nicholas )، ثم تطور الاسم تدريجيا إلى سانتا كلوز وفي العربية (بابا نويل) فمن كان ذلك الرجل حقاً؟ مما كتب عنه ويتداوله النصارى من قصص أنه كان راهباً نشطاً يسعى حثيثاً لنشر النصرانية في نفوس اطفال الرومان وغيرهم بتوزيع الهدايا والحلويات عليهم. وكانت له جهود ملموسة كذلك في الاحتيال على الفقراء بتقديم المساعدات المادية لهم بسخاء رغبة في حملهم على اعتناق النصرانية ثم التفت إليه الرومان وسجنوه حتى أطلق سراحه الامبراطور الروماني قسطنطين الذي اعتنق النصرانية لاحقاً. الجدير بالذكر أن هذا “القديس” كان من جمهرة الكهنة والرهبان النصارى الذي كافحوا تعاليم المسيح الحقيقة الداعية إلى التوحيد والرافضة لفكرة التثليث التي هي أساس النصرانية. والذي لا يعلمه كثيرون أن (سانتا كلوز) هذا أو (بابا نويل) كان ممن حضر مجمع نيقية الشهير عام 325 ميلادية وهو المجمع الذي قرر بحد السيف وبقرار امبراطوري “الوهية المسيح “عليه السلام وأنه ابن الله مساو له في الجوهر (الذات)، والعياذ بالله من قولهم، وما إلى ذلك من بدع وأباطيل فندها وردها القرآن الكريم والهدي النبوي الشريف وما أدراك عن تبعات مجمع نيقية وهو المجمع النصراني الأهم في تاريخ النصرانية الذي اتخذ قراره بمطاردة الموحدين من أتباع المسيح حتى نال من دمائهم وأعراضهم فارتكبت بحق المخالفين لقرارت المجمع التعسفية كل صنوف جرائم الابادة الجماعية والتعذيب الوحشي والتحريق. فكيف بالله عليكم يكون هذا المجرم ولا أقول القديس بابا نويل، وهو رمز من رموز الارهاب والبطش الديني النصراني، كيف يكون هذا المتعصب الصليبي حراً طليقاً آمناً في دول تعلن اليوم مكافحة الارهاب؟! والأدهى من هذا كله: كيف يجيز المسلم الموحد لنفسه أن يلبس “طرطور” بابا نويل الأحمر فوق رأسه وهو الذي لا يسجد إلا لله إن كان ممن يحافظ على الصلاة، أو يتسمى بالإسلام ويتمنى أن تكون كلمة التوحيد آخر كلامه وروحه يزهقها ملك الموت؟ والله إن النصارى العرب والأجانب ليتضاحكون في سرهم ساخرين من حمقى المسلمين وخصوصاً من جيل اليوم الضائع هداهم الله وردهم إلى دينهم رداً جميلاً وتاريخياً يعزى إلى نصارى هولندا “الفضل” باحياء ذكرى هذا القديس بعدما انتشرت مظاهر عبادة الرهبان والقديسين بطول وعرض اوروبا حتى أصبح يستغاث به ويتوجه له بالدعاء من دون الله بل ويتبركون بذكر اسمه على أطفالهم فأصبح هو “القديس الحامي للأطفال” والعياذ بالله من شركهم وكفرهم فمن حيل الكنيسة في هولندا القرن السادس عشر أنها كانت تطلب من الأطفال خلع أحذيتهم المصنوعة من الخشب في مكان معلوم ثم يرجعون ليجدوها وقد امتلأت بالحلوى فيقول لهم القساوسة أن (سانتا كلوز) هو من أحضرها من الجنة من فوق مملكة السماء من عند (يسوع ابن الله)، عياذا بالله من قولهم. وكذلك كان نصارى اليونان والروس وصقلية يتبركون بذكر اسم هذا القديس ويحملون صوره ويتوجهون له بالدعاء من دون الله (وهذا كله من الشرك بالله) معتقدين أنه القديس الذي يحمي البحارة في عرض البحار والمحيطات. لكن توثيق عرى ارتباط ذكرى هذا المجرم باحتفالات النصارى لم يتعزز إلا بعد صدور رواية كتبت في مطلع القرن التاسع عشر تدور حول ظهور هذا القديس للأطفال عشية الكريسماس وتسلله لبيوتهم خلسة حيث يترك لهم من الهدايا ما تمنوه وما تشتيه أنفسهم. ثم تحولت هذا الرواية بالأغنية التي تضمنتها إلى عادة تجري بين الغربيين سرعان ما انتشرت انتشار النار في الهشيم بكل أرجاء المعمورة بآلة الاستعمار والدعاية التنصيرية والإعلامية. المطلوب الآن نشر التوعية بين عامة المسلمين وتحذير المسؤولين في وسائل وقنوات الإعلام مع توجيه القائمين على المراكز التجارية في الخليج تحديداً وسائر بلداننا العربية للتصدي لهذه الحيلة التنصيرية القذرة وهذا المدخل الخبيث لتكريس معالم هذه الشخصية وكل ما ترمز له في نفوس الناشئة، لأنهم يسعون للوصول إلى حالة غيبوبة إيمانية لا يغار معها المسلم على كلمة التوحيد ولا يعد يشعر بغضاضة ازاء احتفاء الكفار بمسبتهم لله تبارك وتعالى عما يصفون بعد أن قالوا اتخذ الرحمن ولدا وهذه هي حقيقة الكريسماس ومضمونه وليس الاحتفال بمولد النبي عيسى ابن مريم عبدالله ورسوله. وإن المرء ليتعجب من عناية مدن خليجية كبرى بالاسراف المقيت على مظاهر الكريسماس وزينته وأشجاره وأضوائه بأكثر مما يفعله الغربيون أنفسهم وكأنه يراد لنا أن نكون نصارى أكثر من النصارى أنفسهم ولا حول ولا قوة إلا بالله!! من المسؤول عن هذا ولماذا لا ينكر عليه ولا يحاسب ولا يؤخذ على يديه ولو بالكلمة؟! وإلى متى يجعلون (الكريسماس) مناسبة لنشر الفجور والخمور والمخدرات والعري والدعارة وافساد الشباب المسلم؟! إلى متى تظل تنعقد له وباسمه الحفلات ومجالس ما يسمى بالطرب والسهر والاختلاط المحرم من الخليج إلى المحيط برعاية رسمية وتجارية وشعبية لا تجدها مناسبات إسلامية ولا مناشط دعوية خيرية في بلاد المسلمين وحسبنا الله ونعم الوكيل؟! بل وتجد سفهاء متحررين من كل التزام من حملة الأقلام الليبرالية لدينا، أي ممن لا دين لهم حقيقة يطبقونه في حياتهم ولا أمانة ربانية يحملون همها، وهم من ذوي جلدتنا يلبسون ثيابنا ويتكلمون بألسنتنا، في بلاد الحرمين وموطني الذي ليس فيه نصراني واحد ولله الحمد، تسمع لهم أصواتاً نشازاً حيث يطالبون اليوم في أعمدة الصحف بالسماح للعمالة النصرانية الوافدة لجزيرة العرب اظهار مظاهر الفرح بهذه المسبة الشنيعة بحق ذات الله!! بل تجرأوا أكثر من هذا حتى صاروا يحثوننا على المبادرة بتهنئتهم على قولهم (اتخذ الرحمن ولداً)، فعوضاً عن أن ننصح للنصارى وندعوهم بآية سورة مريم :{لقد جئتم شيئاً إدّأ}، نقول لهم في بلاهة مرددين كالببغاوات :” ميري كريسماس يا صديق!” وهؤلاء الكتاب الشواذ عن قاعدة القراء باتوا يردون فتاوى كبار العلماء وهم ليسوا أهلاً لصدها. وحقاً إن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، فلا هم جلسوا يأخذون العلم الشرعي عن أهله ولاهم أتقنوا لغة القوم ولا فتشوا في مصادرهم ومراجعهم ولا قرأوا عن تاريخ (بابا نويل) الحقيقي أوجذور (أعياد الميلاد) الوثنية، ولا يعلمون أن في الغرب نفسه حركات ليبرالية ونصرانية متدينة تزداد نموا في مقاومتها لمظاهر الكريسماس وترفضه بل وتنشر المقالات والكتب ضده. يحدث هذا اليوم في الغرب الذي صارت تجارته أن يصدر للشرق “طراطير البابا نويل” على رؤوس من خلع الشماغ والكوفية وانخلع قلباً وقالباً منطرباً بأغاني أجنبية، لا يفهم معناها تقطر كلماتها كفراً ليتراقص شبابنا مع فتيات النصارى العرب مارونيات وكلدانيات وآشوريات وقبطيات لا يهم، والاجنبيات أفضل، مجون فوقه مجون يسمونه فنون حول أشجار الكريسماس في دبي والبحرين والكويت وقطر ومسقط والقاهرة وتونس والدار البيضاء وعمّان ودمشق وبيروت… وحدث ولا حرج!! * الشيخ / عصام بن أحمد مدير كاتب وإعلامي من مكة المكرمة ، باحث مهتم بشؤون التنصير ومقارنات الأديان والدعوة الإسلامية. من تلاميذ الشيخ أحمد ديدات رحمه الله تعالى . |