هل تريد أن يكون توحيدك مثل توحيد الأئمة الأربعة _ أبو حنيفة، ومالك، والشافعي ،وأحمد- فتعالى ولن تخسر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين، ولاعدوان إلا على الظالمين المعتدين
، وأشهد أن لا اله إلا الله الملك الحق المبين ، وأشهد أن محمد عبده
ورسوله حجةً إلى من أُرسلَ إليهم أجمعين ، صلى الله عليه وعلى أله وصحبه
الطيبين ، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد/
فإن
أهم ما يجب على المرء تعلمه هو توحيد الله عز وجل إذا فيه النجاة والسعادة
في الدنيا والأخرة ، والتوحيد لا يكون توحيدا إلا بركنين اثنين هما (
النفي والإثبات ) فالمرء إذا نفى الإلهية عن سائر الآلهة وأثبتها لله عز
وجل فيكون بذلك موحداً له ؛ ولقد جاءت نصوص الكتاب والسنة مليئة بأيات
التوحيد وفضل التوحيد على من وحد الله عز وجل ولم يشرك به شيئا وأنه يغفر
الذنوب ،
قال الله تعالى ( وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ) . أي ليوحدون أو ليذللون لي بالطاعة .
وقال
جل وعلا ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت).
والطاغوت كما قال ابن القيم :" كل ما تجاوز العبد حده من متبوع أو معبود
او مطاع "
وقال جل وعلا
( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ). وشيئاً نكرة في سياق النهي تفيد
عموم كل شيء من نبي ومن ملك ومن ولي ومن أب ومن أم و.....
وقال
جل وعلا ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) . أي ووصى أو
وشرع ربك ألا نعبد الا وحده جل وعلا وأن نحسن الى الوالدين احسانا .
والأيات
كثيرة وكثيرة جدا بل إن القرأن كله ما في ورقة من ورقات المصحف الا
ووجدتها تتكلم عن التوحيد لمن أعطاه الله عز وجل قلبا واعيا وفهما صائبا
يستطيه فهم الأيات وتدبرها.
والأحاديث
كثيرة وكثيرة جدا ، وأدلك إلى كتاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب : كتاب
التوحيد " ففيه الآيات والأحاديث الدالة على التوحيد مع ذكر الفوائد
منها...
وإن العبد لا
يستطيع أن يعرف مالله عز وجل من صفات الكمال والجمال ونعوت الجلال وما
أوجبه على نفسه – عز وجل - من حقوق لعباده الطائعين له ؛إلا بما جاء به
كتابه الحكيم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من
حكيم حميد – وكذلك ما جاء به رسوله الأمين – صلى الله عليه وأله وسلم –
وقد سبقت وان رفعت على شبكة سحاب الطيبة سحاب الخير التي أسأل الله عز وجل
أن يكون ذلك في ميزان حسنات مشرفيها وكاتبيها وزائريها....
بحث بعنوان حقيقة محبة رسول الله – صلى الله عليه وأله وسم – .
فهنا أردت أن ارفع ذلكم البحث الذي هو بعنوان توحيد الله عز وجل كما جاء عن
الأئمة الأربعة – أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد – رضي الله عنهم جميعا
وهي في الأصل رسالة للشيخ / محمد بن عبد الرحمن الخميس....
فأقول مستعينا بالله عز وجل /
أولاً عقيدة الإمام أبي حنيفة رحمه الله
أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد
أقوال الإمام أبي حنيفة رحمه الله في التوحيد
أولاً : عقيدته في توحيد الله وبيان التوسل الشرعي وإبطال التوسل البدعي :
(1) قال أبوحنيفة رحمه الله ( لا
ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد
من قوله تعالى " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في
أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون .. "([1]) )([2])
(2) قال أبوحنيفة رحمه الله ( يكره أن يقول الداعي أسألك بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام )([3])
(3) وقال أبوحنيفة ( لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول بمعاقد العز من عرشك )([4])
ثانياً : قوله في إثبات الصفات والرد على الجهمية :
(4) وقال ( لا
يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين , وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف ,
وهو قول أهل السنة والجماعة وهو يغضب ويرضى ولا يقال : غضبه عقوبته ورضاه
ثوباه , ونصفه كما وصف نفسه أحدٌ لم يلم ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ,
حيٌّ قادر سميع بصير عالم , يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه ووجهه ليس
كوجوه خلقه )([5]).
(5) وقال ( وله
يد ووجه ونفس , كما ذكره الله تعالى في القرآن , فما ذكره الله تعالى في
القرآن من ذكر الوجه واليد والنفس و فهو له صفات بلا كيف ولا يقال إن يده
قدرته أو نعمته , لأن فيه إبطال الصفة وهو قول أهل القدر والاعتزال )([6])
(6) وقال ( لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء بل يصفه بما وصف به نفسه ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله وتعالى رب العالمين )([7])
(7) ولما سئُل عن النزول الإلهي قال ( ينزل بلا كيف )([8])
( وقال أبو حنيفة ( والله تعالى يدعى من أعلى لا من أسفل لأن الأسفل ليس من وصف الربوبية والألوهية في شيء )([9])
(9) وقال ( وهو يغضب ويرضى ولا يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه )([10])
(10) وقال ( ولا يشبه شيئاً من الأشياء من خلقه ولا يشبه من خلقه لم ينزل ولا يزال بأسمائه وصفاته )([11])
(11) وقال ( وصفاته بخلاف صفات المخلوقين يعلم لا كعلمنا , ويقدر لا كقدرتنا , ويرى لا كرؤيتنا , ويسمع لا كسمعنا , ويتكلم لا ككلامنا )([12])
(12) وقال ( لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين )([13])
(13) وقال ( ومن وصف الله تعالى بمعنى من معاني البشر فقد كفر )([14])
(14) وقال ( وصفاته
الذاتية والفعلية , أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلام والسمع
والبصر والإرادة , وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والإنشاء والإبداع
والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ولا يزال بأسمائه وصفاته )([15])
(15) وقال ( ولم يزل فاعلاً بفعله والفعل صفة في الأزل والفاعل هو الله تعال والفعل صفة في الأزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق )([16])
(16) وقال ( من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر , وكذا من قال إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض )([17])
(17) وقال للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده قال ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض , فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى ( وهو معكم )([18]) قال : هو كما تكتب للرجل إني معك وأنت غائب عنه )([19])
(1 وقال كذلك ( يد الله فوق أيديهم ليست كأيدي خلقه )([20])
(19) وقال ( إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون الأرض فقال له رجل : أرأيت قول الله تعالى ( وهو معكم )([21]) قال : هو كما تكتب لرجل إني معك وأنت غائب عنه )([22])
(20) وقال ( قد كان متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام )([23])
(21) وقال ( ومتكلماً بكلامه والكلام صفة في الأزل )([24])
(22) وقال ( يتكلم لا ككلامنا )([25])
(23) وقال ( وسمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى كما قال الله تعالى ( وكلم الله موسى تكليماً )([26]) وقد كان الله تعالى متكلماً ولم يكن كلم موسى عليه السلام )([27])
(24) وقال ( والقرآن كلام الله في المصاحف مكتوب وفي القلوب محفوظ , وعلى الألسن مقروء , وعلى النبي صلى الله عليه وسلم أُنزل )([28])
(25) وقال ( والقرآن غير مخلوق )([29])
**********************************************
ثانيا ً عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله
قوله رحمه الله في التوحيد
(1) اخرج الهروي عن الشافعي قال: سئل مالك عن الكلام والتوحيد , فقال مـالك ( محال
أن يظن النبي صلى الله عليه وسلم , انه علم أمته الاستنجاء ولم يعلمهم
التوحيد , والتوحيد ما قاله النبي صله الله عليه وسلم ( أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا لا الـه إلا الله )([30]) فما عصـم به المال والدم حقيقة التوحيد )([31])
(2) وأخرج الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال ( سألت مالكاً والثوري والأوزاعي والليث بن سعد عن الأخبار في الصفات فقالوا أمروها فجاءت )([32])
وقال ابن عبدالبر ( سئُل أيُرى الله يوم القيامة ؟ فقال : نعم يقول الله عزوجل ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة )([33]) . وقال لقوم آخرين ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون )([34]) )([35])
وأورد القاضي عياض في ترتيـب المدارك([36]) عن ابن نافع([37]) وأشهـب([38]) قالا : وأحدهم يزيد على الآخر يا أبا عبدالله ( وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ينظرون إلى الله ؟ قال : نعم يأعينهم هاتين , فقلت له : فإن قوماً يقولون لا ينظر إلى الله , إن ناظرة بمعنى منتظرة إلى الثواب قال : كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلام ( رب أرني أنظر إليك )([39]) أفترى موسى سأل ربه محالاً ؟ فقال ( لن تراني )([40])
أي في الدنيا لأنها دار فناء , ولا ينظر ما يبقى بما يفنى , فإذا صاروا
إلى دار البقاء نظروا بما يبقى وقال الله ( كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ
لمحجوبون )([41])
(3) وأخرج أبونعيم عن جعفر بن عبدالله قال ( كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال : يا أبا عبدالله , الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟
فما وجد([42]) مال من شيء ما وجد من مسألته , فنظر إلى الأرض وجعل ينكت في يده حتى علاه الرحضاء – يعني العرق – ثم رأسه ورمى العود وقال( الكيف منه غير معقول , والاستواء منه غير مجهول , والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج )([43])
(4) وأخرج
أبونعيم عن يحيي بن الربيع قال ( كنت عند مالك بن أنس ودخل عليه رجل فقال
يا أبا عبدالله , ما تقول فيمن يقول القرآن مخلوق ؟ فقال مالك : زنديق([44]) فاقتلوه , فقال : يا أبا عبدالله إنما أحكي كلاماً سمعته , فقال : لم أسمعه من أحد إنما سمعته منك , وعظم هذا القول )([45])
(5) وأخرج ابن عبدالبر عن عبدالله بن نافع قال ( كان مالك بن أنس يقول من قال القرآن مخلوق يوجع ضرباً ويحبس حتى يتوب )([46])
(6) وأخرج أبو داوود عن عبدالله بن نافع قال ( قال مالك : الله في السماء وعلمه في كل مكان )([47])
**********************************************
ثالثاً عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله
قوله رحمه الله في التوحيد
(1) أخرج البيهقي عن الربيع بن سليمان قال ( قال الشافعي : من
حلف بالله أو باسم من أسمائه فحنث فعليه الكفارة , ومن حلف بشيء غير الله
مثل أن يقول الرجل والكعبة وأبي وكذا وكذا ما كان , فحنث فلا كفارة عليه
ويمين , ومثل ذلك قوله لعمري .. لا كفارة عليه ويمين بغير الله فهي مكروهة
منهي عنها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الله عز وجل نهاكـم أن
تحلفوا بآبائكم , فمـن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليسكت )([48]) ... )([49])
وعلل الشافعي ذلك بأن أسماء الله غير مخلوقة , فمن حلف باسم الله فحنث فعليه الكفارة )([50])
(2) وأورد ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية عن الشافعي أنه قال ( القول
في السُّنة التي أنا عليها ورأيت أصحابنا عليها أهل الحديث الذين رأيتهم
وأخذت عنهم مثل سفيان ومالك وغيرهما الإقرار بشادة أن لا إله إلا الله ,
وأن محمداً رسول الله وأن الله تعالى على عرشه في سمائه يَقرُب من خلقه
كيف شاء وأن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء )([51])
(3) وأورد
الذهبي عن المزني قال ( قلت : إن كان أحد يخرج ما في ضميري وما تعلق به
خاطري من أمر التوحيد فالشافعي , فصرت إليه وهو في مسجد مصر , فلما جثوتُ
بين يديه قلت : هجس في ضميري مسألة في التوحيد فعلمت أن أحداً لا يعلم
علمك فما الذي عندك ؟ فغضب ثم قال : أتدي أين أنت ؟ قلت نعم . قال : هذا الموضع الذي أغرق الله فيه فرعون , أَبَلغَك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسؤال عن ذلك ؟ قلت : لا قال : هل تكلم فيه الصحابة ؟ قلت : لا , قال : ندري كم نجماً في السماء ؟ قلت : لا , قال : فكوكب منها تعرف جنسه , طلوعه , أفوله , ممَ خُلق ؟ قلت : لا , قال : فشيء تراه يعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقَه ؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت فيها ففرعها على أربعة أوجه فلم أصب في شيء منه فقال : شيء
تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه وتتكلف علم الخالق إذ هجس في ضميرك
ذلك فارجع إلى قول الله تعالى ( وإلهُكُم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن
الرحيم . إنَّ في خلق السموات والأرض )([52]) . فاستدل بالمخلوق على الخالق ولا تتكلف على ما لم يبلغه عقلك )([53])
(4) وأخرج ابن عبدالبر عن يونس بن عبدالأعلى([54]) قال ( سمعت الشافعي يقول : إذا سمعت الرجل يقول الاسم غير المسمى أو الشيء غير الشيء فاشهــد عليـه بالزندقة )([55])
(5) وقال الشافعي في كتابه الرسالة ( والحمد لله .. الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه )([56])
(6) وأورد الذهبي في السير عن الشافعي أن قال ( نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن ووردت بها السُّنة وننفي التشبيه عنه كما نفى عن نفسه فقال ( ليس كَمِثْلِه شيء )([57]) .. )([58]).
(7) وأخرج ابن عبدالبر عن الربيع بن سليمان قال ( سمعت الشافعي يقول في قول الله عز وجل ( كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجُوبون )([59]) . أعلمنا بذلك أن ثم قوماً غير مجموبين ينظرون إليه لا يضامون في رؤيته )([60])
( وأخرج
اللالكائي عن الربيع بن سليمان قال ( حضرت محمد بن إدريس الشافعي جاءته
رقعة من الصعيد فيها : ما تقول في قوله تعال (كلاّ إنهم عن ربهم يومئذٍ
لمحجُوبون ) قال الشافعي : فلما حجبوا هؤلاء في السخط كان هذا دليلاً على أنه يرونه في الرضا . قال الربيع : قلت : يا أبا عبدالله وبه تقول ؟ قال : نعم به أدين الله )([61])
(9) وأخرج ابن عبد البر عن الجارودي([62]) قال ( ذكر عند الشافعي إبراهيم بن إسماعيل بن عليه([63]) فقال : أنا
مخالف له في كل شيء وفي قول لا إله إلا الله لست أقول كما يقول أنا أقول :
لا إله إلا الله الذي كلّم موسى عليه السلام تكليماً من وراء حجاب وذاك
يقول لا إله إلا الله الذي خلق كلاماً اسمعه موسى من وراء حجاب )([64])
(10) وأخرج اللالكائي عن الربيع بن سليمان , قال الشافعي ( من قال القرآن مخلوق فهو كافر )([65])
(11) وأخرج البيهقي عن أبي محمد الزبيري قال ( قال رجل للشافعي أخبرني عن القرآن خالق هو ؟ قال الشافعي : اللهم لا . قال : فمخلوق ؟ قال الشافعي : اللهم لا . قال : فغير مخلوق ؟ قال الشافعي : اللهم نعم . قال : فما الدليل على انه غير مخلوق ؟ فرفع الشافعي رأسه وقال : تُقر بأن القرآن كلام الله , قال : نعم . قال الشافعي : سبقت في هذه الكلمة قال الله تعالى ذكره ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)([66]) , ( وكَلَّم الله موسى تكلما )([67]) . قال الشافعي : فتقر الله بأن الله كان وكان وكلامه ؟ أو كان الله ولم يكن كلامه ؟ فقال الرجل : بل كان الله وكان كلامه . قال : فتبسّم
الشافعي وقال : يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من القول إذا كنتم تقرون بأن
الله كان قبل القبل وكان كلامه فمن أين لكم الكلام : إن الكلام الله , أو
سوى الله , أو غير الله , أو دون الله ؟ قال : فسكت الرجل وخرج )([68])
(12) وقد جزء الاعتقاد المنسوب للشافعي – من رواية أبي طالب العشاري ([69]) ما نصّه قال : وقد سُئل عن صفات الله عز وجل وما ينبغي أن يؤمن به , فقال ( لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم , أمته لا يسع([70]) أحداً من خلق الله عز وجل قامت لديه([71]) الحجة إن القرآن نزل به وصحيح عنده([72]) قول النبي صلى الله عليه وسلم , فيما روى عنده العدل خلافه([73]) فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر بالله([74]) عز وجل , فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالدراية([75]) والفكر ونحو ذلك أخبار الله عز وجل أنه سميع وأن له يدين بقوله عز وجل ( بل يداه مبسوطتان )([76]) وأن له يميناً بقوله عز وجل ( والسموات مطويات بيمينه )([77]) , وإن له وجهاً بقوله عز وجل ( كل شيء هالك إلا وجهه )([78]) , وقوله ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )([79]) وأن له قدماً بقوله صلى الله عليه وسلم ( حتى يضع الرب عز وجل فيها قدمه )([80]) يعني جهنم لقوله صلى الله عليه وسلم , للذي قتل في سبيل الله عز وجل أنه ( لقي الله عز وجل وهو يضحك إليه )([81])
وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
بذلك وأنه ليس بأعور لقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال (
إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور )([82])
وإن المؤمنين يرون ربهم عز وجل يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة
البدر وأنه له إصبعاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( ما من قلب إلا هو بين
أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل )([83])
وإن([84]) هذه المعاني التي وصف الله عز وجل بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم , لا يدرك([85]) حقه([86]) ذلك بالفكر والدراية([87]) ولا يكفر بجهلها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه وإن([88]) كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع ( وجبت الدينونة )([89]) على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولكن نثبت([90]) هذه الصفات وننفي([91]) التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )([92]) .. )([93])خر الاعتقاد
*************************************************
رابعاً عقيدة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
قوله رحمه الله في التوحيد
[82]
) أخرجه البخاري كتاب الفتن باب ذكر الدجال 13/91 – ح7131 – ومسلم كتاب
الفتن وأشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته 4/2248 , ح2933 – كلاهما من
طريق قتادة عن أنس بن مالك .
[83]
) أخرجه بنحو هذا اللفظ أحمد في المسند 4/182 , وابن ماجه في المقدمة باب
: فيما أنكرت الجهمية 1/72 , ح 199 والحاكم في المستدرك 1/525 , والآجري
في الشريعة ص317 , وابن منده في الرد على الجهمية ص87 , جميعهم من حديث
النواس بن سمعان قال الحاكم ( صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) وأقره
الذهبي في التلخيص , وقال ابن منده ( حديث النواس بن سمعان حديث النواس بن
سمعان حديث ثابت رواه الأئمة المشاهير ممن لا يمكن الطعن على واحد منهم )
[84] ) في الطبقات ( فإن )
[85] ) في الطبقات ( مما لا يدرك )
[86] ) في الطبقات ( حقيقته )
[87] ) في الطبقات ( والروية )
[88] ) في الطبقات ( فإن كان )
[89] ) ما بين القوسين مثبت من الطبقات
[90] ) في الطبقات ( يثبت )
[91] ) في الطبقات ( وينفي )
[92] ) سورة الشورى 11
[93] ) نقلت هذا الاعتقاد من نسخة مصورة من أصل خطي محفوظ في المكتبة المركزية بجامعة ليدن بهولندا
[94] ) طبقات الحنابلة 1/416
[95] ) كتاب المحنة ص68
[96] ) طبقات الحنابلة 1/56
[97] ) السنة ص ( 71 دار الكتب العلمية )
[98]
) هو حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد أبو علي الشيباني وهو ابن عم
أحمد بن حنبل قال عنه الخطيب ( ثقة ثبت ) مات سنة 273هـ , تاريخ بغداد
5/286 , 287 , وانظر ترجمته في طبقات الحنابلة 1/143
[99] ) شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة 2/507
[100] ) هو مسدد بن مسرهد بن مسر بل الأسدي البصري قال عنه الذهبي ( الإمام الحافظ الحجة ) مات سنة 288هـ و سير اعلام النبلاء 10/591
[101] ) مناقب الإمام أحمد ص221
[102] ) الرد على الجهمية ص104
[103] ) درء تعارض العقل والنقل 2/30
[104] ) طبقات الحنابلة 1/59 , 145
[105] ) طبقات الحنابلة 1/185
[106] ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة