يتحدث ما يقارب
المليار شخص اللغة الصينية (ماندراين) في العالم. معظم الناطقين بهذه اللغة يقطنون
في جمهورية الصين الشعبية وفي تايوان حيث تسمى اللغة الرسمية بـ "بوتنغ هوا". ينصب
اهتمام العالم على الصين في الآونة الأخيرة وهذا بدوره يزيد عدد المهتمين بتعلم
اللغة حيث يتعلم ما يقارب الثلاثين مليون شخص في العالم لغة الماندراين. وهذا ليس
بالمهمة السهلة لأن تعلمها يقتضي على الطالب أن يتعلم عشرات الآلاف من الرموز و
الحروف.
على ضوء الاهتمام المتصاعد لتعلم اللغة، تغني فرقة غنائية شعبية من
الصين الأغنية التالية:
"كل العالم يريد أن يتعلم اللغة الصينية "ماندران"،
وسوف يتمكن الجميع من فهم تعاليم كونفوشيوس الحكيمة. هنالك من يتحدث اللغة الصينية
في جميع أنحاء العالم. الجميع يسمعنا ولحسن حظنا لن نضطر بعد الآن أن نلوي ألسنتنا
بالكلمات الإنجليزية. لقد حان الوقت للأجانب أن يتصارعوا مع النغمات الأربع لـ
"بوتونغ هوا".
هذا ما تؤكده أيضا وزارة التعليم الصينية. فقد تضاعفت في
العقد الماضي أعداد الطلاب الأجانب الذين يتعلمون الماندراين في الصين ثلاثة مرات
لتصل لما يقارب 110.000 طالب في السنة. وفي العاصمة بكين لوحدها هنالك ثلاثون جامعة
تعرض برامج دراسية مخصصة لتعليم الصينية للأجانب، ناهيك عن المدارس الخاصة
العديدة.
على الصعيد العالمي تشجع الصين الاجانب على تعلم اللغة. فقد قامت
بإنشاء 145 معهدا ثقافيا باسم معهد كونفوشيوس على طراز معاهد سيرفانتيس، غوته،
المركز الثقافي الفرنسي. وعدد معاهد اللغة والجامعات العالمية التي تعرض برامج
لتعلم اللغة الصينية لا يحصى. وبالرغم من هذا الإقبال على تعلم اللغة الصينية إلا
أن المدارس الإعدادية في هولندا تحصر اهتمامها بتعليم اللغات التقليدية مثل
الفرنسية والألمانية و الأسبانية.
يدرس خمسة وعشرون ألف طالب اللغة الصينية
في المدارس الثانوية في الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يدرس ثلاثة ملايين منهم
اللغة الأسبانية وتقترب منها اللغتان الألمانية والفرنسية. في أوربا يتقدم الطلاب
البريطانيون ركب متعلمي اللغة الصينية بأربعة آلاف طالب في الثانوية، أما في هولندا
فلا تقدم دروس اللغة الصينية إلا في خمس مدارس ثانوية فقط في مدن هيلفرسوم، بوسوم،
دن بوس، لاند غراف وليدن.
يقول "فيم فان دن بيرخ" مدير ثانوية هيلفرسوم: "في
العامين الماضيين سعينا إلى إضافة مادة جديدة في مناهجنا الأدبية: لا يقتصر الأمر
على تدريس اللغة الصينية بل يشمل تعريف الطلبة ببعض جوانب الثقافة الصينية. نسعى
إلى أن يكون طلابنا، حين يكملوا الثانوية بنجاح، مهيئين من كل الجوانب للمستقبل،
حتى لو كان مستقبلهم في آسيا."
حتى الآن فإن مدرسة "هيلفرسوم" هي الوحيدة في
هولندا التي يؤدي فيها الطلاب امتحان اللغة الصينية ضمن الامتحانات النهائية
العامة، حيث ينتظر أن تصل الدفعة الأولى من الطلاب إلى هذه المرحلة قبل عام
2009.
يشمل منهج التدريس إلى جانب الدروس التقليدية والواجبات المنزلية
برنامجاً للتبادل الدراسي مع طلبة صينيين. وقد وقع مدير المدرسة السيد "فان دن
بيرخ" الأسبوع الماضي اتفاقاً لهذا الغرض مع مدرسة "تشين جينغلون" في بكين. ابتداء
من العام الدراسي المقبل سيأتي الطلبة الصينيون إلى هيلفرسوم لتقوية لغتهم
الانجليزية بينما يذهب طلاب من هيلفرسوم إلى بكين لممارسة ما تعلموه من لغة بوتونغ
هوا.
ومع أن الطلبة الصينيين يفضلون عادة الذهاب إلى الدول الناطقة
بالإنجليزية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، فإن عدداً كبيراً من طلبة
مدرسة "تشين جينغلون" متحمسون للمجيء إلى هولندا. يقول أحدهم، وهو الطالب "ما زهي"
البالغ ستة عاماً "نتلقى هنا دروساً بطريقة تقليدية، إننا متأخرون بهذا الخصوص.
سمعت أن نظام التدريس مختلف في هولندا، أكثر حرية وابتكاراً. أنا راغب جداً بأن
أعيش هذه التجربة، كما أرغب بعيش الحياة الهولندية بشكل عام."
صديقه المقرب
"بينغ تيانفانغ" يضيف بلغة إنجليزية جيدة إنه أيضاً من المتحمسين للذهاب إلى
هيلفرسوم وهو مقتنع بأنه سيستطيع الحديث مع الطلبة الهولنديين هناك باللغة الصينية
أيضاً، حيث يقول "بالنسبة للطلبة الهولنديين من السهل عليهم تعلم اللغة الصينية،
فهم يتعلمون ويتحدثون لغات كثيرة هناك، إضافة إلى ذلك فهو أمر مفيد بالنسبة
لهم