القمر, أقرب جيراننا في الفضاء ورفيق الأرض الدائم, وأول جرم تطأه قدم بشرية, إنه التابع الوحيد للكرة الأرضية, وهو يبعد عنها ب384000 كيلومتر, ومهما بدت هذه المسافة كبيرة فإنها تظل ضئيلة فلكيا لا يؤبه بها, يدور القمر حول الأرض في مدة مداها 27 يوما أي في شهر قمري, وهي المدة نفسها التي يكمل فيها دورة على محوره, هذا هو السبب في أننا نرى نفس الجانب من القمر كل ليلة منذ الأزل, حيث هو الجانب الذي يظل دائما مواجها للأرض.
لطالما تغنى القدماء بجمال القمر وبنوره وهو بدر مكتمل, لكنه في الحقيقة غير منير بذاته, وإنما يشرق ليلا بفضل ما يعكسه من ضوء الشمس, وخلال دورته حول الأرض نجد القمر يتخذ أشكالا مختلفة من البدر إلى المحاق مرورا بالهلالين, فيما يسمى أوجه القمر, إذن فشكل القمر متوقف على موضعه وعلى ما يعكسه من ضوء الشمس, الرسم التفسيري أسفله يشرح ما سبق ذكره ويبين أوجه القمر تناسبا مع موضعه.
من المشاهدة الأرضية يبدو وجه القمر وقد كسته بقع داكنة, وكان غاليليو الذي تتبعها بمرقبه, يظنها بحارا لأنها بدت مستوية مسطحة, وهي في الواقع سهول جافة متسعة, إلا أننا لازلنا ندعوها بحارا ونسميها كما سماها غاليليو منذ قرون, كما أن سطح القمر وعر للغاية وهو مليء بالفوهات البركانية التي يصل قطر بعضها مئات الكيلومترات, تحيط بها جبال عالية, يتسامى أعلاها بارتفاع يبلغ 10000 متر, وهو أعلى من قمة إفرست على كوكب الأرض.
القمر أصغر من الأرض إذ يبلغ قطره 3476 كلم, وهو أخف ب81 مرة منها. ومنذ تطلع الإنسان إليه أول مرة حلم بريادته, هذا ما تحقق سنة 1969 على يد مشروع أبولو11 الأمريكي, حيث وضع نيل أرمسترونغ أول قدم بشرية على جرم خارج الكرة الأرضية, وكان السوفييت قد قاموا فيما سبق بتصوير الجانب المظلم للقمر سنة 1959. ومنذ ذلك الوقت لم يبق حلم ارتياد القمر جارنا القديم هو الحلم الوحيد للبشرية, فجشعنا العلمي يحثنا اليوم على تخطي أبعد من ذلك.