بعد الرابعة مساءاً تقريبا ....
بعد أن جمعت الأم النحيلة ذات 28 ربيعاً حوائج ابنها الرضيع حتى تغادر
منزل زوجها المتوفي قبل 7 أشهر , وكان البيت مشبع بذكريات لا يمكن ان تنسى
...
لقد انته كل شيء وهكذا ... ! كان شيء ما يهمس في خواطر الزوجة المشتتة
والتي لم تقوى على حمل كل الأمتعة , حاولت أن تتعالى عن ذرف بضع دموع شديدة
الملوحة تنحذر ببطء و سخونة مؤلمة
توقفت في شرود دهن لبرهة قبل ان تقوم ذبابة بكسر مرحلة التأمل الروحي
الخاوي ثم أخذت تعيد لملمة ما امكنها ولكن الآن بصعوبة وكان نزاع قد حصل ما
بين الحقيبة التي تأبى الارتفاع من عن الارض و الفرش الذي تجمع ليتكوم و
يشكل ما يشبه التبة , عائق وجد من صوت زمار سيارة أخيها حليفا كي يشوش ما
بقي من عرض شريط الذكريات الجميل المزدحم ...
و في لحظة آخرى رحل التفكير بعيداً إلى طريقين مختلفين إحداهما لزمن
الشباب و آخر لزمن الشيخوخة , أحدهما ماضي سحيق في لون الندم و ثاني قاتم
يشوبه الغموض و تحفه المخاوف حتى تحطمت هذه الخريطة بشكل تدريجي بعد ان
تسلل لمسماعها صوت بكاء الطفل ما جعلها تعتقد بأنه احتجاج على حالة
اللاتحديد التي تمرر الام ابنها عبرها....
ومع ان الصمت كان المسيطر بلا منازع مع تراجع صدى صوت الزمار الحزين الا
ان هناك حزن ايضاً بدأ يستغل مراسم الوداع ليحول ما تبقى من القلب الى
جحيم حي ....
نهضت الام المنكسرة المخدولة وضعت عباءتها المرصعة باليأس وبين يديها
ابنها مصحوب بحقيبة مملؤة بالامتعة والخوف والغموض و فقر ...