أعزائي أعضاء ذا بيست
مرحباً بكم،
في هذه السلسلة من المقالات، أود أن أشارك معكم بعض الأفكار والخواطر عن الزواج. لا أكتب هنا كخبير أو كمرجع، بل كإنسان يعيش هذه التجربة ويجمع ملاحظات صغيرة من الحياة اليومية. كل ما أقدمه هنا هو نتاج تأملات بسيطة كتبتها خلال فترة الخطوبة، وهي ليست سوى محاولات لفهم أعمق لهذا الرباط الجميل والمُعقد في الوقت نفسه.
أتمنى أن تجدوا بين هذه السطور ما يُلهمكم أو يلامس شيئاً في دواخلكم. فربما نجد معاً في هذه الرحلة أفكاراً جديدة تساعدنا في بناء حياة زوجية أكثر سعادة وهدوء.
الزواج ليس مجرد عقد قانوني بين شخصين، بل هو رحلة عميقة في بحر من المشاعر والتجارب والتحديات. هو لقاء بين عالَمين يسعيان لبناء حياة مشتركة مليئة بالحب والتفاهم والتكامل. في هذه السلسلة من المقالات، سأشارك معكم مجموعة من الخواطر والأفكار التي تراكمت لديّ خلال فترة الخطوبة، أفكار قد لا تكون مرجعًا علميًا ولا دليلاً زواجيًا تقليديًا، ولكنها تعبر عن تجاربي الشخصية وملاحظاتي حول ماهية الزواج وما يمكن أن يكون عليه. أكتبها من القلب إلى القلب، على أمل أن تجدوا بين السطور ما يمس قلوبكم أو يساعدكم في مسيرتكم نحو حياة زوجية مليئة بالسلام والسعادة.
الزواج هو عقد شرعي واجتماعي يجمع بين رجل وامرأة على أساس المودة والرحمة والتعاون. يعتبر الزواج من سنن الله في الخلق ومن أهم مؤسسات المجتمع الإسلامي. يهدف الزواج إلى تكوين أسرة مستقرة وسعيدة تنشئ الأبناء على الدين والأخلاق والقيم الحميدة.
في الإسلام، يشترط لصحة الزواج أن يكون بين مسلمين أو بين مسلم وأهل الكتاب، وأن يكون برضى الزوجين وولي الأمر، وأن يكون بحضور شاهدين عدلين، وأن يكون بمهر معلوم للزوجة، وأن يكون بإعلان لا بسر. كما يشترط ألا يكون هناك مانع شرعي للزواج مثل المحارم أو الإحرام أو العدة.
يمكن تصنيف أنواع الزواج في الإسلام إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
الزواج الدائم: هو الزواج المتعارف عليه في المجتمعات الإسلامية، وهو الذي يستمر إلى أن يفرق بين الزوجين الموت أو الطلاق. هذا الزواج يحقق للزوجين كامل حقوقهما المادية والمعنوية، ويضمن لهما التآخي والتراحم والتعاطف.
الزواج المؤقت: هو زواج يحدد فيه الزوجان مدة معينة لبقائهما متزوجين، ثم يفترقان بانتهاء تلك المدة دون حاجة إلى طلاق. هذا الزواج محظور على المذهب السني، ولا يقبل به إلا المذهب الشيعي.
الزواج المسيار: هو زواج يتنازل فيه الزوجان عن بعض حقوقهما، مثل السكن المشترك أو النفقة أو الإنجاب، بسبب ظروف خاصة. هذا الزواج محل خلاف بين العلماء، فبعضهم يراه جائزًا وبعضهم يراه محرمًا. هذا الزواج لا يحقق للزوجين سعادة كاملة، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات نفسية واجتماعية.
أما بالنسبة لأشكال الزواج في الإسلام، فهي تختلف باختلاف عدد الزوجات التي يتزوجها الرجل، فقد أباح الإسلام للرجل أن يتزوج حتى أربع نساء في وقت واحد، شريطة أن يعدل بينهن في المعاملة والمصاريف والقسمة. وقد قال الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء: 3]. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: “من كانت له امرأتان فأحسن إلى إحداهما دخل يوم القيامة وشقه مائل” [رواه الترمذي].
ولكن في عصرنا الحديث، نجد أن هذه الأشكال قد تغيرت بسبب التغيرات الثقافية والاقتصادية والديموغرافية، فأصبح من الصعب على الرجل أن يتزوج أكثر من امرأة وأن يعدل بينهن، كما أصبح من الصعب على المرأة أن تقبل بالشريكة في زوجها. لذلك، نجد أن معظم المسلمين في هذا الزمان يتزوجون زواجًا واحدًا، ويحافظون على حقوق بعضهم البعض، ويسعون لإقامة أسرة مستقرة وسعيدة.
الزواج له فوائد عديدة للفرد والمجتمع، منها:
ولكن للأسف، نجد في عصرنا الحاضر بعض المشكلات التي تؤثر سلبا على مفهوم الزواج وثباته، منها:
الزواج له فوائد عديدة للفرد والمجتمع، منها:
- حفظ العفة والستر والحياء، والحماية من الفتن والشهوات.
- تحقيق السكينة والمودة والرحمة بين الزوجين، وتقاسم الأفراح والأحزان.
- إنجاب الذرية الصالحة التي تعبد الله وتخدم المجتمع.
- تكامل الشخصية وتطوير المهارات والقدرات.
- تقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، وتعزيز التضامن والتآخي.
ولكن للأسف، نجد في عصرنا الحاضر بعض المشكلات التي تؤثر سلبا على مفهوم الزواج وثباته، منها:
- ارتفاع تكاليف الزواج والمهور، وصعوبة توفير المسكن والأثاث.
- انتشار ظاهرة التأخير في الزواج، سواء بسبب التعليم أو العمل أو غيرها من الأسباب.
- ازدياد نسبة الطلاق، نتيجة لضعف التفاهم والتوافق بين الزوجين، أو التدخل من قبل الأهل أو الأصدقاء، أو التأثر بالثقافات الغربية.
- انحسار دور المؤسسات الدينية والاجتماعية في تثقيف وإرشاد المقبلين على الزواج، أو حل المشكلات التي تواجههم.
ولذلك، يجب على كل من يرغب في الزواج أن يتقى الله في نفسه وزوجه، وأن يختار شريك حياته بعناية، مراعيًا المبادئ والقيم الإسلامية، وأن يسعى لتحسين علاقته بزوجه، متجنبًا كل ما يفسد الأمور بينهما، وأن يستعين بالله ويستشير العقلاء في حال وجود أي خلاف أو صعوبة.
وفي الختام، نسأل الله أن يبارك للمتزوجين وأن يرزقهم الذرية الصالحة، وأن يجعل بيوتهم بيوت سعادة ومحبة، وأن يحفظهم من كل شر وفتنة. آمين.
محبتي؛
وهكذا نصل إلى نهاية الجزء الأول من سلسلة خواطرنا حول الزواج. لقد استعرضنا بعض الأفكار والمفاهيم التي قد تساعدنا في فهم أفضل لهذا الرباط العميق، لكن الرحلة لا تزال في بدايتها. في المقال القادم، سنغوص بشكل أعمق في تفاصيل الحياة اليومية والتحديات التي تواجه الأزواج، وسنناقش كيف يمكن للتواصل الصادق والمفتوح أن يكون مفتاحاً لحياة زوجية أكثر انسجاماً وسعادة.