لم يستيقظ.
كانَ يرى الحمامة واقفة على بُعد طابق علوي منه،
وإزاء حملقته بهذا الطير.. تذكر نصائح أمه وما علّمته
إياهُ في ما مضى.. في كيفية الإمساك بهذه الطيور
كيفما كانت وأينما كانت، بل وتفاخر جهوده إن استطاع
مستقبلًا الإمساك بأحدها وتشدّ أواصر العزم بينهما بعناق.
وذات ليلة، بينما هو ينبشُ في الماضي سريعًا،
استذكر منافسه الذي تقطر عينيه شررًا لا يكاد يعوزهما
إلا الإمساك بصديقنا هذا وإعطائه درسًا في عدم المنافسة،
وكيفما ردّ صديقنا على الأمر ذاك الحين،
رد المنافس بهيئةٍ لا تعني إلا شيئًا واحدًا لا غير: الموت لك!
وفي إثر نومه هذا.. راح يطلقُ صرخات استغاثة،
وأمه بدورها بجانبه تطلق آهات الاستجابة لابنها بحب وحنان وحزن،
كانت تنظر له بعينين برّاقتين وتمسح على رأسه مرات ومرات،
تترقب لحظة استيقاظه لترمي برأسها نحو رأسه مجيبةً:
أنا معك! أنا معك! لا تخف!
لكنّ صديقنا لا يزال يكافح في نومه بينما آمّارات جسده من أيدي وأرجل
تتحرك محاكيةً لما يحلم به دون توقف استمرّ على هذا الحال وأمه قلقة.
وبجانبهم مرّت عليهم مخلوقات لتلتقطَ من أمرهما شيئًا،
وإذّاك انتشرت بين أوساطهم خبر هذين الاثنين كسرعة الضوء،
فمنهم المتقبل ومنهم المحايد ومنهم من ينفر منهم.
فراحت الأم المسكينة تحدق يمنةً وميسرة مترقبةً فوق ترقبها الآخر
خطرًا مُحدق في هذا الشارع البالِ وبين زمرة الزوار الجدد.
أنقضت الدقائق وصديقنا لم يستيقظ.
حينها أتى مخلوق متطفّل للدخول فيما بين الأم والابن،
ولأنّ لسان الحال من المحال مسايرته لدى الأم من كثرة الزوار،
فقد ركزت كل التركيز فقط على أي هجوم محتمل فقط.
تلاها أسِفًا استيقاظ الابن المنتظر استيقاظه لدى كافة الحاضرين!
دُهشت الأم وراحت تمسح على ابنها متجاهلة الزوار،
والحاضرين كلهم متأملوا هذا المشهد الجميل الذي ذاع صيته،
بينما الابن دون مبالاة مُطلقة وصارخة راح يأكل مما قدّم الزوار له،
بينما ابتسامته تحكي نصره في حلمه الذي قاست أمه فيه تلك الفترة،
راح يُحرّك ذيله في كل الاتجاهات عشوائيًّا وبينما يأكل أخذ يحدق في الجميع..
قائلًا الكلمة الصارمة، والخالدة في كل زمن ومكان والتي يعرفها سكان
هذه الأرض من مخلوقات تمشي على الأرض أو تسبح في الماء أو تحلق في الجو:
... :
مياو!