"هكذا من اختاروا الدرب الصعب والطويل الصحافة تقدم الأرواح النبيلة التي دفعت ثمن الحقيقة" (الجزيرة)
وائل الدّحدوح.. صبرا، الكلّ يختار طريقه، ويدرك منتهاه، العزاء أننا من البدء كنّا نعرف الثّمن المدفوع، كلنا يدرك أن البدء كان بالكلمة، ولها، وأن المنتهى بها، ولها، وعليه فالاختيار محدد سلفا، والطريق صعب، وهكذا طريق الحق، لا شك.
"وائل الدحدوح الذي لم يهتز يوما في تغطياته إلا في العام الماضي إبان الحرب على غزة حين انهار البرج الذي ضم ذاكرة وأرشيف الجزيرة في غزة"
فلذات الأكباد، ورفيقة الدرب إذن صاروا خبرا، وخبرا عميقا، ومؤثّرا حقا، يلخّص حجم المأساة، والتّضحية، والبذل، ثمن الكلمة لا تتّسع له الكلمات، لنعرف دوما أن كل شهيد كان له قصّة، وحكاية، خبز الصّباح، وجبنه، وزيتونه، وزعتره، وشايه، الأماني المستقبلية، ما تحقق، وما تأجّل، ما تيسّر، وما تعسّر، معارك الطّرقات، زوايا الحارات، لعب الكرة، تسليات البنات بدماهنّ، أحاجي الأمّهات، وقصصهن، جلسات السيدات المنزليّة الصباحيّة، أحاديثهنّ اليوميّة، الأخبار المتداولة، شبكات المعارف المتكاثرة.. كلّ هذا يطويه ركان إسمنتيّ صنعته كرة من نار.
وائل الدّحدوح الذي لم يهتزّ يوما في تغطياته إلّا في العام الماضي إبان الحرب على غزّة حين انهار البرج الذي ضم ذاكرة وأرشيف الجزيرة في غزّة، كفكف دموعك يا فتى، فأوسمة الشّهادة لا تُمنح هكذا، قدرهم أن يرتقوا، ويسبقوك، قدرك أن تبقى فتقولها: ليخسأ جيش الاحتلال؛ اخترنا طريقنا وإرادتنا.
عشرون صحفيّا سبقوا أسرتك يا وائل، عشرون شخصا اختاروا طريقك ذاته، ومشوا فيه، وقرّروا أن يقولوها بكل الطّرق: ليخسأ جيش الاحتلال، وستبقى إرادتنا، عشرون بحثوا عن الحقيقة، ودفعوا مهرها أرواحهم، ليكونوا من ضمن الذين يقومون بالقسط من الناس، فيقرّون الحق، وينفون الباطل، ويقفون بجوار القضايا العادلة.. ففي القضايا العادلة ينتهي الحياد.
هكذا هي مهنة المتاعب، والبحث عن الحقّ، والحقيقة، هكذا من اختاروا الدّرب الصعب، والطّويل، الصّحافة تقدّم الأرواح النبيلة التي دفعت ثمن الحقيقة، واختارت منذ البدء القيام بالقسط، والبحث عن الحق، وجلب العدالة، كم عدد الصحفيين حول العالم الذين قتلوا لأجل كشفهم فسادا، أو فضحهم جريمة حرب.
"إنّه الطريق الصّعب الطويل، يا وائل فصبرا على لأوائه، فإنّ المنتهى عند ربّك وهو يحقّ الحقّ بكلماته، ويقطع دابر المعتدين"
هل تستحقّ الحقيقة هذا الثّمن؟
كثير هم المحجوبون عن إدراك الأمور على وجهها؛ فلا يستطيعون إبصارها إلا بميزان مادي محض، لا يرتقون للقيم العليا، ولا يدركونها، ولا يعرفون أنّ تحت الشّمس ما يستحقّ البذل أبعد من المغريات الدنيويّة، وأنّ الإنسان وكرامته الممنوحة له من الخالق العظيم الله ربّ العالمين، تستحقّ صونها ولو ببذل الرّوح ذاتها.
لا يمكن لنا إلّا أن نتذكّر شيرين أبو عاقلة، الطّريق ذاته، والحقيقة، والبحث عنها؛ إنها الصحافة، والاجتهاد فيها لا لشيء بل لأجل الإنصاف، والبحث عنه أينما كان، هكذا مضت شيرين تاركة بصمتها، وهكذا يمضي كلّ رفاق هذا الطريق، يتركون بصمتهم نبراسا يضيء الطّريق لمن بعدهم.
إنه الطّريق الصّعب الطّويل، يا وائل فصبرا على لأوائه، فإنّ المنتهى عند ربّك وهو يحقّ الحقّ بكلماته، ويقطع دابر المعتدين، وحينها يخسؤون.. وتبقى إرادتنا حقّا.
صبرا يا وائل.
منقول - بقلم: مختار خواجة
وائل الدّحدوح.. صبرا، الكلّ يختار طريقه، ويدرك منتهاه، العزاء أننا من البدء كنّا نعرف الثّمن المدفوع، كلنا يدرك أن البدء كان بالكلمة، ولها، وأن المنتهى بها، ولها، وعليه فالاختيار محدد سلفا، والطريق صعب، وهكذا طريق الحق، لا شك.
"وائل الدحدوح الذي لم يهتز يوما في تغطياته إلا في العام الماضي إبان الحرب على غزة حين انهار البرج الذي ضم ذاكرة وأرشيف الجزيرة في غزة"
فلذات الأكباد، ورفيقة الدرب إذن صاروا خبرا، وخبرا عميقا، ومؤثّرا حقا، يلخّص حجم المأساة، والتّضحية، والبذل، ثمن الكلمة لا تتّسع له الكلمات، لنعرف دوما أن كل شهيد كان له قصّة، وحكاية، خبز الصّباح، وجبنه، وزيتونه، وزعتره، وشايه، الأماني المستقبلية، ما تحقق، وما تأجّل، ما تيسّر، وما تعسّر، معارك الطّرقات، زوايا الحارات، لعب الكرة، تسليات البنات بدماهنّ، أحاجي الأمّهات، وقصصهن، جلسات السيدات المنزليّة الصباحيّة، أحاديثهنّ اليوميّة، الأخبار المتداولة، شبكات المعارف المتكاثرة.. كلّ هذا يطويه ركان إسمنتيّ صنعته كرة من نار.
وائل الدّحدوح الذي لم يهتزّ يوما في تغطياته إلّا في العام الماضي إبان الحرب على غزّة حين انهار البرج الذي ضم ذاكرة وأرشيف الجزيرة في غزّة، كفكف دموعك يا فتى، فأوسمة الشّهادة لا تُمنح هكذا، قدرهم أن يرتقوا، ويسبقوك، قدرك أن تبقى فتقولها: ليخسأ جيش الاحتلال؛ اخترنا طريقنا وإرادتنا.
عشرون صحفيّا سبقوا أسرتك يا وائل، عشرون شخصا اختاروا طريقك ذاته، ومشوا فيه، وقرّروا أن يقولوها بكل الطّرق: ليخسأ جيش الاحتلال، وستبقى إرادتنا، عشرون بحثوا عن الحقيقة، ودفعوا مهرها أرواحهم، ليكونوا من ضمن الذين يقومون بالقسط من الناس، فيقرّون الحق، وينفون الباطل، ويقفون بجوار القضايا العادلة.. ففي القضايا العادلة ينتهي الحياد.
هكذا هي مهنة المتاعب، والبحث عن الحقّ، والحقيقة، هكذا من اختاروا الدّرب الصعب، والطّويل، الصّحافة تقدّم الأرواح النبيلة التي دفعت ثمن الحقيقة، واختارت منذ البدء القيام بالقسط، والبحث عن الحق، وجلب العدالة، كم عدد الصحفيين حول العالم الذين قتلوا لأجل كشفهم فسادا، أو فضحهم جريمة حرب.
"إنّه الطريق الصّعب الطويل، يا وائل فصبرا على لأوائه، فإنّ المنتهى عند ربّك وهو يحقّ الحقّ بكلماته، ويقطع دابر المعتدين"
هل تستحقّ الحقيقة هذا الثّمن؟
كثير هم المحجوبون عن إدراك الأمور على وجهها؛ فلا يستطيعون إبصارها إلا بميزان مادي محض، لا يرتقون للقيم العليا، ولا يدركونها، ولا يعرفون أنّ تحت الشّمس ما يستحقّ البذل أبعد من المغريات الدنيويّة، وأنّ الإنسان وكرامته الممنوحة له من الخالق العظيم الله ربّ العالمين، تستحقّ صونها ولو ببذل الرّوح ذاتها.
لا يمكن لنا إلّا أن نتذكّر شيرين أبو عاقلة، الطّريق ذاته، والحقيقة، والبحث عنها؛ إنها الصحافة، والاجتهاد فيها لا لشيء بل لأجل الإنصاف، والبحث عنه أينما كان، هكذا مضت شيرين تاركة بصمتها، وهكذا يمضي كلّ رفاق هذا الطريق، يتركون بصمتهم نبراسا يضيء الطّريق لمن بعدهم.
إنه الطّريق الصّعب الطّويل، يا وائل فصبرا على لأوائه، فإنّ المنتهى عند ربّك وهو يحقّ الحقّ بكلماته، ويقطع دابر المعتدين، وحينها يخسؤون.. وتبقى إرادتنا حقّا.
صبرا يا وائل.
منقول - بقلم: مختار خواجة