~:: بسم الله الرحمن الرحيم ::~
الحمد لله ذي العزة والجبروت .. ولهـ الكبرياء والملكوت .. وذكر في كتابهـ الكريم هاروت وماروت ..
ولهـ ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم .. وهو الذي يقبل التوبة عن عبادهـ وهو الغفور الرحيم ..
وأرسل رسولهـ وخاتم أنبيائهـ وخليلهـ محمد عليهـ وعلى آلهـ وصحبهـ وسلم ..
بعد السلام عليكم ورحمته وبركاتهـ .. وسؤالي عن حالكم .. وأخباركم ..
حين تسكن الخلق أجمع في مسكنها وتظهر الغـسَـق وتسدل ستار الليل .. وتهدأ أمواج البحث عن الرزق والنِـعم ..
وتستعد الطيور للمبيت في أعشاشها .. وتخف وهْـج القناديل في بحارها ومحيطاتها ..
ونتراقص تحت قطرات العُـباب وحبّ المُـزن .. وهزيم الرعد تشق الآذان .. واصطكاك الأسنان بدت كقرْع الطبول ..
حين تضيء الفوانيس أنوارها على أرجاء البيت .. بعد أن اشتدت ظلام الأمصار حِـلكة .. وبدأت النجوم تملأ السماء ..
حين تحل القصص القديمة مقعدها بيننا .. والقلوب تتجمع بعد أن كانت مفترقات كل في سبيلهـ ..
فما أحسن تذكر الأيام المريرة التي مرت .. أيام تجرعنا فيها كؤوسا من الزُعاق ونتـَمطـّــق بألسنتنا من ذاك الكأس ..
حين تختفي الشمس خلف الجبال العظيمة .. وكأنها تقول وداعا والوداع قد حان .. والنهار قد أظلم والقمر قد بان ..
والقمر قد وقب على الشمس وقد خف شعاعهـ فهو الجلم والزيراف .. حينها نصطف مع القلوب العاشقة أو الحزينة ..
لنحكي للقمر ما يدور في داخلنا من شعور وأحاسيس .. ونرجو ألا يغيب القمر بضوئهـ البراق وجمالهـ المُـلهم ..
نشتكي لهـ سطور من الأوهام والأحلام .. ونتبادل الحديث بلغة الصمت .. ونظرات العجب والقرب ..
وكل مهـّد طريقهـ .. ونسج كلماتهـ .. وانتظر محبهـ .. واتكأ على حائط جدارهـ .. ليتسامرا هو والقمر ..
فهو منبع تفكيرنا وملهم وقتنا بالساعات الطويلة .. والدقائق المتحركة .. والثواني المنجلية ..
بالنظر إليهـ يكبت الشاعر لهفة شوقهـ .. ويستعير من جمالهـ لمحبوبهـ .. ويقتبس الضالّ من نورهـ ..
وبهـ تنام الأعين من بريقهـ اللامع الساحر .. كحبة ندى على ورقة خضراء يافعة .. مكورة في هيئتهـ ..
ولن يحلى الصحب وجمع الأحباب إلا بوجودكـ .. عاكساً ضوئكـ على أمواج البحر ..
فالوحيد أنت أنيسهـ .. والحبيب أنت ونيسهـ .. والحزين أنت ملهمهـ ..
ونفوسنا تضعف أمامهـ .. فنحكي لهـ سرنا وأحلامنا وآمالنا .. ونفترش على ظهورنا ووجوهنا شطرهـ ..
وما أجملك أيها القمر .. كلنا يطمع لرؤيتكـ .. وينتظر مجيئكـ .. ولكن سرعان ما تفارقنا ونحن ما زال شوقنا يزداد إليكـ ..
وما هي إلا ساعات عدة ويحين وقتهـ .. ويأنّ بفراقهـ بنا .. فبزوغهـ آفل لا محالة .. وكذاكـ ظهورهـ ..
فأين أنتي أيتها الشمس المشعة .. أيتها الجوناء الصقعاء .. بظهوركـ يختفي غيركـ من قمر ونجوم وكواكب ومجرات ..
لا نقدركـ ونحتاجكـ إلا في حال تساقط الثلوج .. حال يقشعر الأجساد من زمهرير الشتاء ..
حال يطغى البرد على الحر ولا يفارق الأجساد مأواهم ولحافهم .. حال نتناسى الشعور ونصبح كقطعة جليد مجمد ..
فحينها نتمنى ونرجو رؤيتكـ ولكنكـ نادرا ما تظهرين .. وإذا ما ظهرتي فليس من حول ولا قوة للأعين لتنظر إليكـ ..
بل ينتكس الرؤوس والأعين إلى الأسفل .. وهيهات الوصول إليكـِ بسهولة .. فأنتي الغالية والعالية عن الأسافل ..
فظهور شعاعكـ تكفي الدنيا غذاء لنباتاتها .. وتبخيرا لمياهها حتى تـقـل سحابا ثقالاً فتسقط الأمطار دِيمَـة ساكنة ..
فتنبت الأرض نباتها الحلو والمرّ .. وأشجارها القصيرة والطويلة .. وتحيى حياة متجددة بعد جدب وقحط أصابتها ..
وترسم الفرحة على شفاهـ الجميع وفي قلوب الكثير .. وتفوح روائح النرجس وتتلو أناشيد البهجة في الصباح ..
وتترنم الطيور وتحلق تحت أضواء الشمس .. والرياح السمْهَجيّ قد حلـّت وتصدر أصوات هامسة ..
وأعود إلى القمر بعد اكتمال هيئتهـ الناضرة .. فالنفوس إليهـ ناظرة .. يبدأ مُحاقَـا وينتهي مُحاقـا بينهما أمور عديدة ..
بدأ السحب يتجمع ويكبـّل القمر ويخفيهـ بين ثناياهـ .. وإذا بالنفوس تنتحب وتقوم من مرقدها حزينا ..
قد باتت طويلا في سبات عميق بعد أن غرقت في نهر الكرهـ .. نهرا مصبها دموع اليأس والبؤس ..
قد امتلأت في جوفها أحلاما عديدة قد ضاعت .. وآمال مديدة قد خابت .. ولآلئ من الكلمات الجارحة قد تشكلت ..
وطال الانتظار لهذه المدة فارغ اليدين .. ودامع العينين .. وتاركا لفؤادي أماكن لجروح أخرى ..
ومرتـوٍ من ماء الندم في ينبوع قلبي .. مرًّ طعمها .. وحمراء لونها .. مذروف فيها ما تكفي من الدمعات ..
ءآلآن وقد اكتفيت من هذا ومن ذاكـ .. قد اكتفيت من ملء نهر الكرهـ بقطرات من سوء أفعالي وأقوالي ..
قد اكتفيت من صنع سلالم معلقة بين جسر وجسر تهويها ظلمات الجهل والبغضاء .. والحقد والحسد والكبرياء ..
قد اكتفيت من هجر الأحبة في ليالي صاحبتها أشجان الأنين .. وهمس الحنين ..
ليالي زاد ظلمتها صدأ قلبي من الهموم والغموم .. وصوت صداها كحديدة ضربت في قدور خالية بالية رثة ..
وزادها مغيب الشمس والجروح العتيقة .. والنفوس اللهيبة المحترقة من شدة غيظي في فؤادي ..
وأطراف من المآسي متشبث بذاكرتي وصندوق ماضييّ .. ووجهي لا زال شاحبا كئيبا من حطام القلب ..
كانت جدران ثابتة وأسوارها عالية وسميكة .. كانت لا تهزها ريح .. ولكنها أصبحت هشة تحطمت لأقل من حركة ..
وأصابت شظايا في صدوعها وعروقها .. وضاقت حتى أصبحت كالخيط الرقيق الأسود الذي لا يرى في الليلة الظلماء ..
فذاك الليلة أصبحت ثانِـيَـتـُها عَـقداً .. ودقيقتها جَـيلا ً.. وساعتها قـَرنا ً.. من انتظاري لمفقودة بفقدها نخسر العالم أجمع ربما ..
وطال أنين الإنتظار .. وتـَقـَوْقـع الجسد على نفسهـ .. ومكثت حولاً بين طيـّات الوحدة والهجرة ..
وتعالت أصوات الفراق والعويل .. وقطع حبْـل أفكاري .. أنـّى للإنسان إنكار الجميل والمعروف ..؟!!
أنى لهـ العيش بلا قمر أو بلا شمس ..؟! لم أشأ أن أفكر طويلا حتى قاربت الوقت على بزوغ فجر جديد ..!
فتقلصت المسافة بيني وبين من أحببتهم .. لأرى صُـوَرهم على ناظري كأطياف بدت باهتة وغير واضحة ..
ولأسمع بأصوات خافتة تنافرهم عني ولا يصل يدي إليهم وأنا أحاول أن أسحبهم إلي ..
كانوا أحبابي وأصحابي .. لا .. بل كانوا أبــــي وأمـــــي .. هل حقا كنت غافلا عنهم طيلة حياتي ..؟!!
ومنشغلا بأتفهـ الأمور في دنيا فانية .. وتاركاً من يكون سبباً في دخولي للجنة ..؟!!
وأبتعد عنهم لأصاحب ثـُـلـّـة من البشر لم يكونوا معي في بداية حياتي ولا يعرفون من أنا ربما ..؟!!
كم من شاب أضاع عمرهـ بين ظلمات الفساد بلا شمعة تضيء دربهـ من كلمة قالها والدهـ العزيز ..!!
كم من جيل من الشباب ضاعوا وأضاعوا دروبا كانت نيرة واضحة من كلمة قالتها والدتهـ العزيزة ..!!
كم من أعراض انتهكت ودماء سفكت من كلمة لم يقلها والد متجبر على أهل بيتهـ أو والدة شغلتها نفسها ..!!
كم من شاب أسخط والديهـ برضا صحبهـ وجمعهـ من كلمة قالها أو فعل فعلا لوالديهـ ..!!
هي كلمات بسيطة لا تحتاج لجهد طويل .. ولا لمال وفير .. ولا لتعليم صعيب .. ولا لسلب حياة أو نهب ..!!
كلمات تجذبهم إليكـ .. كلمات كبلسم تشفي جراحههم .. كلمات تجعلهم مبتسمين في أصعب الأوقات ..
كلمات ترفعهم عاليا وكأن الشمس والقمر خلقا لأجلهم .. ليس لأحد غيرهم ..!!
فحروفي لن تبلغ أسفي لهم ولو بلغت عنانَ السماء وبياضهـ .. أو منتهى البصر واختفائهـ .. أو قاع المحيط وظلمتهـ ..
ولو بسطتُ فراش الأرض كلها حروف الاعتذار .. وكل كلمة من قاموس الغفران والتسامح ..!!
ولو جمعت لغات العالم أجمع وعلقت كلمات الفداء لأجلهم بين الخافقين وبين السماء والأرض ..!!
ما بــلـَـغـْـتـَـهــا ولـنْ أبـْـلـُـغـَـهـَـا ..!!!
وهاهي شمس الأمومة ورمز الحنان قد أشرقت بنورها .. بعد أن كانت مختبئة خلف الجبال والتلال ..
وها أنا أسمع هدير الأمواج .. وهزيز الريح .. وتغاريد النورس ..
وقد كانت دروبي تائهة لا أرى فيها سبيلي وأنا عائش في ضباب الغفلة والعصيان والذل ..
فـيــا ربّ الأرباب ومسبّب الأسباب وخالق الناس من تراب ..
أن تغفر زلاتي وأخطائي وعصياني ..
ولكم مساحة لإبداء الرأي ..
وجزيل التشكرات ..
لمروركم ..
الحمد لله ذي العزة والجبروت .. ولهـ الكبرياء والملكوت .. وذكر في كتابهـ الكريم هاروت وماروت ..
ولهـ ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم .. وهو الذي يقبل التوبة عن عبادهـ وهو الغفور الرحيم ..
وأرسل رسولهـ وخاتم أنبيائهـ وخليلهـ محمد عليهـ وعلى آلهـ وصحبهـ وسلم ..
بعد السلام عليكم ورحمته وبركاتهـ .. وسؤالي عن حالكم .. وأخباركم ..
حين تسكن الخلق أجمع في مسكنها وتظهر الغـسَـق وتسدل ستار الليل .. وتهدأ أمواج البحث عن الرزق والنِـعم ..
وتستعد الطيور للمبيت في أعشاشها .. وتخف وهْـج القناديل في بحارها ومحيطاتها ..
ونتراقص تحت قطرات العُـباب وحبّ المُـزن .. وهزيم الرعد تشق الآذان .. واصطكاك الأسنان بدت كقرْع الطبول ..
حين تضيء الفوانيس أنوارها على أرجاء البيت .. بعد أن اشتدت ظلام الأمصار حِـلكة .. وبدأت النجوم تملأ السماء ..
حين تحل القصص القديمة مقعدها بيننا .. والقلوب تتجمع بعد أن كانت مفترقات كل في سبيلهـ ..
فما أحسن تذكر الأيام المريرة التي مرت .. أيام تجرعنا فيها كؤوسا من الزُعاق ونتـَمطـّــق بألسنتنا من ذاك الكأس ..
حين تختفي الشمس خلف الجبال العظيمة .. وكأنها تقول وداعا والوداع قد حان .. والنهار قد أظلم والقمر قد بان ..
والقمر قد وقب على الشمس وقد خف شعاعهـ فهو الجلم والزيراف .. حينها نصطف مع القلوب العاشقة أو الحزينة ..
لنحكي للقمر ما يدور في داخلنا من شعور وأحاسيس .. ونرجو ألا يغيب القمر بضوئهـ البراق وجمالهـ المُـلهم ..
نشتكي لهـ سطور من الأوهام والأحلام .. ونتبادل الحديث بلغة الصمت .. ونظرات العجب والقرب ..
وكل مهـّد طريقهـ .. ونسج كلماتهـ .. وانتظر محبهـ .. واتكأ على حائط جدارهـ .. ليتسامرا هو والقمر ..
فهو منبع تفكيرنا وملهم وقتنا بالساعات الطويلة .. والدقائق المتحركة .. والثواني المنجلية ..
بالنظر إليهـ يكبت الشاعر لهفة شوقهـ .. ويستعير من جمالهـ لمحبوبهـ .. ويقتبس الضالّ من نورهـ ..
وبهـ تنام الأعين من بريقهـ اللامع الساحر .. كحبة ندى على ورقة خضراء يافعة .. مكورة في هيئتهـ ..
ولن يحلى الصحب وجمع الأحباب إلا بوجودكـ .. عاكساً ضوئكـ على أمواج البحر ..
فالوحيد أنت أنيسهـ .. والحبيب أنت ونيسهـ .. والحزين أنت ملهمهـ ..
ونفوسنا تضعف أمامهـ .. فنحكي لهـ سرنا وأحلامنا وآمالنا .. ونفترش على ظهورنا ووجوهنا شطرهـ ..
وما أجملك أيها القمر .. كلنا يطمع لرؤيتكـ .. وينتظر مجيئكـ .. ولكن سرعان ما تفارقنا ونحن ما زال شوقنا يزداد إليكـ ..
وما هي إلا ساعات عدة ويحين وقتهـ .. ويأنّ بفراقهـ بنا .. فبزوغهـ آفل لا محالة .. وكذاكـ ظهورهـ ..
فأين أنتي أيتها الشمس المشعة .. أيتها الجوناء الصقعاء .. بظهوركـ يختفي غيركـ من قمر ونجوم وكواكب ومجرات ..
لا نقدركـ ونحتاجكـ إلا في حال تساقط الثلوج .. حال يقشعر الأجساد من زمهرير الشتاء ..
حال يطغى البرد على الحر ولا يفارق الأجساد مأواهم ولحافهم .. حال نتناسى الشعور ونصبح كقطعة جليد مجمد ..
فحينها نتمنى ونرجو رؤيتكـ ولكنكـ نادرا ما تظهرين .. وإذا ما ظهرتي فليس من حول ولا قوة للأعين لتنظر إليكـ ..
بل ينتكس الرؤوس والأعين إلى الأسفل .. وهيهات الوصول إليكـِ بسهولة .. فأنتي الغالية والعالية عن الأسافل ..
فظهور شعاعكـ تكفي الدنيا غذاء لنباتاتها .. وتبخيرا لمياهها حتى تـقـل سحابا ثقالاً فتسقط الأمطار دِيمَـة ساكنة ..
فتنبت الأرض نباتها الحلو والمرّ .. وأشجارها القصيرة والطويلة .. وتحيى حياة متجددة بعد جدب وقحط أصابتها ..
وترسم الفرحة على شفاهـ الجميع وفي قلوب الكثير .. وتفوح روائح النرجس وتتلو أناشيد البهجة في الصباح ..
وتترنم الطيور وتحلق تحت أضواء الشمس .. والرياح السمْهَجيّ قد حلـّت وتصدر أصوات هامسة ..
وأعود إلى القمر بعد اكتمال هيئتهـ الناضرة .. فالنفوس إليهـ ناظرة .. يبدأ مُحاقَـا وينتهي مُحاقـا بينهما أمور عديدة ..
بدأ السحب يتجمع ويكبـّل القمر ويخفيهـ بين ثناياهـ .. وإذا بالنفوس تنتحب وتقوم من مرقدها حزينا ..
قد باتت طويلا في سبات عميق بعد أن غرقت في نهر الكرهـ .. نهرا مصبها دموع اليأس والبؤس ..
قد امتلأت في جوفها أحلاما عديدة قد ضاعت .. وآمال مديدة قد خابت .. ولآلئ من الكلمات الجارحة قد تشكلت ..
وطال الانتظار لهذه المدة فارغ اليدين .. ودامع العينين .. وتاركا لفؤادي أماكن لجروح أخرى ..
ومرتـوٍ من ماء الندم في ينبوع قلبي .. مرًّ طعمها .. وحمراء لونها .. مذروف فيها ما تكفي من الدمعات ..
ءآلآن وقد اكتفيت من هذا ومن ذاكـ .. قد اكتفيت من ملء نهر الكرهـ بقطرات من سوء أفعالي وأقوالي ..
قد اكتفيت من صنع سلالم معلقة بين جسر وجسر تهويها ظلمات الجهل والبغضاء .. والحقد والحسد والكبرياء ..
قد اكتفيت من هجر الأحبة في ليالي صاحبتها أشجان الأنين .. وهمس الحنين ..
ليالي زاد ظلمتها صدأ قلبي من الهموم والغموم .. وصوت صداها كحديدة ضربت في قدور خالية بالية رثة ..
وزادها مغيب الشمس والجروح العتيقة .. والنفوس اللهيبة المحترقة من شدة غيظي في فؤادي ..
وأطراف من المآسي متشبث بذاكرتي وصندوق ماضييّ .. ووجهي لا زال شاحبا كئيبا من حطام القلب ..
كانت جدران ثابتة وأسوارها عالية وسميكة .. كانت لا تهزها ريح .. ولكنها أصبحت هشة تحطمت لأقل من حركة ..
وأصابت شظايا في صدوعها وعروقها .. وضاقت حتى أصبحت كالخيط الرقيق الأسود الذي لا يرى في الليلة الظلماء ..
فذاك الليلة أصبحت ثانِـيَـتـُها عَـقداً .. ودقيقتها جَـيلا ً.. وساعتها قـَرنا ً.. من انتظاري لمفقودة بفقدها نخسر العالم أجمع ربما ..
وطال أنين الإنتظار .. وتـَقـَوْقـع الجسد على نفسهـ .. ومكثت حولاً بين طيـّات الوحدة والهجرة ..
وتعالت أصوات الفراق والعويل .. وقطع حبْـل أفكاري .. أنـّى للإنسان إنكار الجميل والمعروف ..؟!!
أنى لهـ العيش بلا قمر أو بلا شمس ..؟! لم أشأ أن أفكر طويلا حتى قاربت الوقت على بزوغ فجر جديد ..!
فتقلصت المسافة بيني وبين من أحببتهم .. لأرى صُـوَرهم على ناظري كأطياف بدت باهتة وغير واضحة ..
ولأسمع بأصوات خافتة تنافرهم عني ولا يصل يدي إليهم وأنا أحاول أن أسحبهم إلي ..
كانوا أحبابي وأصحابي .. لا .. بل كانوا أبــــي وأمـــــي .. هل حقا كنت غافلا عنهم طيلة حياتي ..؟!!
ومنشغلا بأتفهـ الأمور في دنيا فانية .. وتاركاً من يكون سبباً في دخولي للجنة ..؟!!
وأبتعد عنهم لأصاحب ثـُـلـّـة من البشر لم يكونوا معي في بداية حياتي ولا يعرفون من أنا ربما ..؟!!
كم من شاب أضاع عمرهـ بين ظلمات الفساد بلا شمعة تضيء دربهـ من كلمة قالها والدهـ العزيز ..!!
كم من جيل من الشباب ضاعوا وأضاعوا دروبا كانت نيرة واضحة من كلمة قالتها والدتهـ العزيزة ..!!
كم من أعراض انتهكت ودماء سفكت من كلمة لم يقلها والد متجبر على أهل بيتهـ أو والدة شغلتها نفسها ..!!
كم من شاب أسخط والديهـ برضا صحبهـ وجمعهـ من كلمة قالها أو فعل فعلا لوالديهـ ..!!
هي كلمات بسيطة لا تحتاج لجهد طويل .. ولا لمال وفير .. ولا لتعليم صعيب .. ولا لسلب حياة أو نهب ..!!
كلمات تجذبهم إليكـ .. كلمات كبلسم تشفي جراحههم .. كلمات تجعلهم مبتسمين في أصعب الأوقات ..
كلمات ترفعهم عاليا وكأن الشمس والقمر خلقا لأجلهم .. ليس لأحد غيرهم ..!!
فحروفي لن تبلغ أسفي لهم ولو بلغت عنانَ السماء وبياضهـ .. أو منتهى البصر واختفائهـ .. أو قاع المحيط وظلمتهـ ..
ولو بسطتُ فراش الأرض كلها حروف الاعتذار .. وكل كلمة من قاموس الغفران والتسامح ..!!
ولو جمعت لغات العالم أجمع وعلقت كلمات الفداء لأجلهم بين الخافقين وبين السماء والأرض ..!!
ما بــلـَـغـْـتـَـهــا ولـنْ أبـْـلـُـغـَـهـَـا ..!!!
وهاهي شمس الأمومة ورمز الحنان قد أشرقت بنورها .. بعد أن كانت مختبئة خلف الجبال والتلال ..
وها أنا أسمع هدير الأمواج .. وهزيز الريح .. وتغاريد النورس ..
وقد كانت دروبي تائهة لا أرى فيها سبيلي وأنا عائش في ضباب الغفلة والعصيان والذل ..
فـيــا ربّ الأرباب ومسبّب الأسباب وخالق الناس من تراب ..
أن تغفر زلاتي وأخطائي وعصياني ..
ولكم مساحة لإبداء الرأي ..
وجزيل التشكرات ..
لمروركم ..