إن ضُربتَ من الخلف ... فاعلم أنك أحمق!
- يالها من ليلة طويلة...
همست لنفسي بتلك الجملة ثم تنهدت بعمق، أوقفت سيارتي السوداء في المواقف المخصصة للطلاب، لففت الوشاح حول عنقي جيداً،
حملت حقيبتي، ثم توجهت إلى تلك البوابة الكبيرة، طرقت على نافذة حجرة الأمن بهدوء، ليفتح لي رجل ضخم، أسمر البشرة، ذو عينين
مخيفتين والذي بدا وكأنه كان يعمل في الجيش لفترات طويلة... !
أخذ يحدق بي من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي ثم صرخ عليَّ مستخدماً طاقة حباله الصوتية بأكملها:
- ما الذي تفعله هنا؟! يحظر على الطلاب التجول في هذا الوقت وأنت تعلم هذا!! هينر أعطني دفتر المخالفات!
شعرت بجسدي قد تصلب من هول الصدمة... مخالفة ، ما الذي يحدث هنا، لابد أن هنالك سوء فهم، لكن لمَ أنا متصلب هكذا؟
أهذا بسبب كونها المرة الأولى التي يصرخ أحد عليَّ فيها بهذه الطريقة؟!
- أخرج بطاقتك الأكاديمية هيا!!
- المـ - المعذرة...
- ألم تسمع ما قلت، أخرج بطاقتك هيا!! ألا تحملها معك؟! ستأخذ مخالفتين إذاً...
- لقد فهمت خطأً... (استجمعت قواي وقلت) لقد انتقلت إلى هنا اليوم.
- انتقال!! أتهزأ بي؟ لا أحد ينتقل في هذا الوقت من السنة!
- إنها الحقيقة!
- ولمَ أنت متصلب هكذا، هاه؟! هييييييييييييينر!! عندما أناديك استمع إليَّ!! اخلع تلك السماعات وتعال إلى هنا.
"أيُ شخص بكامل قواه العقلية سيتصلب إن فوجئ بصراخ كهذا"،
سمعت صوتاً هادئاً قادم من خلف ذلك الجدار البشري:
- ماذا هنالك، سيد جاك؟!
- أهنالك أية معلومات عن طالب جديد سينتقل إلى هنا هذه الفترة؟
- أوه أجل، لقد وصلتنا ملفاته قبل أسبوع، يبدو أن لديه ظروفاً خاصة جعلته ينتقل في هذا الوقت من السنه.
تراجع الوحش ليقي نظرة على الملفات التي وضعها له ذلك الشاب الأشقر الذي بدا في العشرينيات من عمره، أشار لي بيده قائلاً:
- ادخل إلى هنا الجو بارد في الخارج.
- ح-حسناً...
فتح ذلك الشاب الباب لي، وأجلسني على كرسي كان هناك، ثم سكب لي كوباً من القهوة الساخنة وناولني إياه:
- من فضلك، أعطنا بطاقة الهوية الخاصة بك مع الصور الشخصية والأوراق المصدقة من كليتك السابقة، إدارة كليتنا قد أرسلت لك قائمة بالأشياء المطلوبة منك، صحيح؟
- أجل...
أخرجت كل ما طلبه مني من حقيبتي وأعطيتها له، أخذها مني ثم توجه إلى حاسوبه ليدخل بعض البيانات.
ارتشفت قليلاً من تلك القهوة التي قدمها لي، وبقيت أحدق بهما، أحدهما بدا وكأنه شيطان في هيئة بشري أما الآخر فهو لطيف كالملاك!
"غريب!! ظننت أن النقيضان لا يجتمعان في مكان واحد!!"
- شيجيرو روي ، من جامعة طوكيو " لقد طلبت دخول قسم إدارة الأعمال أليس كذلك؟!"
- أجل...
- تفضل هذه بطاقتك الأكاديمية أبقها معك أينما ذهبت، وهذا الملف فيه كل ما تحتاج إلى معرفته، الجدول الدراسي،
أنظمة وقوانين الكلية اقرأها جيداً من فضلك. أوه، صحيح تفضل بطاقة الهوية خاصتك...
- شكراً جزيلاً لك...
- لا شكر على واجب والآن تعال معي سأرشدك إلى غرفتك...
- أنا من سيرشده يا هينر ابقَ أنت هنا...
- حسناً، أتريد أخذ دفتر المخالفات معك كالعادة؟!
- بالتأكيد!!
أراهن أن كل ما يسيطر على عقله هو إعطاء المخالفات! ، على ما يبدو نظام هذه المكان صارم نوعاً ما...
في سكن الطلاب على الأقل!! ... سار ذلك الرجل أمامي في تلك الممرات فتبعته، هدوء قاتل من الواضح أن الجميع نيام الآن...
- يحظر التجول هنا بدءاً الساعة السابعة مساءً، ويجب على جميع طلاب السكن أن يتواجدوا فيه قبل الثامنة،
أي أنك إن تأخرت عن الموعد فلن يسمح لك بالدخول إلى السكن وستتلقى مخالفة على ذلك ...
يمنع على الفتيان التواجد في سكن الفتيات والعكس، كما لا يسمح لك بالتواجد في غرف زملائك بعد التاسعة...
إزعاج شريكك في الغرفة وباقي الطلاب في السكن أو العبث بالممتلكات هنا سيكلفك غرامة مالية،
بقية القوانين مذكورة في الأوراق التي أعطاك إياها هينر...
- حسناً... " أتبقى شيء أصلا؟! "
- تلك هي غرفتك ذات الرقم 605 ، اسم شريكك في الغرفة يــ....
- "ووووو هددددددف!! لقد انتصرت عليك أيها الأحمق!! عشائي غداً على حسابك!!"
تفاجأت كثيراً لسماعي ذلك الصوت، التفت إلى ذلك المدعو جاك لأرى الابتسامة الشيطانية قدر ارتسمت على محيا وجهه المرعب!!
لم يكمل كلامه بل اتجه إلى تلك الغرفة المقابلة لغرفتي، أخرج بطاقة كانت في جيبه وفتح بها باب الغرفة ثم دفعه بقوة!!
ليرى مشهداً كان يتوقعه على الأرجح... خمسة أولاد في تلك الغرفة وعلى ما يبدوا كانوا يقيمون دورياً في العبة المشهورة " FIVA"
إثنان منهما قد جلسا على الأرض، أما الآخران فقد كانا يأكلان عشاءهما ويتابعان المنافسة بحماس!
وبالحديث عن الخامس فعلى ما يبدوا أنه قد أجاد دوره بالتمثيل، مستلقياً على الأريكة الأخرى ووضعاً كتاب الفيزياء مفتوحاً ليغطي وجهه به ويتظاهر بالنوم!
الغرفة في حالة من الفوضى العآرمة، سريران فوق بعضهما يستغيثان من الكم الهائل للملابس الموضوعة عليهما، أ
كياس الوجبات السريعة منتشرة في أنحاء الغرفة، صحون متسخة، روائح كريهة باختصار...
"لا أصدق أن بشراً يستطيعون العيش في هذا المكان!"
- إذاً، هلّا فسر لي أحدكم ما يحدث هنا؟َ
- في الواقع فكرنا بأن ندرس مع بعضنا لامتحان الغد...
- وما الذي أراه هنا، إن ظننتم أن الأمر سيمر مرور الكرام فأنتم مخطئون !!
- هههههههه سايمون، كارل، أسوكا ستحصلون على مخالفة، الحمد لله أن السهرة اليوم كانت في غرفتي U__U
- سحقاً لك آلن ><
- لا تفرح كثيراً ستحصل على مخالفة أنت أيضاً...
- ماااااااذا !! ولكني لم أرتكب أية مخالفة مثلهم!!
- لقد صرخت بصوت عالٍ وأزعجت الطلاب، كما أنه من كمال العدل والمساواة أن تتشارك مع أصدقائك في الحصول على المخالفة!!
- ياله من عدل!! وماذا عن أيامي ألن تخالفه!
- إنه نائم في غرفته بعكسكم أيها المزعجون!
- ما... لقد كان مستيقظاً للتو... "هذا الفتى!!" ، أوه بالمناسبة من هذا؟!
اقترب مني ذلك الفتى وأخذ يحدق بي، إلى أن أمسكه جاك من ياقة قميصه...
- آلن! لست أحمق لتتهرب مني بتلك الطريقة، إنه طالب جديد هنا، هل ارتحت الآن؟!
التفت لي السيد جاك، وأعطاني بطاقة تشبه تلك التي فتح بها باب الغرفة:
- هذا مفتاح غرفتك...
- شكراً جزيلاً لك
تابع السيد جاك توبيخهم أما أنا اتجهت إلى غرفتي آملاً ألا تكون بنفس الوضع الكارثي الذي رأيته قبل قليل!
فتحت الباب فإذا بي أشعر بهواء بارد يلفح وجهي، دخلت الغرفة وأشعلت الإضاءة، ولفت نظري شيء عجيب،
جهاز التبريد يعمل في الشتاء، وعلى أقصى درجاته!! توجهت إلى جهاز التحكم المعلق في الجدار وقمت بإطفائه،
أخذت جولة بنظري في أرجاء الغرفة، ورأيت زميلي في الغرفة قد غط في نومٍ عميق، ملتحفاً بغطائه الوفير،
وعلى ما يبدو لم يشعر بوجودي حتى...
سجاد أحمر نظيف، كتب ومستندات قد وضعت على الأرفف بعناية، حاسوب مكتبي، خزانة مرتبة، كل شيء مثالي هنا!!
إنه فتى منظم للغاية وهذا يناسبني، فأنا لم أعتد على العيش في فوضى أبداً...
ذهبت إلى دورة المياة أخذت حماماً سريعاً، ثم صعدت إلى سريري، أخرجت هاتفي المحمول وأرسلت رسالة نصية لعائلتي
"لقد وصلت، وكل الأمور تسير على ما يرام"
ضبطت المنبه على الساعة الخامسة صباحاً، ورحت أفكر بالأحداث التي أوصلتني إلى هنا حتى غلبني النعاس...