في ظل ما يعيشه المسلمون من أزمة فيروس كورونا وفرض الحظر سواء الكلي أو الجزئي في عدد من الدول، ومع تخفيف حدة الحظر والبدء في السماح بفتح المساجد مع اشتراط التباعد، تدور بعض الأسئلة، ومنها:
١- هل يجوز أداء صلاة الجمعة مرتين أو أكثر (بالدفعات حيث تتكون كل دفعة من أربعين نفرا مثلا) للحفاظ على سلامة المصلين؟
٢- ومتابعة بالسؤال الأول، إذا كان الجواب بالجواز فعند الحنابلة هناك قول بجواز إقامة صلاة الجمعة قبل الزوال:
أ. فهل يجوز لنا أن نعمل بهذا القول في هذا الوقت؟ الصورة المحتملة: أن يصلي الإمام الجمعة بالدفعات الأولى قبل الزوال والدفعات الأخرى بعده؟
ب. وإذا طبقنا بالهيئة المذكورة في زمن الكورونا، فهل يعتبر بأننا قد عملنا بالقول المرجوح؟
المسألة الأولى: تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد:
تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد بسبب وجوب التباعد بين المصلين بسبب فيروس كورونا مسألة جديدة لم يتطرق إليها الفقهاء في التراث الفقهي، وإنما تكلموا عن تعدد الجمعة في البلد الواحد وليس عن تعدد الجمعة في المسجد الواحد.
أولا- خلاصة تعدد الجمعة في البلد الواحد:
ذهب جمهور الفقهاء إلى منع تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد، إلا لضرورة، ويجوز عند الحنفية التعدد في الموضعين أو الثلاثة.
وتباين الجمهور في بيان الأسباب المجيزة لتعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد خلافا للأصل، مثل:
أن يكون البلد عظيما، ويعسر على الناس الاجتماع في مسجد واحد، بسبب مشقة الانتقال.انقسام البلد بنهر ونحوه، فيعامل معاملة البلدين.أن تكون هناك حاجة تدعو إلى التعدد.
الأدلة:
واستدل جمهور الفقهاء على منع تعدد الجمعة في البلد الواحد بما يلي:
أنه لم يحفظ عن أحد من الصحابة أو التابعين القول بالجواز.
قال ابن أبي زيد القيرواني: "والدليل على وجوب اتحاد الجامع فعله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده فإنهم لم يقيموا سوى جمعة واحدة، و؛ لأن الاقتصار على واحدة أفضى إلى، المقصود من إظهار شعار الاجتماع واتفاق الكلمة"[1].
التعليل والتقصيد:
فقد علل جمهور الفقهاء المنع بأن التعدد مناف لمقصد صلاة الجمعة وهو اجتماع المسلمين، وفي التعدد فرقة تناقض مقصد العبادة[2].
تعدد الجمعة في المسجد الواحد:
سبقت الإشارة إلى أن هذه المسألة لم يتناولها الفقهاء القدامى في كتبهم، لكن تخريجا على رأيهم في تعدد الجمعة في البلد الواحد، فإن الأصل يكون عدم تعدد الجمعة في المسجد الواحد، وهو من باب الإلحاق، فهو من باب إلحاق المسكوت عنه (تعدد إقامة صلاة الجمعة في المسجد الواحد) بالمنطوق به (منع تعدد إقامة صلاة الجمعة في البلد الواحد).
على أن هذا يكون في الأحوال العادية، وليس في الظروف الاستثنائية، فقد نص الفقهاء على جواز تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد عند الحاجة.
من ذلك عظم البلد الواحد، ومن ذلك ما قاله الزرقاني نقلا عن اللخمي: " لا أظنهم يختلفون في جواز التعدد في مثل مصر وبغداد"[3]. وقال ابن حجر الهيثمي الشافعي: "ويكره تعدد جماعتها بلا حاجة"[4]. وقال البهوتي: (إلا لحاجة) كسعة البلد وتباعد أقطاره، أو بعد الجامع، أو ضيقه، أو خوف فتنة فيجوز التعدد بحسبها فقط لأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعا ذكره في " المبدع "[5]
بل من أعجب ما حكاه ابن أبي زيد القيرواني من بيان الحاجة التي تجيز التعدد، " وجود العداوة المانعة من اجتماع الجميع في محل واحد، بل لو قيل إن هذا أولى لجواز التعدد لما بعد"[6].
أن أصل المسألة مختلف فيها، فالأحناف على جواز التعدد بإطلاق، بل هو محكي عن بعض السلف مثل عطاء[7].
قال ابن نجيم المصري: " يصح أداء الجمعة في مصر واحد بمواضع كثيرة، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وهو الأصح؛... وفي فتح القدير الأصح الجواز مطلقا...وذكر في باب الإمامة أن الفتوى على جواز التعدد مطلقا"[8].
أن الإلزام بعدم التعدد فيه حرج، والحرج مرفوع في الشريعة، كما قال تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]
قال ابن نجيم: " لأن في الاجتماع في موضع واحد في مدينة كبيرة حرجا بينا، وهو مدفوع... وفي فتح القدير الأصح الجواز مطلقا خصوصا إذا كان مصرا كبيرا كمصر فإن في إلزام اتحاد الموضع حرجا بينا لاستدعائه تطويل المسافة على الأكثر" [9].
أن بناء المنع على مخالفة التعدد للاجتماع منقوض، لأن التعدد يحصل فيه الاجتماع أيضا.
أن اشتراط إذن السلطان أو نائبه إنما هو شرط لإقامتها عند بناء المسجد ثم بعد ذلك لا يشترط الإذن لكل خطيب.
أن القول بجواز التعدد مبني على قاعدة: " إذا ضاق الأمر اتسع، ولما كان متسعًا أول الإسلام قبل مزيد الكثرة ضاق بمنع التعدد"[10].
وإذا تقرر كل هذا في الأحوال العادية، فإن القول بالجواز في مثل هذه الظروف الاستثنائية أولى.
الموازنة بين تعطيل الجمعة وتعددها:
وإذا قارنا بين القول بتعطيل الجمعة خشية انتشار المرض، وبين القول بتعددها مع أخذ الاحتياطات والاحترازات ووجوب التباعد الذي يعسر معه إقامة جمعة واحد؛ كان القول بتعدد الجمعة في المسجد الواحد لا حرج فيه، بل هو إقامة للشعيرة، والإبقاء أولى من الإلغاء. وقد قال ربنا سبحانه: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
فتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث:
ومن الهيئات المعاصرة التي أجازت تعدد صلاة الجمعة في المسجد الواحد عند الحاجة: المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، حيث نص على ما يلي:
" فإن المجلس لا يرى مانعًا من تكرر إقامة الجمعة في المسجد الواحد، ما وجد السبب الدافع لذلك، كالذي تقدم من ضيق المكان، أو تعذر الاجتماع.
والمنع من ذلك مفسدة، إذ يُحرم كثير من المسلمين من أداء هذه الفريضة التي تعد من الشعائر العظيمة في الإسلام، ولها مقاصد حاجية، كاجتماع المسلمين وتأليف قلوبهم، وحصول التعارف بينهم، مع ما يتحقق فيها من التوجيه والوعظ والتعليم.
لكن ينبه المجلس على ضرورة أن يراعي تكرار الجمعة في المسجد الواحد إدارة المسجد أو المركز، وهي التي تقرر ما يحقق ذلك، كاختيار الإمام والوقت"[11].
على أنه لما كان هذا الحكم تخرج على الحاجة أو العذر، فإذا زال العذر زال الحكم بعده.
١- هل يجوز أداء صلاة الجمعة مرتين أو أكثر (بالدفعات حيث تتكون كل دفعة من أربعين نفرا مثلا) للحفاظ على سلامة المصلين؟
٢- ومتابعة بالسؤال الأول، إذا كان الجواب بالجواز فعند الحنابلة هناك قول بجواز إقامة صلاة الجمعة قبل الزوال:
أ. فهل يجوز لنا أن نعمل بهذا القول في هذا الوقت؟ الصورة المحتملة: أن يصلي الإمام الجمعة بالدفعات الأولى قبل الزوال والدفعات الأخرى بعده؟
ب. وإذا طبقنا بالهيئة المذكورة في زمن الكورونا، فهل يعتبر بأننا قد عملنا بالقول المرجوح؟
المسألة الأولى: تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد:
تكرار صلاة الجمعة في المسجد الواحد بسبب وجوب التباعد بين المصلين بسبب فيروس كورونا مسألة جديدة لم يتطرق إليها الفقهاء في التراث الفقهي، وإنما تكلموا عن تعدد الجمعة في البلد الواحد وليس عن تعدد الجمعة في المسجد الواحد.
أولا- خلاصة تعدد الجمعة في البلد الواحد:
ذهب جمهور الفقهاء إلى منع تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد، إلا لضرورة، ويجوز عند الحنفية التعدد في الموضعين أو الثلاثة.
وتباين الجمهور في بيان الأسباب المجيزة لتعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد خلافا للأصل، مثل:
أن يكون البلد عظيما، ويعسر على الناس الاجتماع في مسجد واحد، بسبب مشقة الانتقال.انقسام البلد بنهر ونحوه، فيعامل معاملة البلدين.أن تكون هناك حاجة تدعو إلى التعدد.
الأدلة:
واستدل جمهور الفقهاء على منع تعدد الجمعة في البلد الواحد بما يلي:
أنه لم يحفظ عن أحد من الصحابة أو التابعين القول بالجواز.
قال ابن أبي زيد القيرواني: "والدليل على وجوب اتحاد الجامع فعله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده فإنهم لم يقيموا سوى جمعة واحدة، و؛ لأن الاقتصار على واحدة أفضى إلى، المقصود من إظهار شعار الاجتماع واتفاق الكلمة"[1].
التعليل والتقصيد:
فقد علل جمهور الفقهاء المنع بأن التعدد مناف لمقصد صلاة الجمعة وهو اجتماع المسلمين، وفي التعدد فرقة تناقض مقصد العبادة[2].
تعدد الجمعة في المسجد الواحد:
سبقت الإشارة إلى أن هذه المسألة لم يتناولها الفقهاء القدامى في كتبهم، لكن تخريجا على رأيهم في تعدد الجمعة في البلد الواحد، فإن الأصل يكون عدم تعدد الجمعة في المسجد الواحد، وهو من باب الإلحاق، فهو من باب إلحاق المسكوت عنه (تعدد إقامة صلاة الجمعة في المسجد الواحد) بالمنطوق به (منع تعدد إقامة صلاة الجمعة في البلد الواحد).
على أن هذا يكون في الأحوال العادية، وليس في الظروف الاستثنائية، فقد نص الفقهاء على جواز تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد عند الحاجة.
من ذلك عظم البلد الواحد، ومن ذلك ما قاله الزرقاني نقلا عن اللخمي: " لا أظنهم يختلفون في جواز التعدد في مثل مصر وبغداد"[3]. وقال ابن حجر الهيثمي الشافعي: "ويكره تعدد جماعتها بلا حاجة"[4]. وقال البهوتي: (إلا لحاجة) كسعة البلد وتباعد أقطاره، أو بعد الجامع، أو ضيقه، أو خوف فتنة فيجوز التعدد بحسبها فقط لأنها تفعل في الأمصار العظيمة في مواضع من غير نكير فكان إجماعا ذكره في " المبدع "[5]
بل من أعجب ما حكاه ابن أبي زيد القيرواني من بيان الحاجة التي تجيز التعدد، " وجود العداوة المانعة من اجتماع الجميع في محل واحد، بل لو قيل إن هذا أولى لجواز التعدد لما بعد"[6].
أن أصل المسألة مختلف فيها، فالأحناف على جواز التعدد بإطلاق، بل هو محكي عن بعض السلف مثل عطاء[7].
قال ابن نجيم المصري: " يصح أداء الجمعة في مصر واحد بمواضع كثيرة، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وهو الأصح؛... وفي فتح القدير الأصح الجواز مطلقا...وذكر في باب الإمامة أن الفتوى على جواز التعدد مطلقا"[8].
أن الإلزام بعدم التعدد فيه حرج، والحرج مرفوع في الشريعة، كما قال تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]
قال ابن نجيم: " لأن في الاجتماع في موضع واحد في مدينة كبيرة حرجا بينا، وهو مدفوع... وفي فتح القدير الأصح الجواز مطلقا خصوصا إذا كان مصرا كبيرا كمصر فإن في إلزام اتحاد الموضع حرجا بينا لاستدعائه تطويل المسافة على الأكثر" [9].
أن بناء المنع على مخالفة التعدد للاجتماع منقوض، لأن التعدد يحصل فيه الاجتماع أيضا.
أن اشتراط إذن السلطان أو نائبه إنما هو شرط لإقامتها عند بناء المسجد ثم بعد ذلك لا يشترط الإذن لكل خطيب.
أن القول بجواز التعدد مبني على قاعدة: " إذا ضاق الأمر اتسع، ولما كان متسعًا أول الإسلام قبل مزيد الكثرة ضاق بمنع التعدد"[10].
وإذا تقرر كل هذا في الأحوال العادية، فإن القول بالجواز في مثل هذه الظروف الاستثنائية أولى.
الموازنة بين تعطيل الجمعة وتعددها:
وإذا قارنا بين القول بتعطيل الجمعة خشية انتشار المرض، وبين القول بتعددها مع أخذ الاحتياطات والاحترازات ووجوب التباعد الذي يعسر معه إقامة جمعة واحد؛ كان القول بتعدد الجمعة في المسجد الواحد لا حرج فيه، بل هو إقامة للشعيرة، والإبقاء أولى من الإلغاء. وقد قال ربنا سبحانه: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].
فتوى المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث:
ومن الهيئات المعاصرة التي أجازت تعدد صلاة الجمعة في المسجد الواحد عند الحاجة: المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث، حيث نص على ما يلي:
" فإن المجلس لا يرى مانعًا من تكرر إقامة الجمعة في المسجد الواحد، ما وجد السبب الدافع لذلك، كالذي تقدم من ضيق المكان، أو تعذر الاجتماع.
والمنع من ذلك مفسدة، إذ يُحرم كثير من المسلمين من أداء هذه الفريضة التي تعد من الشعائر العظيمة في الإسلام، ولها مقاصد حاجية، كاجتماع المسلمين وتأليف قلوبهم، وحصول التعارف بينهم، مع ما يتحقق فيها من التوجيه والوعظ والتعليم.
لكن ينبه المجلس على ضرورة أن يراعي تكرار الجمعة في المسجد الواحد إدارة المسجد أو المركز، وهي التي تقرر ما يحقق ذلك، كاختيار الإمام والوقت"[11].
على أنه لما كان هذا الحكم تخرج على الحاجة أو العذر، فإذا زال العذر زال الحكم بعده.