كتبه : محمد حسين جمعة
هي وجهة نظر ورأي نطرحه بين أيديكم، دفعنا له حبّ كبيرٌ لهذه اللغة الخالدة وكتابها الخالد ونسأل الله العون والسداد.
تأثرت كثيراً بالكاتب الإسلامي الفذّ مصطفى صادق الرافعي (ت 1937) رحمه الله تعالى.
تعلمت منه حب اللغة العربية، والدقة والحذر الشديد من العابثين بهذه اللغة وما أكثرهم في عصرنا.
وقد شدني كثيراً كتابه المسمى (تاريخ الأدب العربي) لأنه كان كتاباً فريداً في طرحه وعمقه وقد كان رداً عملياً على المستشرقين ومن والاهم وسار على نهجهم في دراسة أدبنا ولغتنا، وكل ذلك مثبت في مقالتي (أدبنا كيف ندرسه، الرافعي مثل وقدوة).
وفي الحقيقة إن ما طرحه الرافعي يعدّ نهجاً وطريقة علمية في البحث والدراسة تعتمد التكامل في دراسة أي موضوع أو مناقشته.
ومن هذه الطريقة أخذت نفسي لدراسة اللغة العربية وفق الطريقة التكاملية، أي أن اللغة العربية هي مجموعة من العلوم المتكاملة المترابطة لا يمكن فهم هذه اللغة ما لم تفهم علومها التي جاءت منها.
صحيح أنها علوم لها طبيعتها وشكلها الخاص لكنها تتناغم وتتعاون وصولاً إلى هذا العقد الفريد المسمى اللغة العربية.
وما نلاحظه هو أن كل علم يتناول مفصلاً من مفاصل هذه اللغة، وسنشرح ذلك مفصّلاً كما يلي:
لو سأل سائل مم تتكون اللغة العربية؟
- نقول له تبدأ بأحرف الهجاء وهي 27 حرفاً.
- تجتمع هذه الأحرف اجتماعاً مقصوداً فتتشكل الكلمة وهي ثلاثة أقسام: (الاسم، الفعل، الحرف).
- تجتمع مجموعة من الكلمات فتتكون الجملة المفيدة بأركانها الأساسية (مبتدأ وخبر، فعل وفاعل) وأركانها الفرعية (بقية العناصر...).
- تُعرض هذه الجملة عرضاً جميلاً مميزاً نظماً أو نثراً من خلال الشعر أو النثر بأنواعه.
إذاً اللغة العربية: أحرف - كلمات - جمل - تركيب.
والآن لو دققت النظر ستجد أن:
(الخط والإملاء) يتناولان الأحرف دراسة وشرحاً.
(اللغة والصرف) يتناولان الكلمات دراسة وشرحاً.
(النحو والبلاغة) يتناولان الجملة دراسة وشرحاً.
(العروض والإنشاء) يتناولان التركيب دراسة وشرحاً.
ونقدم الآن تعريفاً مبسطاً لكل علم من هذه العلوم:
1 – علم الخط: هو القواعد الهندسية لكتابة الحروف كي تكون حسنة الشكل إفراداً وتركيباً، قال تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48].
2 – علم الإملاء: أو الإملال يقال أملّ عليه بمعنى أملى، وهو علم إحكام الكتابة وإجادتها بتقويم حروفها وإصلاحها لتنسجم وقواعد اللغة العربية، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [سورة البقرة: 282].
3 – علم اللغة وفقهها: ويشمل مخارج الحروف (اللسانيات) وهو علم يدرس الكلمة من حيث الدلالة التي تؤديها فالكلمة رمز لها مدلول ومعنى حقيقي يبحث فيه هذا العلم، وكذلك مرادفها والمشترك معها ومضادها... قال تعالى: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [سورة البقرة: 225].
ولننتبه جيداً: فاللغو في الآية تعني القسم والحلف، لكني أبحث هنا عن أصل ومعنى اللغة ألا وهو الكلام.
4 – علم الصرف: أصل العربية وجذرها الأول و الصرف ردّ الشيء عن وجهه والتقلب والحيلة ومنه التصرف في الأمور، قال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [سورة البقرة: 164].
أما كعلم من علوم العربية فيعني دراسة ما يطرأ على الكلمات من تغيير يستهدف غرضين:
- لفظي: أصوات الكلمة وما يعتريها من إبدال أو قلب أو إعلال.
- معنوي: مزية الاشتقاق.
وهو علم يهدف إلى صون اللسان عن الخطأفي المفردات ومراعاة قانون اللغة في الكتابة.
5 – علم النحو: ويشمل (الإعراب) والنحو لغة القصد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ولعلّ بعضكم يكونُ ألحنَ بحجّته مِن بعض، فأقضي له].
والإعراب هو علم يهدف إلى فهم العلاقة التي تربط عناصر الجملة ببعضها، وهو يعني الإفصاح والإظهار وفق القواعد التي اصطلح عليها علماء النحو.
6 – علم البلاغة: البلاغة من بلغ الشيء إذا وصل إليه، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [سورة المائدة: 67].
والبلاغة كعلم تهدف إلى الوصول إلى الفصيح والجميل في لغتنا وهو يشمل: (المعاني، البيان، البديع).
وأما سبب وجوده فهو الاستدلال على ماهية الإعجاز البياني في القرآن من خلال الخاصيات الأسلوبية وتغير الدلالات تبعاً لأنواع المقال وذلك آخر القرن الهجري الأول.
7 – علم العروض: ويعني أوزان الشعر وبحوره، سمي بالعروض لأن الشعر يُعرض عليه فيحكم على وزنه، وهو علم يدرس صحة الأوزان الشعرية وما يطرأ عليها من تغيير عبر ما يسمى بالتفعيلة، والبحور 15 بحراً، أضاف لها الأخفش المتدارك.
8 – علم الإنشاء: أو النثر سمي بالنثر لأن الكلام ينثر دون وزن يقيده كالشعر أما الإنشاء فهو الخلق والإبداع. قال تعالى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء} [الواقعة: 35].
وهو هنا إبداع العبارات.
وإن جاز لنا القول والتشبيه نقول: إن كانت اللغة العربية إنساناً فإنّ:
الخط، هو جسده وهيكله الذي لابد أن يكون منسقاً مرتباً.
والإملاء، هو الثياب والزينة التي يتحلى بها، فيجب أن تكون أنيقة خالية من النقص.
والصرف، هو أعضاؤه وأطرافه من أيدٍ وأرجل... التي لا يعيش من دونها.
وأما اللغة، وفقهها فهي الروح التي تسري في هذه الأعضاء فتمنحها الحياة.
والنحو، هو ما ينتج عن هذه الأعضاء من حركة وأعمال تقوم بها.
والبلاغة، هي المهارة والإتقان، التي تتقنها هذه الأعضاء.
والشعر والعروض هو العقل الذي يقود ذلك كله.
والإنشاء أو النثر هو القلب الذي يغذي هذا الجسد.
إذاً لابد حين نتعلم لغتنا العظيمة من أن نُلمّ بعلومها كاملة وإلا كانت دراستنا ناقصة عاجزة، لاسيما بعد أن علمنا أن هذه العلوم تتكامل فيما بينها تكاملاً فريداً عجيباً.
والله نسأل أن نكون قد أصبنا فيما طرحنا، فإن كان ذلك فبفضل الله وتوفيقه، وإن كان غير ذلك فلتقصيري و ضعفي، والله بكل ذلك أعلم.
وآخر مقالنا الحمد لله رب العالمين.
هي وجهة نظر ورأي نطرحه بين أيديكم، دفعنا له حبّ كبيرٌ لهذه اللغة الخالدة وكتابها الخالد ونسأل الله العون والسداد.
تأثرت كثيراً بالكاتب الإسلامي الفذّ مصطفى صادق الرافعي (ت 1937) رحمه الله تعالى.
تعلمت منه حب اللغة العربية، والدقة والحذر الشديد من العابثين بهذه اللغة وما أكثرهم في عصرنا.
وقد شدني كثيراً كتابه المسمى (تاريخ الأدب العربي) لأنه كان كتاباً فريداً في طرحه وعمقه وقد كان رداً عملياً على المستشرقين ومن والاهم وسار على نهجهم في دراسة أدبنا ولغتنا، وكل ذلك مثبت في مقالتي (أدبنا كيف ندرسه، الرافعي مثل وقدوة).
وفي الحقيقة إن ما طرحه الرافعي يعدّ نهجاً وطريقة علمية في البحث والدراسة تعتمد التكامل في دراسة أي موضوع أو مناقشته.
ومن هذه الطريقة أخذت نفسي لدراسة اللغة العربية وفق الطريقة التكاملية، أي أن اللغة العربية هي مجموعة من العلوم المتكاملة المترابطة لا يمكن فهم هذه اللغة ما لم تفهم علومها التي جاءت منها.
صحيح أنها علوم لها طبيعتها وشكلها الخاص لكنها تتناغم وتتعاون وصولاً إلى هذا العقد الفريد المسمى اللغة العربية.
وما نلاحظه هو أن كل علم يتناول مفصلاً من مفاصل هذه اللغة، وسنشرح ذلك مفصّلاً كما يلي:
لو سأل سائل مم تتكون اللغة العربية؟
- نقول له تبدأ بأحرف الهجاء وهي 27 حرفاً.
- تجتمع هذه الأحرف اجتماعاً مقصوداً فتتشكل الكلمة وهي ثلاثة أقسام: (الاسم، الفعل، الحرف).
- تجتمع مجموعة من الكلمات فتتكون الجملة المفيدة بأركانها الأساسية (مبتدأ وخبر، فعل وفاعل) وأركانها الفرعية (بقية العناصر...).
- تُعرض هذه الجملة عرضاً جميلاً مميزاً نظماً أو نثراً من خلال الشعر أو النثر بأنواعه.
إذاً اللغة العربية: أحرف - كلمات - جمل - تركيب.
والآن لو دققت النظر ستجد أن:
(الخط والإملاء) يتناولان الأحرف دراسة وشرحاً.
(اللغة والصرف) يتناولان الكلمات دراسة وشرحاً.
(النحو والبلاغة) يتناولان الجملة دراسة وشرحاً.
(العروض والإنشاء) يتناولان التركيب دراسة وشرحاً.
ونقدم الآن تعريفاً مبسطاً لكل علم من هذه العلوم:
1 – علم الخط: هو القواعد الهندسية لكتابة الحروف كي تكون حسنة الشكل إفراداً وتركيباً، قال تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48].
2 – علم الإملاء: أو الإملال يقال أملّ عليه بمعنى أملى، وهو علم إحكام الكتابة وإجادتها بتقويم حروفها وإصلاحها لتنسجم وقواعد اللغة العربية، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [سورة البقرة: 282].
3 – علم اللغة وفقهها: ويشمل مخارج الحروف (اللسانيات) وهو علم يدرس الكلمة من حيث الدلالة التي تؤديها فالكلمة رمز لها مدلول ومعنى حقيقي يبحث فيه هذا العلم، وكذلك مرادفها والمشترك معها ومضادها... قال تعالى: {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [سورة البقرة: 225].
ولننتبه جيداً: فاللغو في الآية تعني القسم والحلف، لكني أبحث هنا عن أصل ومعنى اللغة ألا وهو الكلام.
4 – علم الصرف: أصل العربية وجذرها الأول و الصرف ردّ الشيء عن وجهه والتقلب والحيلة ومنه التصرف في الأمور، قال تعالى:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [سورة البقرة: 164].
أما كعلم من علوم العربية فيعني دراسة ما يطرأ على الكلمات من تغيير يستهدف غرضين:
- لفظي: أصوات الكلمة وما يعتريها من إبدال أو قلب أو إعلال.
- معنوي: مزية الاشتقاق.
وهو علم يهدف إلى صون اللسان عن الخطأفي المفردات ومراعاة قانون اللغة في الكتابة.
5 – علم النحو: ويشمل (الإعراب) والنحو لغة القصد:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ولعلّ بعضكم يكونُ ألحنَ بحجّته مِن بعض، فأقضي له].
والإعراب هو علم يهدف إلى فهم العلاقة التي تربط عناصر الجملة ببعضها، وهو يعني الإفصاح والإظهار وفق القواعد التي اصطلح عليها علماء النحو.
6 – علم البلاغة: البلاغة من بلغ الشيء إذا وصل إليه، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [سورة المائدة: 67].
والبلاغة كعلم تهدف إلى الوصول إلى الفصيح والجميل في لغتنا وهو يشمل: (المعاني، البيان، البديع).
وأما سبب وجوده فهو الاستدلال على ماهية الإعجاز البياني في القرآن من خلال الخاصيات الأسلوبية وتغير الدلالات تبعاً لأنواع المقال وذلك آخر القرن الهجري الأول.
7 – علم العروض: ويعني أوزان الشعر وبحوره، سمي بالعروض لأن الشعر يُعرض عليه فيحكم على وزنه، وهو علم يدرس صحة الأوزان الشعرية وما يطرأ عليها من تغيير عبر ما يسمى بالتفعيلة، والبحور 15 بحراً، أضاف لها الأخفش المتدارك.
8 – علم الإنشاء: أو النثر سمي بالنثر لأن الكلام ينثر دون وزن يقيده كالشعر أما الإنشاء فهو الخلق والإبداع. قال تعالى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء} [الواقعة: 35].
وهو هنا إبداع العبارات.
وإن جاز لنا القول والتشبيه نقول: إن كانت اللغة العربية إنساناً فإنّ:
الخط، هو جسده وهيكله الذي لابد أن يكون منسقاً مرتباً.
والإملاء، هو الثياب والزينة التي يتحلى بها، فيجب أن تكون أنيقة خالية من النقص.
والصرف، هو أعضاؤه وأطرافه من أيدٍ وأرجل... التي لا يعيش من دونها.
وأما اللغة، وفقهها فهي الروح التي تسري في هذه الأعضاء فتمنحها الحياة.
والنحو، هو ما ينتج عن هذه الأعضاء من حركة وأعمال تقوم بها.
والبلاغة، هي المهارة والإتقان، التي تتقنها هذه الأعضاء.
والشعر والعروض هو العقل الذي يقود ذلك كله.
والإنشاء أو النثر هو القلب الذي يغذي هذا الجسد.
إذاً لابد حين نتعلم لغتنا العظيمة من أن نُلمّ بعلومها كاملة وإلا كانت دراستنا ناقصة عاجزة، لاسيما بعد أن علمنا أن هذه العلوم تتكامل فيما بينها تكاملاً فريداً عجيباً.
والله نسأل أن نكون قد أصبنا فيما طرحنا، فإن كان ذلك فبفضل الله وتوفيقه، وإن كان غير ذلك فلتقصيري و ضعفي، والله بكل ذلك أعلم.
وآخر مقالنا الحمد لله رب العالمين.