سقط الشيخ العجوز في الشارع فاقد الوعي، واحضروا له سيارة إسعاف نقلته على عجل إلى اقرب مستشفى، وكانت حالته حرجة جداً، وخلال المرات القليلة التي يفيق فيها كان يردد اسم ابنه يريد رؤيته، وبعد البحث والتقصي عرفوا انه ملتحق بإحدى فرق الجيش التي تجري المناورات في منطقة نائية، وبعثوا له واحضروه على وجه السرعة، قبل أن يلفظ والده أنفاسه.
ودخل العسكري الشاب المرهق وعلامات التعجب والقلق بادية عليه، وصحبته إحدى الممرضات حتى وقفت على سرير العجوز الذي كان بين الإغماء واليقظة قائلة له: يا عم، يا عم لقد جاء ابنك، وكررت عليه ذلك عدة مرات، وكان خلالها يفتح جفنيه، ثم يغمضهما من دون أن يجيبها.
وفجأة مد يده الناحلة المعروقة من تحت خيمة الأوكسجين، فتلقاها الشاب بيده الضخمة الخشنة، وأخذ يردد للعجوز الدعوات والكلمات التشجيعية والطرائف، وظل العجوز طوال الوقت ممسكاً بيد ابنه، وابتسامة الرضى تملأ وجهه رغم آلام المرض.
وكلما حاولت الممرضة أن تطلب من الشاب أن يرتاح قليلاً، ويعود مرّة أخرى في الصباح كان يرفض، وظل ساهراً معه طوال الليل، ولم يأكل لقمة واحدة.
وعند اقتراب الفجر لفظ الشيخ العجوز أنفاسه، وما زالت يده قابضة على يد ابنه، بعدها أعاد الشاب اليد التي فقدت الحياة إلى الفراش، ثم رفع غطاء خيمة الأوكسجين وطبع قبلة على جبين الشيخ، ودعا له بالمغفرة، ونهض لأول مرة بعد ساعات طويلة.
وذهب لإبلاغ النبأ للممرضة، وبينما كانت هي تقوم بالإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالة، فتح الشاب الباب المفضي إلى البلكونة، وأشعل سيجارة أخذ منها ثلاث «شفطات»، ثم أطفأها، وعاد مرة أخرى للممرضة وسألها:
من هو ذلك العجوز المتوفى؟! فأجابت في ذهول: انه أبوك!، فقال: لا، انه ليس أبي، بل إنني لم أره قبل ذلك في حياتي، فسألته: ولماذا لم تقل ذلك عندما صحبتك إلى سريره؟! فقال: لقد أدركت أن هناك خطأ ما قد حصل، ولكنني عرفت من عينيه التي لا ترى شيئاً انه في حاجة إلى ابنه، وهو لا يعرف ولا يدرك إن كنت أنا ابنه أم لا، وهكذا بقيت وتواصلت معه إلى أن توفاه الله، وهو قرير العين.
وبعدها غادر المستشفى وسافر راجعاً إلى وحدته
قدِّم الخير لمن يحتاجة تجد من يقدم لك الخير من حيث لا تحتسب
ودخل العسكري الشاب المرهق وعلامات التعجب والقلق بادية عليه، وصحبته إحدى الممرضات حتى وقفت على سرير العجوز الذي كان بين الإغماء واليقظة قائلة له: يا عم، يا عم لقد جاء ابنك، وكررت عليه ذلك عدة مرات، وكان خلالها يفتح جفنيه، ثم يغمضهما من دون أن يجيبها.
وفجأة مد يده الناحلة المعروقة من تحت خيمة الأوكسجين، فتلقاها الشاب بيده الضخمة الخشنة، وأخذ يردد للعجوز الدعوات والكلمات التشجيعية والطرائف، وظل العجوز طوال الوقت ممسكاً بيد ابنه، وابتسامة الرضى تملأ وجهه رغم آلام المرض.
وكلما حاولت الممرضة أن تطلب من الشاب أن يرتاح قليلاً، ويعود مرّة أخرى في الصباح كان يرفض، وظل ساهراً معه طوال الليل، ولم يأكل لقمة واحدة.
وعند اقتراب الفجر لفظ الشيخ العجوز أنفاسه، وما زالت يده قابضة على يد ابنه، بعدها أعاد الشاب اليد التي فقدت الحياة إلى الفراش، ثم رفع غطاء خيمة الأوكسجين وطبع قبلة على جبين الشيخ، ودعا له بالمغفرة، ونهض لأول مرة بعد ساعات طويلة.
وذهب لإبلاغ النبأ للممرضة، وبينما كانت هي تقوم بالإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالة، فتح الشاب الباب المفضي إلى البلكونة، وأشعل سيجارة أخذ منها ثلاث «شفطات»، ثم أطفأها، وعاد مرة أخرى للممرضة وسألها:
من هو ذلك العجوز المتوفى؟! فأجابت في ذهول: انه أبوك!، فقال: لا، انه ليس أبي، بل إنني لم أره قبل ذلك في حياتي، فسألته: ولماذا لم تقل ذلك عندما صحبتك إلى سريره؟! فقال: لقد أدركت أن هناك خطأ ما قد حصل، ولكنني عرفت من عينيه التي لا ترى شيئاً انه في حاجة إلى ابنه، وهو لا يعرف ولا يدرك إن كنت أنا ابنه أم لا، وهكذا بقيت وتواصلت معه إلى أن توفاه الله، وهو قرير العين.
وبعدها غادر المستشفى وسافر راجعاً إلى وحدته
قدِّم الخير لمن يحتاجة تجد من يقدم لك الخير من حيث لا تحتسب