[ مفاتيح القراءة ] ْْ~كلام في قرارة النفس~ سرد البطلة سرد أحد الشخصيات الثانوية حوار البطل حوار البطلة حوار موظفات صالون التجميل حوار فتى الحفلة غرفةٌ رَثة! السقفُ مُتداعي وأيل للسقوط في أي لحظة، لم تخلو الجدران مِن التشققات بِفعل الماء المتسرب هل مِن المفترض أن يكون هذا فراشًا؟ إنه أشبه بالفوتون الياباني ولَكن بمسند للظهر.. لن أُبالغ إن قلتُ أن المرتبة قد بُليّ جزءً مِنها بِفعل القوارض وربما بفعل الغُبار والأوساخ؟. لم أريد هكذا حياة!، إنني ابنة رجُل أعمال كبير! كَيف يجرؤون على اختطافي وبل بتكبيل يدآي هكذا! لم تسلم قدمآي مِنهما فلقد قاموا بتكبيلها أيضًا... هذه كانت بداية قصتي. -قبل عِدة أيام- كنتُ أقف على الناصية الأخرى مِن الشارع، الجزء الذي يَطلُ على الغابة، تقدمتُ بخطى ثابتة وهادئة ناحيته بينما كان يترجل مِن سيارته الزرقاء الداكنة، أتفقنا على أن نتقابل هُنا. يَركن سيارته عند نهاية الغابة وثم أقتربُ منه مدعيًا أنني أساعده بسيارته المعطلة، ولكن الحقيقة هي أننا نتبادل الصفقات! تقدمتُ إليه وأنا أقول بنبرةٍ قلقة مصطنعة: "هل أنت بخير سيدي؟" -"لقد تعطلت سيارتي، سأخرج الاطار الاضافي مِن حقيبة السيارة، هل يُمكنك حماية السيارة ريثما أفعل ذلك؟" أجاب بنبرةٍ هادئة -"بالطبع سيدي، لكنني لن أفعل ذلك مجانًا كما تعلم!" كنتُ أرد عليه بنبرةٍ ساخرة مُبتزة -"كم تريد؟" أجاب وهو يرمي بكيس أسود على الأرض بكل قوةٍ اقتربتُ إليه، كان يَشدها من شعرها الذهبي الحريري مخرجًا رأسها مِن الكيس، كانت الغمامة تُغطي عينيها، مكبلةُ الأيادي والقدمين لديها بضعة كدمات على وجنتيها اللاتي تحولتا لحمراوتان مِن شدة بياضهما. أمسكتُ خصلةً أستنشقها بينما اقول: -"ليس الكثير، فقط مئة ألف!" نظر بالاتجاه الآخر وهو ينفسُ عن غضبه بتنهيدةٍ حادة، أعاد نظرهُ للأسفل نحو الفتاة بالتحديد حيثُ امسك رأسها يَشدها بعنف بينما يُجيب بانفعال: -"مئة الف مِن أجل تِلك القمامة! لا تمزح معي!!، خمسة ألاف كما اتفقنا ولن أدفع فلسًا زائدًا" انهى جملته راكلًا إياها لتتأوه، أقتربتُ أُمسك الفتاة مِن ذراعها مصطحبًا إياها إلى سيارتي بينما أقول: "خمسة الاف، أو مئة لا يَهم، تَعلم أن نجاح المُهمة أهم لديه مِن المال!" - توقفتُ أمام مستودع قديم، أظنه كان مصنعًا للزجاج أو ما شابه وقد لقيّ أحد العُمال مصرعيه هُنا فأخلت الشركة المكان ونقلوا تجارتهم إلى مكان آخر، هُنا قابلتُه لأول مرة! غامضٌ.. دائمًا ما يرتدي البذلات السوداء، وأحيانًا كان يرتدي قميصًا وسروال أسود فقط لم يَكن منضمًا لأيٍ مِن العصابات، ولم يكن ابن أحد رجال الأعمال، كُنا نقابله نسلمه ونتسلم مِنه.. الأعضاء البشرية، غَسيل الأموال، وكذلك الممنوعات كالمخدرات وتجارة الرقيق، لكن هذه أول مرة يُطالبنا فيها بخطف أحدهم.. بخطف فتاة! والمُقابل؟ وضع ثمنًا لها اثنان مليون مقسمةً على أربعة رجال، لذراعه الأيمن مليون كاملة وذلك هو أنا.. جلال ومليون آخرى مُقسمة على ثلاثة رجال، كُل شخص سياخذ ثلاثمئة وثلاثة وثلاثين ألف.. سحبتُ باب المستودع الضخم، الذي ما أن أحركهُ إنشًا واحدًا حتى يبدأ باصدار تِلك الضجة، جبذتها بحدة خلفي قبل أن ألقي بها على الأرض تحت أقدامه، كان يجلسُ كالعادة على كرسيه المصنوع مِن الجلد الأسود، وقفتُ بجانبها وأنا أضع قدمي فوق رأسها وأقول بتفاخرٍ: -"هآهي سيدي، كما أمرتَ تمامًا!. فلتأذن لي بالذهاب". سمعتُ بعض الخطوات تقتربُ شيئًا فشيئًا، أمسكني من ذقني مُقربًا إياي إليه، كانت أنفاسه قريبةً تُلفح وجهي.. ساد الصمتُ بالمكان للدرجة التي يُمكن سماع فيها أصوات السيارات والمارة في الخارج، في بقعةٍ بعيدةٍ جدًا، والتي لم أعد قادرةً على سماعها وعوضًا عنها سمعتهُ قائلًا: "ستدفعين الثمن جيدًا!" - كنتُ أسمع خطواته وهو يَسير سحابًا إياي خَلفه، لم أكن متيقنة من مهية الأصوات حولي، ولكن ارتطامي بشيءٍ نوعًا ما صلب ثم صوت ادارة محرك السيارة لم يكن مبشرًا بالخير، وللتأكد مِن موضعي رحتُ أطرق بيدي كقبضة واحدة على ما هو فوقي نعم! صدى الصوت كان خفيفًا، كذلك أصوات طرقي، صحيح أن يدآي المقيدتان لن تطرقان بشدة ولكن يُمكننا معرفة أنني في صندوق السيارة، ولم يُدم ذلك طويلًا فإذ بالسيارة تتوقف وشعرتُ بيده تجذبُ شعري بقوة، أسقطني بحدة على الأرض قبل أن يجرني بقوة ويدخل إلى مكان ما، أستسلمتُ للهدوء حينها؛ أترقب الأصوات مِن حولي، لعلي ألتقطُ شيء يساعدني في معرفة الوضع وربما الهرب كذلك ادرتُ وجهي للجهة الأخرى فورما اقتحم الضوء عيني وكأنهُ رمحٌ فتاك، لكنه شد على شعري ليجبرني على النظر إليه بينما كان يُمسك كأسًا فيه قليلٌ مِن الماء يتخللهُ قرص مِن دواء وسرعان ما أذابته المياه، كان يُجبرني بشرب ذلك الشيء عنوة، يضعه على فمي ويَميل راسي شادًا شعري ناحية الوراء، حاولتُ التملص مِنه بتحريك رأسي يمنةً ويسرة ولكن بلا فائدة، ترك رأسي، لم يلبث أن تركها حتى شعرتُ بجسدي يُصبح ثقيلًا ولم اعد قادرة على فتح عينآي لأغط في نومٍ عميق.. -عَودة للحاضر- عاودتُ النظر حولي، لايوجد سوى نافذةً وهي عاليةً بعض الشيء ويبدو أنه قد أخذ حذره فقام بصدها بالواح خشب تم وضعها حديثًا! حاولتُ التملص مِن قيدي، التزحزح يُمنةً ويسرى لعلي أتخلص مِنه لكن بلا فائدة، ولا يوجد بجانبي شيء حاد لقطعه، مهلًا! تذكرتُ أحد الافلام التي شاهدتها حديثًا حينما قامت الفتاة بالانحناء وتقربة يديها إلى فمها وقامت بفك قيدها باستعمال أسنانها، قمتُ بتجربة ذلك ولكن النتيجة هي أن أحد اسناني قد انكسر، انزعجتُ كثيرًا فرحتُ اتحرك بشكل مُنفعل وسريع يمين ويسار ودون أن انتبه ضرب ذراعي كأس ماء كان على المنضدة بقربي، ذعرتُ حينما ارتطم بالارض، سرعان ما انتبهت واسرعت وحملتُ قطعة زجاج بفمي وقمت باخفائها خلف ظهري بطريقةٍ ما. أصوات خطواته تقترب، إما أن أقتله وأركض قفزًا ويُمسك بي ويقتلني، أو أقتله ويموت، أو ربما أدفعه وأهرب "مالذي أفكر فيه!" كنتُ أصرخ ولكنني التزمت الصمت سريعًا حينما دلف للغرفة غاضبًا.. لم يكن سمينًا ولا مِن الناحفين جدًا، كان جسمه ما بينهما، شعرهُ أسود فاحم، يرتدي قميصًا أبيض كاشفًا عن ساعيه وسروال أسود عادي، يُهيء لي أنه سروال أحد البذلات الرسمية ربما!. نَظر للكآس المُلقى على الأرض ثم إلي لم تكن نظراته طبيعية على الأطلاق، فعيناه كانتا تُطلقان الشرر وكأنه يتوعد لي بالقتل، تقدم إلي جاذبًا شعري للوراء بقوة مما جعلني أتأوه مِن الآلم بصوت عالٍ، قربَ وجهه مِن أذني قائلًا: "هل تحاولين الهرب! أيتها اللعينة.. هل تظنين أنني سأسمح لكِ بتنفيذ مِثل هذه الخدع الغبية، تكسرين الكوب وتأخذين قطعة زجاج.. إذًا دعينا نقلب السحر على ساحره وبدلًا مِن هربك لنرى كيف هيَ لون دمائك!" كانت نبرته حادة، تحدث بحدة في بداية كلامه، لكنه بدأ بتغيير نبرته لنبرة ساخرة في آخر جملته. وبالفعل أمسك بقطعة الزجاج التي كنت اخبأها، أمال رأسي ناحية اليمين مقربًا قطعة الزجاج مِن رقبتي وعلى الفور سالت الدماء عليها لم يَكتفي بهذا بل قام بشد شعري للأعلى بقوة وبقطعة الزجاج نفسها قم بقص شعري، لم أتحمل جنونه وما يحدث لذلك حاولتُ ضربه بمرفقي في صدره، وبالفعل تراجع للوراء متألمًا قبل أن يعود وينهال علي بالضرب، لم استطع فعل الكثير عدا وضع يداي المقيدتان على وجهي اتفادى بهما ضرباته، ما إن انتهى حتى أمسك بيدآي يبعدهما، وبيده الآخرى أمسك فمي يَشدُ عليه محدثًا: "هل تظنين أنكِ بتِلك الأهمية! سوف لن أقتلكِ" أمال رأسه ناحية اليَمين بينما كان يبتسم بجنون وبغرابة، أعاد رأسه لوضعها الطبيعي مكملًا: "بل سنستمتع يا صغيرة، كوني على أهبة الاستعداد". آنهى جملته تِلك فإذا بهِ يقهقه بصوتٍ عالٍ.. "أقسم أنك مجنون" هذا ما تفوهتُ بهِ بصدمة بعد ما رأيتُ، ولم يكن لدي الوقت للخوف والأرتياب، علي الهرب! هذا كُل ما فكرتُ فيه، لكن جسدي المُنهك والجرح في رقبتي لم يسمحا لي سوى بالراحة. "هل سانام في بيت مختطفي حقًا! إلهي أعني" هذا آخر ما قلته قبل أن أغلق عينآي وأذهب بعيدًا جدًا "استيقظي.." كَان ذلك هو يَصرخُ علي وهو يَسكب دلو ماء باردٍ علي، ما خطبه ألا يستطيع التعامل معي بشكل أفضل؟ كونه قام باختطافي فهذا يعني انه يعرف عائلتي، ألا يعرف مَن أكون! سحقًا له!.. اعتدلتُ بجلستي فور تذكري أنني كنتُ أرتدي ثيابًا قصيرةً بعض الشيء حينما تعرضتُ للاختطاف، سحقًا الآن هي مُلتقصة بي وبالطبع جسدي أصبح شفافًا له، نظرتُ إليه شزرًا قبل أن أدفن رأسي بين قدمآي أفكر بخوف، لم يدع لي الفرصة حتى بل سحبني من ذراعي بقوة يسبحني خلفه، كُنا نسيرُ في ممر ضيق بالكاد يتحمل شخصين وهو كحال الغرفة رث كذلك، هل يعيشُ هُنا؟ لكنتُ مِتُ إن عشتُ هُنا لمدة أسبوع.. نزلنا الدرج، ثلاثة درجات حتى استقبلنا بابٌ بُني، قصير بعض الشيء يُمكن القول أنه أقل مِن متر ونصف حاله قديم وعلى مقدمته الكثيرُ مِن الخدوش وكأنه كان سجنًا؟ لحظة لو كان سجنًا ألن تكون الخدوش على ظهر الباب لا وجهه؟ حسنًا التفكير سيرهقني وحسب، ولايبدو أنني مُقبلة على شيء جيد، لحظة هل هناك شيء جيد سيأتي مِن مختطف؟ "ذلك يؤلم أيها الغبيي!" هذه كانت اجابتي عما فعلهُ منذ قليل، لقد القى بي على ألارضية أمام الباب، لقد اصطدم ظهري بالباب.. ذلك يؤلم حقًا! كانت انفاسه الغاضبة قريبةً مِن وجهي، أمسك رأسي يشدُ عليها بقوة ويقول: "غَبي هاه! سأريكِ ماهو الغباء إذن" ألقى بها مُعلنًا بداية الجحيم، وبالفعل أخذ يضربُ رأسي بالحائط عدة مرات حتى جُرحت جبهتي، لم أشعر بالألم لقد تخدرت جبهتي بالفعل!. "دقيقتان، ستدخلين إلى المرحاض.. خلال دقيقتان ستنتهين، إياكِ والتفكير بالهرب وإلا.." دقيقتان! عمَ يتحدث؟ لحظةة.. لاا! "هذه مدة غير كافية، كيف سأدخل إلى هناك ويدآي مقيدتان على أية حال! أنك مجنونٌ وغبي حقًا!" ربما اكون ابنة رجل ثري، لكنني لا أمدُ باللطافة بشيء إنني فتى في جسد فتاة!، حسنًا لن أتباهى بهذا طويلًا فيبدو أنني قمتُ باخراج غضبه التام!. "ألجمي لسانك، سأقتلكِ حقًا ذات يوم.. حَري بكِ أن تنتهي سريعًا" قال آخر جملته وهو يَفك قيودي، وثم يُلقي بي داخل المرحاض مغلقًا الباب خلفي، نظرتُ حولي لاستكشف المكان، لم يكن في حال أفضل مِن المنزل، هل هو مرحاض محطة وقود؟ أظن أن ذاك أنظف حتى جبتُ الزوايا جميعها بنظري سريعًا، وجدتُ بضعة مناديل ورقية ملقاةً على الارض لم تكن نظيفة للغاية ولكن مَن يَهتم! التقطتها وقمتُ بمسح الدماء مِن جبهتي فهي تحجب رؤياي، على الفور لمحتُ نافذة! لم افكر اتجهتُ إليها ويالحظي لقد كانت مِن النوع السهل! إنها مُجرد نافذة بسيطة بالخارج هُناك شبكة رقيقة، والتي فور ما وضعتُ يدي عليها انهارت وتقطعت، ولا يوجد شيء آخر، هل نسي أغلاقها؟ على أية حال القيتُ بحذائي وقفزتُ بشكل سريع فوقها، كنتُ على وشك القفز منها قبل أن ألمح المكان، لقد كانت النافذة في الطابق الثاني، لحظة لقد نزلنا الدرج منذ قليل فكيف نكون بالطابق الثاني! لم أجد وقتًا للتفكير فلقد بدأ يطرق على الباب ويصرخ "هآي! ماذا تفعلين أقسم لو لم تخرجي الآن سأقتلكِ، أخرجي واللعنة". نظرتُ تارةً نحو الباب خلفي واخرى نحو النافذة وبدون انذار قفزتُ للخارج باللحظة ذاتها التي فتح فيها الباب وهو يصرخ "أيتها الحقييرررة" كنتُ أركض هائمةً في الطرقات، إن صح القول لقد كان طريقًا واحدًا مليئًا بالحجارة والرمال، أركض وأركض حتى غيمَ الليل ووجدتني في الغابة بدأتُ بحك يدآي في الشجرة حتى تقطع الحبل، وثم قمتُ بازالة الحبل عن قدمي، توقفتُ لألتقط أنفاسي أستندُ بيدي على إحدى الأشجار بينما أضع الآخرى على ركبتاي منزلةً رآسي أنظرُ للأسفل حينما لم أسمع صوته بالخلف هُيأ إليّ أنني قمتُ بتضليله، لذا جلستُ على الأرض ألهث وأتضور جوعًا لم أكل شيئًا منذُ خمسة أيام ليتني لم أتشاجر مع أبي حينها واضرب عن الطعام!. أظن أن العشاء قد حلَ بالفعل، فالسماء تبدو كالمُنيرة المظلمة، كم ساعة مكثتُ هُنا؟ لقد غفوت؟ "آآآه جيد، على الأقل لم يجدني" هذا كل ما كان يجول بفكري ألا أعود لذلك المختل مرةً أخرى، الآن ليس عليّ سوى المُضي قدمًا حتى اجد بعض الضوء وربما ألمح أحدهم وأطلب مساعدته واتصل بالشرطة وأبي، وأنجو مِن هذا البلاء. لقد كان جسدي مُنهك حقًا، رقبتي وسآقاي، وحتى قدمآي لقد تخدرتا بفعل الركض وتِلك الحجارة الصغيرة لقد آلمتها وبشدة لم يكن لدي أي خيار سوى المكوث تحت الشجرة لمدة أطول، ولم أتبين ما حولي لأن الدوار احتاج رأسي معلنةً الاستسلام للنوم فتحتُ عيني لأجدني في المنزل، حاولتُ النظر حولي وعيني ناعسة، لكنني على الفور فتحتها على مصرعيها وأنا أرى الغرفة الرثة والنافذة المُوصدة بألواح الخشب، لا! ليس ما أفكر فيه! كَيف وصلتُ إلى هُنا! نظرتُ حولي وقد اعاد تقيدي لكن هذه المرة قام بتقييد ذراعي بعامود على جانب الفراش، قدمآي كذلك تم تقييدها واليد الآخرى فيها أصفاد موصولة بالحبل في قدمي، إن ذلك مؤلم للغاية، لا أستطيع ارجاع ظهري ولا ثنيه! إنني ما بين الموت والحياة!! دخل إلى الغرفة، إن صح القول لقد ركل الباب بكل قوته.. شعرهُ الأسود مبعثرًا، عيناه مائلتان للاحمرار وكأنها بؤرة نارية وثيابه لم تكن نظيفة! بخلاف المنزل الرث لقد كانت ثيابه حقًا نظيفة حينما أتيتُ هُنا لأول مرة، لحظة.. بل قصدت حينما تم اختطافي وجلبي إلى هُنا، ظننته لوهلة سيقوم بقتلي ربما خنقي، لكنه اكتفى بالسير داخل الغرفة متجهًا إلى الطاولة بآخر الغرفة مُحطمًا كُل ما عليها ضاربًا الزجاجات بيديه ملقًا بهم على الأرض، الزجاج تناثر بكل مكان كذلك فاحت الرائحة، فالعطور التي كسرها كانت رائحتها قوية للغاية.. ذات رائحة زكية. هل أتركه بمفرده؟ لا لستُ هذا النوع الجبان مِن الفتيات، لقد ولدنا أقوياء بالفعل، لقد ولدنا مِن ضلع الرجل! لذا صرختُ بأعلى ما أملك متسائلةً: "مالذي تفعله! لماذا أنا هُنا، مَن تكون؟ كَيف وصلتُ لهنا، أجبببني!" ألتفتَ إلي ينظرُ بحدة قبل أن يعاود النظر إلى الزجاج المحطم ويتجاهلني، لكنني لن استسلم لذا صرختُ مجددًا: "تَحدث إلي، أنني أكلمك، أيها المختل!" أعاد النظر إلي ولكن هذه المرة تَقدم نحوي، وقف أمامي بمنظره المبعثر كليًا، مادًا يده إلى رقبتي محاولًا خنقي: "أصمتي، أصمتي! إن كنتِ ستلومين أحدًا فلومي والدكِ، فأنتِ هُنا لدفع ثمنه.. أعدكِ سوف أقتلكِ ولكن بعدما انتهي منكِ، فلاتظني أنكِ مُهمة أو ماشابه، لديكِ مُهمة فالأفضل أن تقدمي أفضل ما لديكِ فيها!" القى علي تِلك الاجابة وثم عاد إلى زاوية الغرفة حيث الزجاج المحطم، كنتُ ألهث بقوة لا عجب فلقد كنتُ على شفير الموت منذ لحظات، حاولت التقاط انفاسي وأن اتماسك، ولكن بلا فائدة، رحتُ أصرخ مِن جديد: -"أبيي! ما علاقته باختطافي، هل تعرف أبي! أجببببنيي" -"لن تسأمي مِن ذلك صحيح! هل تريدين الموت يَا صغيرة؟ لأنني سأحقق لكِ تِلك الأمنية طالما أنتِ راغبةً بذلك" أجابني بضجر قبل أن تتحول نبرته لنبرة ساخرة -"لن أستسلم، ليس قبل أن تخبرني كيف أتيتُ إلى هُنا، مَن أنت؟ شرطي فاسد؟ زعيم عصابة؟ كم دفعوآ لك لاختطافي؟ يستطيع ابي أن يدفع ضعف المبلغ لك، مالذي تريديه منييي!" -"اجابتي كانت واضحة، أنتِ هُنا للانتقام مِن والدكِ، هل انتهيتِ؟" -"كيف تعرف أبي؟" -"زميل دراسة" اجابني ساخرًا، مغادرًا الغرفة تاركًا إياي في حيرة، مالذي فعله أبي؟ هل يتاجر أبي بالمخدرات؟ هل يُعقل أن أبي أصبح ثريًا مِن التجارة المُحرمة!" كنتُ غارقةً في تِلك الأفكار، أحاول تبين سبب مُقنع يجمع المختل مع أبي، ويا تُرى مالذي دفع المختل للانتقام مِن أبي؟ أفكر وأفكر وأفكر، قبل أن يقطع أفكاري بدخوله للغرفة مرةً أخرى، أقترب مِني يقوم بفك القيود حول قدمي ويدي المُصفدة في حبالهما وثم يدي المُقيدة بالفراش، سحبني عنوة في مقاومةً مني أسحب جسدي يمنة ويسرة لعلي أتحرر مِن قبضته ولكن بلا فائدة. جرني إلى غرفة أخرى في نهاية المَمر، كانت غرفة صغيرة تحوي فراشًا ونافذة في أعلى الغرفة لن يصل لها البشري مِنا ولكن ربما يطالها عصفور ما، كانت الغرفة أشبه بزنزانة انفرادية ولكن بشكل أكثر اريحية!، ألقى بي على الأرض وبجوار مفستان أسود قصير، يصل طوله لما تحت الركبة بقليل، أكمامه قصيرة أقرب لفستان أميرةً صغيرة، إنه النوع المفضل لدي، لن أكتم ذلك السر بداخلي أبدًا! أرتديته على الفور وأنا لا أعلم حتى بماذا يُفكر ذلك الأحمق المختل ولكنني على علمٍ أنه لن يدعني أتهنى بمظهري المتأنق هذا كثيرًا نظرتُ بتساءل في الارجاء قبل أن أفتح فاهي وأنطق بصوت عالٍ "شعري.. سحققققًا!!!" ويبدو أن صراخي كان مثاليًا، فلقد جاء متزامنًا لدخوله للغرفة، لم أتكور على نفسي ولم أذعر بل اقتربتُ أقف أمامه رافعةً رأسي ناحيته وأصرخ: "لن أتحرك إنشًا واحدًا قبل أن تُعيد ترتيب شعري بشكل أفضل، إنه فوضوي، أتفهم!" لم يُحرك ساكنًا ولم ينطق بحرف، لقد لبث هكذا دقيقةً او اثتنين ربما، سحبني مِن ذراعي اطبق عليه بقوة وصار خارج الغرفة مسرعًا في خطواته، حاولت الافلات مِن قبضته ولكنها قوية جدًا وذلك كان يؤلم بحق، كان يسير ناحية باب كَبير لونه رمادي مصنوع مِن حديد يُشبه أبواب السفارات ولكن سُمكه أقل بكثيير، فتحه ببصمة يده، ثم سار بعيدًا حتى وصل إلى الشارع. كانت هُناك سيارةً سوداء أمام المنزل، فتح الباب بجانب السائق دفعني فيه ثم اغلق الباب وصعد هو مِن باب السائق، وضع المفتاح وبدأ بتدوير المُحرك، واثناء ذلك التفت للوراء، التقط شيئًا مِن الخلف القى بهِ على حِجري وبدأ بالقيادة قائلًا: "أرتديه، ولا تحلمي بالهرب وإلا ستكون آخر أمانيك!" حينما ألقيتُ نظرةً عما ألقى بهِ إلي، لم يكن سوى حذاء ذا كعبٍ عالٍ ولكن ليس ذلك النوع العالي جدًا، إنه أقرب لحذاء سهرة أو حفلة ربما حاولت ارتدائه، ولكن قدمي آلمتني كثيرًا، كنتُ أركض وهي مقيدتان إن صح القول كنتُ أقفز بأقصى ما لدي قبل أن أفك القيد عنهما هل علي أخباره ان قدمي تؤلمني؟ هل سيبالي بهذا حتى؟ لا أعلم ولكنني حاولتُ الالتفات إليه واخباره فإذ بهِ ينظر لي بحدة وكأنه سيقتلني. وبدون سابق انذار قام بايقاف السيارة فجأة فارتد جسدي للامام، الأحمق! الا يستطيع فعل ذلك بشكل صحيح أيضًا! ترجل مِن السيارة ويبدو عليه الغضب والحنق، سيقتلني "هذا جيد لن ابقى معه مدة أطول" كنتُ أقول ذلك باريحية وانا استند برأسي على وسادة الكرسي، ولكن الفرحة لا تدوم، عالأقل ليس وأنا مع ذلك المختل. لقد أمسك بساقي بقوة يَشده خارجًا جاعلني أتأوه، نظرتُ إليه شزرًا ولكنه لم يكن ينظر إلي حتى، كُل ما كان يفعله هو اقحام قدمي عنوةً في الحذاء، لم استطع تمالك نفسي مِن الآلم فصرخت: "توقف! ذلك يؤلمني حقًا!" ما لبث أن قلتُ ذلك حتى زاد حدةً فيما كان يفعله وكأنه يخبرني: "أمتعيني بأنينك" سحقًا له مُختل مريض! أنتهى مِن جنونه ذاك وصعد للسيارة مرةً أخرى، كان صامتًا لم يحاول حتى النظر إلي، ولم أنطق بشيءٍ كذلك، ويبدو أننا وصلنا لوجهتنا بما انه صفَ السيارة بجانب الرصيف وترجل مِنها وقبل أن يتقدم نحوي فتحتُ الباب بسرعة وترجلتُ قبل أن يشدني خارجًا، اقترب مِني وهمس في أذني بحدة: "سندخل للداخل، ستنفذين ما اقول وحسب، لا أريد أية تلاعبات أو حماقات في النهاية كُل ما تفعلينه ستدفعين ثمنه لاحقًا!". لقد دخلنا بالفعل، إنه صالون تجميل! الأرضية ناصعة البياض، جميعُ المقاعد مكتظة. هل آتى بي إلى هُنا بسبب تذمري سابقًا من شعري؟ لحظة هل يتصرف بنبلٍ الآن؟ كنتُ اهز رأسي يمنةً ويسرى لمحو هذه الأفكار كان ينظر إلي بحدة وكانه يحذرني. أمسك بيدي وسار بي ناحية مكتب الاستقبال الذي تستقبلك فيه فتاةٌ جميلة بقميص أبيض يعلوه سترة سوداء بسيطة وسروال أسود: "تفضلي آنستي، ما نوع الخدمة؟" كنتُ على وشك التحدث ولكنه سبقني: "نريد ترتيب شعرها، كما ترين إنه في حالةٍ يُرثى لها" أجابها مُتبسمًا يُجيد الابتسام إذن! لحظة أكان يسخر مني توًا أمام الفتاة؟ ألست السبب في ذلك ايها المتعجرف المُخادع المتحاذق الأحمق! التفتت إلي الفتاة وهي مُندهشة من مظهري وبل وضعت يدها على فاها مِن شدة دهشتها قبل أن تتمالك نفسها وتقول: -"لا بد ما حدث كان مأساويًا لتبدين بذاك المظهر، ولكن لا تقلقي لقد أتيتِ للمكان المٌناسب تفضلي مِن هُنا، بالمناسبة كيف آل شعركِ إلى هكذا مظهر؟" -"مخطوبتي الحمقاء حاولت الانتحار سابقًا، وحينما فشلت محاولاتها قامت بقص شعرها لجعلي أتعذب، لقد كان شعرها طويلًا وجميلًا لقد لعبت على الوتر الحساس بقلبي، أرجوكِ أن تُحسني معاملتها فحفل زفافنا قد اقترب واريدها بابهى حِلة" وهاهو يسبقني مرةً أخرى في الاجابة، لقد تحدث بنبرةٍ حزينة مصطنعة يُرغم مَن أمامه على التعاطف معه وتصديقه، سحقًا! قادتني لغرفة اخرى بما أن ليس هناك مقعد شاغر بالصالة الكُبرى، جلستُ على أحد المقاعد انتظر دوري، قبل أن يُنادى علي وأجلس على أحد مقاعد التصفيف التي قِبالها مرآة وأداوات التجميل المقص وأداة التصفيف الشعر وما شابه تقدمت الفتاة المعنية، ترتدي قميصًا أسودًا وفوقه رداء وسروال أبيضان، ألقت نظرةً على شعري قبل أن تُمسك المقص وتتلمس بعض خصلاته وتقول: "لديكِ مِلمس ناعم، خُسارة قصها، هل كنتِ بكامل قواك العقلية حينما اقدمتِ على قصه؟" كدتُ أصرخ وأرد عليها بحزم ولكنه نكزني في خصري قبل أن يُجيب: "هل ستقومين بمهمتكِ أم أخذها ونذهب لصالون تجميل آخر موظفيه أكثر لباقةً واحترامًا لزبائنهم؟" حسنًا لم أكن أتوقع مِنه أن يدافع عني، أو هذا ما ظننته. لقد بدأت بالقص فعلًا، كنتُ انظر في الأرض لذلك لم أر ما آل إليه مظهري البهي، انتهت بالفعل أمسكت يدي برفق وأوقفتني أمام المرآة وهي تقول: "ما رأيكِ الآن، أفضل؟" -"إنه.. مُذهههل!" أجبتها بينما فتحتُ عينآي على أشدها وأنا أتأمل مظهري البهي حقًا!. خرجتُ معه فاستقبلتنا موظفة الاستقبال وهي تلوح لنا بسعادة وتقول: "سأسر بزيارتك لصالون التجميل خاصتنا مرةً أخرى، لاتنسينا". اتجهنا نحو السيارة مرةً أخرى، ولكن هذه المرة لم يشدني من ذراعي ولم يحاول دفعي في المقعد عنوة، لقد تركني أصعد بمفردي بكل أريحية، لا شيء أفضل مِن مقعد مريح في سيارة سريعة! هذه المرة تَحدث وهو يقود: "اسمتعي جيدًا إلي لكيلا تلقين حتفك، سنتجه الآن إلى مكان ما لا أريد اسئلة، ولا حماقات، ولا أية عقبات مِن طريقك.. اتبعي ما سأقوله الآن وستكون الأمور بخير لكِ قبل أن تكون لي: #إياكِ وإياكِ التدخل في شئوني، دعي دفة القارب لي #لاتبتعدي عني ولو انشًا واحدًا، لاتشربي مما سيقدم لكِ فلا ينقصني سوى طفلة ثملة #ولا تحاولي الهرب، تعرفين ما سيحدث لكِ، أظن أن الجرح على رقبتكِ وجبهتكِ لم يلتئما بعد. #وأخيرًا لاتتحدثي مع أي أحد، دعي لي زمام الأمور وكما أسلفت ستكون الأمور بخير" بذكرهما، كيف قام باخفائهما دون أن يلاحظهما أحد، لقد تذكرتُ للتو أنني حينما نظرتُ بالمرآة لم يكن هُناك أي جرح في رقبتي ولا جبهتي! تركتُ هذا الموضوع جانبًا وأجبت ببرود: -"هذه تعليمات كثيرة، لا تتوقع مني أن أسيرُ على الخط ولا أحيد، إنني حُرة لا أنت ولا غيرك سيتحكم بي، تذكر هذا" وما كان منه إلا أنه التفت إلي وكان يحاول خنقي قائلًا بحدة: "بل ستفعلين، وهل تعلمين لماذا؟ لأن ثمن عقوبتكِ هو الموت، تذكري أنتِ هذا" ترك رقبتي وعاد للسيارة التي أوقفها بينما كان يتحدث سابقًا، ادار المحرك مجددًا وقادها لممر مُظلم نوعًا ما، كان هُناك بعض المارة ولكنني لم ألمحهم بشكل جيد لأنني كنتُ اتحسس رقبتي واسعل بشدة، هذه ثاني مرة يحاول خنقي بها، الم يقل أنه بحاجة إلي؟ فكيف يجازف بخنقي! ماذا لو متُ حقًا قبل ان ينتقم من أبي ماذا سيفعل؟ نظرتُ إليه بطرف عينآي كان هادئًا مُركزًا بعينيه على الطريق وليس وكأنه قاتل او مختطف.. ماذا يحدث بحق خالق الجحيم! أخيرًا أوقف السيارة أمام أحد المباني الفخمة، أشبه بمدخل فندق خمسة نجوم، ترجلنا من السيارة وقبل أن أضع قدمي على الأرض تقدم وقدم يده لي، أمسكتُ بها على الفور وصعدتُ بقربه على الرصيف.. ليس وكأنني معجبة به أو ماشابه ولكن قدمي تؤلمني حد الموت! قرب وجهه لأذني وهمس "هكذا تستعدُ سندريلا للحفل" نظرتُ إليه بدهشة فما كان منه إلا أنه تَبسم بلطافة ساخرة، إنه مختل وهذا مؤكد! دلفنا للداخل والتي كانت مُجرد حفلة، أتسائل إن كانت مُجرد حفلة حقًا؟ إنها قاعة واسعة للغاية تحوي ساحةً للرقص، موائد للطعام طاولات كثيرة كما لو كان حفل زفاف، الجميع هُنا يرتدون بذلات رسمية والفتيات؟ لا يوجد الكثير مِنهنّ عدا فتاتين واللاتي كانا يرتدينّ ثياب سهرةٍ راقية، هل هذا طبيعي؟ إننا في حفلة تخص الاستقراطيين إن صح القول. حسنًا هذه الحفلة لو أردت القيام بحفلةٍ مثلها فيكلفني ذلك مئة وخمسون سنةً مِن حياتي، لأنني بالطبع سأعمل حينها لمدة خمسون سنة فقد لجمع نصف المال -^- لقد كنتُ أجول بناظري يمنةً ويسارًا، صحيح أن أبي ثريًا لكن ذلك كان منذ وقتٍ ليس بكثير، لذا لم يتسنى لنا أن نرى مثِل هذه الفخامة مِن قبل، كانت القاعة تحظى بنوافذ كبيرةً بيضاوية الشكل، مزينةً بثريات أنيقة بسيطة تُضيء مدينةً كاملةً لو رَغِبَتْ. لقد كان حريصًا ألا أبتعد عنه فأحكم كَفه على كفي يُشدد عليه، كان يسيرُ بالقرب منا فتىً يافعًا يرتدي بذلةً سوداء، نظارات ذات اطار فضي طويل القامة ونحيف الجسد، تقدم مُتبسمًا وقال: -"لازلت تجرؤ على الظهور مرةً أخرى بعد فعلتك ليث!" -"كما تعلم بعض المهمات تحتاج لأن تلوذ بالفرار لتنجح، أحيانًا يكون الأنسحاب أعظم انتصار" -"لا أحد ينسحب سوى الفشلة أمثالك، إن لم تكن الصائد فلا تكن الفريسة.." -"مُضحك ما تقول، ولكنك قد نسيت ما حدث مؤيد، لقد أرتفعت اسهم شركتك بفضلي، تخيل ماذا سيحدث لو استمررت بخطتك الفاشلة!؟" -"هل ستعلمني أصول عملي الآن؟ لقد كان انسحابك مثاليًا لا يُمكن إنكار ذلك ولكن استمراري كان سياتي لنا بملغٍ مُضاعف" ألقى جملته تلك واستدار ملوحًا لنا قائلًا: "أراك لاحقًا ليث، أتمنى أن تكون قد اعددت نفسك جيدًا بالمرة القادمة". كدتُ اسأله عمّ يكون هذا الشخص ولكن المصيبة أنني ادرتُ وجهي لانظر إليه دون أن انتبه انه ادار وجهه بنفس اللحظة، هو لا يظن الآن أنني أحدق بهِ لاعجابي به او ما شابه.. فلتبلعني الآرض الآن!. أدرتُ وجهي للناحية الأخرى وحسب قبل أن يفتح فاهه ويقول: "تأهبي، هُنا وكر الأفاعي، كوني حذرة فيما تنطقين، فيما تصمتين سيراقبون حديثكِ باللطف والصمت، سيترقبون أخطائك، سيبتسمون في وجهك ولكن صدقيني هُم هُنا ليضحكوآ على سقوطك خلف ظهرك لذا كوني حذرة وإياكِ ثم إياكِ أن ينجح أحدهم في استفزازك أو أن تقومي باختبار صبر أحدهم، سينتهي الحفل سريعًا ومن سيدفع الثمن برأيك؟ انتِ.. كوني حذرة" نظرتُ إليه باتساع، لا أستطيع فهمه حقًا! هل يعاني من الفصام؟ هل يحاول حمايتي الآن! سحقًا له لستُ صغيرة! لقد مر الوقت ببطء شديد وأشعر بالفتور وأريد العودة لمنزلي: ~آه كم اشتاقُ لسريري وحاسوبي~. لم ينتبه ليدي التي أزلقتها بهدوء وروية مِن بين يده وسرتُ بعيدًا عنه قليلًا، ذهبت لأتجول في إحدى الزوايا كنتُ احاول التقرب من النافذة واستنشاق بعض الهواء العليل، تقدم أحد النادلين إلي حاملًا صينية عليها مشروباتٍ كثيرة، تقدمتُ وأخذت كأسًا ولكنني لم أتهنى بها فسرعان ما كان يقف بجواري آخذًا الكآسة مُعيدًا إليها للنادل وقائلًا بلباقة: "أعذرنا فهي لاتزال قاصرة" وقفتُ أمامه وقلتُ بغيظٍ شديد: "مَن هي القاصرة؟ إنني بالخامسة والعشرين مِن العمر!" شَدني مِن ذراعي دون أن يتفوه بأي شيء وصار مبتعدًا من النافذة قبل أن يقول: "أخفضي صوتك، سيسمعونك" -"سأفعل ما يحلو لي، دعني وشأني، دعنننيييي" كنتُ أصرخ عليه وأحاول جذب ذراعي مِن قبضته لم أكن أأبه لأي شيء سوى أن أتحرر مِن قبضته، لكنني سمعتُه بوضوح وهو يسير ناحية أحدى الطاولات هامسًا بِحدة: "سحقًا!" وقبيل أن نجلس بلحظاتٍ قصيرة، نظرتُ باتساع ناحية اليمين لم أتوقع رؤيته! إنه هو صحيح؟ أنا لا أتخيل هذا؟. تقدمتُ بخطى هادئة ناحيته لكنه شدني للناحية الأخرى حيث الطاولة، لكنني سحبتُ ذراعي بقوةٍ والقيتُ عليه نظرةً حاقدة بينما أقول له بهدوء: "دعني وشأني" تركته والتفت إلى اليمين وتقدمت وما أن كدتُ أصل حتى سحبني بقوة وأنا أصرخ: "أبيي!، دعني وشأني، دعنييي!! أيهااا الوغغد!" لكنه لم يستسلم لقد سحبني خلفه بشدة، اتجه بي ناحية ساحة الرقص صعد إليها بهدوء بينما قال بهدوء: "راقصيني أفضل، لن تكسبي شيئًا مِن احراق اعصابكِ" نظرتُ إليه بجمودٍ قاتل قبل أن أصفعه بقوةٍ لدرجةٍ أن صوت الصفعة دوى في المكان والتفتَتْ إلينا أنظار الناس، تركتهُ ونزلتُ الدرجات الصغار وتوجهت لأقرب طاولة وجلستُ عليها أضع رأسي وأحاول التماسك أنظرُ ناحية يَمين فحتى إذا لمحته مُقبلًا أدبرتُ وجهي للناحية الأخرى. فأقترب وجلس بهدوء على الكرسي كنتُ أشعر بأنفاسه مُضطربة لن أتعجب لو قام بضربي الآن فلقد أصبح هائجًا الآن كالثور الطليق في الحلبة! لكن الهدوء قد خيمَ بيننا فأدرتُ وجهي أتفحص ما حدث، ولكن الدهشة تملكتني.. حينما رأيته يُخرج منديلًا أبيضًا ويركع على ركبتيه ساحبًا قدمي مزيلًا الحذاء ويقوم بمسح الدماء عنها. لم أدر ما أقول أو ما أفعل، لقد انهى بالفعل ما بدأه ثم نظر إلي ولايزال بوضعيته تِلك، قطبَ حجبيه واجتاحت ملامحه التساؤلات والعتاب، نظر للناحية الأخرى وقال بنبرةٍ لينة: "منذُ متى وهي تنزف؟" كان واضحًا أنه يقصد قدمي بسؤاله، سحبتُ قدمي واعدتها لموضعها السابق وانظر للأسفل قائلةً: "لم تدع لي فرصةً لأخبارك، لقد حاولت قتلي اليوم مرتان، لايُمكنني الوثوق بك ولا أريد ذلك، هل تعرف كم مِن المؤلم أن أرى أبي ولا ارتمي في احضانه بعد كُل ما مررتُ به؟ هل تعلم كم مِن المؤلم أن أخطو خطوةً دون إرادةً مني وأن يتم التحكم بي؟ إنك وغد، مهما الذي جرى بينك وبين أبي فلا ذنب لي فيه، لذا إنني اسألك وبهدوء أن تُعيدني إلى حُريتي، إلى منزلي الدافء حيث أستطيع الشعور بالأمان والثقة بمِن حولي!" كنتُ أتحدث بنبرة لينة قبل أن تَحتد شيئًا فشيئًا، لكن بروده اللامُتناهي يجعلني أنفجر مِن الداخل، هل ينوي الابقاء علي بعد كُل ما حدث؟ هل يكره أبي للدرجة؟.. نهض وجلس على الكرسي المُقابل بي، قربه قليلًا ناحيتي، نظر مطولًا إلي وكأنه يُرتب أفكاره قبل ان يتحدث ولكن صمته طال للغاية وقد نفد صبري بحق كنتُ على وشك دفعه ليسقط هو والطاولة وألوذ بالفرار، ولكنه تحدث أخيرًا ليقول: "هل تعلمين كم مِن الآلم اجتاحني وأنا في المصحة النفسية؟ كَم إبرة كنتُ مجبرًا على أخذها يوميًأ؟ كَم صرخةً أطلقتُ ولم ينجدني أحد؟ وخَمني مَن السببُ في ذلك؟ مَن قتل أمي أمامي دون أية رحمة ولا شفقة على صغيرها الذي كان يُراقب كل شيء وهو مُكبل الأيادي والقدمين؟ إنه الشخص الذي علا شانه فجأة وأصبح مِن كبار الشخصيات في المدينة، الشخص الذي كان يعمل تاجرًا في محلٍ للأقمشة قبل أن يُصبح مليونيرًا، إنه السيد عديل، الرجلُ الاربيعني الذي سلب أمي عَفلها قبل أن يَسلبها قلبها" سكتُ لبرهة وادار وجهه للناحية الأخرى قبل ان يَبتلع ريقه ويُكمل: "لقد اشتبهت الشرطة حينها في صديقي، شهاب، إنه فتىً في العشرين مِن عُمره يَسكن في الشارع المُقابل، أحب اللعب معي وكان أبي صديقًا لوالده. حدث أنه أتى لزيارتي بعد وقوع الجريمة حاول فعل خيرًا بطلب المساعدة مِن الشرطة ولكن الشرطة قالت بما انك المُتصل والشخص الذي عثر على الجثة أولًا فأنت المُشتبه الأساسي، هل ظهر أحدهم ليقول أنه بريء؟ لا أحد، ولم يصدق أحدًا شهادتي بصفتي صغيرًا لايزال تحت السن القانوني، وبل أصروا على أنني مريض نفسي فقاموا بحجزي في المشفى لتلقي العلاج المناسب. لم يمض أسبوع حتى تلقيتُ خبر اعدام شهاب بُتهمة قتل السيدة سُمية بتهمة السرقة والاختلاس، لقد كان عُمري عشرة أعوام! ماذا كان بيد طفلٍ في العاشرة أن يَفعل؟ سوى أن يقول "حاضر ونعم" لقد كان يدخل والدكِ علينا بالهدايا والثياب مُدعيًا أنه يريد الخير لنا كان يُلاحق أمي بكلامه المعسول حتى خضعت له وأولته رأسته المجلس الأداري لشركة أبي الراحل، لقد استأمنها أبي عليها بتوكيلٍ قام بتوقيعه قبل موته باسبوع، ولكنها تخلت عنها ببساطة مِن أجل الحُب.. بل مِن أجل الغباء!" لم أتوقع أن يكون أبي حقيرًا للدرجة! هل قام ببناء ثروته على حساب الآخرين؟ لقد قال انه حصل على مبلغ جيد في أحدى المناقصات في متجر الأقمشة وأنه قام باستثماره بالبورصة وهذا ما جعله غنيًا إذ بأن السهم الذي راهن عليه بجميع امواله قد ربح ربحًا كبيرًا! لم استطع تصديق أي كلمةٍ مما يقول، لم أجرؤ على تصديق ذلك، كيف لي أن أصدق ذلك، كيف ساواجه أبي حينما أراه بعد ما سمعت كيف سأظهر له الاحترام وأنا أعرف جانبه المظلم! لم ينبت ببنس شفة بعد آخر ما قاله، دفع الكرسي بظهره وقام واقفًا، أمسك بكفي بهدوء وسار بعيدًا خارج القاعة، صعد بي إلى مقعد المجاور للسائق وركب هو في المقعد الآخر وادار المحرك وقاد، كان الشارع مزدحمًا على غير العادة، يبدو أن هناك احتفالًا ما الشارع الذي كان قصيرًا جدًا سابقًا إنه الآن أطول مِن برج ايفل! وضعتُ رأسي على النافذة اراقب الشارع والمارة، الثلج قد غطى مداخل المنازل، والناس قد تدفئوا في ثيابهم الثقيلة، في النهاية نحنُ في شهر ديسمبر والثلجُ فيه لا يرحم. "كنتُ ساستخدمكِ في صفقةٍ سأجريها، لا أستطيع انتظار رؤية النظرة التي ستعتليه حينما يرى ابنته مُختطفة مِن قبلي! سابتزه، ساسلبه كُل ما يَملك مقابل سلامة طفلته الصغيرة.. لكن، جزءً مِني كان دومًا يقول أنه لا ذنب لكِ وأن أخطأء الماضي لا يجب أن تُعاد مرةً أخرى.. لا أعلم!" بدأ حديثه بهدوءٍ قبل أن يُغير نبرته لحادة مُخيفة، قبل أن يعاود الهدوء، هل اشفق عليه الآن؟ هل انا مُخطئة؟ هل كان علي معرفة الحقيقة مِن شخص مثله؟ مهلًا، هل أصبحت الآن أتعامل معه بسلاسة؟ سحقًا! كنتُ أضرب جبهتي بكفي مستسلمةً لكل ما يجري، لكنه اوقف السيارة فجأة وقال ساخرًا: "على أية حال لم يكن ليتعرف عليكِ بعد التغير الذي خضته، شعرٌ قصير وثياب فاخرة، اتسائل إن كان سيدعوكِ لدعوة عشاء بدلًا مِن فرحته بلقاء ابنته المفقودة.. هذا إن كان قد تحرك للبحث عنكِ، اراهن أنه نسيكِ حتى!" أجبته دون أن التفت إليه: "ليكن في علمك تِلك القصة المدججة بالأكاذيب لم أصدقها بعد، حتى أتبين الحقيقة مِن الزيف لذا لا تتوقع مني أن أنحاز في صفك وما شابه، ثم يُمكنك قول ما تريد عن أبي ولكن إياك أن تُشكك في محبته لي" قاد السيارة بسرعة هائلة، وصلنا بسببها المنزل في خمس دقائق! المُثير للدهشة أن المنزل مِن الخارج كان جميل البهية أنيق الطلة، ولكن مِن الداخل المنظر يبدو مقززًا ومختلفًا بالمرة. هَذه المرة لم يقم بتقييدي ولا بعصب عينآي ولا بمحاولة تعذيبي. لقد مر على اختطافي عشرة ايام، أخشى أنه مُحق، فخلال سيري معه بالسيارة لم ألمح مُلصق واحد على اعمدة الانارة يحوي صورتي مثلًا، ولم أرى سيارات الشرطة في الارجاء، هل يستعمل أبي نفوذه بالبحث عني سرًا خوفًا مِن الصحافة؟ أم أنه قد نسيّ أمري.. إلهي النجدة! كان يُصدر الكثير مِن الضجيج، أسمع أصوات أدوات صلبة تَرتطم بالأرضية، وأصوات حقائب ثقيلة، مِن الصعب تخمين ما يفعله ولكن من الواضح انه يُثير الفوضى بالمكان، مرَ يومان على هذا الحال، يدخل الغرفة يضع على الطاولة صينية طعام عليها صحن حساء وبعض الماء، ثم يغادر يفعل ما يفعل ثم يعود لحمل الطعام، حتى جاء بيوم والذي كان الثلاثاء عشرين ديسمبر، أخذني مِن يدي ونزل إلى القبو، والذي كان أسفل الطابق الأول هذا ما يُفسر كيف تكون نافذة المرحاض أشبه بنافذة مِن الطابق الثاني.. أدخلني لغرفة بابها أسود، ويبدو أنها غرفة.. تعذيب؟ هو لن يقوم بقتلي وثم تقطيعي وارسال جثتي في أكياس سوداء إلى أهلي صحيح؟ حسنًا أتوقع أي شيء من ذلك المُختل البائس. لم يُمهلني الوقت لفعل أو حتى للتفكير، لقد أمسكني وصفد يدي في اغلالٍ مُعلقةٍ على الحائط، ثم وضع غمامةً فوق عيني.. كنتُ أحاول الصراخ وسؤاله عمَ يفعل؟ لقد ظننته بدأ يكون طيبًا معي! لكنه ابطل عمليتي هذه بلاصقٍ كتم بهِ صوتي. كنتُ اسمع اصواته تبتعد عن الغرفة، حركتُ جسدي يمينةً ويسرى لتصدر الاغلال صوتًا وبعض الهمهمات بسبب اللاصق لم استطع تخيل أنه تركني وحيدةً في هذه الغرفة المظلمة الموحشة مُقيدةً في الاغلال ومعصوبة العينين! أيهااا الووغغغغددد!: ~أرجوك لا تتركني، لا اريد الموت.. سأقتلك! سأقتلك!~. النهاية ~ توقعاتكم؟ |