الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده د وآله وصحبه أجمعين، وبعد.
فعنوان هذه المقالةِ آيةٌ عظيمة من كتاب الله عز وجل، يُذكِّر الله سبحانه عباده فيها بشأن القلوب، وأعمالها وسرائرها، مما لا يعلمه الناس وهو بها عالم، كما ينبهُ الله عز وجل من خلال هذه الآيةِ على أن هذه السرائر ستبلى وتختبر يوم القيامة، ويظهر ما فيها من الإخلاص، والمحبة والصدق، أو ما يضادها من النفاق والكذب والرياء.
وذلك في يوم القيامة، يوم الجزاء والحساب، وهذا واضح من الآية وما قبلها وبعدها، حيث يقول الله عز وجل: ((إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ))(الطارق:10).
والقلب هو محطُّ نظر الله عز وجل، وعليه يدور القبول والرد، كما قال : ((إن الله لا ينظر إلى أجسـامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ))
والسريرة إذا صلحت صلح شأن العبد كله، وصلحت أعماله الظاهرة ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك عندما تفسد السريرة، فإنها تفسد بفسادها أقوالُ العبد وأعماله، وتكون أقرب إلى النفاق والرياء عياذًا بالله تعالى، ويوضحُ هذا الأمر قوله :(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ))
ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية- رحمه الله تعالى- عن وهب قوله: ( ولا تظن أن العلانية هي أنجح من السريرة، فإنَّ مثل العلانية مع السريرة، كمثل ورق الشجر مع عرقها، العلانية ورقها، والسريرة عرقها. إن نُخر العرق هلكت الشجرة كلها، ورقها وعودها، وإن صلحت صلحت الشجرة كلها، ثمرها وورقها، فلا يزالُ ما ظهر من الشجرة في خيرٍ ما كان عرقها مستخفيًا، لا يُرى منه شيء، كذلك الدين لا يزال صالحًا ما كان له سريرةً صالحة، يصدق الله بها علانيته، فإنَّ العلانية تنفعُ مع السريرة الصالحة، كما ينفع عرق الشجرة صلاح فرعها، وإن كان حياتها من قبل عرقها، فإن فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السريرة هي ملاك الدين، فإنَّ العلانية معها تزين الدين وتجمله، إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عز وجل )
ويقول الإمام ابن القيم- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:((يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)):
(وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة، وهو أنَّ الأعمال نتائج السرائر الباطنة، فمن كانت سريرتهُ صالحة، كان عمله صالحًا ، فتبدو سريرته على وجهه نورًا وإشراقًا وحياء، ومن كانت سريرته فاسدة، كان عمله تابعًا لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سوادًا وظلمة وشينًا، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها)
مما سـبق يتبين لنا عظم شأن القلب والسريرة، حيثُ إنَّها محطُّ نظر الله عز وجل، وعليها مـدارُ القبـول عنده سبحانه، وحسب صلاحها وفسادها يكون حسـن الخاتمة وسوؤها، وكلما صلحت الســريرة نمـت الأعمال الصالحة، وزكت، ولو كانت قليلةً والعكس، من ذلك في قلة بركة الأعمال، حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها، وهذا هو الذي يفسر لنا تفوق أصحاب محمد e على غيرهم، ممن جاء بعدهم، والذي قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادةً وقربات.
حيث إنَّ أساس التفاضلِ بين العباد عند الله عز وجل، هو ما وقرَ في القلب من سريرةٍ صالحة، حشوها المحبة والتعظيم، والإخلاص لله تعالى.
فعن عبد الله بن مسعود 콴 قال : (( أنتم أطول صلاة، وأكثر اجتهادًا من أصحاب رسول الله e ، وهم كانوا أفضل منكم، قيل له: بأي شيء؟ قال: إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة منكم ))
وعن القاسم بن محمد قال: كنَّا نُسافر مع ابن المبارك، فكثيرًا ما كان يخطرُ ببالي فأقول في نفسي: بأيِّ شيءٍ فُضل هذا الرجل علينا، حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة، إن كان يصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو فإنَّا لنغزو، وإن كان يحجَّ إنا لنحج.
قال : فكنَّا في بعض مسيرنا في طريق الشام، ليلة نتعشى في بيتٍ إذ طفئ السراج، فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح، فمكث هنيهةً ثم جاء بالسراج، فنظرتُ إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضل هذا الرجل علينا، ولعلهُ حين فقد السراج، فصار إلى الظلمة ذكر القيامة
* قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
((القوة في العمل أن لا تؤخر عمل اليوم للغد، والأمانة ألاَّ تخالف سريرةٌ علانية، واتقوا الله عز وجل،فإنما التقوى بالتوقي،ومن يتق الله يقه))
* وعن الحسن- رحمه الله تعالى- قال: ابن آدم، لك قولٌ وعمل، وعملك أولى بك من قولك، ولك سريرةٌ وعلانية، وسريرتك أولى بك من علانيتك
* وعن ابن عيينة- رحمه الله تعالى- قال : ((إذا وافقت السـريرة العـلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية فذلك الفضـل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور
العلامات الدالة على صلاح السريرة، وسلامة القلب
(١) عناية العبد بأعمال القلوب، ومنها إخلاص الأعمال والأقوال لله عز وجل، ومحاولة إخفائها عن الناس، وكراهة الشهرة والظهور، والزهد في ثناء الناس. ويضاد ذلك الرياء، وإرادة الدنيا بعمل الآخرة، وحب الظهور.
(٢) التواضع والشعور بالتقصير، والانشغال بإصلاح النفس وعيوبها، ويضاد ذلك الكبر والعجب، والولع بنقد الآخرين.
(٣) الإنابة إلى الدار الآخرة، والتجافي عن الدنيا، والاستعداد للرحيل، وحفظ الوقت، وتدارك العمر، ويضاد ذلك الركون إلى الدنيا، وامتلاءُ القلب بهمومها ومتاعها الزائل، ونسيان الآخرة، وقلة ذكر الله عز وجل، وتضييع الأوقات.
(٤) سلامة القلب من الحقدِ والغلِ والحسد، ويضادُ ذلك امتلاؤه بهذه الأمراض- عياذًا بالله -.
(٥) التسليم لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله دون لماذا وكيف؟؟
ويضاد ذلك الولوع بالمتشابهات، والخواطر الرديئة.
(٦) الاهتمام بأمر الدين والدعوة إلى الله عز وجل،
(٧) شدة الخوف من الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والمبادرةِ بالتوبة والإنابة من الذنب، ويضاد ذلك ضعف الوازع الديني، وقلة الخوف من الله جلَّ وعلا، بحيث إذا خلا بمحارم الله عز وجـل انتهكها، وإذا فعل معصيةً لم يتب منها، بل أصر عليها وكابر وتبجح.
(٨) الصدق في الحديث، والوفاء بالعهود وأداء الأمانة، وإنفاذ الوعد، وتقوى الله عز وجل في الخصومة، فكلُّ هذه الخصال تدلُ على صلاحٍ في السريرة، لأنَّ أضداد هذه الصفات إنما هـي من خصال المنافقين، الذين فسدت سرائرهم،كما أخبر بذلك الرسـول بقوله: ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق:إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر)) ).
(٩) قبول الحق والتسليم له، من أي جهة كان، ويضاد ذلك التعصب للأخطاء، والجدال بالباطل، وإتباع الهوى في ذلك.
وأكتفي بذكر هذه العلامات على صلاح الباطن والسريرة، لتدلَّ على ما سواها، مما لم أذكره ها هنا.
الثمرات العظيمةِ لصلاح السريرة:
١- نزول الطمأنينة والسكينة في قلبِ من صلحت سريرته وثباته، أمام فتن الشبهات والشهوات، وابتلاءات الخير والشر.
٢- إلقاء المحبة لمن صلحت سريرته بين الناس، مما يكون لهُ الأثر في قبول كلامه ونصحه، وأمره ونهيه.
٣- أثر صلاح الباطن والسريرة في حسن الخاتمة، حيث ما سمع ولا علم - ولله الحمد - بأن صاحب السريرة الصالحة، والقلب السليم قد خُتم له بسوء، وإنما يكون ذلك لمن فسدت سريرته، وباغتهُ الموت قبل إصلاح الطوية.
٤- القبول عند الله عز وجل يوم القيامة، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، قال الله عز وجل:
((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً))(الطلاق : 5).
٥- تفريج الكربات، وإعانة الله عز وجل للعبد عند حدوث الملمات والضائقات، كما حصل لأصحاب الغار.
٦- الهداية إلى الحق، والتوفيق إلى الصواب، عندما تحتار العقول والأفهام.
والحمد لله رب العالمين .
*منقول*
فعنوان هذه المقالةِ آيةٌ عظيمة من كتاب الله عز وجل، يُذكِّر الله سبحانه عباده فيها بشأن القلوب، وأعمالها وسرائرها، مما لا يعلمه الناس وهو بها عالم، كما ينبهُ الله عز وجل من خلال هذه الآيةِ على أن هذه السرائر ستبلى وتختبر يوم القيامة، ويظهر ما فيها من الإخلاص، والمحبة والصدق، أو ما يضادها من النفاق والكذب والرياء.
وذلك في يوم القيامة، يوم الجزاء والحساب، وهذا واضح من الآية وما قبلها وبعدها، حيث يقول الله عز وجل: ((إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ))(الطارق:10).
والقلب هو محطُّ نظر الله عز وجل، وعليه يدور القبول والرد، كما قال : ((إن الله لا ينظر إلى أجسـامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ))
والسريرة إذا صلحت صلح شأن العبد كله، وصلحت أعماله الظاهرة ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك عندما تفسد السريرة، فإنها تفسد بفسادها أقوالُ العبد وأعماله، وتكون أقرب إلى النفاق والرياء عياذًا بالله تعالى، ويوضحُ هذا الأمر قوله :(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ))
ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية- رحمه الله تعالى- عن وهب قوله: ( ولا تظن أن العلانية هي أنجح من السريرة، فإنَّ مثل العلانية مع السريرة، كمثل ورق الشجر مع عرقها، العلانية ورقها، والسريرة عرقها. إن نُخر العرق هلكت الشجرة كلها، ورقها وعودها، وإن صلحت صلحت الشجرة كلها، ثمرها وورقها، فلا يزالُ ما ظهر من الشجرة في خيرٍ ما كان عرقها مستخفيًا، لا يُرى منه شيء، كذلك الدين لا يزال صالحًا ما كان له سريرةً صالحة، يصدق الله بها علانيته، فإنَّ العلانية تنفعُ مع السريرة الصالحة، كما ينفع عرق الشجرة صلاح فرعها، وإن كان حياتها من قبل عرقها، فإن فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السريرة هي ملاك الدين، فإنَّ العلانية معها تزين الدين وتجمله، إذا عملها مؤمن لا يريد بها إلا رضاء ربه عز وجل )
ويقول الإمام ابن القيم- رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:((يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)):
(وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة، وهو أنَّ الأعمال نتائج السرائر الباطنة، فمن كانت سريرتهُ صالحة، كان عمله صالحًا ، فتبدو سريرته على وجهه نورًا وإشراقًا وحياء، ومن كانت سريرته فاسدة، كان عمله تابعًا لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سوادًا وظلمة وشينًا، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنما هو عمله لا سريرته، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها)
مما سـبق يتبين لنا عظم شأن القلب والسريرة، حيثُ إنَّها محطُّ نظر الله عز وجل، وعليها مـدارُ القبـول عنده سبحانه، وحسب صلاحها وفسادها يكون حسـن الخاتمة وسوؤها، وكلما صلحت الســريرة نمـت الأعمال الصالحة، وزكت، ولو كانت قليلةً والعكس، من ذلك في قلة بركة الأعمال، حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها، وهذا هو الذي يفسر لنا تفوق أصحاب محمد e على غيرهم، ممن جاء بعدهم، والذي قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادةً وقربات.
حيث إنَّ أساس التفاضلِ بين العباد عند الله عز وجل، هو ما وقرَ في القلب من سريرةٍ صالحة، حشوها المحبة والتعظيم، والإخلاص لله تعالى.
فعن عبد الله بن مسعود 콴 قال : (( أنتم أطول صلاة، وأكثر اجتهادًا من أصحاب رسول الله e ، وهم كانوا أفضل منكم، قيل له: بأي شيء؟ قال: إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة منكم ))
وعن القاسم بن محمد قال: كنَّا نُسافر مع ابن المبارك، فكثيرًا ما كان يخطرُ ببالي فأقول في نفسي: بأيِّ شيءٍ فُضل هذا الرجل علينا، حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة، إن كان يصلي إنا لنصلي، ولئن كان يصوم إنا لنصوم، وإن كان يغزو فإنَّا لنغزو، وإن كان يحجَّ إنا لنحج.
قال : فكنَّا في بعض مسيرنا في طريق الشام، ليلة نتعشى في بيتٍ إذ طفئ السراج، فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح، فمكث هنيهةً ثم جاء بالسراج، فنظرتُ إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضل هذا الرجل علينا، ولعلهُ حين فقد السراج، فصار إلى الظلمة ذكر القيامة
* قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
((القوة في العمل أن لا تؤخر عمل اليوم للغد، والأمانة ألاَّ تخالف سريرةٌ علانية، واتقوا الله عز وجل،فإنما التقوى بالتوقي،ومن يتق الله يقه))
* وعن الحسن- رحمه الله تعالى- قال: ابن آدم، لك قولٌ وعمل، وعملك أولى بك من قولك، ولك سريرةٌ وعلانية، وسريرتك أولى بك من علانيتك
* وعن ابن عيينة- رحمه الله تعالى- قال : ((إذا وافقت السـريرة العـلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية فذلك الفضـل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور
العلامات الدالة على صلاح السريرة، وسلامة القلب
(١) عناية العبد بأعمال القلوب، ومنها إخلاص الأعمال والأقوال لله عز وجل، ومحاولة إخفائها عن الناس، وكراهة الشهرة والظهور، والزهد في ثناء الناس. ويضاد ذلك الرياء، وإرادة الدنيا بعمل الآخرة، وحب الظهور.
(٢) التواضع والشعور بالتقصير، والانشغال بإصلاح النفس وعيوبها، ويضاد ذلك الكبر والعجب، والولع بنقد الآخرين.
(٣) الإنابة إلى الدار الآخرة، والتجافي عن الدنيا، والاستعداد للرحيل، وحفظ الوقت، وتدارك العمر، ويضاد ذلك الركون إلى الدنيا، وامتلاءُ القلب بهمومها ومتاعها الزائل، ونسيان الآخرة، وقلة ذكر الله عز وجل، وتضييع الأوقات.
(٤) سلامة القلب من الحقدِ والغلِ والحسد، ويضادُ ذلك امتلاؤه بهذه الأمراض- عياذًا بالله -.
(٥) التسليم لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله دون لماذا وكيف؟؟
ويضاد ذلك الولوع بالمتشابهات، والخواطر الرديئة.
(٦) الاهتمام بأمر الدين والدعوة إلى الله عز وجل،
(٧) شدة الخوف من الله عز وجل، ومراقبته في السر والعلن، والمبادرةِ بالتوبة والإنابة من الذنب، ويضاد ذلك ضعف الوازع الديني، وقلة الخوف من الله جلَّ وعلا، بحيث إذا خلا بمحارم الله عز وجـل انتهكها، وإذا فعل معصيةً لم يتب منها، بل أصر عليها وكابر وتبجح.
(٨) الصدق في الحديث، والوفاء بالعهود وأداء الأمانة، وإنفاذ الوعد، وتقوى الله عز وجل في الخصومة، فكلُّ هذه الخصال تدلُ على صلاحٍ في السريرة، لأنَّ أضداد هذه الصفات إنما هـي من خصال المنافقين، الذين فسدت سرائرهم،كما أخبر بذلك الرسـول بقوله: ((أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق:إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر)) ).
(٩) قبول الحق والتسليم له، من أي جهة كان، ويضاد ذلك التعصب للأخطاء، والجدال بالباطل، وإتباع الهوى في ذلك.
وأكتفي بذكر هذه العلامات على صلاح الباطن والسريرة، لتدلَّ على ما سواها، مما لم أذكره ها هنا.
الثمرات العظيمةِ لصلاح السريرة:
١- نزول الطمأنينة والسكينة في قلبِ من صلحت سريرته وثباته، أمام فتن الشبهات والشهوات، وابتلاءات الخير والشر.
٢- إلقاء المحبة لمن صلحت سريرته بين الناس، مما يكون لهُ الأثر في قبول كلامه ونصحه، وأمره ونهيه.
٣- أثر صلاح الباطن والسريرة في حسن الخاتمة، حيث ما سمع ولا علم - ولله الحمد - بأن صاحب السريرة الصالحة، والقلب السليم قد خُتم له بسوء، وإنما يكون ذلك لمن فسدت سريرته، وباغتهُ الموت قبل إصلاح الطوية.
٤- القبول عند الله عز وجل يوم القيامة، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، قال الله عز وجل:
((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً))(الطلاق : 5).
٥- تفريج الكربات، وإعانة الله عز وجل للعبد عند حدوث الملمات والضائقات، كما حصل لأصحاب الغار.
٦- الهداية إلى الحق، والتوفيق إلى الصواب، عندما تحتار العقول والأفهام.
والحمد لله رب العالمين .
*منقول*