إن أفعالنا في الغالب سواء ايجابية أو سلبية و عاداتنا المتراكمة الناتجة هي تكوين مترسب لخطوات غاصت في اعماقنا و بناء متسلسل لنوع من الانطباع المحفوظ في ذاكرتنا انطلاقا من طبع نزاوله أو صفة نغوص فيها تدريجيا لتتحول لأعمال متتابعة في نفس النطاق و النوع حتى تدخل ضمن الألفة العفوية و العادة الحادة و باعتبارنا بشرا فنخضع للعديد من المراحل لكي نبلغ ذروة العادة التلقائية لأنه بطبيعة الإنسان يقاوم الضوابط الأولية لأي عمل جديد على افكاره و شخصيته و يتمرس كثيرا لأخذ التجربة لذلك فإن التلقائية الطبيعية في الطفل مثلا تلجأ إلى مقاومة قوانين التحديد و الالتزام نرى الطفل كيف يثابر جاهدا و يسقط مرات و يبذل قصارى جهده للوقوف على رجله و أن يتعلم المشي مهلا ثم مواصلة المشي حتى يتمكن من هذه الخطوة ليمر بعد ذلك إلى ما يليه من مهارات الجري و الوثب و القفز و التنطيط و كل انواع عمليات الخفة و بذلك حتى يصبح المشي بالنسبة إليه وظيفة تلقائية طبيعية لا تحتاج إلى تركيز و اهتمام و يصبح التنبيه عليها من الدماغ مألوفا و طبيعيا ، فطبيعة النفس تعيش بين وظيفتين بشكلين هما الشكل التلقائي و الذاتي و هناك ما نقوم به في بادئ الأمر يحتاج منا التكرار و التناوب و التدرج لكي يحفظ في ذاكرة الدماغ و نتمكن منه و إعادتنا المتتالية لنفس الشيء تسمح لنا باكتسابه ثم التعمق فيه حتى نبلغ الاحترافية في استعماله و صناعته و بنفس الشيء أن افعالنا التي تقترن بافكارنا إلى أن تصبح عادات شنيعة و تتدفق الى طبيعتنا نتيجة التسرب و التمادي و الاستمرار في تجرعنا لأشياء قد تضر بنا و توقعنا في مهلكة و لغيرنا فجميل ان نعود انفسنا على العادات البناءة الهادفة النبيلة و لكن لا ننسى أن القابلية التلقائية لا تملك وعيا موجها تفرز به المؤثرات الخارجية وتستبعد الخطأ وتصطفي الصواب و إنما تتبرمج بها عفوية الانسان من غير أية غربلة أو فحص أو فرز أو انتقاء أو استبعاد إنها تلتقط آليا وتتشرب العادات تلقائيا حتى تساهم في مصيرنا فلذلك علينا دوما أن نوجه طريقة التفكير فنحن باغترافنا لنفس الجرعات من الافعال و التساهل بالتكرار و المواصلة قد يساهم في تدحرجنا لمصيرنا دوم علم أبدا.
شكرا لك على الموضوع