The Best
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

The Bestدخول
●● إعلانـات ●●
إعلانك هنا إعلانك هنا إعلانك هنا
إعـلانـات المنتـدى

إحصائيات المنتدى
أفضل الاعضاء هذا الشهر
آخر المشاركات
أفضل الاعضاء هذا الشهر
361 المساهمات
268 المساهمات
193 المساهمات
109 المساهمات
89 المساهمات
78 المساهمات
65 المساهمات
51 المساهمات
30 المساهمات
24 المساهمات
آخر المشاركات




×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
النص



لون شفاف

الألوان الافتراضية
×
الخلفية



لون شفاف

الألوان الافتراضية

descriptionبين دليل الحدوث ودليل التمكين Emptyبين دليل الحدوث ودليل التمكين

more_horiz
معرفة المرض العقدي وسببه يعين على علاجه 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عند كلامه على وقوع الخلط بين معنى الاستغاثة والتوسل من لدن بعض المنتسبين للعلم : ‹‹ وأريد أن أعرف من أين دخل اللبس على هؤلاء الجهال؟ فإن معرفة المرض وسببه يعين على مداواته وعلاجه، ومن لم يعرف أسباب المقالات - وإن كانت باطلة - لم يتمكن من مداواة أصحابها وإزالة شبهاتهم. ›› الاستغاثة في الرد على البكري ( ص 115 ).



الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ : 

فهذه موازنة يسيرة بين مذهب التعطيل القائم على قانون " دليل الحدوث " الفلسفي اليوناني الوثني، وبين " دليل التمكين " الماسوني الكابّالي.




*******
مذهب التعطيل

قام مذهب التعطيل على أصل كلامي فلسفي من تراث المدرسة الرواقية المشائية الأرسطية؛ وهو " دليل الحوادث " أو " دليل الأعراض "، وهو : الاستدلال بحدوث الأجسام على المُحْدِث وأزليّته، وقد اشترك جميع المعطلة فيه؛ من :

- الفلاسفة
- المعتزلة
- الكلابية 
- الأشعرية

فمن غال فيه تماما حتى نفى وجود الخالق والبعث الأخروي وقال بقدم العالم كالفلاسفة. 

ومن متوسط في غلوه فيه؛ كالمعتزلة الذين أنكروا الصفات وأثبتوا الذات وكذلك المعاد دون بعض الأشياء فيه. 

ومن واقع في شباكه؛ كالأشعرية والكلابية وسائر الصفاتية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ‹‹ والأصل الذي بنى عليه نفاة الصفات وعطّلوا ما عطلوا ....هو استدلالهم على حدوث العالم بأن الأجسام محدثة ›› مجموع الفتاوى ( 13/ 148 ).

وقال أيضا عن المعطلة ومقالاتهم : ‹‹ وإنما أوقع هذه الطوائف في هذه الأقوال ذلك الأصل الذي تلقوه عن الجهمية؛ وهو : أن لم يخل من الحوادث فهو حادث.›› الفرقان بين الحق والباطل ( ص/102 ).

واختلافهم في التعطيل بين غلو فيه وضعف في تطبيقه راجع إلى حدّ الجسم عندهم: فالفلاسفة يجعلونه مكونا من الهيولي والصورة، وعند المعتزلة الذي تقوم به الأبعاد الثلاثة من طول وعرض وارتفاع، والأشعرية يرونه المركب من الجواهر الفردة .

ولأجل أن يخالف المعتزلة الفلاسفة في قولهم بأزلية العالم ونفي البعث الأخروي اخترعوا مسمى " الجوهر الفرد "، وحقيقته أنه موجود ليس بموصوف يحمل أعراضا، فلا يتحيز ولا ينقسم ولا تظهر فيه الأبعاد الثلاثة ولا غيرها من صفات الجسم، وذلك ليثبتوا البعث وإعادة الأجسام، وزعموا أن لم يثبت الجوهر الفرد فهو كافر، وتابعهم على ذلك بعض الأشاعرة؛ لأن الجواهر الفردة في زعمهم هي التي يجمعها الله عز وجل يوم النشور.

لكنهم تناسوا عمدا أو نسوا أنّ مسمى " الجوهر الفرد " ينطبق على وصف الإله عندهم، فلذلك تجدهم يقولون : ‹‹ ليس بجوهر ولا عرض ولا...›› لكنهم لا يقولون: ‹‹ ليس بجوهر فرد ›› .

والصواب أن الأجسام تنقسم حتى تستحيل، ولا يوجد شيء اسمه " الجوهر الفرد " الذي لا يقبل الانقسام، وهذا ما أثبته العلم الحديث بانفجار القنبلة الذرية، وقد سبق لهذه الحقيقة شيخ الإسلام ابن تيمية - رضي الله عنه -؛ فقد قال : ‹‹ كل موجود لا بد أن يتميز منه شيء عن شيء؛ فلا يُتصوّر وجود جوهر لا يتميز منه شيء عن شيء، لكن إذا تصغّرت الأجساء استحالت، وقد لا تقبل الانقسام الفعلية، بل إذا قُسّمَتْ استحالت؛ كما في أجزاء الماء فإنها تصير هواءً، فهي وإن كان يتميز منها شيء عن شيء، لكن ليس لها من القوّة ما يحتمل الانقسام الفعلي، بل تستحيل ›› درء تعارض العقل والنقل ( 4/ 186 ) . 

وإلا فأصل ضلالهم واحد، وهي المناداة بتعظيم العقل وتقديمه على النقل، واعتباره إله السعادة؛ فالشرع تابع للعقل لا العكس . 

وطريقة نيل المعارف العقلية عند هؤلاء يكون بالنظر والاستدلال، وبناء العلوم على طريقة المقدمات والنتائج المرتبة ترتيبا عقليا، وهي ما يسمّونه بـ : " الفلسفة العلمية ".

وهذا أثّر على تقريراتهم العقدية، فالمعتزلة ما نفوا القدر إلا بغلوّهم في إثبات الأسباب، وأن النتائج لا بدّ لها من مقدمات عقلية.

هذه الضلالة دام ظهورها أكثر من عشرة قرون، وجرت على المسلمين بسبب تأثر بعضهم بها الويلات التي ما زال نعاني منها إلى اليوم. 

وهذه العقيدة أصلها الفلسفي هو عدم الإيمان بما وراء الطبيعة إلا بما هو مبني على أصل " دليل الحوادث " الذي أجمع هؤلاء على كونه الوسيلة الوحيدة للبحث في الميتافيزيقيا، وغلوا فيه غلوا جعلوا من جاهله المعرض عن النظر والاستدلال كافرا؛ كما يقوله بعض الأشعرية والمعتزلة.

قال الإمام ابن القيم عن غلو هؤلاء في " دليل الحدوث ": ‹‹ زعموا أن من لم يعرف ربه من تلك الطريق مات ولم يعرف له ربا، ولم يقر بأن له إلها خالقا، وزادوا في الافتراء والكذب والبهت، فزعموا أن إيمان جبريل وميكائيـل والملائكة المقربين وجميع المرسلين مبني على هذه الطريقة ›› الصواعق المرسلة ( 4/ 1532 ).

وهؤلاء الفلاسفة وأشباههم من المتكلمين وإن كان يظهر منهم شيء من الإيمان بما وراء الطبيعة؛ فإنه إيمان غير عقلي، يتجلى في نظرتهم للإله بأنه محرك العالم؛ لكنه غير معقول وغير مدرك، ولا يصح وصفه بصفات المحدثات، فرجع آخر معتقدهم إلى أوله!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حقيقة مذهبهم : ‹‹ أثبتوا واجب الوجود أو القديم أو الصانع: هم لم يثبتوه؛ بل حججهم تقتضي نفيه وتعطيله، فهم نافون له لا مثبتون له ›› مجموع الفتاوى ( 16/ 451-452 ).

وهذا ما تنبه له أهل السنة قبل شيخ الإسلام؛ فهذا الإمام ابن عبد البر المالكي ( ت 463 ه ) يقول عن نفاة الصفات في كتابه " التمهيد ": ‹‹ وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل منها شيئا على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مُشبّهٌ، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود ›› مختصر العلو ( ص/ 269 ).

وذلك أن المعلم الأول " أرسطو" نظر إلى حدوث الحوادث في العالم وفكر فيها؛ لأنه يعتقد أزلية العالم، فخرج بنتيجة أن الخالق الذي يعبرون عنه بـ: "المحرك الأول " أو العلة الفاعلة " هو قوة سرت في العالم فأحدثت الحوادث في الأزل وانقضت؛ ولذلك يسمون إلههم بـ: "القديم "، وتعبيرهم هذا بوصف الإله بـ " القديم" تعبير دقيق على ما يعتقدونه؛ إذ مضمونه نفي الديمومة للإله، فهو يبحث عن المحرك الأول وليس عن الخالق الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء الذي أنشأه من عدم، وافترضَ فيه أرسطو أنه لا يعقل ولا يدرك وليس له محرك قبله، وإلا لزم الدور، فلو جئت بصفة معقولة معروفة لكنت مشبها له بالحوادث، والحوادث لا تحركها في الأزل الحوادث. 

ولمّا دخلت الفكرة على المسلمين حاول المتأثّرون بها تطويعها لتتوافق مع أصل الإسلام في إثبات وجود الله سبحانه وتعالى، فصارت تسمى " دليل الحدوث "، ويقصدون بالحدوث : الخلق الأول من عدم؛ لكنهم التزموا لازمها أن المحدِث لا يُوصَفُ بصفة في المحدَث، وهذا عند الفلاسفة، وأضاف المتكلمون من المعتزلة والأشعرية قيودا أخرى وطوّلوها وعقّدوها، وإلا فإنّ الوضع الحقيقي لها هو في التحرّك والتغيّر في عناصر الكون ومن مُحرّكها أوّلاً، وليس في خلق الكون من عدم.

وظنَّ البعضُ أن " دليل الحوادث " هو الذي يؤدّي في النهاية إلى التعطيل التام والقول بأزلية العالم، وهذا فيه نظر؛ بل الصواب هو العكس، وهو : أن دليل الأعراض جاء من القول بقدم العالم؛ لأن من اخترعه من فلاسفة اليونان دهرية ملاحدة وثنيون. 

والصواب هو أن وجود الله سبحانه وتعالى فطري لا يحتاج إلى دليل الحدوث، وأن الاستدلال لوجوده بالمحدثات من عدم هو الذي يصح، وهو الذي يسميه أهل السنة بـ " دليل الخلق "، ودليله قوله تعالى : { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون }، وليس الاستدلال بحدوث الحوادث وطروء التغيّر عليها، وهناك أدلة أخرى على توحيد الربوبية ليس هذا محلها.


*******
مذهب التمكين

وقامت دعوة التمكين في عصرنا الحاضر على أيدي المحافل الماسونية المتصلة بالمدرسة الفلسفية الإشراقية الأفلوطينية؛ نسبة إلى " أفلوطين السكندري ( ت 270 نصراني )" ، القائمة على النظرة الغنوصية للشواهد، وهي مبنية على عدم الترتيب العقلي للعلوم والمعارف، وإنما تنال عن طريق المجاهدة وتعذيب النفس ومنعها من الشهوات، وعليه تفيض المعارف فيضا وإلهاما، ويسمّونها " الفلسفة العملية ".

والترتيب العقلي للمقدمات والنتائج إنما يكون في طريقة المجاهدة لنيل المعرفة، وليس في المعارف والغايات في حد ذاتها، ولذلك يأتون بعقائد الجبرية ونفي الأسباب في النتائج؛ كما يقول - الإخونجية، ومنهم المميعة -: ‹‹ نستقيم فيقدّر الله استقامة حكامنا ››، ويستدلون - شططا - لذلك ببعض الآثار؛ مثل : ‹‹ كما تكونوا يولى عليكم ››، أي : أن التمكين يفيض فيضا ربانيا من باب ‹‹ حسبه من سؤالي علمه بحالي ››.

ويظهر الغلو في استخدام الأسباب أن الغنوصيين على اختلاف طوائفهم من قبالية وبوذية وهندوسية فيدانتية، ومن الطوائف التي تنتسب للإسلام من إسماعيلية ونصيرية ودروز وجعفرية وصوفية وغيرها تسلك طريق الشعوذة بأساليبها القديمة، وقد ساهم الإخونجية في ذلك كما هو عند الإخونجي صلاح الصاوي صاحب كتاب " الثوابت والمتغيرات "، واستعملوا أيضا الشعوذة بأساليبها العصرية مثل " التنمية البشرية وتطوير الذات " وغيرها من الأفكار الوثنية.

وهي في الأصل تنادي بفكرة الخلود والسمو الروحي، طبقا لمعتقد الإشراقية في أن السموّ والسعادة يكون بالعاطفة والروح لا بالشرع ولا بالعقل؛ فالشرع والعقل تابعان للروح لا العكس.

ولذلك فما استحسنته الروح فهو حسن ولو كان باطلا، ولا شكّ أن الروح تستحسن الرفعة والعلو في الأرض، بل هي سمة إبليس الموسوس بهاته العقائد الباطلة، وهو الذي استكبر عن الحقّ ورفض السجود لآدم عليه السلام.

وهذا الصوفي الملامتي الذي يرضى بالذل والهوان ما يهين نفسه إلا ليكون ربّاني الخصال يقول للشيء كن فيكون، وقل مثله في حكاية صلب المسيح عليه السلام؛ فالنصارى يزعمون أن الإله عرّض نفسه للهوان والضرب ثم الصلب لأجل الغاية الكبرى وهي عتق البشرية من الخطيئة التي يعجز من ضربه وصلبه من البشر وغيرهم أن يأتوا بها.

ويجعلون تلك المجاهدات في سبيل نيل الغايات هي الطريق الوحيد لنيلها، وأنّ أي تفريط فيها يؤدي إلى نتائج عكسية، وأن من شروط نيل الغايات هو التجرد التام عن الشهوات والرغبات، يقول أفلوطين السكندري مبينا كيفية السمو الروحي لمشاهدة الحق : ‹‹ من أراد أن يرى الإنسان الحق الأول فينبغي أن يكون خيّرا فاضلا، وأن يكون له حواس قوية لا تنجس عند إشراق الأنوار الساطعة عليها..›› نظرية الإنسان الكامل عند المسلمين ( ص/48 ).

ويقول أفلوطين أيضا: ‹‹ يجب أن تكون النفس خلوّاً من كل صورة؛ لكيلا يمنعها مانع من أن تمتلئ، وتستنير بالوجود الأول ›› أفلوطين والنزعة الصوفية ( ص/ 385 )، ويقصد بالخلو من الصور: الصور الخارجية من شهوات وملهيات تملأ التفكير عند التأمّل، وهذا لا يتأتى إلا بالتخلي عنها قبل التأمل.

فالنتائج تختلف من طائفة غنوصية لأخرى، حسب الغرض من المجاهدة : فاليهودي مجاهدته للتمكين العالمي والاستعداد لظهور " المسياه المخلص "، والصوفي مجاهدته لنيل وحدة الوجود، والنصارى يزعمون أن الإله أهين وصُلِبَ لأجل مُحْو الخطيئة الموروثة من عهد آدم، وهكذا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رادا على قول الشاذلي الصوفي في حزبه - والصوفية من أشهر الطوائف الغنوصية- : [ نسألك العصمة في الحركات والكلمات والإرادات والخطرات ؛ من الشكوك والظنون والأوهام الساترة للغيوب عن مطالعة القلوب ] : ‹‹ ولكن هؤلاء الذين يقصدون بالعبادة العلو في الأرض ، والتشبه بالإله ، كما يقوله المتفلسفة : إن الفلسفة هي التشبه بالإله على قدر الطاقة ، يقعون في أمور من هذا الباب - يقصد : سؤال العصمة ! - ›› الرد على الشاذلي ( ص 20 ).

وقال شيخ الإسلام أيضا : ‹‹ ولهذا يوجد كثير من السالكين لا يطلبون التقرب إلى الله ، وطلب رضوانه ورحمته والنجاة من عذابه ، بل إنما مطلوبهم نوع من المكاشفة والتأثير ، فيطلبون علما يستعلون به على الناس ، أو قدرة يستعلون بها على الناس ، وذلك من باب إرادة العلو في الأرض والفساد ، فيعاقبهم الله بنقيض قصدهم.

وكرامات أولياء الله تجيء ضمنا وتبعا ؛ فإنهم يقصدون وجه الله ، فتجيء المكاشفات والتأثيرات تبعا لا يقفون عندها ، ولا تكون هي أكبر همهم ولا مبلغ علمهم ››. الرد على الشاذلي ( ص 24 ).

واعتنى بها من اليهود " الكابّالية الماسون"، وهي طائفة يهودية تقوم عقيدتها على الباطنية في نصوص التوراة، وتجعل من الرمز منهاجا لتفسير النصوص، وهم الطائفة التي لها الظهور الأقوى من بين اليهود حاليا. 

وبما أنّ أعظم عقيدة عند اليهود هي السيطرة والهيمنة العالمية، ويجعلون الوحي لا يهتم إلا بهذا الأصل " التمكين "، وأن إسرائيل شعب الله المختار هم أحق الناس بقيادة العالم، فإن القارئ لنصوص التوراة المحرفة يجدها كلها تركز على هاته الفكرة، وأنّ المصائب التي تحلّ بهم كلها هي عدم " التمكين "، وأنّ أي مصيبة أخرى لا تساوي شيئا، وأنهم إذا تمكنوا شيئا ما فذلك نعمة من الرب وأنّه راض عنهم، ولذلك استحلوا معاملة الأمميين - المخالفين لليهود - بكل القبائح كسرقة ماله أو أخذه بالربا وقتله واحتلال بلاده. 

ويتجلى الفكر الجبري في النتائج عند اليهود هو أن الهيكل لا يُبنى إلا عند ظهور " المسياه المنقذ "، وأن اليهود مهما سيطروا على العالم سيبقون مخفين عقيدتهم حتى يظهر، مع أنه بإمكان اليهود في أي وقت بناء الهيكل، لكنهم لا يفعلون

وظهرت للمسلمين على يد جمال الدين الأفغاني، وجمال الدين الأفغاني هذا ماسوني كابّالي رافضي على عقيدة البهائية في أن النبوة تكتسب بالرياضات والمجاهدات، قال الشيخ مقبل الوادعي : ‹‹ بالأمس كان يُلقّبُ جمال الدين ومحمد عبده بالإمامَيْن، واليوم عُرفا بالماسونيَيْن ›› الصحيح المسند من دلائل النبوة ( ص/ 10 ).

وتبع جمال الدين الأفغاني على ذلك منظمات كونت مدارس عدة : 

- الرافضة، وقد قامت دولتهم بمساعدة فرنسا النصرانية في إيران على يد الخميني، وللخميني عناية بكتب سيد قطب ومعجب بفكرة وحدة الوجود مع أنه رافضي مجوسي. 

- الإخوان المجرمون، بقيادة حسن البنا والمرشدين من بعده؛ وهي فروع ينظم تحتها : البنائية، السرورية، المميعة، وحسن البنا ماسوني التوجّه، وله من اسمه " البنا" دليل على ذلك؛ فالماسون هم " البناؤون الأحرار "، ووالده وجميع إخوته ماسون كما شهد أخوه جمال البنا؛ فقد قال عن منزلهم : ‹‹ منزل ليبرالي كل واحد له اتجاه، لا أحدَ يسأل أحداً عمّا يفعل ›› الإخوان المسلمون بين الإفلاس والابتداع ( ص/ 111 ) .

- الإباضية : وقائدها الروحي أحمد الخليلي مفتي عمان، وأعوانه في ليبيا و تونس والجزائر، وله كتابات تدل على اعتناقه لفكرة " التمكين "، واعتناؤه بكتب سيد قطب معروف مشهور، وفرحه بطعن سيد قطب في عثمان - رضي الله عنه - وإشادته به في ذلك. 

فهاته الفرق من أهل البدع والضلال تأثرت بها في هذه الناحية على تفاوت بينها وبين أفرادها. 

وقد رفع رايتها قبل أن تتلقفها هاته الحركات مجموعة من المفكرين من تلاميذ الأفغاني وأتباعهم؛ كحمد عبده ورشيد رضا والكواكبي والقاسمي وغيرهم.

وهاته الضلالة دام ضررها على المسلمين أكثر من قرن، أي : منذ إيقان القوى الاستعمارية " الاستدمارية " باستحالة القضاء على الإسلام وأهله.

فهي إذن حرب على الإسلام لكنها بطريقة عكسية؛ وهي الحرب بسلاح الوحدة الإسلامية لتدمير الوحدة الإسلامية. يقول المؤرخ الإنكليزي " أرنولد تويبي ": ‹‹ إن الوحدة الإسلامية نائمة، لكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ ›› كتاب الإسلام والغرب والمستقبل ( ص/73 ).

وكذلك يظهر عند هؤلاء نظرية " المدينة الفاضلة " الأفلاطونية، نسبة إلى " أفلاطون اليوناني "، وهي في حقيقتها تقوم على إلغاء عقيدة الولاء والبراء، والرجل الفاضل معناه الذي لا يبغض أحدا، وإنما يحبُّ جميع الناس، وأظهر صورها هي عقيدة " وحدة الوجود " التي تجعل اليهودي والنصراني والمسلم والوثني وغيرهم شيئا واحدا، وهي أصلا قائمة على عقيدة الجبر ونفي الأسباب، وأن الكل منفعلٌ وجودي لا مؤثر تابع لمشيئة الله سبحانه، وأن كفر الكافر وإيمان المؤمن مرادٌ قدرا ومرادٌ شرعا.

وهذا هو الذي جعل " سيد قطب " يقول : ‹‹ الإسلام مزيج من النصرانية والشيوعية ››؛ لأن الشيوعية ديانة مساواة لسعادة العالم، والنصرانية ديانة روحية رهبانية تتخذ الغنوصية منطلقا لها. 

وبها يصرّح الإخونجية أن صراعهم مع اليهود ليس عقديا، بل من أجل الأرض، وتجدهم يتسامحون مع الرافضي والقبوري والجهمي والنصراني وغيرهم، بل ربما يثني بعضهم على الوثنيين؛ كما أثنى " سيد قطب" على الهندوكية.

قال زعيم الإخونجية حسن البنا الساعاتي : ‹‹ ليست حركتنا موجهة ضدّ عقيدة من العقائد، أو دين من الأديان، أو طائفة من الطوائف ›› قافلة الإخوان للسيسي ( 1/ 211 ).

ومما أُثِر عن حسن البنا قوله : ‹‹ سنقاتل الناس بالحبِّ ›› التربية السياسية عند حسن البنا للقرضاوي ( ص/ 107 ).

وهذا كله من آثار وحدة الوجود الصوفية، فهي المنبع الأساس لجميع الدعوات إلى إسقاط الولاء والبراء، وهي التي يسميها ابن عربي حاتمي الصوفي "ديانة الحب "، ومن يريد إسقاط البراء من المبتدعة وبغضهم ففيه شعبة من وحدة الوجود.

وغالب ما عند الإخونجية من أدلة هي استغلال " العواطف الروحية " في تجميع الأتباع وربطهم بالغاية التي يبشرون بها مما يجعل الروح تسعد كلما تذكرت الغاية، ولذلك يقولون : ‹‹إن أسعد أيام المرء يوم أن يصل للتمكين ››، ويجعلونها مرحلة نهاية التكاليف؛ لأن التكاليف قبلها جاءت من أجلها، فإذا حصل " التمكين " انتهى التكليف.

قال الإخونجي زعيم المربين عندهم عبد الله ناصح علوان السوري: ‹‹ والسعي إلى إقامة حكم الله في الأرض, غاية الغايات ›› كتاب تربية الأولاد في الإسلام ( ص/ 13 ).

ويقصدون بـ : " إقامة حكم الله "؛ وصولهم للسلطة، لأن الحكم لله هو أن يحكم الطائفة المختارة بالعناية الإلهية "الإخوان المسلمون "، وقد كتب يوسف القرضاوي كتابا بعنوان " الحل الإسلامي فريضة وضرورة "، ويعني بـالإسلامي: الإخواني.

وهاته الفريضة المزعومة عندهم فكرة باطنية في القلوب تتطلّب التجسيد على الواقع، ولذلك يسمونها " الفريضة الغائبة "، ووضعوا لذلك قاعدة : ‹‹ تمكين الباطن أصل لتمكين الظاهر، وتمكين الظاهر فرع عن تمكين الباطن ››. ويرونها كما يقول القرضاوي - بكلّ باطنية -: ‹‹ أرأيت إلى الأرض الخاشعة الهامدة، ينزل عليها الماء، فتهتز وتربو وتحيا بعد موتها، وتنبت من كل زوج بهيج : كذلك كانت الأمة الإسلامية في منتصف القرن الرابع هجري، وقبل ظهور دعوة الإخوان المسلمين ›› التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا ( ص/ 3 ).

ويجعلون هاته الطريق طويلة وشاقة مثل مراتب الولاية عند الصوفية ومقاماتها التي يعدّونها بالمئات، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتربية الأجيال على عقيدة " التمكين "؛ وفي ذلك يقول القرضاوي : ‹‹ وكان إمام الجماعة حسن البنا يعلم أن طريق التربية بعيدة الشقّة، طويلة المراحل، كثيرة المشاق، ولا يصبر على طولها إلا القليل من الناس من أولي العزم ›› التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا ( ص/ 4 ).

ولذلك كان أهمّ ما عند الإخوان هو العناية التامة بتلك التربية للأجيال، وأن " التمكين " لا يكون إلا عن طريقها، يقول يوسف القرضاوي : ‹‹ كانت تربية هذا المسلم هي المهمة الأولى لحركة الإخوان؛ لأنه هو وحده أساس التغيير، ومحور الصلاح والإصلاح، ولا أملَ في استئناف حياة إسلامية، أو قيام دولة إسلامية، أو تطبيق قوانين إسلامية، بغيره ›› التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا ( ص/ 7 ).

ويقول القرضاوي أيضا: ‹‹ السرّ في كل كفاح ناجح يكمن أوّلَ ما يكمن في تلك التهيئة النفسية، والتعبئة الشعورية، والتربية الأخلاقية، التي تغيّر الأفراد؛ فتتغيّر بها المجتمعات من حال إلى حال ›› نفس المصدر السابق ( ص/ 32 ).

ويجعل الإخوان الثبات على عقيدة " التمكين " هو الثبات الذي تدلُّ عليه الأدلة الشرعية؛ لأن "التمكين" هو الإيمان، يقول حسن البنا : ‹‹ وأريد بالثبات أن يظل الأخ عاملا مجاهدا في سبيل غايته مهما بعدت المدة، وتطاولت السنوات والأعوام، حتى يلقى الله على ذلك ›› نفس المصدر السابق ( ص/ 34 ).

والصواب أن السعادة الحقيقة هي يوم يحط المرء رحله في الجنة، والدنيا الحقيرة من بدايتها إلى نهايتها دار ابتلاء لا يقرّ لها قرارٌ، وأن جميع المجاهدات في الدنيا إنما يراد بها النجاة في الدار الآخرة، وأن الثبات الحقيقي هو الثبات على التوحيد والسنة قبل التمكين، وبعد التمكين - إن حصل -، وأن الشوق الحقيقي يكون إلى لقاء الله ورؤيته وسبحانه وتعالى.


نسأل الله السلامة



عبد الصمد بن أحمد السلمي

descriptionبين دليل الحدوث ودليل التمكين Emptyرد: بين دليل الحدوث ودليل التمكين

more_horiz
شكرآ لك

descriptionبين دليل الحدوث ودليل التمكين Emptyرد: بين دليل الحدوث ودليل التمكين

more_horiz
شكرآ على المرور

 بين دليل الحدوث ودليل التمكين 866468155

descriptionبين دليل الحدوث ودليل التمكين Emptyرد: بين دليل الحدوث ودليل التمكين

more_horiz
شكرا لك على الموضوع 
بإنتظار جديدك 
 KonuEtiketleri عنوان الموضوع
بين دليل الحدوث ودليل التمكين
 Konu BBCode BBCode
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
remove_circleمواضيع مماثلة