كتمتكَ ليلاً بالجمومينَ ساهرا
، وهَمّينِ: هَمّاً مُستَكنّاً وظاهرَا
أحاديثَ نَفسٍ تَشتَكي ما يَريبُها،
وَوِرْدُ هُمومٍ لم يَجِدْنَ مَصادِرَا
تُكَلّفُني أنْ يَفعَلَ الدّهرُ هَمّها
، و هل وجدتْ قبلي على الدهرِ قادرا؟
ألَمْ تَرَ خَيرَ النّاسِ أصْبَحَ نَعْشُهُ
على فِتيَة ٍ، قد جاوَزَ الحَيَّ، سائِرَا
و نحنُ لديهِ ، نسألُ اللهَ خلدهُ
، يردّ لنا ملكاً ، وللأرضِ ، عامرا
ونحنُ نُرَجّي الخلُدَ إن فازَ قِدحنُا،
و نرهبُ قدحَ الموتِ إن جاء قامرا
لكَ الخيرُ إن وارتْ بك الأرضُ واحداً
و اصبحَ جدُّ الناسِ يظلعُ ، عاثرا
وردتْ مطايا الراغبينَ ، وعريتْ
جيادكَ ، لا يحفي لها الدهرُ حافرا
رأيتُكَ تَرعاني بعينٍ بَصيرَة
ٍ، وتَبعَثُ حُرّاساً عليّ ونَاظِرَا
و ذلكَ منْ قولٍ أتاكَ أقولهُ
، ومِنْ دَسّ أعدائي إليكَ المآبِرَا
فآلَيتُ لا آتيكَ، إن جئتُ، مُجْرماً
، و لا أبتغي جاراً ، سواكَ ، مجاورا
فأهْلي فِداءُ لامْرِىء ٍ، إنْ أتَيتُهُ
تَقَبّلَ مَعرُوفي، وسَدّ المَفاقِرَا
سأكعمُ كلبي أن يربيكَ نبحهُ ،
وإن كنتُ أرعى مُسحَلانَ فحامرَا
و حلتْ بيوتي في يفاعٍ ممنعٍ
، تَخالُ به راعي الحَمولة ِ طائِرَا
تزلّ الوعولُ العصمُ عن قذفاتهِ
، وتُضحي ذُراهُ، بالسحابِ، كوافِرَا
حِذاراً على أنْ لا تُنالَ مَقادَتي،
و لا نسوتي حتى يمتنَ حرائرا
أقولُ ، وإن شطتْ بيَ الدارُ عنكمُ
غذا ما لقينا من معدٍ مسافرا :
ألِكنْي إلى النّعمانِ حيثُ لَقيتَهُ
، فأهْدَى لهُ اللَّهُ الغُيوثَ البَواكِرَا
و صصبحهُ فلجٌ ولا زالَ كعبهُ
، على كلّ من عادى من الناس ، ظاهرا
و ربَّ عليهِ اللهُ أحسنَ صنعهِ
، وكانَ لهُ، على البَريّة ِ، ناصِرَا
فألْفَيتُهُ يَومْاً يُبِيدُ عَدُوَّهُ،
وبَحْرَ عَطاءٍ، يَستَخِفّ المَعابِرَا