"شيء من الخوف .. وبعض الضجيج!"
لا أعلم عن ماذا سأحدثكم بالضبط، عن تلك الأجواء المشحونة التي سببتها هيبة هذا الرجل الجالس أمامي في غرفة المعيشة، أم عن خوفي مما قد يحصل لي ولآتسو إن لم يعد ذلك يوكي إلى المنزل... بجدية! ذلك الخائن قد فر بجلده وتركني في مواجهة والده! امل أن يحل الامر بطريقة ما، قلبي لن يتحمل مصائب أخرى ..
استرقت النظر إلى ذلك الرجل الذي كان يحاول جاهداً الاتصال بـِيوكي لكن دون فائدة تذكر .. بعد أن فقد الأمل أغلق هاتفه ووضعه بهدوء على الطاولة التي أمامه، أستد ظهره على ظهر الأريكة واضعاً قدما فوق الأخرى وراح يحدق بنا في إمعان قبل أن يبدأ تحقيقه المبدئي معنا ..
"من يكون هذا الصبي بالضبط؟!"
يا إلهي، لا بد أنه غاضب للغاية! فبدلاً من أن يسأل عن اسمي ومن أكون بادر بالسؤال عن آتسـو!! أظن أنني سألعب دور المغفل لبعض الوقت، فهذا أفضل من إخباره عن حقيقة ما حصل ..
- هاه .. من تقصد بالضبط؟
- الفتى الذي يجلس بجانبك بالطبع !
- إنه أحد معارف براون، لست متأكداً .. اسأله بنفسك!
- أحد معارف ابني يـوكي؟!
- هاه .. أجل .. أظن ذلك ..
استعملت اسم عائلة يوكي لأجعل الأمر يبدو كما لو أن علاقتنا سطحية، لكن لا يبدو أن الأمر نجح، فقد التقت عيني بعينا ذلك الرجل الذي يبدو خبيراً بتحليل لغة الجسد .. لم يدم صمته طويلاً بل تابع أسئلته دون تردد:
- وما العلاقة التي تربط هذا الفتى بيوكي ..
- لا أعلم ..
- لمَ حاولت الهرب إذاً ..
- لم أحاول الهرب ..
- أوه! حقاً؟! ما الذي كنت تفعله بالخارج ..
- لا شيء، أتأمل الحديقة ..
- تتأمل الحديقة هاه، أتعني أنك لا تعرف شيئاً ..
- أجل...
- وما قولك أنت؟!
بطريقة ما وجه تلك المحاثة نحو آتسو الذي كان صامتاً طوال الوقت، اتسعت عينا ذلك المسكين في صدمة:
- هـ – هاه؟
- كنت أسأل عن علاقتك بيوكي ..
- لا- لا شيء!
- عجباً، أولست من معارفه؟!
- بـ - بلى ..
- إذاً أي نوع من المعارف أنت؟
- هـاه؟!
- ما اسمك أصلاً؟
- آ – آتسو..
- سألت عن اسمك لا عن اختصاره!
- لا – أعلم!
لحسن الحظ أن آتسو يبدو مشتت الذهن نوعاً ما، هذا سيساعدني في تضييع الوقت على هذا الرجل!
- أنت!
- أنـا؟!
- ما اسم ذلك الفتى ..
- لقد قال لك، اسمه آتسو!
- كف عن الاستخفاف بي!!
- أقسم لك أني لا أعلم اسمه!!
- اسمع، سأقولها مرة واحدة لا غير، عيناك تخبرانني أنك تخفي الكثير من الأشياء عني، إن كنت تفعل هذا للدفاع عن يوكي فَـلِمعلوماتك، يوكي لم يهرب إلا لأنه يعلم أني سأكتشف الحقيقة كاملة مكملة وعلى الفور، كما أن نفسه تتصدر دائماً قائمة أولوياته، بمعنى آخر لقد فرَّ بجلده وتركك في وجه المدفع دون أن يكترث بأمرك حتى، سأعلم الحقيقة سواءً أخبرتني أنت بها أم علمتها بطرقي الخاصة، وأقسم لك .. إن اكتشفت أنك متورط مع يوكي بطريقة ما، أو تعلم عن الأمر بأي شكل من الأشكال فسأحرص على اعطائك دروساً خصوصية بعدم العبث معي مجدداً، لذا ليس من صالحك التصرف ببلاهة هكذا والتستر على الأمر ..
-..............
قال تلك العبارات بصوت يتملكه الثقة، ونبرة ثابته، واضح أنه يعني تماماً كل كلمة تفوه بها.. "يـا ويلي" تلك هي الكلمة الوحيدة التي حدثت بها نفسي تلك اللحظة بعد أن قررت اخباره بالموضوع، وليذهب يوكي إلى الجحيم!
- سيدي، سأخبرك بكل شيء، لكن لدي طلب صغير هو أن تؤجل موضوع التصرف بأمر آتسو حتى يعود يوكي ..
- لا تقلق، لست من النوع المتسرع، كما أن تواجد الفتى من عدمه لا يهمني بأي شكل من الأشكل بقدر ما تهمني هويته وعلاقته بيوكي.
استسلمت للوضع الراهن بسهولة ففي النهاية يوكي قد ترك الأمر فوق رأسي وغادر، فور أن هممت بإخبار ذلك الرجل عن حقيقة ما حدث معنا طلب والد يوكي من آتسو الصعود إلى الدور العلوي والبقاء مع دارك في أي غرفة هناك وقد نفذ هذا الآخر ما قيل له على الفور، لم يبقى سوانا أنا والسيد براون، بدأت بإخباره القصة منذ البداية، كيف التقينا في البداية بآتسو وأمه في المطعم .. بالتأكيد لم أخبره عن رغبة يوكي الجانحة آن ذاك في قتلها .. بعض التفاصيل يجب أن يتم تحريفها ..! ولكني أخبرته عما حدث في المنزل المحترق وكيف حمل ذلك الشرطي يوكي مسؤولية آتسو .. وانتهاءً ببقائنا في هذا المنزل وانتظارنا شفاء ام آتسو ..
طوال الوقت الذي كنت أروي فيه القصة لوالد صحابنا لم يقاطعني في أي حرف، بقي يستمع لي بإنصات حتى فرغت من الحديث بالكامل، وبعد تفكير دام بضعة دقائق تنهد ذلك الرجل بصوت هادئ وأردف قائلاً:
- إذاً هذا ما حصل؟
- أجل .. هذا كل شيء ..
- هل أخبرك يوكي أنه لا يعرف اسم الفتى أو اسم عائلة أمه؟
- أجل، لقد قال ذلك ..
- هو يكذب إذاً
- ماذا؟!!
- لقد ادعى أنه لا يعرف ليقوم بتشتيت شمل تلك العائلة فحسب، إن لم يعرف أحد هويتهم فلن يستطيعوا التواصل مع أقربائهم ..
- مستحيل!
- يـوكي هو ابني .. وأنـا أعرفه جيداً ..
- لكن .. بدا لي أنه حقاً لا يعرف شيئاً ..
- مبارك عليك الانخداع بتمثيلية يوكي إّذاً، بالمناسبة، ألديك اختبار مع يوكي غداً؟
- أ – أجل ..
- ستلاقيه على الأرجح هناك، أخبره أني أود رؤيته، وأنه إن لم يأتي لمقابلتي فستحدث أشياء لا تسره أبداً .. هو يعرف ما أقصد لذا قل له هذا الكلام ولا تتعب نفسك بتوضيح أي شيء له ..
- حاضر ..
- شكراً لك، بالمناسبة لم أسألك، هل أنت روي أم سـورا؟
- المعذرة!!
عجباً، أنَّى لذلك الرجل معرفة اسمي واسم أخي!! لم يسبق لي رؤيته من قبل!
- ههههههههه، تفاجأت؟ أعرفكما منذ أن كنتما صغيرين، لكن أظنني عاجزاً عن التفريق بينكما .. أنت ابن السيد شيجيرو، صحيح؟
- أ- أجل، أنا شيجيرو روي، المعذرة يا سيدي، لا أظن أنني التقيتك سابقاً ..
- أوه، لا تقلق، كنت صغيراً آنذاك، من الطبيعي ألا تذكر .. عرفتك فور أن رأيتك، ولأصدقك القول ظننت أنك ويوكي قد تذكرتما بعضيكما عندما تقابلتما في الجامعة، ولكن يبدو أن هذا لم يحدث ..
- مهلاً هل أعرف يوكي من قبل أيضاً؟!
- همم، نوعاً ما، التقيتما مرة واحدة على ما أذكر .. ليست مسألة مهمة، قلت إنك تبيت هنا منذ بضعة أيام، اذهب إلى غرفتك وخذ قسطاً من الراحة، أمامك اختبار غدا..
- حسناً.
لقد تأخر الوقت بالفعل لذا صعدت إلى الغرفة مع آتسو الذي استلقى على سريره وتلحف ببطانيته دون أن يقول شيئاً، أما أنا فقد أغلقت الباب بإحكام ثم شرعت بمراجعة بعض المحاضرات، رفعت هاتفي بعد فترة لأجد الساعة تشير إلى الواحدة لذا أغلقت كل شيء وخلت إلى النوم من أجل أخذ قسط من الراحة قبل الإمتحان.