هذه آخر قصة من السلسلة الجديدة "قصص القتلة والمجرمين" التي حصلت في مختلف أنحاء العالم ولا تقصد أي إساءة لأي دولة كتب اسمها في هذه السلسلة يفضل أن لا يقرأ ذوي القلوب الضعيفة أياً من مواضيع هذه السلسلة لما تحتويه من مقاطع عنيفة اللهم إني بلغت اللهم فاشهد الهون هم أجداد الأتراك ، كانوا قد نفذوا إلى شرق أوروبا قادمين من منغوليا في اسيا الوسطي عبر البراري والسهوب الآسيوية وظهروا على حدود أوروبا الشرقية ، وتحرك هذا الشعب الآسيوي الشديد الضراوة وهزموا عشائر القوط الغربيين " قبائل جرمانية " وقاموا باجلائهم عن تلك المنطقة من البحر الاسود وأستقر بهم المطاف في عام 370م بمنطقة عرفت فيما بعد باسم " المجر " ، أصبحوا قوة لا يستهان بها ، وكونوا إمبراطورية الهون وكان ملكها يدعي العم رو . ولد أتيلا عام 406 م وكان متوقع له أن يفعل الكثير لانه سليل العائلة الملكية ، وقد مارس أتيلا الإرهاب والعنف منذ نعومة أظافره لأن هناك تقليد يروى عن أطفال الهون أنه عندما يولدون تجرح وجناتهم كي يتعلموا ألآلم من الصغر بصبر وجلد ، ومثل ذكور الهون فقد تعلم أتيلا ركوب الخيل قبل السير على قدميه لآن الهون كانوا يولدون فوق سروج الخيل ويأكلون فوقها ويتحادثون ويعقدون المفاوضات وهم على سروج الخيل ، حتى راح البعض يبالغ في الوصف حيث قال : أن أنزلت واحدا منهم عن ظهر الخيل فلن يتمكن من السير على الأرض . ولما بلغ أتيلا من العمر 28 عام توفي العم رو أمبراطور الهون وأستلم أبناء أخيه بلاديا وأتيلا الحكم ، وأراد أتيلا أن يستولي على السلطة لوحده لكنه لم يستطيع لان أخيه بلاديا كان يتمتع بدعم قوي وشعبية عارمة بين قبائل الهون لذلك كان على أتيلا الانتظار إلى حين . عمل أتيلا على ترتيب جحافل الهون وظل لعدة أشهر في أخضاع الشعوب البربرية في شمال وشرق البلاد وضمها إلى قواته حتى صنع جيشا عظيما هائلا تخشاه آسيا كلها ، ولم تكن هناك قوة في العالم تستطيع الوقوف في وجه أتيلا ، فيما كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية " البيزنطية " تعتبر محمية لإمبراطورية الهون وكانت تدفع إلى العم رو 700 رطل من الذهب سنويا لقاء حمايتها من غزوات الشعوب البربرية ، ولكن عندما سمع الإمبراطور البيزنطي ثيودؤسيوس الثاني بوفاة السلطان رو أعلن إلغاء الاتفاقية ورفض دفع أي مبالغ إلى الهون ، مما دفع أتيلا واخيه بلاديا بتجهيز قواتهم والعزم على غزو الإمبراطورية الرومانية الشرقية ، وقادا جيشا هائلا عبروا به نحو تراقيا " الجزء الغربي من تركيا " . لقد كانت صورة البرابرة لا سيما القبائل أشباه الرحل منهم بشعة للغاية ، كما كانوا خطيرين من الناحية العسكرية ، لقد عرف الهون بهجماتهم الخاطفة المميتة وكان بأستطاعتهم تغطية مساحة كبيرة من الأرض في ثواني معدودة ، كما كانوا يظهرون على أعتاب بيوت الناس بشكل مفاجئ ، كان باستطاعتهم أطلاق السهام من فوق ظهور الخيل وقتل رجل على مسافة 150 متر . لقد كان أتيلا على علم أن الإمبراطورية الرومانية الشرقية قد أرسلت جيشا إلى صقلية لاسترداد شمال أفريقيا من مجموعة متمردين تسمي " الوندال " ، وأستغل الأخوين الوضع فأطلقوا هجوما ثقيل على نهر الدانوب عام 441 م وهاجموا بلدة كونستانتا " داخل رومانيا " ، وكان ذالك اليوم مرادهم لأنه يوم السوق في البلدة وأسروا وسحقوا سكانها وذبحوهم جميعا في الطرقات وجعلوا الجثث تملأ الشوارع ، وأهلكا مدينة بلغراد بأكملها ولم يستطع أحد أن يوقف هجوم الهون مما جعل أمبراطور الشرق يسرع لترتيب هدنة سلام أخرى ورفع الجزية حتى يتوقف غضب أتيلا ويعم السلام مع برابرة الهون .. وتمت الاتفاقية .. وعاد أتيلا إلى ما بعد نهر الدانوب محملا بكميات كبيرة من الذهب والمسروقات ، وعندما عادت القوات الرومانية من صقلية تقول المصادر أنها لم تستطع المشي في الطرقات لكثرة الجثث التي ذبحها أتيلا ، لم تكن للحياة أي قيمة عند أتيلا ولم يكن لدي الهون أي اعتبار للبشر الآخرين ، كانوا يكبدون الآخرين أفدح الخسائر من دون رحمة ، وتلك كانت أبشع مواصفاتهم ، وعلى الرغم من انتصارات أتيلا في الخارج فقد بدا صبره ينفذ على أخيه بلاديا لأنه كان ذكي ومحبوب من القبائل يرتدي ثوب التواضع ويستمع للشكاوي ويعفو عند المقدرة بالرغم من أعماله العنيفة ، إلا أن أتيلا كان يريد الحكم لوحده فوصلت الأمور بينهما للصراع على البقاء ، فقام أتيلا بذبح أخيه بلاديا وهو نائم ، وبذالك يكون اتيلا هو الحاكم المستبد الوحيد لقبائل الهون . بعد أن شاع خبر وفاة بلاديا قام بعض الهون بألآنشقاق من صفوف الجيش والتجئوا إلى الإمبراطورية الرومانية في الشرق فقبلت لجوئهم على أراضيها . غضب أتيلا عندما علم بذالك الأمر وقام بإرسال مبعوثين إلى الرومان يطلب تسليم الهون الفارين ولكن الإمبراطور رفض الطلب . ، كان أتيلا مدركا لقوة الرومان العسكرية جيدا لذالك عمل مرة أخري على ترتيب جحافل الهون وتوحيد القبائل تحت لوائه لزجها في القتال وأمضى أيام يقوي تحالفه مع القبائل البربرية وبدأ يبحث في إخضاعهم بما فيهم من روحانيه مع أنهم كانوا بلا دين ، لكن أتيلا نشأ وترعرع في وسط خرافات وما يعتقدوه الهون بأن لهم مهمة في الحياة وهي إبادة الآخرين ، وقد وكلتهم بهذه المهمة آلهتهم ، وجاءت اللحظة الحاسمة التي أضفت على أتيلا صوره عجائبيه ، كان ذلك عندما أحضروا له سيفا صدئا فقال أتيلا كما أوردت المصادر التاريخية أن هذا السيف الصدء أشارة من السماء أن يكون قدري فاتح عظيم لممالك الأمم .. وصف أتيلا السيف بأنه سيف " مارس " اله الحرب عند الرومان ، وأنه سيكفل له النصر ، وبذالك يكون أتيلا قد وحد قبائل البرابرة وأيدته آلهة الحرب ، أي أنه قد حان أوان مهاجمة تلك القوة العظمى وعند هذه المرحلة كانت تحت تصرف الملك أتيلا نحو 500 الف مقاتل فشرع في شن هجمات على عمق الإمبراطورية الرومانية عام 443 م ، كان رجاله البرابرة يطلقون السهام والرماح من فوق ظهور الخيل بمهارة وكان كل رجل في جيشه يملك من الشجاعة لزعزعة دولة بأكملها ، وقاد أتيلا قواته في حملة عنيفة وشرسة وأخذ في تدمير كل المدن وسحق كل القوات الرومانية على نهر الدانوب وتوغل بقواته إلى عمق الإمبراطورية نحو مدينتي نيس .. سيرديسا. وهي مدن بلغارية تعد مستوطنات رومانية ، فدمر كلاهما وضرب رجاله كل دور العبادة وسلبوها ودنسوا الآضرحة وذبحوا المدنيين ... ولقد أستمتع أتيلا بهذه المناظر المرعبة وهجم على أرض البلقان - شبه جزيرة البلقان وتضم إلىونان و بلغاريا و رومانيا و تركيا - وقام بتدمير جميع مدنها ثم قاد جيشه وأتجه نحو اليونان فأجهز عليها وذبح جميع سكانها وفتح ما يزيد على مائة مدينة ، وكان هناك الكثير من القتلى . إلا أن هدفه لم يكن الاستيلاء على الأراضي ، بل نهب ثروات الأمم وقتل سكانها ، إذ لم يكن الهون من معمري الحضارات بل من مخربيها . وأثناء تلك الحملة كان قد ضرب زلزال مدينة القسطنطنية " أسطنبول " وهدم أسوارها مما جعلها فرصة جيدة لجيش أتيلا بأخذ المدينة وأجبر ذالك الزلزال الإمبراطورية الرومانية الشرقية أن تبذل كل ما في وسعها للحفاظ على المدينة بعيدا عن الهون وتمت التضحية بكثير من المدن والجنود لأنقاذ القسطنطنية التي كانت مركز للأمبراطورية الرومانية في الشرق . لكن أتيلا حاصر المدينة ولم يهاجمها وأكتفي بالمدن التي نهبها ومزقها وذبح سكانها . ومرة أخرى أضطر الإمبراطور ثيودؤسيوس الثاني إلى عقد معاهدة سلام جديدة مع أتيلا مع رفع الضريبة إلى 2100 رطل ذهب سنويا . كان ذلك المبلغ مذهلا في ذالك الوقت ولكنه في نظر الرومان أرخص من القتال ضد أتيلا . و وافق أتيلا على المعاهدة لكنه طلب من الرومان إعادة الهون الفارين داخل القسطنطنية وتسليمهم إليه ، وكان الفارين من الهون هم أبناء سلالة ملوك الهون القدامى الذين قتلهم العم رو وكانوا تابعين لأخيه بلاديا ، فقام الرومان بتسليمهم إلى أتيلا الذي قام بوضعهم على الخازوق من دون رحمة ثم سحب جيوشه من الأراضي الرومانية . وعندما عاد إلى بيته كان لأتيلا عدة زوجات وكانت الغيرة تشتعل بينهم ، وعندما غضبت إحدى زوجاته وتدعى " فوترون " أستطاعت خداعه بادعائها أنها رأت إحدى زوجاته تمارس العلاقة مع عبد من عبيده فقام أتيلا بقتلهم سويا ، ولما علم فيما بعد أن " فوترون " خدعته قام بذبح وأكل طفليها ، وبهذه الفعلة الشنيعة زادت سوء سمعة أتيلا التي انتشرت بين الناس حتى وصلت إلى الرومان المتدينون ، ولذالك لقبوه بشتى الألقاب المرعبة مثل " يوم الحساب .. سوط الله .. عقاب السماء " .. والمفارقة هي أن أتيلا استفاد من سمعته في اتجاهين ، فهي تؤثر في معنويات الرومان وتمثل درعا واقيا لقبائل الهون ، ومن ناحية أخرى تضمن بقاء أعراق الهون المتعددة تحت حكمه . وفي عام 450 م تلقي أتيلا هدية غير عادية من مصدر غير متوقع ، لقد أرسلت الأميرة أناريا شقيقة فالنتين إمبراطور روما الغربية خطاب إلى أتيلا مرفق معه خاتمها الشخصي تناشد فيه أتيلا أن ينقذها من زواج قد فرض عليها من رجل لم يعجبها . والحقيقة هو أن الأميرة كانت قد ضبطت في علاقة فاضحة مع مستشارها ، وكانت هذه الفضيحة صاعقة لشقيقها الإمبراطور الذي أنزعج كثيرا وعرض عليها أن تتزوج سياسيا مغمورا لإنهاء الفضيحة ، لكن الأميرة رفضت الحل وطلبت من أتيلا أن يقبل بها زوجة كي تتحالف معه من أجل تحسين موقفها داخل الإمبراطورية ، وهذا ما دفع أتيلا أن يحول أنظاره نحو أمبراطورية الغرب التي كانت أضعف من الشرق وكانت في حالة أضطراب كبير . وأرسل أتيلا الرد إلى الأميرة بأنه موافق أن يتزوج من سليلة الأباطرة وطالب أتيلا بالمهر حسب عادة الرومان وهو أن يأخذ نصف أراضي الإمبراطورية الرومانية الغربية ولكن الإمبراطور فالنتين الثالث رفض الأمر حتى أنه رفض زواج شقيقته من أتيلا ، وأتيلا بدوره هدد بركل الإمبراطور من قصره الخاص . وفي عام 451 م حرر أتيلا بربرية جيوشه من عقالها بأتجاه غرب أوروبا للمطالبه بما كان يعده حقا له ، وانطلقت جحافل البرابرة متجهة نحو إمبراطورية الرومان الغربية ، وكان لأتيلا رغبة وهو في الطريق بأن يغزو ويهلك مملكة القوط الغربيين - القوط هم قبائل جرمانية قامت بغزو جزء من فرنسا واستقرت فيها - وعبروا البرابرة منطقة كولونيا " غرب ألمانيا " واجتاحوا مدن ألمانيا ودمروها ، وهناك واجه أتيلا امراة متنسكة تدعي أورسولا . ، سلب جمال أورسولا أتيلا وطلب منها الزواج لكن طلبه قوبل بالرفض فقام بذبحها مع أحدي عشر الفا من المتنسكات داخل دور العبادة ، وقام بنهب كل شيء ، وهاجم مدينة مينز الالمانية ونهبها وقتل جميع سكانها ولم يترك فيها قائم الا وأسقطه وعبرت جحافل الهون إلى بلاد الغال " فرنسا" في حملة سيئة السمعة من الدمار والذبح وأهلك العديد من المدن في طريقه ، لكن حدث في ذلك الوقت أن أستطاع قائد الجيش الروماني الغربي بأن يقنع القوط الغربيين بالتحالف معهم ضد أتيلا لأن القوط كانوا يكرهون أتيلا جدا وتم الاتحاد معا وعبروا إلى سهول كاتولونيا أملا في أيقاف سيل الهون الجارف نحو فرنسا ، وعلى مشارف مدينة أوراليون في وسط فرنسا وصل أتيلا بجحافل الهون حيث واجه أكبر جيش رومانيا في الغرب ، وأشتبك الجيشان في معركة شرسة تعد من أعظم معارك التاريخ القديم رعبا وتسمي معركة شالون ويقال أن في ذالك اليوم كانت باريس التي تبعد عن أرض المعركة 130 كيلومتر تصلي صلوات كثيرة إلى الله حتى لا تسقط المدينة في يد ذلك المفترس ، وقاتل جيش الرومان جحافل البرابرة بصمود وثبات نادرين حتى أنهم لم يستطيعوا أن يروا بعضهم البعض لأنهم واصلوا المعركة حتى الظلام وفي النهاية حسمت المعركة لصالح التحالف القوطي الروماني وكانت هذه تعد أول هزيمة أجبرت أتيلا على تقهقر قواته إلى الخلف للعق جراحهم ، كانت خسارة الهون فادحة حيث سالت أنهار من الدم وكان على الناجين من المعركة أن يشربوا ماء ممزوج بالدم . ولو أستطاعت جحافل الهون سحق جيش الرومان آنذاك لسقطت أوروبا كاملة تحت حكم البرابرة ولكانت سحنة الأوروبيين الآن تحمل ملامح أسيوية ، ورسمت معركة شالون أول ملامح لصورة أندحار جيوش أتيلا عن أوروبا وذكرت بعض المصادر أن أتيلا غضب من الهزيمة وصرخ صرخة أظهر فيها قوته المرعبة وعدم خوفه من الموت وأمر بوضع كومة من سروج الخيل بعد أنتهاء القتال ثم قام بأنشاء محرقة كبيرة كي يحرق نفسه فوقها ولكن بعض مستشاريه أشاروا عليه بألا يفعل ذالك لأن الأمور لم تصل إلى هذا الحد من السوء . في النهاية أنسحب أتيلا ليلا من فرنسا نحو المانيا وقام بتنظيم صفوف جيشه وفي ربيع 452 م في العام التالي من الهزيمة قاد أتيلا فرسانه البرابرة وعبروا جبال الألب متجها إلى وسط أوروبا نحو إيطاليا " عقر دار الرومان " وأجتاح الهون كافة المدن الإيطالية ودمر عدد كبير من المدن مثل اكويليا . بادوفا . فيرونا . بريشيا . بيرغامو . ميلانو . لومبارد .. وبذالك يكون قد مزق قلب الإمبراطورية الرومانية ، وسقطت المدن الأخرى بالتتالي أمام جيوشه الباسلة ، وكانت سمعة أتيلا ووحشيته قد سبقته ، فلم تقاومه معظم المدن وطلب سكانها الرحمة ، لكن أتيلا لم يرحمهم وقام بذبحهم جميعا ، وأغلب الظن أن ما قام به من سلسلة أسقاط المدن الرومانية كان ثأرا لما جرى في بلاد الغال " فرنسا " ، إضافة إلى أنه أراد رد اعتباره امام قبائل الهون ، لكي يكون هذا برهان على أنه مازال قادر على الاستمرار في إحراز الانتصارات ، وبذالك يكون دمر كل شمال إيطاليا وفتح قلب الإمبراطورية الرومانية العتيدة المترامية الأطراف التي كانت مرتاعا للكنوز والأشياء الثمينة فتمت سرقتها على أيدي جنوده ولم يبقوا منها شيئا . ووصلت جحافل الهون على مشارف روما ، ولم يكن أمام الإمبراطور فالنتين الثالث غير أن يرسل وفدا بقيادة بابا روما ليو الأول ليفاوض على السلام مقدما إلى أتيلا الهدايا الثمينة والذهب والاموال مقابل سحب قواته وعدم أجتياح روما ، فكان هذا من حظ أتيلا الذي أنهكت الأمراض جيشه وأصبح في موقف ضعيف بعد أن دبت ألأمراض الوبائية والطاعون في جنوده وعدم وجود مؤن كافية وإمدادات غذائية لأن ايطاليا كانت تعاني من مجاعة كبيرة في ذالك الوقت ، والجيش الروماني أيضا كان يسرع الخطي قادما من فرنسا لانقاذ روما من يد الهون ، لأن روما كانت عاصمة العالم المسيحي في ذلك الحين ، فرأى أتيلا أن معاهدة السلام ستكون أكثر ربحية من مهاجمة المدينة ، فتمت الموافقة على ألالتماس المقدم من البابا ليو الاول وعاد أتيلا محملا بالذهب إلى جبال الألب ، إلى عاصمته التي تعرف حاليا باسم " بودابست " . وبعد عدة شهور على عودته من ايطاليا ، تحديدا في 453 م ، تزوج من فتاة جرمانية بارعة الجمال تدعي أيلديكو كانت إحدى سباياه وأقيمت مراسم الزواج على طريقة قبائل الهون حيث يكثر فيها شرب الكحول إلى حد مبالغ فيه ، ودخل الزوجان غرفتهم الجديدة ، وفي صباح اليوم التالي لم يخرج أتيلا ، لذلك قام حراسه بفتح باب الغرفة ليجدوا أتيلا ميتا على الأرض !! .. وفي بعض الروايات تقول أنه كان مغطي بالدماء وكانت تقبع عروسته في أحدي زوايا الغرفة تنتحب بحزن وخوف شديد وهي في حالة من الصدمة !! .. لم يكن أحد يتوقع موت أتيلا بشكل مفاجئ لأن مثل هذا المحارب البربري الشرس كان متوقعا منه أن يموت في أرض المعركة ، لكنه مات في ليلة زفافه ، وكما أن هناك الكثير من أسرار التاريخ القديم كذلك سبب وفاة أتيلا هو مجرد واحد منها وليس هناك أي أدلة عن سبب الوفاة ، ولذلك أقصر الطرق للإجابة على هذا السؤال كيف مات أتيلا ؟ هو نحن لا نعرف !!... لكن الإجابة التقليدية تقول : أنه مات من الرعاف حيث أفرط أتيلا في شرب الكحول وأصيب بنوبة ثمالة وأنقلب على ظهره وحدث له نزيف من ألأنف فدخل الدم إلى رئتيه مسببا له الاختناق ومات على الفور .. وبعض الروايات ذهبت إلى أن عروسه أيلديكو كانت محور شك في أنها هي من وضعت سم في الكأس وقتلته لاسيما إنها كانت سبيه من إحدى حملاته القاسية على بلاد الجرمان . دفن أتيلا سرا على ضفاف النهر داخل ثلاث توابيت صنعت خصيصا من الذهب والفضة والحديد ومعه بعض من الغنائم ، وبعد أتمام مراسم الدفن تم ذبح جميع الذين شاركوا بدفنه كي لا يعلم أحد بمكان الضريح ويبقى الشعور بأن أتيلا لم يمت ، ومازال قبر أتيلا الهوني مفقودا حتى يومنا هذا . وبعد وفاته سقطت وتقطعت إمبراطوريته أربا ، حيث قاتل أبنائه بعضهم البعض على الحكم وضعفت الإمبراطورية ، وبعد عدة سنوات أنهارت مملكة الهون ، وما أن أقبل عام 470 م حتى أصبحت إمبراطورية الهون جزء مطويا من صفحات التاريخ ، لكن يظل اسم أتيلا وحياته وموته ومراسم دفنه جزء من الأسطورة التي حيكت حول الملك الأسطوري .. سيد الحرب الذي نشر الرعب والموت في كل مكان .. واسما يظل عالقا في ذاكرة المؤرخين حتى الآن . |