في العديد من الشركات السويدية يعتبر الـ "تي شيرت" والحذاء الرياضي زياً مقبولاً في مكان العمل، ويندر أن يعمل الموظفون ساعات تزيد عما هو متبع في أي مكان آخر في العالم، ومن المعتاد أن ترى مديرا تنفيذيا يغسل الأواني بنفسه بعد الانتهاء من الطعام.
يتباهى السويديون بثقافة العمل القائمة على المساواة، وبثقافة الانفتاح التي تسهل على الآخرين التعامل معهم. وهذه من الأسباب التي تجعل السويد ضمن أفضل البلدان في العالم بالنسبة للوافدين.
ومع ذلك، من الصعب للغاية على الوافدين الجدد بناء شبكة علاقات في السويد. إذ تعد السويد أسوأ مكان في العالم بالنسبة للوافدين الراغبين في إقامة علاقات صداقة جديدة، وذلك وفقا للمسح الإحصائي الخاص بالوافدين الذي أجراه بنك "إتش إس بي سي".
ويعرف عن السويد أيضا أنها من أصعب الأماكن التي يمكن أن تجد فيها شريك حياة لفترة طويلة من الزمن، علاوة على أن هناك صعوبة كبيرة حتى في إيجاد أحد يشاركك السكن في شقة، إذ تأتي السويد في المرتبة الأولى بين دول الاتحاد الأوروبي من حيث السكن الفردي.
تقول صوفيا سكينبجيرغ، أسترالية دنماركية في الخامسة والعشرين من عمرها وتقيم في ستوكهولم وتعمل في مجال التسويق: "الثقافة السويدية ليست معروفة بالاختلاط وإقامة العلاقات مع الآخرين. وغالبا ما تقام العلاقات، سواء كانت شخصية أو مهنية، منذ سن مبكرة، ولذا من الصعب على الأجانب أن يخترقوا تلك العلاقات ويقيموا علاقات خاصة بشكل سريع".
تجنب المخاطرة
تجتذب السويد أعدادا متزايدة من الأجانب والمستثمرين نظرا لتمتعها بأحد أعلى مستويات المعيشة في العالم، علاوة على وجود بيئة مزدهرة تناسب المشروعات الناشئة.
وتستقبل البلاد عددا كبيرا من طالبي اللجوء الفارين من مناطق الصراع المختلفة.
وبينما تشهد نسبة العاملين ممن ولدوا خارج البلاد تحسنا منذ 2010، فإن 15 في المئة منهم ما زالوا عاطلين عن العمل، وهو ما يمثل ضعف نسبة العاطلين على مستوى البلاد، ويمثل أيضا واحداً من أعلى معدلات البطالة في دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية.
تقول كاثرين ديريوكس، مترجمة ومحررة دفعها شغفها بثقافة شمال أوروبا إلى الانتقال للعيش في ستوكهولم قادمة من باريس قبل عام: "أنا أعمل بدوام جزئي ولكنني أتطلع إلى للعمل بدوام كامل لأننا نرغب في شراء شقة ونحتاج إلى الوظيفة الكاملة لكي يقتنع البنك بمنحنا قرضا عقاريا."
وتضيف: "لكن العثور على وظيفة بدوام كامل أمر ليس سهلا. توجد وظائف شاغرة في شركات تحتاج إلى مؤهلاتي، لكن معرفة هذه الوظائف تكون عن طريق المعارف والأصدقاء ومن تختلط بهم من الناس، وهذا في حد ذاته أمر صعب إذا لم يكن لديك شبكة علاقات خاصة بك".
وتشير الأبحاث إلى أن 70 في المئة على الأقل من الوظائف في السويد تكون من خلال العلاقات غير الرسمية. يقول فريد بيهنيا، إيراني الأصل يبلغ من العمر 33 عاما، إن السبب وراء ذلك هو ميل السويديين للتخطيط طويل الأمد على أساس تجنب المجازفة والوقوع في الخطأ.
ويعمل فريد حالياً مطوراً لتطبيقات الكمبيوتر، كما أسس عملا خاصا به. انتقل فريد إلى السويد عام 2008 ليدرس في جامعة تشالمرز في غوتنبرغ، حيث يلقي محاضرات منذ ذلك الوقت فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه القادمين الجدد الساعين للحصول على عمل.
كيف يتعايش الأجانب مع انطوائية الشعب السويدي؟
ويقول: "يهتم السويديون بمستوى ودرجة ارتباطك بالبلد، فإذا حصلت على تزكية من أحد المعارف، فهذا يعني أن سمعة من يزكيك باتت على المحك، ولذلك فإنه من الأسلم لهم عدم الإقدام على ذلك".
الراحة اللغوية
تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية للقادمين الجدد في أن السويديين من أفضل من يتكلم باللغة الإنجليزية في العالم، وهو ما يجعل السويد مكاناً مريحاً للمغتربين.
وبينما يقول بعض الوافدين، خصوصاً من بين الذين يعملون لشركات عالمية كبرى، إنهم أمضوا سنوات أو حتى عقوداً بدون أن يتقنوا اللغة السويدية، فإن فريد بيهنيا يعتقد أن من يخصصون وقتاً لدراسة اللغة وتعلمها يصبح لديهم ميزة واضحة.
وفي المدن السويدية الكبرى تعقد فعاليات وأنشطة باللغتين الإنجليزية والسويدية.
عادت ساندي إريستاد، 27 عاما، في الآونة الأخيرة إلى موطنها السويد بعدما قضت سبع سنوات في بريطانيا وأفريقيا، وتعمل الآن مديرة للعلاقات العامة في إحدى الشركات الناشئة. وتقول: "تتميز مثل هذه الفعاليات، بغض النظر عما إذا كانت جيدة أم سيئة، بالرصانة والأجواء الرسمية، كما تكون أقل غوغائية مما عرفته في بلدان أخرى. بإمكانك القول إنها إكثر مهنية، لكن الوجه الآخر لذلك هو أنك قد تشعر بالحرج قليلا عندما تلتقي شخصاً آخر، وبالتالي تجد صعوبة في التعرف على الأخرين."
تصف لولا أكينميد أكرستروم، مدونة متخصصة في الثقافة السويدية ومؤلفة كتاب "السر السويدي للعيش الرغيد"، السويد بأنها "أكثر المجتمعات انفتاحاً لأناس يتمتعون بأكبر قدر من الخصوصية."
كيف يتعايش الأجانب مع انطوائية الشعب السويدي؟
ويعتبر الاقتصاد السويدي من أكثر الاقتصادات الرقمية تقدماً، ولذا لم يكن غريبا أن يكون هناك إقبال كبير على استخدام وتطوير التطبيقات والمنصات الإلكترونية المصممة لتسهيل التواصل في البلاد.
تقول سكينبجيرغ: "تلعب التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً هائلاً في أن أشعر بأن ستوكهولم هي بلدي. وبدون هذه التكنولوجيا ووسائل التواصل كنت بالتأكيد سأعود إلى أستراليا."
وتضيف: "الناس يثقون بمواطنيهم السويديين، وبناء على ذلك فهم يثقون في أن الشركات السويدية لا بد وأن تبتكر منتجات تخدم المستخدم على أفضل وجه".
ولهذا السبب، تجد السويديين يتفاعلون بسرعة مع هذه التطبيقات الجديدة، كما تقول.
وفي نفس الأثناء، يبدأ منظمو تلك المناسبات في الترتيب لفرص للتعارف ذات طابع أقل رسمية. ففي مالمو، تستضيف بعض الأماكن، مثل "ذا جراوند" و"مينك"، أسبوعياً موائد غداء وإفطار أعدت في المنزل، وتوجه الدعوة إلى جميع الشركات والأعمال الناشئة في المدينة.
ويعقد مكان أخر في ستوكهولم - يطلق عليه اسم "ذا كاسل" (القلعة) - دورات ودروسا في الرياضة البدنية والتركيز.
وفي شركة "تيكفارم العقارية"، يُمنح أصحاب الأعمال المبتدئين من حول العالم فرصة العمل والعيش في أماكن مشتركة مع آخرين.
يقول يوآف غولدوين، طالب ماجستير ورجل أعمال انتقل من إسرائيل إلى العاصمة السويدية العام الماضي للعمل في مشروع "ك 9" التابع لشركة تيكفارم: "وصلت إلى مرحلة إقامة شبكة معارف وعلاقات، لكن مازال لدي شعور بعدم الإحساس بالمجتمع، وبالتالي بدأت أشعر بالضيق والتوتر نوعاً ما. الآن أبدأ الصباح بمحادثات وضحكات وتناول القهوة في الأماكن العامة".
يتباهى السويديون بثقافة العمل القائمة على المساواة، وبثقافة الانفتاح التي تسهل على الآخرين التعامل معهم. وهذه من الأسباب التي تجعل السويد ضمن أفضل البلدان في العالم بالنسبة للوافدين.
ومع ذلك، من الصعب للغاية على الوافدين الجدد بناء شبكة علاقات في السويد. إذ تعد السويد أسوأ مكان في العالم بالنسبة للوافدين الراغبين في إقامة علاقات صداقة جديدة، وذلك وفقا للمسح الإحصائي الخاص بالوافدين الذي أجراه بنك "إتش إس بي سي".
ويعرف عن السويد أيضا أنها من أصعب الأماكن التي يمكن أن تجد فيها شريك حياة لفترة طويلة من الزمن، علاوة على أن هناك صعوبة كبيرة حتى في إيجاد أحد يشاركك السكن في شقة، إذ تأتي السويد في المرتبة الأولى بين دول الاتحاد الأوروبي من حيث السكن الفردي.
تقول صوفيا سكينبجيرغ، أسترالية دنماركية في الخامسة والعشرين من عمرها وتقيم في ستوكهولم وتعمل في مجال التسويق: "الثقافة السويدية ليست معروفة بالاختلاط وإقامة العلاقات مع الآخرين. وغالبا ما تقام العلاقات، سواء كانت شخصية أو مهنية، منذ سن مبكرة، ولذا من الصعب على الأجانب أن يخترقوا تلك العلاقات ويقيموا علاقات خاصة بشكل سريع".
تجنب المخاطرة
تجتذب السويد أعدادا متزايدة من الأجانب والمستثمرين نظرا لتمتعها بأحد أعلى مستويات المعيشة في العالم، علاوة على وجود بيئة مزدهرة تناسب المشروعات الناشئة.
وتستقبل البلاد عددا كبيرا من طالبي اللجوء الفارين من مناطق الصراع المختلفة.
وبينما تشهد نسبة العاملين ممن ولدوا خارج البلاد تحسنا منذ 2010، فإن 15 في المئة منهم ما زالوا عاطلين عن العمل، وهو ما يمثل ضعف نسبة العاطلين على مستوى البلاد، ويمثل أيضا واحداً من أعلى معدلات البطالة في دول منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية.
تقول كاثرين ديريوكس، مترجمة ومحررة دفعها شغفها بثقافة شمال أوروبا إلى الانتقال للعيش في ستوكهولم قادمة من باريس قبل عام: "أنا أعمل بدوام جزئي ولكنني أتطلع إلى للعمل بدوام كامل لأننا نرغب في شراء شقة ونحتاج إلى الوظيفة الكاملة لكي يقتنع البنك بمنحنا قرضا عقاريا."
وتضيف: "لكن العثور على وظيفة بدوام كامل أمر ليس سهلا. توجد وظائف شاغرة في شركات تحتاج إلى مؤهلاتي، لكن معرفة هذه الوظائف تكون عن طريق المعارف والأصدقاء ومن تختلط بهم من الناس، وهذا في حد ذاته أمر صعب إذا لم يكن لديك شبكة علاقات خاصة بك".
وتشير الأبحاث إلى أن 70 في المئة على الأقل من الوظائف في السويد تكون من خلال العلاقات غير الرسمية. يقول فريد بيهنيا، إيراني الأصل يبلغ من العمر 33 عاما، إن السبب وراء ذلك هو ميل السويديين للتخطيط طويل الأمد على أساس تجنب المجازفة والوقوع في الخطأ.
ويعمل فريد حالياً مطوراً لتطبيقات الكمبيوتر، كما أسس عملا خاصا به. انتقل فريد إلى السويد عام 2008 ليدرس في جامعة تشالمرز في غوتنبرغ، حيث يلقي محاضرات منذ ذلك الوقت فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه القادمين الجدد الساعين للحصول على عمل.
كيف يتعايش الأجانب مع انطوائية الشعب السويدي؟
ويقول: "يهتم السويديون بمستوى ودرجة ارتباطك بالبلد، فإذا حصلت على تزكية من أحد المعارف، فهذا يعني أن سمعة من يزكيك باتت على المحك، ولذلك فإنه من الأسلم لهم عدم الإقدام على ذلك".
الراحة اللغوية
تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية للقادمين الجدد في أن السويديين من أفضل من يتكلم باللغة الإنجليزية في العالم، وهو ما يجعل السويد مكاناً مريحاً للمغتربين.
وبينما يقول بعض الوافدين، خصوصاً من بين الذين يعملون لشركات عالمية كبرى، إنهم أمضوا سنوات أو حتى عقوداً بدون أن يتقنوا اللغة السويدية، فإن فريد بيهنيا يعتقد أن من يخصصون وقتاً لدراسة اللغة وتعلمها يصبح لديهم ميزة واضحة.
وفي المدن السويدية الكبرى تعقد فعاليات وأنشطة باللغتين الإنجليزية والسويدية.
عادت ساندي إريستاد، 27 عاما، في الآونة الأخيرة إلى موطنها السويد بعدما قضت سبع سنوات في بريطانيا وأفريقيا، وتعمل الآن مديرة للعلاقات العامة في إحدى الشركات الناشئة. وتقول: "تتميز مثل هذه الفعاليات، بغض النظر عما إذا كانت جيدة أم سيئة، بالرصانة والأجواء الرسمية، كما تكون أقل غوغائية مما عرفته في بلدان أخرى. بإمكانك القول إنها إكثر مهنية، لكن الوجه الآخر لذلك هو أنك قد تشعر بالحرج قليلا عندما تلتقي شخصاً آخر، وبالتالي تجد صعوبة في التعرف على الأخرين."
تصف لولا أكينميد أكرستروم، مدونة متخصصة في الثقافة السويدية ومؤلفة كتاب "السر السويدي للعيش الرغيد"، السويد بأنها "أكثر المجتمعات انفتاحاً لأناس يتمتعون بأكبر قدر من الخصوصية."
كيف يتعايش الأجانب مع انطوائية الشعب السويدي؟
ويعتبر الاقتصاد السويدي من أكثر الاقتصادات الرقمية تقدماً، ولذا لم يكن غريبا أن يكون هناك إقبال كبير على استخدام وتطوير التطبيقات والمنصات الإلكترونية المصممة لتسهيل التواصل في البلاد.
تقول سكينبجيرغ: "تلعب التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً هائلاً في أن أشعر بأن ستوكهولم هي بلدي. وبدون هذه التكنولوجيا ووسائل التواصل كنت بالتأكيد سأعود إلى أستراليا."
وتضيف: "الناس يثقون بمواطنيهم السويديين، وبناء على ذلك فهم يثقون في أن الشركات السويدية لا بد وأن تبتكر منتجات تخدم المستخدم على أفضل وجه".
ولهذا السبب، تجد السويديين يتفاعلون بسرعة مع هذه التطبيقات الجديدة، كما تقول.
وفي نفس الأثناء، يبدأ منظمو تلك المناسبات في الترتيب لفرص للتعارف ذات طابع أقل رسمية. ففي مالمو، تستضيف بعض الأماكن، مثل "ذا جراوند" و"مينك"، أسبوعياً موائد غداء وإفطار أعدت في المنزل، وتوجه الدعوة إلى جميع الشركات والأعمال الناشئة في المدينة.
ويعقد مكان أخر في ستوكهولم - يطلق عليه اسم "ذا كاسل" (القلعة) - دورات ودروسا في الرياضة البدنية والتركيز.
وفي شركة "تيكفارم العقارية"، يُمنح أصحاب الأعمال المبتدئين من حول العالم فرصة العمل والعيش في أماكن مشتركة مع آخرين.
يقول يوآف غولدوين، طالب ماجستير ورجل أعمال انتقل من إسرائيل إلى العاصمة السويدية العام الماضي للعمل في مشروع "ك 9" التابع لشركة تيكفارم: "وصلت إلى مرحلة إقامة شبكة معارف وعلاقات، لكن مازال لدي شعور بعدم الإحساس بالمجتمع، وبالتالي بدأت أشعر بالضيق والتوتر نوعاً ما. الآن أبدأ الصباح بمحادثات وضحكات وتناول القهوة في الأماكن العامة".