بسمِ الله الرّحمنِ الرّحيم .. السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. مرحبًا بكم أعضاءَ منتدى ذا بيست الكرام .. كيف حالكم ؟؟ أتمنّى أنكم على خيرِ ما يُرامُ ..~ أردنا أنا وأكاتسكي أن يكون هذا الفصل بمثابة تمهيد لقصتنا القادمة .. حيث أننا نعمل معًا على قصة مشتركة .. وفي هذا الفصل تمهيدٌ بسيط للمتابعين .. آملُ أن يروق لكم ..~ هذا ضباب لندن يلوح في الآفاق .. يشيرُ إلى اقترابِ سيادة القمر في السماء الخفية .. كأنه يخجل من جماله .. ويخاف من عيون الفتيات اللواتي يقمنَ بمقارنةِ أنفسهنّ به ! جلس الشاب على كرسيه متجهًا بنظراته الحادة نحو كتبه الدراسية .. كان يحدق بها كما يحدقُ المُبَشَّرُ بالموتِ في الجدران .. -آآآه ! كم هذا ممل ! لماذا عليّ أن أدرس كل هذا .. ما فائدة العلم الأخرق إن لم يكن منظمًا .. لا أريد أن أتعلم أمورًا لا تتعلق بحلمي .. -توقّف عن التذمر ! اشرب كوب القهوة وابدأ بالدراسة .. -أيتها العجوز اللعينة تبًا لكِ ! وقفت العجوز مستنكرةً تصرفات الشاب الطائش .. كل ما يحلم به ذلك الشاب هو الجرائم والتحقيق , يستمر بحشر أنفه في ما لا يخصه من الأمور المتعلقة بالجرائم .. ولا يدرس أبدًا ! وعلى الرغم من ذلك ؛ يحصل على ما يسكتُ والديه من النتائج الدراسية .. تكمنُ المشكلةُ في كونِ والده طبيبًا معروفًا , وأمّه صيدلانية .. كلاهما يرغب في أن يكون ولدهما الوحيد طبيبًا يرث المشفى الذي بذلا عليهِ عمرهما .. لكنه لا يبالي لرغباتهما أبدًا .. -لا تريد دراسة الطب ! إذن انقلع ولا تعد إلى هذا المنزل أبدًا ! كن كلبًا ضالًا تحركه الحكومة كما يحلو لها ! -سأريكَ كيف سأصبح زعيمهم , أيها الأب اللعين ! وعلى الرغم من ذلك , أرسل الوالد خادمةً عجوز لتكون كالحارس الضعيف القوي لابنه الغبي .. كان منزلُ الكلبِ الجديد عبارةً عن شقةٍ صغيرةٍ مهترئةٍ في إحدى البنايات التي عفا عنها الزمن .. غرفتان ومنافعهما .. ينام الشاب على فراشٍ على الأرض تاركًا بذلك السرير العفن للعجوز المتعفنة كي ترقد عليه بسلام كل ليلة .. وفي الأيام الباردة , تقوم العجوز بإشعال النار في المدفأة .. كي تزيل البرد عن جسدين هزيلين يعيشان معًا ! كما كانت تفعل الآن ! في الساعة السابعةِ تقريبًا .. انتشر صوتُ رجّةِ الهاتف في أنحاء الشقة , استيقظ الشاب من نومه لا مباليًا , فهو يعلم بأنّ هذه المكالمات الليلة هي عادةٌ عند أحد أصدقائه الهاملين ! لكنّ المفاجأة كانت أنّ سيّدَ الكلب هو من كان يتصل ! إنّه المفتش من قسم الشرطة .. أراد الاستعانة بذكاء الشاب الصغير في القضية .. -متى تريدني أن أكون هناك ؟ -الآن ! -حسنًا , لكن العجوز ما زالت مستيقظةً حتى الآن ! كيف تريدني أن أهرب منها .. إنها الجاسوسة التي أرسلها والدي إلي في علبة هدايا -سنتصرف ! بعد قرابة دقيقة من المكالمة .. بدأ الباب يُقرع ! لقد كانت سيدةً في منتصف العمر تطلب مساعدة العجوز .. رحبت بها العجوز وأدخلتها . طلبت المرأة بعض الماء والطعام .. ينتشر الفقراء في لندن على الرغم من أنها وصلت القرن الحادي والعشرين .. لندن مدينة الأحلام بالنسبة للأثرياء ولكن التطور والتقدم لم يتمكن من أن يطغى بالكالمل على الجانب الأسود للبشرية .. فالحي الذي يعيش فيه ذلك الطائش مليءٍ بالفقراء , والعجوز القبيحة تحب مساعدة الآخرين قدر المستطاع .. استغل الشاب ذلك , وانسلَّ إلى الخارج .. كانت سيارة الشرطة تنتظره في الأسفل ! ..... شعرَ الشاب بأنه قد انتقل من الجحيم إلى الجنة حينما داس الخطوة الأولى على بلاط ذلك المنزل الفخم لواحدٍ من أثرياءِ لندن ! بدأ الكلب الذي داخله يشتمُّ الروائح العطرة المنبعثة من خادمات المنزل الحسناوات .. ويتخيل لو أنه يعيش هناك معهنّ للأبد .. ثم يعود بالذاكرة إلى الخلف إلى منزله القديم مع الطبيب والصيدلانية اللعينين ! - اوووه ما كل هذا الدلال ! أريد أن أعيش هنا إلى الأبد ! -اخرس وتوجه إلى حيث ينتظرك المفتش .. تذكر فضلنا عليك عندما نعلمك أمور التحقيق .. رضي الشاب بتلك الكلمات .. فقد كان يعلم بأنه في حاجةٍ إلى خوضِ بعضّ الذل كي يصل إلى هدفه السامي .. أومأ بوجهه شاكرًا للشرطي كالكلب الذي يشكر صاحبه على الغداء ! ثم اتجه بسرعةٍ نحو غرفة القتيل .. آرنولد ستيف , البالغ من العمر أربعة وأربعين عامًا .. كان ملقًا على الأرض وسطَ بركةٍ من الدماء , بالنسبة للشاب اليافع ؛ بدتِ الضحية كأنّها قطعةُ لحمٍ مغطسةٍ بصلصةِ الطماطم اللذيذة , لكنّ أوهامه سرعان ما تراجعت لتترك الساحة لمن يحكمها .. " العقل " ! -أهلًا بكَ ! -كيف مات الرجل ؟ -قُطِعَ شريانه السباتي *. -ما هي ملاحظاتك على الموضوع ؟ -القاتل أعسر ! تقدم الشاب نحو الجثة ليتأكد من كلام المفتش , كانت الجثة منبطحةً على بطنها , لفها الشاب ونظر بعمقٍ إلى الجرح , يبدو الجرح وكأنّ القاتل الأعسر قد كان خلف الضحية عندما قطع شريانه ! نظرَ بقلقٍ باتجاه النافذة التي كانت خلف الضحية , كانت النافذةُ مفتوحةً , وعلى مقربةٍ منها توجد شجرةٌ معمّرةٌ كبيرة , تقدم الشاب نحو النافذة وبدأ يحدقُ بالشجرة . ما إن بدأ بعملِ سلسلةِ أفكاره حتى جاءتهُ ضربةٌ هزت كيانه من الخلف .. -أيها الأحمق ! لقد لوثت الأرض بالدماء ! كان ذلك المفتش مستشيطًا من الغضب بسبب الخطأ التافه الذي ارتكبه كلبه الخاص ! -هوووه ! هذا مثير .. رجلي كبرت بسرعة .. قال تلك الجملة ناظرًا إلى آثار أقدامه ! -أيها ال ... -سيدي ! لقد قمتُ بذلك عمدًا كي أتذكر ما الذي يجب أن أبحث عنه .. كان الشاب يجمّلُ خطأهُ بعيني المفتش ! .. بدأ الشاب بإظهار بعضٍ من نظراته الباردة المخيفة .. علمَ المفتش بأنّه قد أدركَ شيئًا ! -على الرغم من أنّ التراب في الأسفل مبلل .. إلا أنّ الآثار هنا هي تربة جافة فقط ولا آثار أقدام .. لقد دخل القاتل إلى هنا من النافذة , ولكنّه دخل قبيل ري الحديقة ! -ل-لقد قمتُ بريّها قبل قليل يا سيدي ! تدخل الخادم بقلقٍ . -هيييه ! إذن هذه الأمور يقوم بها الرجال , هذا طبيعي فالخادمات هنا حسناوات لدرجة أن إخراجهن إلى الخارج خطيرٌ للغاية -اخرس أيها الأحمق ! -سيدي المفتش , الدم لم يجف بعد بالكامل كما هو واضح , فقد لوثت الغرفة ببعضه أثناء سيري .. هل هذا الشخص مريض بالقلب ؟ -ن-نعم .. إنه يأخذ المميع كل يوم .. -سيدي المفتش , على ما يبدو , أنت قد حضرت باكرًا جدًا إلى مسرح الجريمة ! -نعم , فقد كنت هنا في الأساس , لأنّ القتيل تلقى رسالة تهديد , وهو صديقٌ قديمٌ لي . قطع ذلك الحوار صوت الفتاة هيلين البالغة من العمر 25 عامًا والتي كانت تنوح وتبكي بشدة في الغرفة المجاورة . -لا أصدق أنه قد مات ! لماذا هو لماذا ؟ توجه الشاب إلى الغرفة المجاورة ونظر إلى الفتاة .. -من تكون ؟ -إنها خاطبة السيد . نظر الشاب إليها باشمئزاز , إنّه علم في قرارة نفسه بأنّ فتاةً بهذا الجمال وهذا العمر الصغير لن تتزوج من رجلٍ كبير في السن ضعيف القلب إلا من أجل الحصول على ميراثه الكبير .. -هل تم عقد أي شيءٍ رسمي بينهما؟ -ليس بعد .. أجاب الخادم . -أين كنتِ في وقت ارتكاب الجريمة ؟ طرح الشاب السؤال على الفتاة الباكية . -لقد ذهبتْ لشراء بعض الخضار من أجل تحضير طعام العشاء .. قال المفتش . -هل لي أن أرى جميع من في المنزل ؟ ... اجتمع الجميع في غرفة الضيوف معًا .. قام الشاب بصفهم ليتمكن من رؤيتهم جميعًا بوضوح , ثمّ توجه إلى إحدى الغرف وطلب من المفتش أن يدخلهم واحدًا واحدًا حتى يقوم بطرح الأشئلة عليهم , كما أمر بإبقاء شرطي مع البقية كي يضمن عدم حديثهم معًا في تلك الأثناء . دخل الخدم أولًا .. ثم جاء دور الضيوف .. في البداية دخلت هيلين .. كانت فتاة جميلة للغاية , ترتدي نظارة ذات إطار سميك كالتي شاعت موضتها في الفترة الأخيرة أخبرت الشاب بأنّها قد توجهت لشراء بعض الخضار من أجل العشاء , وأنّ خاطبها هو من دعاها في هذا اليوم إلى منزله برفقة والدها . بلا مبالاة , قام الشاب برمي كرةٍ صغيرة إلى الفتاة فارتبكت وأمسكتها قبل أن يدرك عقلها بأنها كرة حتى ! -هل هذا وقت اللعب أها الأحمق ؟ قال المفتش وقد بدأ بفقدان الأمل من الشاب الغريب . -أعدك بأنني لن أخذلك سيدي ! بالمناسبة أيتها الجميلة , النظارة تغطي جزءًا كبيرًا من وجهك ! -آه , أنا أحب هذا النوع من النظارات ! -لكنني سمعتُ من الخادم بأنّ هذه هي المرة الأولى التي تضعين فيها نظارتك , ففي العادة تضعين العدسات . -خاطبي هو من طلب مني ذلك ! -حسنًا .. التالي ! دخل والد هيلين تاليًا .. -السيد برينكرهوف صحيح ؟ قام الشاب برمي الكرة الصغيرة . -نعم . التقطها الرجل بيده اليمنى. -أين كنت قبل اكتشاف الجثة ؟ -في الحمام -هل لديك شهودٌ على ذلك ؟ -أنتَ ! أحمق ! من سيكون معي في الحمام ؟ -لقد شهد الخادم على أنّك استغرقت قرابة عشر دقائق في الحمام . أخبرني الآن , لماذا ارتدت ابنتك النظارة اليوم ؟؟ ... بعد انتهاء الاستجواب .. توجه الشاب إلى غرفة الضيوف وابتسامة كلها ثقة تعلو وجهه الأبيض الوسيم .. طريقته في الدخول إلى الغرفة لفتت انتباه جميع من كان فيها , لقد كان يسير بمرحٍ كأنّه طفلٌ عثر على لعبته للتو ! -حان الآن وقت الحديث ! -لا تقل لي بأنّك اكتشفتَ القاتل ! -ألم أقل لكَ بأنني لن أخذلك سيدي ؟ -ستفقد حياتك هذه المرة إن أخطأت -حاضر جلس برينكرهوف على الكرسي , عدّلت هيلين جلستها , واصطف الخدم بجانب بعضهم البعض دون أن يجرؤوا على الجلوس على الكراسي الفخمة الخاصة بالضيوف . - إنّه لمن السيء أن أعلم بأن لا أحد منكم أعسر , على الأرجه القاتل شخصٌ من خارج هذا المنزل ! أو على الأقل هذا ما يبدو الأمر عليه ؟ .. عند إلقاء نظرة أولية على الجرح في رقبة الضحية يمكن للشخص العادي بأن يخمّن بأن الجرح ناتجٌ عن يدٍ يسرى , أي أن القاتل قد قدم من خلف الضحية وقطع شريانه , ولكن هذا لم يحدث , فهذه الحالة استثنائية ! القاتل شخصٌ أيمن , وقد قام بقطع شريان الضحية من الأمام ! وهذا يفسر أنني لم أجد شخصًا أعسر من بينكم , فأثناء استجوابكم كنت أرمي الكرة لكل واحدٍ منكم كي أصيبكم بالارتباك فتضطرون إلى الاعتماد على يدكم التي تستخدمونها دومًا في رد الفعل . خرجتُ قبل قليلٍ إلى الحديقة لأتفقد بعض الأمور , على ما يبدو لم كان الخادم لم ينتهِ بعد من ري كل أحواضِ الزراعة , وأثناء تفحصي للأحواض التي لم يتم ريها لاحظت منطقةً مرتبة من التراب , أي أن هنالك من حفرها ودفن شيئًا فيها , لكن ذلك الشخص مبتدئ للغاية , فلو بعثر التراب على الأقل لما كنت لألحظ ذلك , ما كان مدفونًا هناك هو معطفٌ مطري ملطخٌ بالدماء ؛ على الأرجح هي دماء القتيل . هيلين , أنتِ القاتلة ! - أيها الأحمق ! هل أنت من الشرطة أصلًا ؟ كيف تقوم باتهامي هكذا ؟ - تظاهرتِ بالذهاب إلى السوق لشراء الخضار , توجهتِ إلى الخارج وقمتِ بارتداء المعطق المطري , ثم تسلقتِ الشجرة ودخلتِ إلى غرفة القتيل , لم يتفاجأ خاطبكِ بذلك لأنه ظنكِ تعبثين معه فقط .. اقتربتِ منه ثمّ قمتِ بقطعِ شريانه , بعدها خرجتِ من النافذة ونزلتِ عن الشجرة ثم توجهتِ إلى المغسلة الموجودة في الحديقة لغسل نظارتك ووجهك ثم دفنتِ المعطف المطري , بعدها توجهتِ إلى السوق واشتريتِ الخضار كدليل براءةٍ لكِ .. كان ارتداؤكِ للنظارات مهما حتى لا تلوثي العدسات اللاصقة التي ترتدينها في العادة فتنظيف النظارة أسهل بكثير من تنظيف العدسات اللاصقة ! وكدليلٍ على ذلك , إذا قمنا بإجراء فحص اللومينول** على نظراتك فسنحصل على نتيجة موجبة , فحتى لو قمتِ بغسل الدماء عنها , سيكشف فحص اللومينول عن الدم ! .... في سيارة الشرطة , في طريق العودة إلى منزل الشاب : -أحسنت أحسنت ! كنت أعرف أنّ القضية ستُحل لو اعتمدتُ عليك ! -لكنكَ اتصلت بي دون أن تحاول حتى ! ضرب المفتش الصبي على رأسه .. -هل تشكك في قدرات سيدك أيها الأحمق ؟ -لا لا أيها اللعين .. تلك الفتاة هيلين .. لقد كتب ذلك القتيل الأحمق أمواله باسمها .. فكان عليها أن تتعجل في قتله حتى تحصل عليها .. كم هذا حزين ..! -لقد استعجلت بالفعل .. على الرغم من أن تقاريره الطبية تشير إلى أن وضعه سيء للغاية .. -عليك أن تتحدث إلى العجوز .. ستضربني بالتأكيد لأنني خرجتُ من دون أن تأذن لي .. -لا شأن لي بهذا ! الساعة 11 ليلًا .. استلقى الشاب على سريره وعلى يده علامات كدمات سببتها العصاة , لقد ضربته العجوز اللعينة ! *الشريان السباتي : وهو أحد الشرايين الرئيسية المنبثقة عن الشريان الأبهر ( الشريان الذي يضخ الدم من القلب إلى باقي أنحاء الجسد ) , والشريان السباتي موجود عند الرقبة . ** فحص اللومينول : هو مادة كيميائية تستعمل من قبل الشرطة للكشف عن آثار الدم التي تم مسحها , حيث يعطي الاختبار لونًا أزرق كنتيجة موجبة . في النهاية .. نتمنى أن موضوعنا قد راق لكم .. نريد ردودًا مشجعة حتى نكمل لن نكمل بلا ردود 0_0 .. وكلما كان ردك أقوى .. حصلت على دورٍ رائع في القصة .. مع العلم بأن أولئك الذين سيردون على هذا الفصل دون البقية سنقتلهم في القصة |