- يبدو أني لن أشتري حذاء جديداً هذا الشهر أيضاً! للأسف! قالت ذلك لنفسها و هي تنظر لحذائها القديم شبه المهترئ في قدميها بكل أسف على حالها. أعادت حساباتها من جديد ، على أمل أن تجد بعض الأرقام المرتفعة من جديد ، لكنها خابت من جديد ، أملها يخيب كل شهر تقريباً منذ سنوات ، ولا أحد يعلم بذلك ، كما يعلم دفتر حساباتها الرمادي ، الذي يعرف كل أسرارها ، الوحيد الذي كان ولا يزال يتقبل دموعها التي تنهمر عليه كلما فقدت كلوديا الأمل في الحياة و في عيش حياة كريمة.. من جديد . عندما حصلت على النتيجة ذاتها من جديد ، نظرت إلى حذائها و خاطبته : - أيها الحذاء القديم ، يبدو أنك ستبقى فترة أطول معي.. قاطعها صوت ذلك الأرتطام ، أفزعها لوهلة ، لكنها نزعت الخوف عن ملامح وجهها و استبدلته بالتعجب و التساؤل ، فلم يكن ذلك الصوت إلا بسبب ارتطام قطعتين نقديتين على طاولتها التي تجلس عليها ! لَم تدري من أين جاءتا ، جالت بعينيها مطعم الجامعة بحثاً عن إشارة ، رسالة ، كلمات في الهواء ، أو حتى ابتسامة ، من الشخص الذي وضع لها السنتين ، لكنها من جديد عادت خائبة الأمل دون أي شيء . و لأنها كانت على وشك أن تتأخر عن محاضرتها ، وضعت قلم الحبر الجاف خاصتها من يدها في الحقيبة مع دفتر حساباتها .. و أخذت القطعتين النقديتين كذلك ! كلوديا ، و كعادتها ، توجهت لتجلس في أبعد مكان عن بقية الطلاب ، توقفت فوق المقعد ، تمعنت جيداً فيه ، كانت هناك قطعتين نقديتين أخريان ، في مكان جلوسها بالضبط ! بحثت في قاعة المحاضرات بناظريها من جديد ، تريد طرف خيطٍ ليأخذها لهذا المجهول الذي يضع لها المال ، لكنها و مجدداً ، لم تحصل على أي شيء ؛ فذلك مع صديقه ، بينما آخر يستخدم هاتفه الذكي ، و ذلك يراجع أحد دروسه ، وذاك الأخير وصل للتو . فكل طالب كان مشغولاً في شيء ما ، فلم يكن من كلوديا غير أخذ القطعتين النقديتين و وضعتهما في حقيبتها ، ثم جلست فلقد وصل الأستاذ المُحاضر على أي حال . بعدما انتهت المحاضرة الأخيرة بالنسبة لكلوديا في ذلك اليوم ، غادرت الجامعة متوجهة لمنزلها ، مجموعة الطوبات المتجمعة فوق بعضها لتشكل ذلك القصر ! أو ما يمكن تسميته بسجن الماضي بالنسبة لكلوديا . كان منزلها كبيراً بالنسبة لمن هم مثل كلوديا - فقراء - فلقد كانت مساحته 200 ألف قدم مربع مع الحديقة الكبيرة ، وقد كان يحيط به سور بارتفاع 50 قدماً . كان منزلها يملك حديقة خضراء واسعة ، احتوت على طاولة مستديرة بيضاء ، و في وسطها كان هناك ممر من التراب ، على جانبيه أجمات زادت المكان جميلاً ، تمتد حتى المنزل ، كما كانت أجمات أخرى تحيط بالمنزل ، ما عدا الباب الذي لم يكن هناك شيء أمامه ، بالإضافة إلى أرجوحة خشبية واسعة كانت موضوعة بجانب أحد أشجار التفاح في المكان . عندما دخلت كلوديا المن بوابة الحديقة ، أخذت نفساً عميقاً أخرجت ضيقها عبره ، ثم تقدمت نحو المنزل . عندما فتحت الباب دخلت معها نسمات الرياح ، لكنها أوقفتها بإغلاق الباب . لم يكن المنزل من الداخل يقل عظمة ما في الخارج ، فطوابقه الأربعة كانت مزخرفة و مليئة باللوحات الثمينة و بعض التحف القديمة ، مليئاً بالغرف الواسعة ذات الأثاث الفاخر ، و كل ما قد يوجد في منازل الأغنياء !! دخلت غرفة المعيشة لترمي بثقل جسدها فوق الأريكة الذهبية ذات النقوش المخملية التي انتشرت عليها من كل الجهات ، بعد أن رمت حقيبتها على الطاولة الزجاجية المنخفضة أمام الأريكة ، ثم بقي الثقل الذب أهلك كثيراً و لا يزال يُهلك الناس .. ضيق نفسها ، أعصابها ، و بالنسبة لكلوديا كل ذلك يتبعه صداع و ألم في عينيها . أغلقت عينيها ، ثم أخذت نفساً عميقاً لتتحسن ملامح وجهها قليلاً ، ثم نهضت لتصعد عبر السلم الحلزوني في نهاية الطابق ، و تتوجه نحو الطابق الثاني . [انتهى الفصل] |